الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (75) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (75) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 26-5-2022                                  

السنة الخامسة عشر

العدد: 5381

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (75)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

الأصداء

‏75 – ‏ساعة‏ ‏الحساب

جلس‏ ‏يتناول‏ ‏طعامه‏ ‏فى ‏المطعم‏ ‏الصغير‏ ‏بهدوء‏ ‏وشهية‏ ‏دون‏ ‏مظهر‏ ‏مقبول‏، ‏وبوجه‏ ‏مرهق، ولما‏ ‏حان‏ ‏وقت‏ ‏الحساب‏ ‏قال‏ ‏لصاحب‏ ‏المطعم‏.‏

‏- ‏لا‏ ‏تؤاخذنى ‏ليس‏ ‏فى ‏جيبى ‏مليم‏ ‏واحد‏، ‏وكنت‏ ‏جائعا‏ ‏لحد‏ ‏الموت‏.‏

بهت‏ ‏الرجل‏ ‏ولم‏ ‏يدر‏ ‏ماذا‏ ‏يصنع‏، ‏ولكنه‏ ‏حرص‏ ‏على ‏أن‏ ‏تبقى ‏الواقعة‏ ‏سرا‏ ‏لا‏ ‏يدرى ‏به‏ ‏أحد‏.‏

 أصداء الأصداء

تختلط‏ ‏حسابات‏ ‏الواقع‏ ‏بحسابات‏ ‏الخوف‏، ‏وحين‏ ‏تختفى ‏هذه‏ ‏وتلك‏ ‏يصبح‏ ‏الوجود‏ ‏الطبيعى ‏أقرب‏ ‏إلى ‏العودة‏ ‏إلى ‏قانون‏ ‏الحياة‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏تنشأ‏ ‏الحسابات‏:، ‏فمن‏ ‏حق‏ ‏الجائع‏ – ‏مثلا‏ – ‏أن‏ ‏يأكل‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يسأل‏، ‏أو حتى‏ ‏أن‏ ‏يسأل‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يأكل‏ ‏كم‏ ‏قرشا‏ ‏فى ‏جيبه‏، ‏وبناء‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏الحق‏ ‏البسيط‏ ‏يظهر‏ ‏الهدوء‏ – ‏غير‏ ‏المتناسب‏ ‏مع‏ ‏احتمال‏ ‏الاتهام‏ ‏بالنصب‏ ‏أو‏ ‏السرقة‏ – ‏وتتواصل‏ ‏الحكاية‏، ‏فقد‏ ‏كان‏ ‏جائعا‏ ‏لحد‏ ‏الموت‏، ‏ورغم‏ ‏غرابة‏ ‏التصرف‏ ‏الظاهر‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏نظرة‏ ‏أعمق‏ – ‏حتى ‏من‏ ‏الذى ‏أخذ‏ ‏المقلب‏ ‏وهو‏ ‏صاحب‏ ‏المطعم‏ – ‏تلهمه‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏جرى “‏هكذا‏” ‏هو‏ ‏حق‏ ‏اليقين‏، ‏لكنه‏ – ‏بحسابات‏ ‏الواقع‏ – ‏يسقط‏ ‏فى ‏يده‏، ‏ولا‏ ‏يدرى ‏ماذا‏ ‏يفعل‏، ‏ولأنه‏ ‏أقتنع‏ ‏بما‏ ‏حدث‏ ‏داخليا‏ ‏فهو‏ ‏يبقيه‏ ‏سرا‏ ‏فيكسب‏ ‏فخرا‏ ‏خفيا‏ ‏إذ‏ ‏أنه‏ ‏احترم‏ ‏هذا‏ ‏الجانب‏ ‏من‏ ‏نفسه‏ ‏الذى ‏اقتنع‏ ‏بحق‏ ‏الجائع‏ ‏حتى ‏الموت‏ ‏فى ‏الأكل‏ ‏دون‏ ‏مقابل‏، ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏هو‏ ‏لا‏ ‏يفتح‏ ‏على ‏نفسه‏ ‏باب‏ ‏المعايرة‏ ‏بالخيبة‏ ‏والاستكراد‏ ‏لو‏ ‏أنه‏ ‏اعترف‏ ‏بما‏ ‏حدث‏،‏

ثم‏ ‏إنى ‏ما‏ ‏إن‏ ‏عدت‏ ‏إلى ‏العنوان‏ ” ‏ساعة‏ ‏الحساب‏”‏حتى ‏خطر‏ ‏ببالى ‏أن‏ ‏أقرأ‏ ‏الفقرة‏ ‏من‏ ‏جديد‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏رمز‏ ‏أعمال‏ ‏الدنيا‏، ‏ويوم‏ ‏الحساب‏ ‏فى ‏الآخرة‏، ‏والغفران‏ ‏الممكن‏ ‏لمن‏ ‏كان‏ ‏عنده‏ ‏حجة‏ ‏دامغه‏ (‏مثل‏ ‏الجوع‏ ‏لحد‏ ‏الموت‏) – ‏لكننى ‏لم‏ ‏أفعل‏ (‏رغم‏ ‏أنى ‏لم‏ ‏أستبعد‏)‏.

_________________________________

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

19 تعليق

  1. صباح الخير يا مولانا:
    المقتطف :….‏ولأنه‏ ‏أقتنع‏ ‏بما‏ ‏حدث‏ ‏داخليا‏ ‏فهو‏ ‏يبقيه‏ ‏سرا‏
    التعليق: وصلتنى السرية هنا بمعنى مختلف ،له علاقة بفرحتى واطمئنانى لفكرة أن الله يوم الحساب ” الختامى ” سوف يحاسبنا بنفسه ،بعلمه ،برحمته ،هكذا يكون الحساب ” سرا خاصا” فيكون لكل منا حسابه الخاص،حسابا فرديا كما كان عمله فرديا،وكما اطلع عليه الله وحده ،وعرف حاله وحده ،سيحاسبه وحده ،لا شأن لأى منا بحساب الآخر ،حتى لو أتينا الفعل نفسه ،الحساب عند الله وحده يعلم السر وأخفى……

  2. ولأنه‏ ‏أقتنع‏ ‏بما‏ ‏حدث‏ ‏داخليا‏ ‏فهو‏ ‏يبقيه‏ ‏سرا‏ ‏فيكسب‏ ‏فخرا‏ ‏خفيا‏
    لمست فيا جدا الجملة دي ..
    شكرا جدا لحضرتك ..

  3. ‏فيكسب‏ ‏فخرا‏ ‏خفيا‏ ‏إذ‏ ‏أنه‏ ‏احترم‏ ‏هذا‏ ‏الجانب‏ ‏من‏ ‏نفسه‏ ‏الذى ‏اقتنع‏ ‏بحق‏ ‏الجائع‏ ‏حتى ‏الموت‏ ‏فى ‏الأكل‏ ‏دون‏ ‏مقابل

    جمله معبره جدا
    شكرا جدا لحضرتك

  4. المقتطف/ و لأنه اقتنع بما حدث داخليا فهو يبقيه سرا فيكسب فخرا خفيا ……..

    التعليق / فهمت رؤية حضرتك مولانا الحكيم بالمقصود بالفخر الخفي هنا هو عجبه بالجانب الإنساني في تصرفه و فى نفس الوقت إبقاء الأمر سرا لا يفتح عليه باب المعايرة بالخيبة و الاستكراد أو ربما أيضا كيلا يفتح على نفسه باب تكرار الأمر
    تلك احتمالات لغلبة حسابات الدنيا على تصرفه
    و ربما كان وراء إبقاء الأمر سرا حسبة أخرى مضمونها خوف من تعزيز عجبه بتصرفه الإنساني و فتح باب للتفاخر و الكبر يسهم فى مزيد من إفساد فطرته الإنسانية ……
    تلك الاحتمالات المختلفة يحتويها عنوان الاصداء ” ساعة الحساب ”
    التي ستكون مفأجاة لكل من سولت له نفسه التجرأ بإصدار الأحكام على خلق الله

    شكرا مولانا الحكيم على فتح مفاتح فقه القلوب و الحمدلله …..

  5. حق طبيعى يصطدم بحق حضارى للملكية

  6. التشبيه لمسني جدا يادكتور يحيي وكنت شايفة ان الكلام مش هقدر افهمه بس استفادت جدا منه فشكرا لحضرتك

  7. شكرا يا د/يحيي نشره رائعه…

  8. قصه شيقه و محيره خلتني افكر في مجتمعنا اليوم كم عدد من الناس اللي ممكن يقوم بهذا العمل النبيل الذي قام به صاحب المطعم الذي دل علي احترامه و نبله الشديد اتجاه الانسانيه. ايضا يجب علينا ان نفكر في وقت الحساب دنيا و اخره و اننا هنتحاسب علي اعمالنا تجاه انفسنا و الاخرين.
    شكرا لحضرتك

  9. اسامه عبد البديع

    ‏والغفران‏ ‏الممكن‏ ‏لمن‏ ‏كان‏ ‏عنده‏ ‏حجة‏ ‏دامغه

  10. جميلة ومعبره جدا

  11. د.مروة عبداللطيف

    ‏العودة‏ ‏إلى ‏قانون‏ ‏الحياة‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏تنشأ‏ ‏الحسابات..
    جملة سمعت فيا..
    كتر خيرك !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *