نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 14-4-2022
السنة الخامسة عشر
العدد: 5339
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (69)
الفصل الثانى
فى مقام الحيرة، والدنيا تضرب تقلب!!
الأصداء
69 – على مائدة الرحمن
”عمرت مائدة الرحمن بالصائمين ولما ترامى إليهم الآذان تأهبوا وسلموا وهتف رجل ذو شأن. طعامنا حرام على من بقلبه زيغ.. وندت عن رجل ضحكة عالية لفتت إليه الأنظار. أمسك عن الضحك وقال. “عندى غذاء أجمل فاصغوا إلىّ! ولكنهم أقبلوا على الطعام وهم يسخرون من الرجل. ولما أمتلأت البطون ثقلت الأجفان فغفوا إغفاة قصيرة ورأوا فى نومهم عالما يفتن ويسحر، ولما استيقظوا توجهوا نحو الرجل الضاحك فلم يجدوا له أثرا. وترك الغائب فى كل قلب لوعة.”
أصداء الأصداء
ثم طعامان معروضان للاختيار: طعام من “ذى شأن” شرطه ألا يكون فى القلب زيغ، وطعام أجمل (يبدو دون شروط)، فيقبل الجميع على الأول، لكن يبدو أنهم لم يلتفتوا إلى الشرط أو هم لم يستوفوه، فغلبهم النوم تخمة، فرأوا – فى منامهم – لذة الطعام الآخر، فانتبهوا، لكن كان الأوان قد فات، وهكذا تقول لنا الأصداء أن الاختيار ليس سهلا، فالأمان شكلى مادام فى القلب زيغ لا يملأ الوجدان بالنشوة العليا، بل يملأ البطون بما يؤدى إلى الغفلة، وعلى الجانب الآخر، فإن المتعة الحقيقية الأروع، لا تنتظر، والحلم بها لا يكفى، فعلى الذى يختار، أن يختار، وإلا فليس أمامه إلا تخمة مخيـبة.
ومن لم يحدد موقفه أو “يوفق أوضاعه” فلن يبقى فى قلبه – بعد ضياع الفرصة – إلا الحسرة:
“لن يبقى له إلا لوعة فى القلب”.
______________
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net