الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (53) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (53) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 23-12-2021                               

السنة الخامسة عشر               

العدد: 5227

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (53)

الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

 الأصداء

‏53- ‏التوبة

مرت‏ ‏أمامى ‏الجميلة‏ ‏الفاتنة‏ ‏وهى ‏تتأود‏ ‏وتتنهد‏ ‏فلم‏ ‏التفت‏ ‏إليها‏. ‏نعمت‏ ‏فى ذلك‏ ‏الوقت‏ ‏الجاف‏ ‏بإرضاء‏ ‏كبرياء‏ ‏الزهد‏ ‏والإعراض‏ ‏عن‏ ‏مغريات‏ ‏الدنيا‏، ‏وثبت‏ ‏إلى ‏طبيعتى ‏فى ‏ليلة‏ ‏قمرية‏ ‏ذات‏ ‏بهاء‏. ‏وسعيت‏ ‏وراء‏ ‏الجميلة‏ ‏الفاتنة‏ ‏وأنا‏ ‏مشفق‏ ‏من‏ ‏العقاب‏. ‏ولكنها‏ ‏تلقتنى ‏بابتسامة‏ ‏وقالت‏ ‏لتهنأ‏ ‏بمصيرك‏ ‏فإننى ‏أقبل‏ ‏التوبة‏.‏

أصداء الأصداء

مازلنا‏ ‏فى ‏رحاب‏ ‏الدعوات‏ ‏رغم‏ ‏الاستعداد‏ ‏للرحيل‏، ‏دعوة‏ ‏للإسراع‏، ‏ودعوة‏ ‏أخرى ‏للائتناس‏ (‏فقرة‏ 50) ‏ودعوة‏ ‏ثالثة‏ ‏للحوار‏ ‏العنيد‏ (‏فقرة‏ 50) ‏ودعوة‏ ‏غيرها‏ ‏للإستعداد‏ (‏فقرة‏ 49) ‏ودعوة‏ ‏باكرة‏ ‏للهرب‏ ‏الجميل‏ (‏فقرة‏ 19) ‏ثم‏ ‏تأتى ‏هذه‏ ‏الدعوة‏ ‏من‏ ‏جميلة‏ ‏فاتنة‏ (‏أيضا‏) ‏لكنها‏ ‏ليست‏ ‏بالضرورة‏ ‏فى غاية‏ “‏العذوبة‏ ‏والوقار‏” (‏فقرة‏ 19) ‏ولا‏ ‏هى ‏فى “‏غاية‏ ‏الجمال‏ ‏والسكينة‏” (‏فقرة‏ 52) ‏وإنما‏ ‏هى ‏جميلة‏ ‏تتأود‏ ‏وتتنهد‏ ‏وهى ‏تمر‏، ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏هو‏ ‏فى ‏حالة‏ ‏الرضا‏ ‏السابقة‏ (‏فقرة‏ 51)، ‏ولا‏ ‏فى ‏حالة‏ ‏التعاسة‏ ‏المظلمة‏ (‏فقرة‏ 52) ‏لكنه‏ ‏كان‏ ‏فى ‏حالة‏ ‏أخرى ‏من‏ ‏الكبرياء‏ ‏النابع‏ ‏من‏ ‏الزهد‏ (‏فى ‏الدنيا‏) ‏والمعد‏ ‏له‏، ‏وعلى ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏هذه‏ ‏العزلة‏ ‏التى ‏تقطر‏ ‏أفكارها‏ ‏ماء‏ ‏الورد‏، ‏والزهد‏ ‏الذى ‏يفرز‏ ‏الكبرياء‏، ‏فهو‏ ‏ما‏ ‏زال‏ ‏يحمل‏ ‏طبيعة‏ ‏نابضة‏ ‏بالحياة‏ ‏والرغبة‏ ‏والاستعداد‏ ‏للاستجابة‏ ‏وربما‏ ‏الملاحقة‏، ‏وتستجيب‏ ‏الطبيعة‏ ‏الحيوية‏ ‏لهذه‏ ‏الحركة‏ ‏الداخلية‏ ‏التى ‏تصر‏ ‏على ‏أن‏ ‏زخم‏ ‏الحياة‏ ‏مازال‏ ‏يملؤه‏ ‏كما‏ ‏كان‏ ‏دائما‏ ‏وأكثر‏”، ‏تصبح‏ ‏الليلة‏ ‏قمرية‏ ‏ذات‏ ‏بهاء‏ (‏قارن‏ ‏ليلة‏ ‏خسوف‏ ‏القمر‏ 52)، ‏وحتى ‏جلسته‏ ‏على ‏العشب‏، ” ‏مشتملا‏ ‏بأشعة‏ ‏القمر‏” (‏فقرة‏ 19) ‏فشتان‏ ‏بين‏ ‏ليلة‏ ‏قمرية‏ ‏ذات‏ ‏بهاء‏”، ‏والخسوف‏ ‏وأن‏ ‏تشمله‏ ‏الأشعة‏، ‏فيندفع‏ ‏إليها‏ ‏دون‏ ‏حساب‏، ‏وما‏ ‏يحدث‏ ‏يكون‏، ‏وتقبله‏ ‏الجميلة‏، ‏فهو‏ ‏لم‏ ‏يمت‏ ‏بعد‏، ‏بل‏ ‏إنه‏ ‏مليء‏ ‏بالحياة‏، ‏وما‏ ‏كانت‏ ‏عزلته‏ ‏الجميلة‏، ‏وكبرياؤه‏ ‏الزاهدة‏، ‏إلا‏ ‏خطأ‏ ‏حسابات‏، ‏وقد‏ ‏تاب‏ – ‏باندفاعه‏ ‏الجميل‏- ‏رجوعا‏ ‏عن‏ ‏ذلك‏ ‏متهيبا‏ ‏أن‏ ‏تعاقبه‏ ‏الحياة‏ ‏على ‏نسيانها‏، ‏فتقبل‏ ‏توبته‏، ‏أما‏ ‏تهنئتنا‏ ‏له‏ ‏بمصيره‏، ‏فلا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تؤخذ‏ ‏على ‏أنها‏ ‏تهنئة‏ ‏بكبريائه‏ ‏الزاهدة‏، ‏وإنما‏ ‏هى ‏تهنئة‏ ‏تشمل‏ ‏الفرحة‏ ‏باعترافه‏ ‏بخطأ‏ ‏حساباته‏، ‏وترحب‏ ‏بعودته‏، ‏ولا‏ ‏يفترق‏ ‏هنا‏ ‏عندى ‏المصير‏ ‏عن‏ ‏المسار‏ (‏أتذكر‏ ‏من‏ ‏بعيد‏: ‏الدنيا‏ ‏إذ‏ ‏تتجسد‏ ‏فى ‏فاتنة‏ ‏أخرى‏، ‏ولكنها‏ ‏غواية‏ ‏متلاحقة‏، ‏هى ‏أنيس‏ ‏الجليس‏ ‏فى ‏ليالى ‏ألف‏ ‏ليلة‏‏).

    

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

النشرة التالية 1

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *