الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (49) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (49) الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 25-11-2021                               

السنة الخامسة عشر               

العدد: 5199

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (49)

الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

الأصداء

‏49- ‏الرسالة

عثرت‏ ‏يوما‏ ‏على ‏وردة‏ ‏مطروحة‏ ‏تحت‏ ‏قدمى. ‏لم‏ ‏تخل‏ ‏من‏ ‏إثارة‏ ‏ورونق‏، ‏فالتقطتها‏، ‏وإذا‏ ‏بورقة‏ ‏مطوية‏ ‏مربوطة‏ ‏بخيط‏ ‏أبيض‏ ‏حول‏ ‏عودها‏ ‏الأخضر‏، ‏بسطتها‏ ‏بفضول‏ ‏فقرأت‏ “‏تعال‏، ‏ستجدنى ‏كما‏ ‏تحب‏. ‏سرحت‏ ‏فى ‏ابتسامة‏ ‏وتساءلت‏ ‏كيف‏ ‏اخطأت‏ ‏الرسالة‏ ‏هدفها؟‏ ‏لماذا‏ ‏ألقى ‏بها‏ ‏فى ‏التراب؟‏ ‏وهمت‏ ‏حينا‏ ‏فى ‏وادى ‏الفروض‏ ‏والاحتمالات‏، ‏ولكنى ‏أثنيت‏ ‏على ‏الدنيا‏ ‏التى ‏لا‏ ‏ينضب‏ ‏فيها‏ ‏معين‏ ‏الحب‏ ‏ونسمت‏ ‏على ‏نسائم‏ ‏من‏ ‏الماضى ‏البعيد‏،‏ فخفق‏ ‏القلب‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏أتيح‏ ‏له‏، ‏وفجأة‏ ‏تجاوزت‏ ‏ترددى ‏القديم‏.، ‏وعزمت‏ ‏على ‏أن‏ ‏أبدأ‏ ‏الاجراءات‏ ‏ليكون‏ ‏لى ‏مدفن‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المدينة‏ ‏المترامية.

 أصداء الأصداء

هذا‏ ‏النداء‏ ‏الذى ‏ظهر‏ ‏توقا‏ ‏إلى ‏حياة‏ ‏خالية‏ ‏من‏ ‏رجل‏ ‏الساعة‏ (‏قارن‏ ‏فقرة‏ 42)، ‏والذى ‏نجح‏ ‏أن‏ ‏يصده‏ ‏لحساب‏ ‏حمل‏ ‏طفله‏ ‏الصغير‏ ‏وأمهما‏ ‏تحمل‏ ‏قراطيس‏ ‏العطارة‏، ‏وطفلاه‏ ‏الآخران‏ ‏يتبعانه‏، ‏وهو‏ ‏يوسع‏ ‏لهم‏ ‏الطريق‏، ‏هذا‏ ‏النداء‏ ‏مازال‏ ‏يناديه‏ “‏تعال‏” ‏ليست‏ ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏دعوة‏ ‏إلى ‏خلود‏ (‏زائف‏)، “‏حياة‏ ‏بلا‏ ‏زمن‏” (‏فقرة‏ 42)، ‏وليست‏ ‏أيضا‏ ‏دعوة‏ ‏إلى ‏نهاية‏ ‏إرادية‏ “‏قطع‏ ‏الروابط‏ ‏مادامت‏ ‏لا‏ ‏تساوى ‏شيئا‏ (‏فقرة‏ 44)، ‏لكنها‏ ‏دعوة‏ ‏إلى ‏تحقيق‏ ‏خيال‏ ‏غامض‏ “‏تعال‏، ‏ستجدنى ‏كما‏ ‏تحب‏”.‏

ويبدو‏ ‏لأول‏ ‏وهلة‏ ‏أنها‏ ‏وردة‏ ‏أسقطتها‏ ‏حبيبة‏ ‏فى ‏الطريق‏ ‏تحدد‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏الورقة‏ ‏المربوطة‏ ‏بعودها‏ ‏موعد‏ ‏لقاء‏، ‏فهو‏ ‏الحب‏، ‏ليكن‏، ‏وهى ‏الفروض‏ ‏والاحتمالات‏، ‏ليست‏ ‏فقط‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بــ‏ “‏من‏ ‏يا‏ ‏ترى ‏وكيف‏ ‏هما‏”، ‏ولكن‏ ‏أيضا‏، ‏وربما‏ ‏أساسا‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بــ‏ “‏الدنيا‏ ‏التى ‏لا‏ ‏ينضب‏ ‏فيها‏ ‏معين‏ ‏الحب‏”، ‏ومادامت‏ ‏هى (‏الدنيا‏) ‏كذلك‏، ‏فإنها‏ ‏تستأهل‏ ‏الصحبة‏ ‏الطيبة‏، ‏وأيضا‏ ‏الاستعداد‏ ‏للفراق‏، ‏فيعد‏ ‏العدة‏، ‏ويظهر‏ ‏لنا‏ ‏المدفن‏ ‏وكأنه‏ ‏حقيقة‏ ‏الحكاية‏ ‏المتجددة‏، ‏وليس‏ ‏مضجع‏ ‏الجثة‏ ‏النهاية‏.‏

 

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

admin-ajax (1)

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *