الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (26) الفصل الأول: “الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت”

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (26) الفصل الأول: “الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت”

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 24-6-2021                                  

السنة الرابعة عشر                 

العدد: 5045

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (26)

الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

الأصداء

‏‏26- ‏رسالة‏ ‏لم‏ ‏تكتب

فى ‏عام‏ ‏واحد‏ ‏علمت‏ ‏بتعيين‏ ‏همام‏ ‏رئيسا‏ ‏لمحكمة‏ ‏استئناف‏ ‏الاسكندرية‏ ‏كما‏ ‏قرأت‏ ‏خبر‏ ‏تنفيذ‏ ‏حكم‏ ‏الإعدام‏ ‏فى ‏سيد‏ ‏الغضبان‏ ‏لقتله‏ ‏راقصة‏، ‏كنا‏ – ‏أنا‏ ‏وهمام‏ ‏والغضبان‏- ‏أصدقاء‏ ‏طفولة‏- ‏وكان‏ ‏الغضبان‏ ‏بؤرة‏ ‏الإثارة‏ ‏لجمال‏ ‏صوته‏ ‏ونوادره‏ ‏البذيئة‏، ‏وافترقنا‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏نبلغ‏ ‏التاسعة‏ ‏فمضى ‏كل‏ ‏إلى ‏سبيله‏، ‏عرفت‏ ‏من‏ ‏بعض‏ ‏الأقارب‏ ‏بانخراط‏ ‏همام‏ ‏فى ‏سلك‏ ‏الهيئة‏ ‏القضائية‏، ‏وتابعت‏ ‏أنباء‏ ‏الغضبان‏ ‏فى ‏الصحف‏ ‏الفنية‏ ‏كبلطجى ‏من‏ ‏بلطجية‏ ‏الملاهى ‏الليلية‏. ‏والحق‏ ‏أن‏ ‏خبر‏ ‏الإعدام‏ ‏هزنى ‏وطار‏ ‏بى ‏على ‏جناح‏ ‏التأمل‏ ‏إلى ‏العهد‏ ‏القديم‏، ‏وفكرت‏ ‏أن‏ ‏أكتب‏ ‏رسالة‏ ‏إلى ‏همام‏ ‏أضمنها‏ ‏تأثرى ‏وتأملاتى‏، ‏و‏شرعت‏ ‏فى ‏الكتابة‏، ‏ولكننى ‏توقفت‏ ‏وفتر حماسى ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏قد‏ ‏نسى ‏ذلك‏ ‏العهد‏ ‏وأهله،‏ ‏أو‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏يبالى ‏بهذه‏ ‏العواطف‏.‏

أصداء الأصداء

قصة‏ ‏عادية‏ ‏مثل‏ ‏القصص‏ ‏التى ‏تسقط‏ ‏من‏ ‏محفوظ‏ ‏أحيانا‏ (‏دائما‏ ‏أضرب‏ ‏مثلا‏ ‏بقصته‏: ‏الفأر‏ ‏الترويجي‏)، ‏لكنه‏ ‏لحقها‏ ‏فى ‏آخر‏ ‏لحظة‏ ‏بأنه‏: ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏المقدمات‏ ‏قد‏ ‏أدت‏ ‏إلى ‏تواليها‏، ‏فماذا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تقول‏ ‏الرسالة؟ “‏تأثر‏ ‏وتأملات‏” ‏؟‏ ‏وماذا‏ ‏تحمل‏ ‏هذه‏ ‏التأملات‏ ‏وذاك‏ ‏التآثر‏ ‏من‏ “‏عواطف‏” ‏حتى ‏يقف‏ ‏عندها‏ ‏القاضى ‏همام‏ ‏ويـلام‏ ‏إن‏ ‏لم‏ ‏يتذكرها‏، ‏من‏ ‏خلال‏ ‏أنهم‏ ‏الثلاثة‏ ‏كانوا‏ ‏معارف‏ (‏ولا‏ ‏أقول‏ ‏أصدقاء‏)‏؟‏ ‏

فإذا‏ ‏أردت‏ ‏أن‏ ‏تقرأها‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏ترفضها‏ ‏فلا‏ ‏تقع‏ ‏فيما‏ ‏وقعت‏ ‏أنا‏ ‏فيه‏ ‏حالا‏، ‏فيمكنك‏ ‏أن‏ ‏ترى ‏أن‏ ‏هؤلاء‏ ‏الثلاثة‏ (‏المحامى ‏والخصمين‏) ‏ليسوا‏ ‏سوى ” ‏ذوات‏ ‏الداخل‏”: ‏همام‏ ‏هو‏ ‏الذات‏ ‏العقل‏، ‏والغضبان‏ : ‏هو‏ ‏العدوان‏ ‏الغريزى، ‏والراوى ‏هو‏ ‏الذات‏ ‏الناضجة‏ (‏الكيان‏ ‏النامي‏) ‏الذى ‏يود‏ ‏لو‏ ‏يكتب‏ ‏رسالة‏، ‏أو‏ ‏لوكان‏ ‏قد‏ ‏كتب‏ ‏رسالة‏ ‏فى ‏أوان‏ ‏مناسب‏، ‏يحقق‏ ‏من‏ ‏خلالها‏ ‏احتمال‏ ‏التكامل‏ ‏المنسى، ‏والذى ‏أدى ‏نكرانه‏ ‏إلى ‏هذا‏ ‏الانشقاق‏: ‏ليصبح‏ ‏كل‏ ‏فى ‏ناحية‏، ‏يحكم‏ ‏الواحد‏ ‏على ‏الآخر‏ ‏بالنفى، ‏ثم‏ ‏بالإعدام‏، ‏وكأنهم‏ ‏لم‏ ‏يكونوا‏ ‏واحدا‏، ‏أو‏ ‏مشروع‏ ‏واحد‏ ‏فى ‏يوم‏ ‏من‏ ‏الأيام‏، ‏

والرسالة‏ ‏التى ‏لم‏ ‏تكتب‏ ‏قد‏ ‏فات‏ ‏أوانها‏ ‏كما‏ ‏أسلفنا‏، ربما ‏لأن‏ ‏العقل‏ (‏همام‏) ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏يبالى ‏بمثل‏ ‏هذه‏ ‏العواطف.

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

admin-ajax (1)

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *