الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (20) الفصل الأول: “الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت”

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (20) الفصل الأول: “الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت”

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 13-5-2021                                  

السنة الرابعة عشر                 

العدد: 5003

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (20)

الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

الأصداء

20 – ‏الأشباح

عقب‏ ‏الفراغ‏ ‏من‏ ‏صلاة‏ ‏الفجر‏ ‏رحت‏ ‏أتجول‏ ‏فى ‏الشوارع‏ ‏الخالية‏، ‏جميل‏ ‏المشى ‏فى ‏الهدوء‏ ‏والنقاء‏ ‏بصحبة‏ ‏نسائم‏ ‏الخريف‏، ‏ولما‏ ‏بلغت‏ ‏مشارف‏ ‏الصحراء‏ ‏جلست‏ ‏فوق‏ ‏الصخرة‏ ‏المعروفة‏ ‏بأم‏ ‏الغلام‏، ‏وسرح‏ ‏بصرى ‏فى ‏متاهة‏ ‏الصحراء‏ ‏المسربلة‏ ‏بالظلمة‏ ‏الرفيعة‏، ‏وسرعان‏ ‏ما‏ ‏خيل‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏أشباحا‏ ‏تتحرك‏ ‏نحو‏ ‏المدينة‏، ‏قلت‏ ‏لعلهم‏ ‏من‏ ‏رجال‏ ‏الأمن‏ ‏ولكن‏ ‏مر‏ ‏أمامى ‏أولهم‏ ‏فتبينت‏ ‏منه‏ ‏هيكلا‏ ‏عظميا‏ ‏يتطاير‏ ‏شرر‏ ‏من‏ ‏محجريه‏، ‏واجتاحنى ‏الرعب‏ ‏فوق‏ ‏الصخرة‏، ‏وتسلسلت‏ ‏الأشباح‏ ‏واحدا‏ ‏إثر‏ ‏الآخر

تساءلت‏ ‏وأنا‏ ‏أرتجف‏ ‏عما‏ ‏يخبئه‏ ‏النهار‏ ‏لمدينتى ‏النائمة‏.‏

 أصداء الأصداء

عاد‏ ‏الموت‏ ‏يتجسد‏، ‏لكنه‏ ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏ليس‏ ‏الموت‏ ‏الذى ‏يبعث‏ ‏الحياة‏ (‏قارن‏ ‏فقرة‏ 2) ‏وليس‏ ‏الموت‏ ‏الذى ‏يواكب‏ ‏الحب‏ (‏قارن‏ ‏فقرة‏ 8) ‏لكنه‏ ‏الموت‏ ‏الذى ‏يهدد‏ ‏المدينة‏ ‏النائمة‏: ‏هياكل‏ ‏عظمية‏ ‏يتطاير‏ ‏الشرر‏ ‏من‏ ‏محاجر‏ ‏عيونها‏، ‏وهى ‏تتحرك‏ ‏نحو‏ ‏المدينة‏، ‏فهو‏ ‏الإرهاب‏ ‏المنذر‏ ‏بالخراب‏، ‏فمن‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يواصل‏ ‏المشى ‏بين‏ ‏الفجر‏ ‏وبين‏ ‏الشروق‏ ‏بصحبة‏ ‏نسائم‏ ‏الخريف‏، ‏والمدينة‏ ‏نائمة‏، ‏وأشباح‏ ‏الخراب‏ ‏والدمار‏ ‏تزحف‏ ‏نحوها‏: ‏هكذا؟‏.‏

ثم‏ ‏خطر‏ ‏ببالى ‏أن‏ ‏ثمة‏ ‏علاقة‏ ‏جائزة‏ ‏بين‏ ‏رجال‏ ‏الأمن‏ ‏وبين‏ ‏الإرهاب‏، ‏هكذا‏ ‏ذهب‏ ‏فكر‏ ‏صاحبنا‏ ‏فى ‏البداية ‏”‏لعلهم‏ ‏من‏ ‏رجال‏ ‏الأمن‏”، ‏وهم‏ ‏ليسو‏ ‏بعيدين‏ ‏عن‏ ‏أن‏ ‏يكونوا‏ ‏هم‏ ‏الموت‏ ‏الزاحف‏ ‏بالخراب‏ ‏مثلهم‏ ‏فى ‏ذلك‏ ‏مثل‏ ‏الإرهابيين‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر‏، ثم‏ ‏إن‏ ‏توقيت‏ ‏الرؤية‏ ‏عقب‏ ‏صلاة‏ ‏الفجر‏ ‏قد‏ ‏لا‏ ‏يبتعد‏ ‏كثيرا‏ ‏عن‏ ‏التعبير‏ ‏الشائع‏ ‏عن‏ ‏التصرفات‏ ‏التعسفية‏ ‏لمن‏ عرفوا ‏ ‏يوما بـ ‏”‏زوارالفجر‏” ‏من‏ ‏رجال‏ ‏المباحث‏ ‏أو‏ ‏المخابرات‏، ‏على ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الاحتمال‏ ‏لا‏ ‏ينفى ‏الاحتمال‏ ‏الأول‏، ‏فتكون‏ ‏هذه‏ ‏الأشباح‏ ‏من‏ ‏الهياكل‏ ‏العظمية‏ ‏هم‏ ‏أهل‏ ‏الإرهاب‏ ‏الشعبى ‏أو‏ ‏أهل‏ ‏الإرهاب‏ ‏الرسمى، ‏وكلاهما‏ ‏يحمل‏ ‏الخراب‏ ‏إلى ‏المدينة‏ ‏النائمة.

 

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

admin-ajax (1)

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *