الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (119) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (119) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 30-3-2023                                  

السنة السادسة عشر

العدد: 5689

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (119)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

الأصداء

‏119- ‏مأوى ‏النعمة‏ ‏

ما‏ ‏أجمل‏ ‏العصفور‏ ‏فى ‏طيرانه‏ ‏وشدوه‏، ‏مرة‏ ‏فى ‏سكرة‏ ‏من‏ ‏النشوة‏ ‏هتفت‏ ‏يا‏ ‏ليتنى ‏خلقت‏ ‏عصفوا‏، ‏وإذا‏ ‏بى ‏انقلب‏ ‏عصفورا‏ ‏يحلق‏ ‏ويشدو‏ ‏ويثب‏ ‏من‏ ‏غصن‏ ‏إلى ‏غصن‏ ‏ومن‏ ‏خبرتى ‏السابقة‏ ‏حذرت‏ ‏القطط‏ ‏والزواحف‏ ‏وعشقت‏ ‏شعاع‏ ‏الشمس‏. ‏منذ‏ ‏قديم‏ ‏وأنا‏ ‏أغبط‏ ‏العصافير‏ ‏على ‏تحليقها‏ ‏ورؤيتها‏ ‏لجمال‏ ‏حبيبتى ‏الذى ‏لا‏ ‏يبلغه‏ ‏الهائمون‏ ‏فوق‏ ‏الأرض‏، ‏أيقنت‏ ‏مع‏ ‏الجهد‏ ‏الضائع‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏سبيل‏ ‏إلى ‏الفوز‏ ‏إلا‏ ‏بالطيران‏، ‏واستراق‏ ‏النظر‏ ‏من‏ ‏فوق‏ ‏هامات‏ ‏الشجر‏. ‏وجعلت‏ ‏أخطف‏ ‏النظرات‏ ‏المحترقة‏ ‏بالأشواق‏ ‏وهى ‏تتهادى ‏فى ‏أعماق‏ ‏البيت‏، ‏وارتويت‏ ‏برحيق‏ ‏الهناء‏ ‏حتى ‏ثملت‏. ‏ويوما‏ ‏رأيت‏ ‏فوق‏ ‏سور‏ ‏السطح‏ ‏طبقا‏ ‏مملوءا‏ ‏بالقرطم‏، ‏فتجلب‏ ‏ريقى ‏ونسيت‏ ‏الحذر‏ ‏وطرت‏ ‏نحو‏ ‏الطبق‏ ‏وحططت‏ ‏عليه‏ ‏ورحت‏ ‏ألتقم‏ ‏بمنقارى ‏الحب‏ ‏بنهم‏ ‏وسرور‏. ‏وإذا‏ ‏بيد‏ ‏تقبض‏ ‏على ‏بحنان‏ ‏وصوت‏ ‏عذب‏ ‏يقول‏:‏ – ‏أخيرا‏ ‏وقعت‏.‏

وأودعتنى ‏القفص‏ ‏وقد‏ ‏بعث‏ ‏مسها‏ ‏فى ‏كيانى ‏سكرة‏ ‏لا‏ ‏تجيء‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏خمر‏ ‏الفراديس‏ ‏وكلما‏ ‏فاض‏ ‏كاس‏ ‏حظى ‏بالسعادة‏ ‏اقبلت‏ ‏بحسنها‏ ‏الدرى ‏لترنو‏ ‏إلى ‏وتقدم‏ ‏لى ‏الماء‏ ‏والغذاء‏ ‏وها‏ ‏أنا‏ ‏يغمرنى ‏جنون‏ ‏السرور‏ ‏والفرح‏. ‏وفى ‏أوقات‏ ‏الفراغ‏ ‏أتطلع‏ ‏إلى ‏جماعات‏ ‏العصافير‏ ‏فوق‏ ‏الشجرة‏ ‏سعيدة‏ ‏بين‏ ‏الشدو‏ ‏والطيران‏ ‏ولكن‏ ‏لا‏ ‏شدوها‏ ‏ولا‏ ‏طيرانها‏ ‏بشىء‏ ‏يذكر‏ ‏إلى ‏جانب‏ ‏قرب‏ ‏الحبيب‏.‏

 أصداء الأصداء

مرة‏ ‏أخرى، ‏تبلغنى ‏محاولة‏ ‏محفوظ‏ تجميل أو تقديس ‏قفص‏ ‏الحياة‏ ‏الزوجية‏ ‏حتى ‏يكتب‏ ‏فيها‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏الشعر‏، ‏قصيدة‏ ‏جميلة‏ ‏لم‏ ‏أملك‏ ‏إزاءها‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏أقول‏ : ‏أفلح‏ ‏إن‏ ‏صدق‏ (‏إن‏ ‏صدق‏ ‏الشعر‏، ‏وليس بالضرورة‏ ‏محفوظ‏‏).

ــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *