الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (109) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (109) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 19-1-2023                                  

السنة السادسة عشر

العدد: 5619

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (109)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

الأصداء

‏109- ‏السؤال‏ ‏

راحت‏ ‏القافلة‏ ‏تخوض‏ ‏الصحراء‏ ‏يقودها‏ ‏عزيف‏ ‏الناى ‏ودق‏ ‏الطبول‏، ‏والصمت‏ ‏من‏ ‏حولها‏ ‏محيط‏، ‏ولا‏ ‏يبدو‏ ‏أن‏ ‏لشيء‏ ‏نهاية‏، ‏وخطر‏ ‏لى ‏أن‏ ‏أتساءل‏ ‏عن‏ ‏الموضع‏ ‏الذى ‏يحب‏ ‏صاحب‏ ‏القافلة‏ ‏أن‏ ‏يسير‏ ‏فيه‏، ‏سمعنى ‏جار‏ ‏فقال‏: “‏فى ‏مقدمة‏ ‏القافلة‏ ‏كما‏ ‏يليق‏ ‏بمقامة‏، ‏ولكن‏ ‏ماذا‏ ‏دعاك‏ ‏للسؤال؟‏” ‏وإذا‏ ‏بجار‏ ‏آخر‏ ‏يقول‏: “‏بل‏ ‏لعله‏ ‏فى ‏المؤخرة‏ ‏ليراقب‏ ‏كل‏ ‏حركة‏، ‏ماذا‏ ‏يهمك‏ ‏من‏ ‏ذلك؟

ولم‏ ‏أجد‏ ‏ما‏ ‏أجيب‏ ‏به‏، ‏وظننت‏ ‏أن‏ ‏الأمر‏ ‏انتهى، ‏وأننى ‏سأعرف‏ ‏الجواب‏ ‏عند‏ ‏انتهاء‏ ‏الرحلة‏، ‏ولكنى ‏وجدت‏ ‏الرؤوس‏ ‏تتقارب‏ ‏والأعين‏ ‏تسترق‏ ‏النظر‏ ‏إلى ‏والريبة‏ ‏تتفشى ‏فى ‏آلجميع‏، ‏رباه‏ ‏كيف‏ ‏أقنعهم‏ ‏بأننى ‏لم‏ ‏أقصد‏ ‏سوءا‏، ‏وأننى ‏لا‏ ‏أقل‏ ‏عن‏ ‏أى ‏منهم‏ ‏ولاء‏ ‏للرجل؟‏” ‏ودنا‏ ‏منى ‏رجل‏ ‏صارم‏ ‏الوجه‏ ‏وقال‏ ‏لى: “‏أترك‏ ‏القافلة‏ ‏ودعنا‏ ‏فى ‏سلام‏”، ‏ولم‏ ‏أر‏ ‏بدا‏ ‏من‏ ‏الخروج‏ ‏لأجد‏ ‏نفسى ‏فى ‏خلاء‏ ‏مطبق‏ ‏وكرب‏ ‏مقيم‏.‏

 أصداء الأصداء

 وكأن‏ ‏محفوظ‏ ‏كان‏ ‏يتنبأ‏ ‏بما‏ ‏حدث‏ ‏له‏ ‏فيما‏ ‏بعد‏:‏ ‏الحادث‏ ‏المشئوم‏، ‏المعنى ‏هنا‏ ‏صريح‏ ‏مباشر‏، ‏مجرد‏ ‏السؤال‏ ‏عن‏ ‏الحق‏ ‏سبحانه‏ ‏بصوت‏ ‏مسموع‏ ‏مهما‏ ‏كانت‏ ‏النية‏ ‏حسنة‏، ‏ومهما‏ ‏كان‏ ‏الإخلاص‏ ‏متوفرا‏، ‏والولاء‏ ‏مؤكدا‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏أى ‏آخر‏، ‏مجرد‏ ‏هذا‏ ‏السؤال‏ ‏يضع‏ ‏صاحبه‏ ‏فى ‏موقع‏ ‏لا‏ ‏يحسد‏ ‏عليه‏، ‏أبسط‏ ‏أشكاله‏ ‏هو‏ ‏الطرد‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏المجموع‏ (‏التكفير‏)، ‏ومع‏ ‏أنه‏ ‏هو‏ ‏المظلوم‏، ‏ومع‏ ‏أنه‏ ‏لم‏ ‏يقترف‏ ‏ذنبا‏، ‏ومع‏ ‏أنهم‏ ‏هم‏ ‏الذين‏ ‏حكموا‏ ‏عليه‏ ‏بالنفى، ‏فإنه‏ ‏أيضا‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏يدفع‏ ‏الثمن‏ ‏إذ‏ ‏يجد‏ ‏نفسه‏ ‏فى ‏كرب‏ ‏مقيم‏.‏

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

تعليق واحد

  1. كيف حالك يامولانا ؟!:
    المقتطف : وخطر‏ ‏لى ‏أن‏ ‏أتساءل‏ ‏عن‏ ‏الموضع‏ ‏الذى ‏يحب‏ ‏صاحب‏ ‏القافلة‏ ‏أن‏ ‏يسير‏ ‏فيه‏، ‏سمعنى ‏جار‏ ‏فقال‏: “‏فى ‏مقدمة‏ ‏القافلة‏ ‏كما‏ ‏يليق‏ ‏بمقامة‏، ‏ولكن‏ ‏ماذا‏ ‏دعاك‏ ‏للسؤال؟‏” ‏وإذا‏ ‏بجار‏ ‏آخر‏ ‏يقول‏: “‏بل‏ ‏لعله‏ ‏فى ‏المؤخرة‏ ‏ليراقب‏ ‏كل‏ ‏حركة‏، ‏ماذا‏ ‏يهمك‏ ‏من‏ ‏ذلك؟
    التعليق : مرة أخرى وليست أخيرة: الرخاوى ومحفوظ ،يحضران هنا والآن معا ،لا أعرف أيهما أسبق فى وعيى من الآخر ،لكن على حين يتساءل محفوظ على استحياء عن مكانه : فى أول القافله أو فى آخرها ،يأتى تساؤل الرخاوى واضحا مجلجلا : حد شايف ربنا ف الأوضه دى ،دلوقتى ؟! الأكيد أنكما تعرفان….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *