الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تعتعة التحرير قراءة مبدئية فى نتائج انتخابات لم تتم!

تعتعة التحرير قراءة مبدئية فى نتائج انتخابات لم تتم!

نشرة “الإنسان والتطور”

 9-1-2012

السنة الخامسة

 العدد:  1592

تعتعة التحرير

قراءة مبدئية فى نتائج انتخابات لم تتم!

مع ظهور هذا المقال تكون المرحلة الثالثة لانتخابات مجلس الشعب قد انتهت على خير بإذن الله، وغالبا تكون نتائجها قد ظهرت، أعتقد أن هذه الخطوة فى بناء الدولة شديدة الأهمية والإيجابية أيضا، مهما دار الهمس حولها، أو أثيرت الشكوك فى إجراءاتها. فضلت أن أكتب هذا المقال قبل إعلان النتائج النهائية لأننى لا أركز على تفاصيل الأرقام بقدر ما أركز على “طريقة قراءة” أية أرقام.

أولا: علينا أن نقبل هذه النتائج مهما كانت ملاحظاتنا عليها، فهى أمر واقع، ومهما كان على هذا الأمر الواقع من تحفظات، ففى رأيى أنه لم  تحدث تجاوزات يمكن أن تسمى تزويرا إلا نادرا، كما لم تحدث تجاوزات غير متوقعة للقواعد، وحتى لو ثبت أن الشكاوى التى لاحظت مثل هذه التجاوزات، ورصدت تلك المخالفات صحيحة، فلن تغير إلا قليلا من حجم حقيقة الأغلبية الناتجة.

ثانيا: أين كانت هذه الأغلبية بالذات فى الانتخابات السابقة مباشرة أو فى أية انتخابات قبلها على مدى ستين عاما مضت؟ هل كانت فى السجون؟ أم المعتقلات؟ أم البيوت المغلقة سترا أو خوفا؟ أم فى الخارج؟ أم كانت ضميرا مستترا تقديره “هم”.

ثالثا: علينا ونحن نحترم ما يسمى الديمقراطية (ولو مرغمين مثل حالاتى) أن نحسن قراءة النتائج ولا نتوقف عند التفاخر بها، وتقديس آليتها، صحيح أن الديمقراطية بكل عيوبها هى التى أوصلتنا إلى هذه المرحلة أملا فى بناء مؤسسة تشريعية رقابية قادرة، لكن علينا أن نحذر من المبالغة فى دلالة قدراتها، أو الانسياق وراء التصفيق لها حتى التقديس، لأنها ليست فصل الخطاب فى بناء دولة قادرة على الإسهام الحضارى، ناهيك عن محاربة قوى الانقراض عبر العالم (أنظر بعد).

رابعا: فى رأيى – كما كررت كثيرا – “…إن الديمقراطية- مع كل ميزاتها- لا تقيس إلا  الرأى الظاهر، فهى لا تكشف إلا عن قشرة تَوَجُّه عامة الناس، وهى عاجزة عن قياس الوعى الجمعى الأعمق، أو قياس الحس البقائى اللازم لاستمرار حياة النوع البشرى (بدءًا برعاية وإدارة شعب ما) إلى أفضل، كما أنها عاجزة عن أن  تعرى مسيرة التدهور الأخبت التى يقودها حاليا الأغنى والأشرس عبر العالم بما يهدد نوعنا بالانقراض….”، إن هذا المستوى من الاختيار اضطرارا بهذه الديمقراطية، لا يعلن إلا مدى تماثل الناخب مع من انتخبه، فى أمور بعضها ظاهر، وأغلبها باطن، فهذه الديمقراطية هكذا لا تستطيع أن تكتشف اتفاقهما (الناخُب والمنَتَخْب) على خطإ فادح، أو تماثلهما فى التعجيل بخراب قادم، أو تشابههما فى العمل على تمادى ظلم متفق عليه، أو فى زيادة اغتراب مدمر، أو تجميد فكر متفتح”، (تماما مثل أن كثيرا من الجوائز لا تدل إلا على تمائل أو تقارب مانِحيِها مع نائليها).

ثم علينا أن ننتبه من البداية ثم طوال الوقت إلى مضاعفات ما يسمى “ديكتاتورية الأغلبية” إذ أنها من أفسد وأخطر أنواع الدكتاتوريات، وتسمى أحيانا بــ “غلبة توجه القطيع”، وحتى على مستوى قوانين بقاء الأحياء بفضل برامج منظومات الوعى الأدنى، فإن سلبياتها مسئولة عن انقراض 99,9% من الأحياء (لم يبق إلا واحد فى الألف ونوع الإنسان من بينها) مع أن الانتقاء الطبيعى أقوى وأكثر موضوعية من الاختيار الديمقراطى الصناديقى آلاف المرات.

قراءة ناقدة للنتائج الحالية حتى الآن

أولا: الذين حضروا الانتخاب، بعد كل ما جرى من التهديد والوعيد، والترهيب والترغيب، والتربيط والتزبيط، هم حوالى نصف الذين لهم حق الانتخاب فقط

ثانيا: الذين ليس لهم حق الانتخاب أصلا هم حوالى نصف المصريين، فهل هناك شك أن من ليس له حق الانتخاب هو من الشعب المصرى؟! صحيح فيهم الأطفال والشباب الأصغر، لكن هؤلاء هم الذين أتعلم منهم أكثر: ماهية قوانين البقاء، مثلما أتعلم من مرضاى بكل جدية واحترام، إذن فهناك حوالى أربعين مليون بنى آدم هم أيضا من الشعب المصرى، وسوف تترقى منهم نسبة معينة بمشيئة الرحمن يكون لهم حق الانتخاب بعد خمس سنوات، ليحل محلهم مواليد جدد وسوف يكون من بينهم من يقومون بالثورة القادمة بإذن الله (خذ بالك).

ثالثا: الأصوات الباطلة حتى المرحلة الثانية، (وأعتقد أن النسبة سوف تظل ثابتة فى المرحلة الثالثة) تقارب المليونين، وهذا فى حد ذاته له معان كثيرة تدل على نوعية هذه الفئة من الناخبين وقدراتهم المتواضعة التى لم تمكنهم أن يستوعبوا حتى التعليمات الشديدة البساطة التى تعينهم على أن تظل أصواتهم صحيحة حتى الفرز .

رابعا: إن الشك فى قدرة أو نظافة آليات السياسات والمناهج المستوردة للاختيار والتوصيات، وأولها الديمقراطية والقرارات الدولية، والغطاءات الجوية ومثل هذا الكلام، لا يبرر الاستغناء عنها إلى أن نبدع، نحن البشر، بدءً بأنفسنا، ما هو أكفأ منها، وهذا بعيد المنال عبر العالم حاليا برغم أن المحاولات بدأت فعلاً.

وبعد

أكتفى بهذا القدر من القراءة المبدئية، لكن قبل أن أنتهى أود أن أختم مقالى بتذكرة الناجحين، أكثر من غيرهم، بالدنيا الواسعة، ثم بالآخرة الحاسمة، كالتالى:

  • بعد اتساع دوائر تواصل الخير بين الشباب خاصة، وأيضا دوائر تواصل الشر ومؤامراته عبر العالم، فإن أى واحد يتصدى ليحمل مسئولية قيادة شعبه، أو بعض شعبه، أو المشاركة فى ذلك، عليه أن يحسبها بحسابات عالمية طوال الوقت، فلم يعد بالإمكان فصل أى فصيل من البشر عن الكارثة التى تهدد البشرية جمعاء، فالمصائب تتوالى من الأقوى والأشرس فى كل الدنيا، مع أن الفناء لن يستثنيهم، فعلى حامل المسئولية فى أى مكان أن يواجهم ويفيد وطنه أولا، لكن عليه أيضا أن يشارك فى وقف تمادى الكارثة عبر العالم لأن ذلك سوف يعود على وطنه تماما.
  • وأيضا ليتذكر جيدا كل من يتولى أمرنا بفضل الصناديق العمياء أن الحضارة والإبداع ورقى الأمم لا تضطرد بعدد أصوات الناخبين، وإنما بطفرات الإبداع النابعة من ثقافة إيجابية، ووعى جماعى خلاّق قادر على حفز البشر إلى ما يعدون بما خلقهم الله.
  • ومن البديهى أن عدد أصوات الناخبين لن تؤخذ فى الاعتبار فى مقابل عدد ذرات الخير، فى ميزان دخول الجنة، كما لن تكون هناك دعاية ملتبسة…الخ.

توصية

 يمكنك عزيزى القارئ الإطلاع على- أو تذكر- نبذه عن تاريخ الحضارات، أو تاريخ الحروب أو تاريخ اليهود، أو نظرية داروين بعد انقاذها من الشجب وتحديثها، أو القرآن الكريم (وكل ما يعادله فى الأديان الأخرى)، وستفهم المقال أفضل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *