الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تعتعة التحرير: حتى نستعيد وطننا من مغتصبيه

تعتعة التحرير: حتى نستعيد وطننا من مغتصبيه

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 20-2-2013

السنة السادسة

 العدد: 2000    

 تعتعة التحرير

حتى نستعيد وطننا من مغتصبيه

قالت البنت لأخيها: نعم؟!! نعم؟!! ما هذا الذى تقوله؟ حرب ماذا وهباب ماذا؟ هل نحن نجد ما نأكله حتى تقول لنا الحرب؟ لم يبق إلا هذا حتى يأكل بعضنا بعضا! قال أخوها: إلى متى سوف تظلين بلهاء هكذا؟ يخطر لى أحيانا أن أوصى بعمل اختبار ذكاء قبل السماح لأمثالك بالدخول إلى ميدان التحرير، قالت: أمثالى يا مدّعى؟ أمثالى أم أمثالك؟ نحن فى ماذا أم ماذا حتى تحدثنى عن الحرب الآن؟ قال: أنا لم أحدثك عن الحرب أنا أسألك أين ثقافة الحرب فى الشوارع والميادين والمنازل ومواقع العمل؟ قالت: ماذا تقول؟ وما هى علاقة الثقافة بالحرب؟ قال: الله يكون فى عونى معك، ألف مرة أقول لك إن كلمة ثقافة لا نقصد بها القراءة والتثقيف، الثقافة هى حالة الوعى العام لمجموعة من الناس، قالت: إعمل معروفا خلّنا فى المصيبة التى نحن فيها، قال: ما هى المصيبة التى نحن فيها هى غياب ثقافة الحرب ونحن فى عز الحاجة إليها، قالت: وهل ثقافة الحرب هذه ستخلع مرسى بالصلاة على النبى، قال: بل تخلع أوباما شخصيا من على عرش إمبراطورية العالم، قالت: واحدة واحدة إعمل معروفا ماذا تريد أن تقول؟ قال: أريد أن أحدد عدونا الأوْلى بعدواننا الدائم طول الوقت، عدونا الجاهز المتربص الذى ينتفع بكل خراب نلحقه بأنفسنا دون أن يدفع فيه نقطة دم أو نصف شيكل أو ربع دولار؟ قالت: ماذا تقول يا جدع أنت؟ العدو الحقيقى هم هؤلاء الذين تولوا أمورنا فى غفلة منا، ثم راحو يلطخون كرامتنا ويستبيحون دماءنا؟ قال: تقولين غفلة منا ولا تريدننى أن أصفك بالبله، هل أشربونا “حاجة أصفرا” قبل أن نوليهم أمرنا؟ لا يوجد مكسب بالمجان، الثورة لها ثمن، والغفلة لها ثمن، والخداع له ثمن، إن لم نستعد لدفع الثمن بخاطرنا فسوف يقبضونه منا مضاعفا رغما عنا، قالت: ألا تكفيك كل هذه الدماء السائلة ثمنا نشترى به وطننا وحريتنا، قال: هؤلاء الشهداء الأبرار دماؤهم أغلى من أى تثمين أصلا، هم لم يستشهدوا لنتفرغ للثأر والقصاص، وإنما استشهدوا لنفيق من غفلتنا ونبنى وطننا، آن الأوان أن نفيق ونستجمع زخم ثقافة الحرب حتى نواجه العدو الحقيقى أو على الأقل نتقى شره، قالت: حقيقى ماذا؟ ومُزيف ماذا؟ هذا الذى نحن فيه أليس قتال حقيقى ضد عدو حقيقى، أفق يا أستاذ نحن فى حرب فعلاً قال: هذا ما توقعته منك، هل هذه – بالله عليك – هى الحرب التى قمنا قومتنا من أجلها؟ قالت: أنا لا أفهمك، هل تريدنا أن نستسلم لهؤلاء الحكام الذين تدبسنا فيهم حتى يخربوها أكثر بغبائهم وخيانتهم؟ قال: وهل تريدين أنت أن نواصل الحرب فيما بيننا لنحقق لأعدائنا مجانا ما يريدونه وما خططوا له؟ قالت: لكنك كنت موافقا على معاهدة السلام حين عقدت، قال: نعم لقد وافقت عليها لأنها استسلام واجب على أى مهزوم، قالت: لكنها لم تعقد إلا بعد انتصارنا، قال: كانت جولة لازمة لمهزوم شريف حتى يثبت أنه مازال حيا يستطيع أن يستسلم بأمانة وشجاعة، لم يكن انتصارا يلغى الهزيمة بل هو إعلان ليقظة ثقافة الحرب، لقد دفعنا ثمنا غاليا بهذه المعاهدة ولا يعوضنا إلا أن نواصل الاستعداد للحرب طول الوقت طول العمر، قالت: تريدنا أن نعلن الحرب فى هذه الظروف؟ قال: ثقافة الحرب لا تعلن الحرب لكنها تشحن الناس للانتباه طول الوقت للدفاع عن بقائهم ضد عدو متربص، قالت: كيف؟ قال: بأن نرفض الأدوار التى يرسمونها لخرابنا المستعجل هم ومن وراءهم، قالت: ومن هم الذين وراءهم؟! قال: أمريكا وكل دولارات الكانيباليين قالت: “الكانا”.. ماذا؟ قال: أكلة لحوم البشر الذين يخططون لابتلاع العالم واستعباد خلق الله بعد شرذمتهم، قالت: أنت قليل الأدب تقول “شر….” ماذا، قال: بعد تفكيكهم إلى فرق متناحرة تتقاتل على فتات موائدهم المسمومة، قالت: كل هذا تفكير تأمرى لا يبدو أنك ستشفى منه أبداً، قال: أحسن من عصير الديمقراطية المستورد المسموم المتخمر الذى تتعاطينه ليل نهار بلا توقف، قالت: باختصار: ماذا تريد؟ قال: أريد “وطنى” و”كرامتى” و”استقلالى”، قالت: هل هذه هى شعار ثورتك البديلة ابتدعته ليحل محل شعارنا “عيش” “حرية” “عدالة اجتماعية”، قال: ولماذا يحل محله، ألا تعرفين أنه لا يمكن تحقيق هذا إلا بذاك قالت: قل لى بالضبط ماذا تريد؟ قال: أريد أن نفيق وننتبه إلى خطورة ما يجرى، أريد أن استعيد وطنى من المغتصبين، قالت: وهل كان لك وطن أصلاً؟ قال: لا أعرف، خيالى قام بالواجب وصور لى أن لى وطنا، أما الآن فقد توقف خيالى حتى عن تصور ذلك. قالت: لست فاهمة، قال: أحسن

****

قال الأب لابنته: خيرا يا ابنتى مالك؟ قالت: لا شئ قال: أنت جالسة ساهمة طوال الوقت، مالك يا حبيبتى، قالت: كيف يا أبتى تقول “يا حبيبتى” ونحن هكذا، قال: هكذا ماذا؟ قالت: أليس من شروط من يحب أن يكون حيّا أولا؟ قال: ماذا تقولين، وهل أنا ميت أمامك؟ الله يسامحك، قالت: لا أقصد يا أبى، ربما أنا الميته، قال: لماذا تقوليين هذا يا حبيتى؟ قالت: إسأل أخى.

****

قال الشاب لأمه: إلى متى يا أمى؟ إلى متى؟ قالت: إلى أن يشاء الله، كله بأمره، والذى فى علمه سوف يتمه، قال: لم أعد أحتمل يا أمى؟ قالت: أنتم الذين كنتم تريدون هذا، وحين حصل هأنتم لا تطيقونه، قال: ماذا تقولين يا أمى هل كنا نريد هذا؟!! لقد سرقونا، قالت: تستأهلون، على الغافل أن يتحمل نتائج غفلته، قالت: هل تشمتين فينا يا أمى؟ قالت: التى تشمت ولا يسعها الفرحة هى إسرائيل، وكل من أراد بنا ما وصلنا إليه، قال: صحيح، أنا أتعجب لماذا لا يأتى ذكر إسرائيل فى كل مظاهراتنا إلا مصادفة ؟ قالت: لعلها غيّرت عنوانها، ربما هى مختبئة فى الاتحادية؟ قال: والله أنا مستغرب، ونجاد؟ قالت: ماله؟ قال: ياليتنى أفهمه أكثر، نحن قوة يا أمى لماذا لم نلتقط معناه الإيجابى، قالت: معنى من؟ قال: معنى نجاد، لماذا يشغلونا بما يفرقنا هكذا، قالت: ولماذا تنشغل بما يشغلونك به، قال: ماذا أفعل؟ قالت: أسأل نفسك، قال: نفسى، قالت: أو أسأل أختك، قال: اختى مشغولة بما حشروه فى دماغها، قالت: أختك متألمة أكثر منى ومنك، قال: يبدو ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *