اليوم السابع
السبت: 2-11-2013
ترتيب الأفكار، فى مقابل التداعى الطليق!!
منذ قبلت الدعوة الكريمة للكتابة فى هذا الموقع المضياف، وأنا أتابع التعليقات على ما أكتب، ولم أعرف حتى الآن هل من المتاح أن أشغل المساحة المخصصة لى بالرد على بعض التعقيبات أم لا. إلى أن جاءنى اليوم تعقيب على مقال أمس من شاب سمّى نفسه mm، ووجدته تعقيبا صادقا وهادئا ومتألما وغاضبا، ومهذبا، وقد تفضل باعتبارى استاذه، فوجدت أن أعقب اليوم عليه احتراما وأمانه دون استئذان.
يومية أمس كانت محاولة منى لتقمص بعض المشاركين فى العواصف والأعاصير الجارية وكانت موجهة للشباب دون استبعاد غيرهم، لنتعلم معا ترتيب الأفكار، ومسئولية النقد، وبالذات فى حضور ربنا. وهو يرانا حتى لو نكن نراه. يرانا جميعا، وإن كان سوف يحاسبنا فرادىّ، “وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً”.
إلا أن الابن الجميل mm، برغم ذكائه وصدقه، أزاح كل الذى طلبت ترتيبه تنازليا، حتى السؤال الذى تصوّر أنه أجاب عليه، ثم وضع سؤالا واحد من عنده يقول: لماذا أنزل للمظاهرات، وقال كلاما مثل كل الكلام، مقالا حماسيا قصيرا معاداً صادقا. كتب يقول:
“استاذى الفاضل كل هذه الاسئلة ليس لها جواب لدىّ للاسف عدا السؤال الاول فانا عندما انزل للتظاهر اتحرى بدقة عدم مضايفة احد وبالاحرى فانا لااخرب ولا احرق ولا اعطل المرور الاعندما تتكاثف الوفود للتظاهر فاننى انزل لإرساء قواعد الحرية ونصرة المظلوم ومحاولة التنديد بالظلم الواقع على اخواننا المحبوسين وقبلهم التى تم قتلهم دون وجه حق ولمساعدة الظالم على الرجوع للحق ….وبالتالى لا أجد جوابا للاسئلة التى طرحتها سابقا ..لعلى اكون استطعت توصيل مفهوم واسباب نزولى باختصار..ولو كان نزولى لاسباب اخرى ما كان هذا العدد من القتلى من المتظاهرين”.
فاحترمته وعذرته، ووصفت إجابته بين قوسين وهأنذا استسمحه أن أوضح نفسى أكثر.
أولا: كان المهم عندى من كل المجموعات الخمس أن أصل إلى السؤال الأخير الذى قد يعدّل أو يصحح الإجابات العشرين التى سبقته لأننى اعتبرتها دعوة للمحاسبة الذاتية أمام الله فقط لا غير.
ثانياً: كنت قد حددت الجو الملائم للإجابة: والابن لم يتطرق إليه أصلا، فما الفائدة؟
ثالثاً: لم يتعب إبنى نفسه ليرى أن أغلب إجابته الطليقة متضمنة فى العشرين احتمال الواردة فى الخمس مجموعات، وأنه لا معنى لها أو لا لزوم لها بدون السؤال الأخير.
عزيزى mm
إن كل ما كتبته يا ابنى هو كلام مرسل معاد، وهذا لا يعنى أنه أصبح لا لزوم له، ولكنه ليس له علاقة بما اجتهدتُ أنا فيه، فى محاولة أن نتعلم معا ترتيب الأفكار، وأن الأهم يأتى قبل المهم، وأن الله على ما نقول شهيد، وأنه يعلم السر وأخفى، وأننا نحتاج إلى طريقة أخرى للتفكير فالتفاهم.
هل تسمح لى يا ابنى أن تجيب على السؤال الأخير الذى أغفلـَته أنت تماما بهدوء وصبر:
تجيب عليه مرة وانت مع نفسك “الأخرى”، ومرة ثانية وانت مع ربك جدا، ومرة بعد أسبوعين، ومرة بعد ثلاث سنوات ومرة إذا أتيحت الفرصة وأنت تقرأ الشهادتين. أطال الله عمرك.
السؤال الأخير من جديد (الأهم):
حين ألقـَى الله تعالى سوف أفاجأ:
1- بالرعب وأنا أقرأ كتابى: “مَالِ هَذَا الْكِتَاب لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا”
2- أن أغلب إجاباتى السابقة لا تعبر عن الحقيقة
3- أن ربى يعلم ما بداخلى أكثر منى، وأنه سوف يحاسبنى عليه أيضا
4- أن الله يكشف العمَى فى الدنيا والآخرة “وَمَن كَانَ فِى هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِى الآخِرَةِ أَعْمَى”
آسف يا ابنى، واسمح لى أن أكرر دعائى لى ولك: اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا، اللهم أنر بصيرتنا وإياهم، ولا تكلنا إلى أنفسنا أو إليهم، وإنما إليك.