الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / بعض معالم علاج النفس من خلال الاستشارات عن بُعد: الاستشارة الأولى: “احترام مشاعر المعالج مهما كانت”

بعض معالم علاج النفس من خلال الاستشارات عن بُعد: الاستشارة الأولى: “احترام مشاعر المعالج مهما كانت”

 نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 13-4-2019

السنة الثانية عشرة

العدد:  4242

بعض معالم علاج النفس

من خلال الاستشارات عن بُعد

مقدمة:

بعد نشر الحالة رقم مائة فى الأسبوع الماضى فى سلسلة “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، قررت أن أتوقف عن مواصلة نشر حالات أخرى برغم وجود الكثير منها، ربما خوفا من احتمال التكرار، وربما رغبة فى التجديد.

وجدت ما يكمل هذه التجربة فيما عثرت عليه أيضا فى النشرة اليومية “الإنسان والتطور” (1)وهو ما كان يصلنى فى صورة استشارات من كل من يريد من زملائى وطلبتى وطالباتى (أبنائى وبناتى) عن حالات تحتاج إلى رأى أو ترشيد، الفرق هو أن هذه الحالات التى وردت فى شكل استشارات إلى البريد الإلكترونى (أو العادى) هى أنها لم تُقَدَّم فى لقاء إشرافى مباشر وقد وصلتنا تعقيبات من الأصدقاء فى بريد الجمعة بعد نشر الاستشارة، وسوف ننشرها مع الاستشارة وكذلك مناقشتها والرد عليها أولا بأول.

ونأمل أن تكمل هذه المحاولة التجربة السابقة التى لاقت رواجا ونجاحا أكثر مما كنا نتوقع.

وعلى الله قصد السبيل ومنها جائز

*****

 الاستشارة الأولى

احترام مشاعر المعالج مهما كانت

د. أميمة رفعت:

“..لدى مريضة 51 سنة فصامية، أعالجها منذ عام وقد كانت فى مجموعة للعلاج الجمعى. تمر بمرحلة من الاعتمادية الشديدة علىّ، أو الطرح، و تعاملنى مثل معاملة طفلة لأمها. و برغم توقعى حدوث ذلك منذ بداية العلاج، إلا أنه أصابنى نفور شديد من المريضة لا أعلم سببه، حتى أنه فى يوم من الأيام وجدتنى أتجنب النظر إليها. هذا الشعور بالنفور كان يصاحبه أيضا شعوربالذنب، فقررت الابتعاد عنها وعن علاجها فترة حتى أسيطر على نفسى ولم أنفذ قرارى إلا لفترة قصيرة وبعد أشهر قليلة قلّ هذا النفور كثيرا و حلت محله رؤية أوضح لعلاجها، و أنا أعمل معها الآن واحتوى اعتمادها برفق دون أدنى ضيق.. أريد أن أفهم ما حدث لى..

التعقيب:

د. يحيى:

أولاً: ابتداءً أنا لا أحب  استعمال مصطلح “الطرح” هذا ولا حتى ما يقابله بالانجليزية Transference، وأتساءل لماذا العلاقة بينى وبين المريض هى “طرح” بمعنى تكرار توصيف العلاقة العلاجية الحالية بالإحالة إلى علاقة سابقة؟

أنا أفضل دائما أن أعتبرها علاقة “بادئة” لها مواصفاتها المستقلة التى تحددها ظروف بدايتها ونموها، صحيح أن أية علاقة لاحقة تتأثر بما قبلها، لكن هذا لا يلزمنا أن نرى العلاقة الحالية من خلال العلاقات السابقة طول الوقت مهما كانت الدلالات، وقد لاحظت أنك لم تلتزمى بأن هذا طرحا واستعملت أيضا كلمة “اعتمادية” التى ربما تكون أفضل لهذه الحالة.

ثانياً: فى الفصام بالذات، وفى هذه السن(51سنة)، ولا أعرف مدته (كم سنة استمر المرض) لا تكون المسألة طرحا بقدر ما تكون اعتمادية رضيعية  infantile dependence تصل إلى حد النكوص إلى الرحم (أنتِ)

ثالثاُ: فى تحمل ذلك مشقة هائلة، لأن الولادة من جديد، وهى المأمولة على مسار العلاج الممتد والمكثف، تصبح أكثر عسرا من الفطام (وهو التعبير الذى يستعمل فى التعامل مع “الطرح”)، وخاصة فى هذه السن (51)

رابعاً: أن تلتقطى مشاعرك هكذا هو أمر جيد جدا فى العلاج عموما أنتِ – مثل أى ممارس أمين-، من حقك أن تضيقى وأن تكرهى، وأن تنفرى من أى مريض فى أى وقت، ثم  إنك حين تصلك هذه المشاعر فى ظاهر وعيك، لا تكون إلا نقطة بداية مهما طالت، (أسابيع أو شهورا)، ثم إنك بعد ذلك تتعاملين مع هذه البداية لصالح المريض، وهذا أكثر فائدة له على المدى الطويل.

 إن اعترافك بمشاعرك لكِ هو أفضل الف مرة من أن تخفيها عن نفسك أولا، ثم عن المريض الذى باستطاعته – خاصة إذا كان فصاميا- أن يدخل داخل داخلنا دون استئذان، ويعرف كل شئ تقريبا، وتنبنى الثقة بقدر اتفاق ما يصله بحدْسه مع ما هو نحن من داخل داخلنا (عادة دون ألفاظ) وأنت سيدة العارفين.

خامساً: أنا أكره الشعور بالذنب ولا أعتبره مفيدا بأية درجة، تحت أى ظرف، وقد كتبت فى ذلك كثيرا (2) لكننى أقبل التألم للخطأ، والتعلم من الخطأ، واحترام القصور، والمبادرة بالاستفادة من كل ذلك، وكل هذه آليات ليس لها علاقة بالشعور بالذنب الذى عادة ما نعبر عنه بالكلمات، والنعابة، بعيدا عن فعل الألم، وحركيّة التعلم. وأعتقد أن ما مررت به هو ليس من قبيل الشعور بالذنب، وإلاّ لما تعلمتِ، ولمّا تغيّرت، ولما تصالحت معها ومع نفسك، ولما عادت العلاقة هكذا أفضل (دون أى داع للاعتذار حتى لنفسك، ودون مبرر للتكفير)

سادساً: الابتعاد عن المريضة فى مثل هذه الظروف اضطرار مقبول، وربما كان يلزمك الاستعانة بزميل أو زميلة (معالج أو مريض) خاصة فى سياق العلاج الجمعى، تستعينين به للوقوف معكما أو معها، حتى تستعيدى تلقائيتك إليها

سابعاً: لابد أن أتساءل معك؛ وأدعوك للتساؤل معى، وهذا حقك: إلى متى عليك أن تحتوى اعتمادها الرحمىّ الشديد هكذا؟ إلى متى ستبقى فى المستشفى؟ إلى أين ستذهب حين تخرج من المستشفى؟ إلى مَنْ؟ لابد من إدخال الزمن والواقع فى التخطيط العلاجى، بشكل  مسئول ممتد، وأن نضبط الجرعة بحيث يتناسب ما نفعل مع ما ينتظر المريض على أرض الواقع، أى مع مايمكن!.

ثامناً: إعادة النظر فى بقية أبعاد التأهيل – غير العلاج النفسى المباشر الجمعى أو الفردى- مهمة جدا فى مثل هذه الحالات عبر كل المراحل، بما فى ذلك إعادة ضبط جرعة العقاقير من منظور تطورى وعملى وإمبريقى معا (3)

وأكرر شكرى، والدعوة عامة  للمشاركة من كل من يهمه الأمر، ونحن نحاول معا.

****

التعقيب والحوار (بريد الجمعة):

د. أميمة رفعت:

 أشكرك على إهتمامك، افدتنى فعلا، وأتمنى أن يجد هذا الباب إستجابة معقولة فنتبادل الخبرات.

د. يحيى:

شكراً يا أميمة، فقد فتحت بابا هاما، وإن كنت قد احترت فى اختيار عنوان له، وقد عدّلته كما ترين، فى  المرحلة الحالية وجدت أن هذا الباب ليس “تدريبا عن بُعد” كما كان العنوان أثناء نشره الأول، ولا هو إشراف مباشر كما جاء فى المائة حالة السابقة، هو مجرد رأى أبديه على موقف علاجى لزميل أو زميلة واثقاً فى احتمال أن يكون عندى ما يفيدهما  ويفيد مرضاهما، ثم يظل الباب مفتوحا للتعقيب على الرأى ثم على التعقيب، وهكذا .

شكراً مرة آخرى، وعذراً.

د. مدحت منصور:

أرى رغم أنى لست خبيرا أن الصدق مع المريض ضرورة وهو أقصر الطرق فى بناء العلاقة بين المريض و المعالج و أبسطها و أنجحها  فإن كان تعاطفا لا داعى لقلبه حبا وهكذا. و نقطة من الصدق خير من بحر من الاحتراف.

د. يحيى:

يبدو مجمل الكلام صحيحا حماسيا، لكن المسألة ليست سهلة يا عم مدحت، ثم إنى لم أفهم ما تقصده عن الفرق بين “التعاطف” و”الحب”، لكن دع ذلك جانبا وخلنا فى قولك المهم أن “نقطة من الصدق خير من بحرٍ من الاحتراف”

 دعنى لا أوافقك ببساطة، فكل منا يتصور نفسه صادقا 100 % مادام لا يكذب على نفسه شعوريا، أما حكم المريض علينا (خصوصا الفصامى) فهو شئ آخر، وهو أصدق عادة.

 ثم إنى أحترم حرفتى يا أخى، ولا أعتبرها كذبا نقيضا للصدق، وأنا أفخر بأن اسمى نفسى “صنايعى” أكثر من أن ألبس القبعة العالية للطبيب المفتى،

 الاحتراف ليس ضد الصدق، لكنه لخدمة الصدق الحقيقى.

د. محمد شحاته فرغلى:

سعدت بشدة – مؤقتاً – بهذا الباب الذى أراه نافذة حقيقية مباشرة للتعلم ما دامت ابوابا أخرى لم تفتح بما يكفى؟

د. يحيى:

شكرا، وأَرسِلْ لنا ما تشاء، وربنا يسهل

د. نعمات على:

أعجبنى هذا النوع من الاستشارات جداً، وأضاف لى أن مواجهة المعالج لمشاعره هو نمو وتطور مفيد لكل من المعالج والمريض.

د. يحيى:

معاً، معاً

د. نعمات على:

سمعت كثيرا أنه لا يوجد علاج إلا بعلاقة الطرح؟ هل هذا صحيح؟

د. يحيى:

لا يوجد علاج يسمى نفسه “علاجا نفسيا” إلا إذا كان من خلال علاقة إنسانية فاعلة من الطرفين، أما أن نسمى تلك العلاقة باسم “الطرح” أو غير ذلك، فهذا إشكال آخر، أنا أبحث عن اسم بديل أقرب إلى ثقافتنا ولا يكون مرتبطا بنظرية بذاتها.

 د. محمد الشاذلى:

وصلنى أن مستويات العلاقة بين المعالج والمريض تحدد مسار العملية العلاجية ونمو المعالج والتى تشمل المستوى الإنسانى الحيوى بما يشمل من كره وحب وبغض وضيق، ومستوى العلاقة العلاجية المباشرة بما تحمله من مسئولية علمية/عملية/علاجية.

د. يحيى:

هذا صحيح، صحيح جدا، أشكرك

أ. محمد المهدى:

وصلنى أن ثم ضرورة لفصل تقييم ورؤية علاقتنا الحالية فى ضوء ما مررنا به من علاقات سابقة وإن كنت أرى صعوبة فصل الخبرات الماضية وتأثيرها على خبراتنا وعلاقتنا الحالية لأن هذا التأثير قد يحدث لا شعورياً؟

د. يحيى:

طبعا، لا يمكن فصل الخبرات الماضية، لكننا لابد أن نتذكر أن علينا أن نبدأ من الحاضر، لأنه الممكن والمتاح، ثم نحن نتعامل مع الخبرات الماضية بما تبقّى منها فى الحاضر لا أكثر، وتحوير هذا الذى تبقى واستيعابه لا يكون فقط بتذكره، وتفريغه وإنما بتمثله جدلا مع الجديد النامى

أ. محمود محمد سعد

ما هو البديل لكلمة الطرح بكل معانيها؟

د. يحيى:

ليس عندى بديل محدد كما قلت حالا للابنة “نعمات”، هى علاقة إنسانية آنيّة هادفة، فيها كل ما فى العلاقات الإنسانية، وهى تتنامى لصالح المريض (والمعالج) بالممارسة المسئولة.

أ. محمود محمد سعد

وصلنى أنه عندما يفشل المعالج مع بعض الحالات فإن هذا لا يعنى فشل المعالج شخصيا لأنه قد يزيد من خبرة المعالج وتجاربه؟

د. يحيى:

طبعا، لكن الطريق يكون أكثر سلامة، للمعالج والمريض معا، حين يتم إشراف من أى نوع، سواء الإشراف المباشر كما عرضنا فى المائة حالة المنشورة فى الكتب الخمسة بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه” أو بمناقشة هذا الجارى كما يحدث هنا الآن، أو بأى نوع من أنواع الإشراف الأخرى التى نشرتها فى نشرة سابقة. (4)

د. إسلام إبراهيم

مش فاهم!! هل للطرح أنواع؟

 وهل للمعالج وأسلوبه وشخصيته دور فى تنشئة هذه العلاقة؟

د. يحيى:

نعم طبعا

هذا بديهى يا شيخ! وقد أُفرد لهذا الموضوع يومية مستقلة لأننى أريد أن اقتصر الآن على تنمية هذا الباب الجديد فى حدودٍ عملية تطبيقية بعيدة عن التنظير، ولكن دعنا نأمل أن تصلنا طبيعة علاقتنا بمرضانا من خلال كل هذه الحوارات والمناقشات وغيرها.

د. إسلام إبراهيم

لو كُره الطبيبة استمر للمريضة كانت الطبيبة هاتعمل إيه؟

د. يحيى:

تستمر تكرهها بمسئولية واعية، أفضل من أن تتصنع، أو تفرض على نفسها عاطفة غير موجودة فى أعماقها،وقد يصل الأمر إلى أن تعلن ذلك – إذا كان نضجها ونضج المجموعة يسمحان – فى وقت مناسب فى المجموعة، ويتم التفاعل فيه وحوله بما يفيد الجميع (وتحويل المريضة إلى رعاية زميل وراد بعد استشارة المشرف وقبول الزميل ومعرفته سبب التحويل) 

 لقد ذكرتنى يا إسلام بلعبة من الألعاب النفسية فى هذا الشأن (5)، (الحق فى الكره: برنامج سر اللعبة – القناة الثقافية)، هى فى الموقع بل ربما أستطيع لاحقا أن أقتطف من جلسات العلاج الجمعى المسجلة عندى ما يشرح كيف نتعامل مع مثل هذا الموقف. 

د. إسلام إبراهيم

اعترض على تسميته اعتماد، ففى بعض الأحيان نتعدى مرحلة الاعتماد ويصبح طرحاً بمعناه المتناول؟

د. يحيى:

ولماذا لا يصبح اعتمادا متبادلا بمعناه الإيجابى؟

 أحيلك مؤقتا إلى مصطلح لاحق يحدد علاقتنا بالمريض فيما اسميته “نقد النص البشرى” أوضحت فيه أنه فى نفس الوقت نقد لنص المعالج (6)

د. إسلام إبراهيم

وصلنى أن صدق المعالج مع نفسه ومع المريض هو أهم مرحلة من مراحل العلاج، فالعلاقة هى أول طريق العلاج؟

د. يحيى:

لا يوجد تفضيل للأهمية بهذا الوضوح الذى تعرضه،

 الوعى بمسيرة المراحل شديد الأهمية، لأنه مسئول عن ضبط جرعة التفاعل والمسافة وغير ذلك،

 أما الصدق فأرجو أن تراجع ردى حالا فى بداية هذه النشرة على د.مدحت منصور.

أ. هالة حمدى البسيونى

لم أفهم لماذا أصاب د. أميمة هذا النفور تجاه المريضة؟ هل بسبب الاعتمادية؟ أم بسبب احساسها بالعلاقة (تعاملنى مثل معاملة الطفلة لأمها)،

د. يحيى:

هى تستطيع أن ترد، لكننى لا أطلب منها ذلك، بل إننى أستطيع أن أنصحها بألا تفعل، علينا أن نحترم ما يعترينا من مشاعر، دون الحرص على المبادرة بالبحث عن أسبابها،

 بل إن العثور على سببٍ لمشاعرنا قد يشوهها

 فكثيرا مالا يكون هو السبب الحقيقى يا شيخة.

أ. هالة حمدى

وهل لو شعرتُ باعتمادية المريض علىّ سوف أصاب بنفس هذا النفور؟

د. يحيى:

سوف ترين بنفسك من خلال الممارسة، (وترسلين لنا) فالفروق الفردية بلا حصر

أ. هالة حمدى

فى البداية وصلنى أنه لكى أتعلم لابد أن استشير وأسال، وحتى لو وصلت لدرجة عالية فى العلم، فإن السؤال واستشارة من هو ذو خبرة، يزيد المعرفة لا ينقصها؟

د. يحيى:

عليك نور

أ. هالة حمدى

اعتراف الفرد بمشاعره أفضل من أن يخفيها؟

د. يحيى:

الاعتراف بداية صحيحة، لكنه ليس نهاية المطاف، لأنه قد لايدل إلا على قدرتنا على إعلان  ما اعترفنا به لا أكثر، فثم اعتراف بعد اعتراف، بعد اعتراف، ثم حمل مسئولية كل مرحلة أولا بأول، وربنا يستر.

 

[1] – ونادرا فى مجلة الإنسان والتطور الورقية الفصلية التى ظلت تصدر من أول يناير 1980 حتى أول أكتوبر 2002

[2] – نشرة الإنسان والتطور: الشعور بالنذب (1) 27-1-2008 www.rakahwy.net

[3] – نشرة الإنسان والتطور: 11-5- 2008 “تناسب التحريك النفسى مع العقاقير والمسئولية” www.rakahwy.net

[4] – فى نشرة 5-2-2007 “عن العلاج النفسى وطبيعة الإشراف عليه” www.rakhawy.net

[5] – لعبة “الحق فى الكره”  برنامج “سر اللعبة” القناة الثقافية www.rakhawy.net

[6] –   نشرة  23-4-2016 (نقد النص البشرى) www.rakhawy.net

 

admin-ajax (4)admin-ajax (5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *