الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / بعض معالم علاج النفس من خلال الاستشارات عن بُعد: الاستشارة الخامسة: “احترام الثقافة الشعبية، ولكن..!” (2)

بعض معالم علاج النفس من خلال الاستشارات عن بُعد: الاستشارة الخامسة: “احترام الثقافة الشعبية، ولكن..!” (2)

 نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 12-5-2019

السنة الثانية عشرة

العدد:  4271

بعض معالم علاج النفس

من خلال الاستشارات عن بُعد

مقدمة:

اليوم نستكمل استشارة نشرة أمس

برجاء قراءة نشرة أمس أولا حتى تتكامل الفائدة

****

 الاستشارة  الخامسة

احترام الثقافة الشعبية، ولكن..! (2)

 د. يحيى:

…………..

أما حكاية “احنا لازم مع بعض نرجع نتحمل مسئولية الخوف ده وإن دى أول خطوة فى العلاج” فهى العلاج النفسى الحقيقى الذى تقومين به مع التركيز على ثلاث كلمات رائعة تدل على موقف مهنى صحيح كلمات “معبعض“& “مسئولية” وهى مسئولية متعددة تشمل مسئولية الخوف، ومسئولية الصحة، و مسئولية وجودنا كله بما خلقنا الله به وإليه، الأمر الذى عادة يتدرج مع نمو المعالج والمريض معا.

أعلم أن هذا كلام كبير وأن هناك ألف حاجز وحاجز يحول دون توصيله وتفعيله، خصوصا حين تصبح التعليمات الدينية صادرة من سلطات خارجية جامدة قد ترد بها المريضة أو زوجها عليك أولا بأول، مع أنه لا يوجد فى الدين الصحيح ما يحول دون أى من ذلك،

 (8) أيه الدواء اللى كان مناسب فى الحالة لو كانت رضيت بالعلاج؟

د. يحيى:

ياه يا شهيرة! لماذا بدأت بهذا السؤال؟ ما علينا

 مسألة إعطاء الدواء، أى دواء، مسألة فنية إكلينيكية شديدة الدقة، وأنا لى طريقتى، يمكن الرجوع إلى بعضها فى وثيقتين فى شرائح (1) ومع ذلك فهذه حالة محددة، وعلينا أن نواجه المسئولية ورأيى:

أولا: بما أن الصوت اختفى بنقل الدولاب، فيمكن ألا تعطى أدوية أصلا، خاصة وهى حامل أو على وشك الحمل وتقر مشكورة ضرورة الحذر من ذلك

ثانيا: إذا كان الخوف قد وصل إلى التدخل فى النوم والإعاقة فى العلاقات (ليس فقط الزوجية) فيمكن أن تستعينى بجرعة قليلة من النيوروليتات neuroleptics   التقليدية والتى كادت تختفى من السوق مع تزايد الرشاوى لإحلال الأدوية الأحدث الأقل فاعلية والبالغ ثمنها مئات الأضعاف، ما علينا، أنا أفضل ذلك فى هذه الحالة عن استعمال المنومات أو حتى مضادات الاكتئاب.

ثالثا: قد تضاف جرعة مضادة للاكتئاب والقلق بعد الشهر الخامس من الحمل إذا ظهر الاكتئاب والقلق بدرجة تستأهل، والأفضل الإستغناء عنها تماما.

رابعا: مع استمرار العلاج (النفسى) والمتابعة يمكن أن تظهر أعراض جديدة نتعامل معها أولا بأول، لكن هذا يتوقف على طبيعة الأعراض، فالأرجح عندى أن هذا الصوت الذى اختفى هكذا هو “صورة صوت” image وليس صوتا حقيقيا دالا على تحريك مستوى مستقل من المخ الأقدم، الصوت “الصورة” هو نابع من “الخيال” imagination أما الصوت الحقيقى فهو إدراك بالأذن الداخلية perception لصوت داخلى حقيقى، وهذا أمر يطول شرحه (2)، وصورة الصوت لا تستجيب لأى أدوية، أما الصوت الهلوسة النابعة من الواقع الداخلى فهو الذى يستجيب عادة للنيوروليتات

 لو أن الصوت كان من هذا النوع الأخير لتكرر وألح، ولم يختف بنقل الدولاب، ولكان الأمر يتطلب نيوروليتات جرعة أكبر كثيرا.

 (9)  أنا مش متأكدة قوى من حته التفسير اللى أنا عملته ليها وللأعراض من أول قعدة ده صح ولا لأ؟

د. يحيى:

عدم التأكد هو أمر جيد، لأن الممارسة الإكلينيكية هى سلسلة من الفروض التى تتحقق أو لا تتحقق، وهى تتحور باستمرار لصالح المريض، فاطمئنى إلى شكك الإيجابى هذا الذى يدل على مسئوليتك وليس على حيرة معجّزة.

(10) حاسة انى مش عارفة حاعمل معاها إيه، متصورة كده إن المرة الجاية هأفتح الكلام عن علاقتها وإحساسها بزوجها، إيه رأى حضرتك؟

د. يحيى:

طبعا سوف يحدث، ولكن ليس بالضرورة “المرة الجاية”، ولو أنى أحيانا أعملها بطريقتى فى “المرة الأولى”، لكن حذار، كما قلت لك، كل شيخ وله طريقة، خصوصا وأنا أغوص دون تردد إلى تفاصيل التفاصيل وبشكل مباشر، فنحن لا يمكن أن نعرف حقيقة العلاقات إلا من حقيقة العلاقات، وقد نعود إلى تفصيل ذلك فى حالة أخرى.

(11) لو زوجها طلب حضور الجلسات المفروض أعمل ايه،  أفتكر أنى حارفض حضوره. أيه رأى حضرتك؟

د. يحيى:

بالعكس، ومهما بلغ تدينه التقليدى (بدليل اللحية ونقاب الزوجة) فهذا (حضوره) أمر وارد، بل أمر واجب، لكن ينبغى أن يكون حضوراً محدوداً لاستيفاء المعلومات، أو لاستطلاع موقفه من مبدأ العلاج النفسى، ولا يجوز أن يحضر معها نفس الجلسة كلها فى كل مرة، ثم عليك أن تحذرى من تدخلات الأحكام الدينية التقليدية الواردة من خارج سياق نفع الناس، وأن تتذكرى القاعدة الأساسية فى ديننا الحنيف أنه “لا ضرر ولا ضرار” وقد يحتاج الأمر إلى ما يسمى العلاج الزواجى Marital Therapy إذا ثبت أن هذه الأعراض هى تعبير مباشر عن صعوبة العلاقة  وقهر الخارج.

(12) فى كلامنا مع بعض عن الجن والأعمال أنا قلتلها إنى بأحترم الفكرة دى وأؤمن بوجودها، بس مش بالصورة دى (وحاولت ما أقولش أنى لا أؤمن بالأعمال عشان ماتحسش أنى بأحكم عليها وبرضه عشان أكسبها) بصراحة حسيت بمأزق بجد.

د. يحيى:

مقولة إن “الجن ورد فى القرآن” (كما يبدأ حديث هؤلاء الناس عادة) لا يعنى احترام تأثير الجن على حياة الأنس، حتى تفسير الجن الذى ورد فى القرآن، وخاصة هؤلاء الجن الذين استمعوا إلى القرآن وانشرحوا له أو اهتدوا به: له عندى فهم استوحيته من داخل الداخل، لست فى حل من شرحه أو ذكره الآن، المهم أن احترامك لفكرة الجن هو جيد كما ذكرنا فى البداية على شرط أن يلحقه حقنا – كعلماء وأطباء- فى تسميات أخرى وتفسيرات أخرى (إرجعى إلى أول الإستشارة) أما إخفاؤك عنها أنك لا تؤمنين بالعمل، فهذا وارد وقد يكون مفيدا مرحليا، مع أننى أؤمن – بتفسير علمى آخرلا داعى لذكره الآن- بالتأثير السئ من بعض الناس على بعضهم، ليس فقط بالإيحاء، ولكن إيمانى بذلك – يأتينى من خلال دراسات مطولة- وهو لا يتوقف عند مرحلة الإيحاء مما لا داعى لذكره هنا الآن، كما أنه لا يترتب عليه أى استسلام له، بل بالعكس فإن الله علمنا كيف نمنع هذا التأثير المحتمل، والعلاج النفسى الحقيقى  يدعم مقاومة الشخص المستهدف من أى تأثيرات خارجية أو داخلية، بشرية أو طبيعية، وبالتالى لا يعود هذا المستهدف يتأثر مهما بلغت قوة المؤثر، ولهذا حديث آخر  (3)

(13) هل صحيح إحساسى المبدئى أنها حالة سهلة وواضحة أنا مش متأكدة قوى من الحكاية دى وحاسه إن الموضوع مش بالسهولة اللى أنا متخيلاها؟

د. يحيى:

هى حالة تبدو سهلة وبسيطة، وإحساسك هذا جيد وعلمى (خصوصا أن الصوت اختفى) وبصيرة المريضة مشجعة، وتعاون زوجها وارد، وكل هذا يبرر سلامة إحساسك، أما عدم تأكدك فأرجو أن ترجعى إلى الرد على سؤالك الثانى وكلامى عن الخبرة الإيجابية، والتردد المفيد.

تعقيبات على جزء الحالة المنشور أمس:

د. نعمات على

تعجبت من رفض المريضة “الجروب” أو أى شىء آخر إلا العلاج النفسى الفردى؟

د. يحيى:

هى حرة كما تعلمين، وعموما فالعلاج الجمعى يمثل خطورة على مثل هذه المريضة إذا عدنا إلى منظومتها التقليدية وخاصة فيما يتعلق باحتمال التغير الجذرى على علاقتها بزوجها هذا.

أ. أحمد صلاح عامر

أنبه إلى حتمية الإلمام بكل التفاصيل لإزالة الغموض داخل الحالة فى جلسات العلاج النفسى للوقوف على أرضية صلبة تساعدنا خلال مساعدة المريض فى كل تفاصيل حياته، إنه جهد أعاننا الله عليه فأنا احبه وأشفق على نفسى منه.

د. يحيى:

هذا صحيح، كلما أمكن ذلك، وهو ممكن، أو ينبغى أن يكون ممكنا.

 

[1] – mode of action of drugs وأيضا Drug & Group therapy 

[2] – انظر فصل الادراك، الفرق بين الهلوسة والصور الخيالية نشرة الإنسان والتطور 10-2-2013

[3] – نشرة الإنسان والتطور  9-1-2016 “الواحدية‏ ‏والذات‏ ‏والجسد‏، ووظائف الأنا اختراق فى المنهج” www.rkahwy.net

 

admin-ajax (4)admin-ajax (5)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *