الدستور
11-3-2009
تعتعة
النظام العالَمى القَـبَـلى الجديدْ: آلهةٌ وأنعام !!
الذى يتابع ما يجرى فى العالم لابد أن يكتشف أن وراء كثير منه تخطيطا ما لتقسيم العالم إلى آلهة زائفة، وأنعام تابعة، وهو تقسيم خليق بأن يقضى على إنجازات الحضارة الإنسانية كلها، ثم إذا تمادى هو جدير بأن يجهز على الكائن البشرى ككائن حى أصلا.
الأقلام الأنيقة المستسهلة، والعقول المبرمجة التابعة، جاهزة، هذه وتلك للانقضاض على كل من يحاول أن يفسر الجارى تفسيرا أشمل، مهما كان تفسيره منطقيا ومبررا، مبرمجة وجاهزة لاتهامه بأن تفكيره تآمرى بشكل أو بآخر، وهم غير مدركين أن للتآمر تاريخ تطورى طويل، حتى قبل نشأة المجتمع الإنسانى، التآمر هو الذى حفظ أنواعا من الأحياء على حساب أخرى، (وللتذكرة من جديد: هى واحد من كل ألف، والباقى انقرض، فليحذر الجنس البشرى، إذ يبدو أن عليه الدور للانضمام إلى الأغلبية).
يجلس الآن فى البيت الأبيض رجل أسود، ذكى، مهذب، خفيف، لطيف، لا عيب فيه!!!، وكل هذا يبشر السذج بخير كثير، ويعد المنتظرين العفو والفعل من خارجهم بما شاء لهم خيالاتهم من وعود، (أكبر منك ديمقراطية زائفة بسنة، من حقه أن يستغلك لصالحه قرونا!!).
قلت فى تعتعة الأسبوع الماضى أن علينا أن نحذر من أوباما رئيس أمريكا مهما بدا التشكيل أجمل وأكثر عراقة (أسود فى أبيض)، فقد يثبت أن الذى تغير هو لون اللافتة وليس “نوع النشاط”!!! (داخل “المول العالمى الاستغلالى الكبير”).
فى ظروف لا يُحسد عليها، دخل أوباما المسرح والا قتصاد العالمى، وعلى رأسه الأمريكى، يترنح، ليس من أثر صدمة مفاجئة، وإنما من تراكم غباء أوهامه التى صورت له أن التاريخ انتهى لحسابه، نفس هذا النظام المنتهى عمره الافتراضى ما زال سائدا حتى الآن برغم سكرات الاحتضار، التصحيحات الاقتصادية الجارية تتم بحقن الإسعاف التسكينى، وليس بالعمليات الجراحية الأنجح، كيان الاقتصاد العالمى الحالى يواصل لهاثه عن طريق التنفس الصناعى لا أكثر. كل ذلك يؤكد إرهاصات النكسة البشرية الجارية الناتجة عن عمليات شرذمة البشر، ليس فقط إلى دويلات صغيرة متحاربة، بل إلى قبائل بدائية متناحرة، لتستلم جميعها، المنتصر والمهزوم إلى التشكيل القبائلى الجديد: أنعاما سائمة فى خدمة آلهة زائفة. آلهة لا يُحاسبون، وأنعام تساق لخدمتهم، يركبونها، وزينة.
القبائل الجديدة يعاد تشكيلها بمقياسين: الأول: غباء التعصب الإثنى والدينى، والثانى: ثراء باطن الأرض التى تقع القبيلة المعينة فوقها، وما تخبئه من مواد أولية وطاقة
المخطط يسير على مسارين: الأول: مسار الاستعمال الانتقائى للقانون(بما فى ذلك القانون العالمى)، الكيل بمكيالين، فلا يطبق القانون إلا على الأضعف والأعمى الأغبى، والثانى: هو تحريك الأقليات، والنفخ فى التعصب العرقى، والدينى الأصولى، لتفتيت العالم إلى النظام القبائلى الجديد.
النتيجة المنتظرة هى تقسيم البشر إلى قبائل من السائمة البلهاء، يحكمها مجلس أعلى من الآلهة الزائفة، ومن ثم: السير نحو الهاوية للجميع.
أليس هذا هو الجارى بالعراق والسودان الآن؟: العراق يقسم إلى ثلاث دويلات على الأقل، سنة وشيعة، وأكراد، والسودان إلى أربعة دويلات: جنوب وشمال وعرب وأفارقة، والدور علينا وعلى كل من لا يفكر تآمريا ليبقى.
أنا لا أحب البشير، مع أننى أحب كل سودانى، تقريبا، (واللى مو خالو مصرى مو سودانى، هذا ما سمعته منهم فى الخرطوم 1980)، ولم أحب النميرى، وأحببت سوار الذهب، واحترمت الترابى، ثم رفضته…إلخ، أنا لا أحب أى عسكرى جاء على ظهور الدبابات ثم لم يتورع أن يستعمل شكل الدين ليبقى، لا أحب من يشترى الأصوات الانتخابية بدغدغة الغرائز الدينية، خاصة لو كان عسكريا، ليس معنى هذا أن أفرح لقرار توقيف البشير دون شارون وأولميرت وبوش..إلخ (هو رأى الجارديان أيضا هذا الأسبوع)
لقد أوجز العدل (سبحانه) موقف المحكمة الجنائية الدولية ومَنْ خلفها بأنهم من المطففين “الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ”
وحين كرم الحق (تعالى) بنى البشر، فعل ذلك على شرط أن يجاهدوا إليه ، إذ يزكون أنفسهم – نموّا- نحو فطرتهم التى كرمهم بها، إلى ما خلقها لها، وبذلك فقط يستحقون أن يظلوا على قمة هرم تطورهم، هذا وإلا، فالنتيجة منطقية (لا تآمرية):
إذا لم نستطع أن نحافظ على جنسنا بشرا وشاركنا – ظالمين ومظلومين – فى لعبة تشكيل النظام القبائلى الجديد: (آلهة زائفة، وأنعاما سائمة)، فهى النهاية .
إنما أهلك الذين من قبلكم (أحياء وأناسىّ) أنهم لم يتآمروا لصالح نوعهم
والله لا يهدى القوم الظالمين،
ولا المظلومين العميان المستسلمين.