الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الحلقة الثالثة والثلاثون الاثنين‏: 13/2/1995

الحلقة الثالثة والثلاثون الاثنين‏: 13/2/1995

نشرة”الإنسان والتطور”

22-7-2010

السنة الثالثة

العدد: 1056

 
Photo_Mafouz

الحلقة الثالثة والثلاثون

الاثنين‏: 13/2/1995

عادل عزت، هأنذا أتعرف على ‏محب‏ ‏جديد، ‏شاعر، وصاحب مطبعة، ‏وناشر أمين، وغاضب طيب، ‏يوسف‏ ‏القعيد‏ ‏يحضر‏ ‏لأول‏ ‏مرة‏ ‏فى ‏نوفوتيل المطار حيث أعد لنا أيمن ابن أخى (مدير الفندق) مكانا جميلا قصيا فى الفندق لكل يوم اثنين، يوسف القعيد أحد رواد جلسة الثلاثاء فى فرح بوت، لكنه – مثل أى صديق – له الحق أن يحضر فى أى يوم فى أى مكان لقاء بالأستاذ، ما عدا السبت طبعا الذى يخصصه الأستاذ لمحمد سلماوى بالمنزل كما ذكرت آنفا، وأيضا ما عدَا الخميس فهو لقاء مغلق على الحرافيش كما ذكرت، لم أرتح لحضور يوسف خشية أن تنقلب الجلسة نسخة من جلسة فرح بوت، أنا ليس لى اعتراض على أصدقاء الثلاثاء إطلاقا، أحبهم وأحترمهم وأتعلم منهم طبعا، لكن لكل جلسة شخصيتها، وليس فقط شخوصها، بل وطقوسها، علمت من مجرى الحديث أن يوسف يسكن بالقرب من لقائنا هنا فى مصر الجديدة، ربما هذا هو الذى سهل عليه الحضور، وبينى وبين نفسى أملت ألا ينتظم جدا، مع أننى لم أعد من أعضاء لقاء الاثنين هذا إلى بعض الوقت (أحيانا ربع ساعة) أمر عليهم قبل ذهابى إلى العيادة أطمئن فيها على بداية الأمور وعدد الحضور، وسلاسة الطقوس، طبعا هذا كله كلام فارغ، فلا أنا أطمئن ولا أنا وصى على شىء، لكن القلم كتب ما كتب الآن، فتركته وشأنه ولم أحاول أن أحذف ما كتب، نعم، ما زلت ألقى الأستاذ يوميا ولكن لفترات مختلفة، اليوم هو الاثنين وعندى عيادة، والأستاذ يعرف مواعيدها، ويحفظها بحرص حتى كدت أتصور أنه يحفظها أكثر منى، نبهنى من جديد أنه آن الأوان أن أنظم وقتى بحيث لا تطغى لقاءاتنا على مصالحى، طمأنته كما فعلت مرارا، وأننى سوف أستأذن بعد قليل بمجرد اقتراب موعد العيادة، ذكـّرنى أننا قرب المطار، وأن عيادتى فى باب اللوق، طمأنته مرة أخرى، وذكـّرته أننى من أبناء مصر الجديدة، وأننى قضيت فيها عمرا من سن ثلاثة عشر سنة إلى أربع وعشرين، (1946- 1959) من سنة ثانية ثانوى حتى بعد التخرج، وأن هذه السن كانت من أهم سنى تكوينى، وأننى أعرف دروب مصر الجديدة الحقيقية، سألنى الأستاذ ما ذا أعنى بمصر الجديدة الحقيقية، قلت له هى مصر الجديدة التى تبدأ بروكسى وتنتهى بميدان سفير، اللاحق لميدان الاسماعيلية مباشرة، وأن قلبها النابض هو الكوربة، أما كل الامتدادات اللاحقة فهى ليست مصر الجديدة، النزهة ولست أدرى ماذا، بل إننى اعتبرها تشويها لما تربيت فيه وارتبطت به، وذكرت له جولتنا من ميدان الاسماعيلية (حيث كنا نسكن، وما زالت أسرتى محتفظة بشقتنا حتى الآن) إلى روكسى مرورا بالكوربة، وأن هذه الجولة كانت تستغرق حوالى ساعة وبعض ساعة مشيا على الأقدام مع ثلة شباب هذا الزمن، وهى محفورة فى ذاكرتى بشكل يطردُ من مصر الجديدة كل امتداداتها المقحمة، ابتسم الأستاذ وهز رأسه، وكاننى أذكره بالعباسية، أو بدرب هرمز، لست متأكدا، فأنا لم أعد أفاتحه فى ترجمة اهتزاز رأسه إلى أى درجة من الموافقة إذ أصبحت افضل أن أتلقاها كما اشاء، مع احتمال الخطأ طبعا، وهذا أحسن!! (لست أدرى لماذا)

ربما يرجع الفضل فى أن الحديث بدأ الليلة عن الأدب لاجتماع الشاعر عادل عزت الذى اشرت إليه فى أول تدوينى لهذه اليومية، مع الحضور المفاجئ ليوسف القعيد، فحمدت الله أن تأجل الكلام فى السياسة بعض الوقت، ودعوته أن يتأجل حتى أغادر بعد قليل، أنا لا أرفض الكلام فى السياسة طبعا، لكننى أشك فى جدوى فاعليته، وأملّ من تكرار مواضيعه، ونمطية مواقفنا منها.

جاء ذكر رواية فتحى امبابى “مراعى القتل” من جديد، ‏قال‏ ‏زكى ‏سالم‏ ‏كلاما‏ ‏مهما وصلتنى منه ذائقة نقدية جادة، عقب يوسف القعيد ‏على شخص الكاتب أكثر من تعقيبه على الرواية نفسها بكلام ‏ ‏فيه‏ ‏همز‏ ‏ولمز‏ ‏كعادته، ‏ولكن وصلنى أيضا أنه قلل من قيمة الرواية مع أن الجميع أجمع على تميزها، تعجبت من موقفه هذا وليس ثمَّ تنافسا بينه وبين كاتبها بدرجة تستأهل ذلك، قارنتُ موقفه هذا بموقف جمال ‏الغيطاني الذى اشاد بالرواية بشكل واضح، وأيضا بموقف زكى سالم الذى قال وجهة نظره فيما لها وما عليها، واحترمت نقده كما أسلفت حالا، مازلنا بعيدين عن لغو السياسة والحمد لله، انتقل الحديث إلى التكنيك الذى اتبعه كاتب الرواية فى كتابتها وكيف سارت تيارات الحكى الثلاثة بشكل مواز متداخل متكامل معا، مما سبق الإشارة إليه ‏ويجرنا ذلك إلى ديستويفسكى، ولكن الأستاذ ينبه إلى أن ديستويفسكى لم يكن يمارس ما نحكى عنه من “مواكبة عدد من تيارات الحكى معا” كما فهم من حديثنا وتعقيباتنا على الرواية، الأستاذ يتصور أن ما فعله فتحى امبابى هو مختلف نوعيا (أنبه من جديد أن الأستاذ لم يقرأ الرواية، فقد ظهرت بعد ان توقف عن القراءة، ولم يقرأها له أحد أيضا، لكنه التقط بحذق حكاية التيارات المتواكبة هذه) قال الأستاذ عن ديستويفسكى أنه كان يخلق روايات أصغر داخل الرواية الأصل، وهذا يختلف عن الأسلوب الذى اتبعه فتحى امبابى فى الحكى على ثلاث تيارات متوازية ومتبادلة فى اتساق وتكامل كما نقول، قال الأستاذ إن ديستويفسكى كان يملأ مئات الصفحات دون تخطيط مسبق غالبا، فكان تيار الحكى ينحرف منه حسب تدفق طلاقته، وقيل إن كثيرا من ذلك كان ليلبى شروط طلبات المطبعة وتوقيتات التعاقد، وأيضا يغطى بعض الالتزامات المالية أو التعاقدية، وتذكرت خبرتى التى حكيت عنها قبلا، أثناء كتابتى كتابى المرجع “دراسة فى علم السيكوباثولوجى“، ـوانتبهت إلى فكرة تحتمل الصحة وهى: إن المبدع إذا ما جلس لممارسة مهمته (وليس طبعا لكتابة خطاب إلى رئيسه ليطلب أجازة مرضية!)، أقول إنه ما إن يجلس للممارسة، حتى لو لم يكن هناك نية حقيقية فى أن يتصنف ما يكتب على أنه إبداع، فهو أحيانا كثيرة، لا يستطيع إلا ان يبدع، مختارا أو مضطرا، مخطِّطا أو منطلقا، هو يكتب فهو يبدع، تنطلق منه آلية إبداعه فلا يستطيع إلا أن يبدع ما دام قد شحذها ودربها، فهى تنطلق إلى غايتها بغض النظر عن الحافز او التفاصيل، هز الأستاذ رأسه وقال‏: ‏كان‏ ‏ديستويفسكى ‏يواصل الكتابة ليقبض ويقامر، وخذ عندك، ‏ولكننا‏ ‏استفدنا‏ ‏فى ‏النهاية‏ ‏مهما‏ ‏كان‏ ‏الدافع”ـ سألته: هل هناك ما يمكن أن نسميه: “الإبداع اضطرارا”، قال ليس بمعنى “مبدع رغم أنفه”، وإنما ربما يشير ذلك إلى بعض التفاصيل الواقعية وراء إنتاج عمل ما شرحت وجهة نظرى من أن الإبداع يظهر إبداعا مهما كانت الأسباب الدافعة إليه تافهة، ومهما كانت الظروف أثناء إبداعه غير ملائمة، وهكذا، لكن يظل الناتج إبداعا أصيلا إذا خرج من مبدع حقيقى، أى أننا يمكن أن نتصور أن للإبداع تلقائيته فى ذاته لمن عرف الطريق إليه ومارس شحذ ممارسته. ثم إن لهذا المبدع، فى النهاية – وطول الوقت- الحق فى ان يراجع ما تدفق منه، وله أن يمزقه أو يغيره، أو يصقله، أو أى شىء يتكامل به إبداعه.

‏يبدو‏ ‏أن‏ ‏هذا الرأى ‏لم‏ ‏يعجب‏ ‏يوسف‏ ‏القعيد‏ ‏رغم‏ ‏موافقة‏ ‏الأستاذ التى وصلتنى ضمنا، ‏فراح يحكى – منتقدا غالبا – عن‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏عبد‏ ‏المنعم‏ ‏الصاوى ‏كان‏ ‏يكتب‏ ‏فى ‏الاستراحة‏ ‏فى ‏مطار‏ ‏الأقصرانتظارا‏ ‏للإقلاع، ‏ثم‏ ‏أثناء‏ ‏الاستراحة‏ ‏فى ‏مطار‏ ‏أسوان،‏ وهكذا..، ‏وأضاف كأن‏ ‏مسألة‏ ‏الكتابة‏ هى ‏مثل‏ ‏شرب‏ ‏فنجان‏ ‏شاى، ‏و‏ ‏دون‏ ‏طقوس‏ ‏ودون‏ ‏مكان‏ ‏بذاته، ‏وأن هذا كان يجعل الصاوى يخرج أعمالا ليست على المستوى، أنا لم أقرأ لعبد المنعم الصاوى، وعرفته وزيرا للإعلام وقد دعانى يوما، فى مؤتمر عام لمناقشة دور الإعلام فى مرحلتنا الراهنة، ولم اجد عنده أو فى المؤتمر جديدا يحتاج أن أذكره إلا قوله: أعطونى تليفزيونا وأنا أغير الناس، كان ذلك ربما فى أواخر الستينات أو أوائل السبعينات، ربما، تحفظت على رأى القعيد، ولم أذكر له أن الشعر يحضرنى أكثر جدا وأنا فى انتظار إقلاع الطائرة (إلى الخارج عادة فأنا لا أستقل الطائرة فى رحلات الداخل)، كما يأتينى الشعر ‏فى ‏الأجواء‏ ‏الدولية، ‏وقد‏ ‏استنتجت من واقع خبرتى، بغض النظر عن مستوى شعرى، أن هذا النوع من الكتابة يتحرك عندى مع تنشيط مستوى من الوعى مختلف بشكل ما، فيحضرنى الشعر وأنا على وشك الاقلاع، لم أعلن أيا من ذلك لكننى تذكرته بوضوح، فمن ناحية أنا لا أعتبر نفسى شاعرا، ولا مبدعا يستأهل الاستشهاد بخبرته، ومن ناحية أخرى لم أكن أرغب فى الدخول فى مناقشة مع يوسف لأننى تعلمت من “فرح بوت” كيف يأخذ معظم المناقشات بشكل شخصى بعيدا عن الموضوع المثار، فما بالك إذا تكلمت أنا عن خبرتى، مَنْ أنا حتى أستشهد بنفسى، المهم: قلت للأستاذ أننى أذكر بعض الحكايات عن مبدعين كانت تأتيهم الفكرة أثناء رياضه المشى، فيتوقفون ويدونونها فورا حتى قيل إن بعضهم، لا اذكر من، كان يكتب بعض ما يعن له ‏على ‏ظهر‏ ‏تذكرة‏ ‏حافلة، ‏أو‏ ‏على ‏ورقة‏ ‏شجر‏ جافة.

تذكرت خبرة أخرى لم أتحدث عنها أيضا، وهى أننى حين كنت أمارس العدو صباح كل يوم، وكنت فى نفس الوقت مشغولا بكتابة أطروحة “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع” كانت تأتينى حلول تفك بعض العقبات التى كانت واقفة أمامى أثناء جلوسى على المكتب، بعضها كان يشغلنى قبل بداية العدو، ربما كنت أفكر فيها فجرا أو ليلة أمس، لكن البعض الآخر كانت تأتى حلوله برغم أنه لم يكن يشغل وعيى الظاهر فى المدى القريب، لكنه يكون كامنا طول الوقت فى حالتى الراهنة أثناء إعدادى الأطروحة، كان ذلك فى أوائل أو منتصف الثمانينات على ما اذكر ، نظرت إلى يوسف القعيد قبل ان أنطق بأى شىء من هذا فوجدته جاهزا للحكم والرفض والشجب، فحمدت الله أننى لم اصرح بشىء مما خطر لى وإن كنت وددت فى نفسى ان أحكى عنه للأستاذ مستقبلا.

انتقل‏ ‏الحديث‏ ‏إلى ‏ما ألت إليه دار‏ ‏سعاد‏ ‏الصباح، ربما استطرادا من حديث عادل عن أزمة النشر هذه الأيام، ‏وكيف‏ ‏أن‏ ‏المشروع‏ ‏قد‏ ‏فشل‏ ‏ولم‏ ‏يبق‏ ‏منه‏ ‏فى ‏القاهرة‏ ‏إلا‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يسمى “‏منفذ‏ ‏توزيع‏”، ‏وقال‏ ‏الأستاذ‏ “‏يا‏ ‏خسارة‏”! ‏الأستاذ‏ ‏يتمنى النجاح لكل‏ ‏جهد، ‏من‏ ‏أى ‏مصدر، ‏مادام‏ ‏فى ‏حقل‏ ‏الثقافة‏ ‏ولنشر‏ ‏المعرفة، ‏وتدخلتُ‏ ‏قائلا‏ ‏إن‏ ‏فشل‏ ‏هذه‏ ‏الشيخة‏ ‏أن‏ ‏تصبح‏” ‏امرأة‏ ‏أعمال‏” ‏لا‏ ‏ينفى ‏أننى ‏أرى ‏شعرها‏ ‏جميلا، ‏رد‏ ‏عادل‏ ‏عزت، ‏ولكن‏ ‏شعرها‏ ‏كله، ‏أو‏ ‏أغلبه‏ ‏مثل‏ ‏شعر‏ ‏نزار، ‏ولم‏ ‏أكن‏ ‏قد‏ ‏لاحظت‏ ‏ذلك‏ ‏فأنا‏ ‏لست‏ ‏معجبا‏ ‏بنزار‏ ‏شخصا، ‏وإن‏ ‏كنت‏ ‏أراه‏ ‏شاعرا‏ ‏جيدا‏ ‏جدا، ‏وعربى متميز‏ ‏فعلا، ‏لكننى ‏وافقت‏ ‏على ‏الملاحظة‏، ‏وتعجبت‏ ‏كيف‏ ‏غاب‏ ‏عنى ‏أن‏ ‏أكتشف‏ ‏ذلك‏ ‏وحدى، ‏‏عادل‏ ‏عزت‏ ‏أكمل ‏أن‏ ‏عبد‏ ‏الوهاب‏ ‏البياتى ‏قال‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏القضية‏ ‏رأيا‏: ‏وهو‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏الجزم‏ ‏بأن‏ ‏نزار‏ ‏يكتب‏ ‏لها‏ ‏شعرها‏ ‏كما يزعمون، ‏لكن‏ ‏المؤكد‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏يكتبه‏ ‏باسمها‏ ‏هو أحسن مما ينشره باسمه، وضحك الجميع، ‏وضحك‏ ‏الأستاذ‏ ‏وقلد‏ ‏البياتى ‏بصوته‏ ‏الأجش، ‏وظاهر‏ “‏تطجينه” على حد ما وصلنى، وأكمل وهو يحكى عن اقتراض حضور البياتى‏ ‏فى ‏قهوة‏ ‏ريش‏ ‏وهو‏ ‏يقول‏ “.. ‏لكن‏ ‏المؤكد‏.. ‏إلخ‏” ‏وذكر‏ ‏الأستاذ‏ ‏كيف‏ ‏كان‏ ‏البياتى ‏فى ‏قهوة‏ ‏ريش‏ ‏جاهزا‏ ‏باستمرار‏ ‏لنقد‏ ‏وهمز‏ ‏ولمز‏ ‏وغيبة ‏ ‏أى ‏إنسان‏ ‏حتى من الحضور بمجرد ‏أن‏ ‏يدير‏ ‏ظهره‏ ‏ويترك‏ ‏الملجس، ‏وعقب‏ ‏على ‏ذلك‏ ‏توفيق‏ ‏صالح‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الطبع‏ ‏ليس‏ ‏بياتيا‏ ‏فقط، ‏لكنه‏ ‏سمة‏ ‏عراقية‏ ‏عامة‏ (وتوفيق عاش فى العراق أعواما قد أعود إلى ذكر بعض ما تحدثنا عنها لاحقا).‏

لست‏ ‏أذكر‏ ‏كيف‏ ‏أتى ‏ذكر‏ ‏حق‏ ‏الزواج‏ ‏من‏ ‏اثنين‏ ‏دون‏ ‏تحديد‏ ‏أى من الطرفين، ‏وذكر‏ ‏يوسف‏ ‏القعيد‏ ‏تفسيره‏ ‏للآية‏: “‏مثنى ‏وثلاث‏ ‏ورباعي‏” ‏على ‏أنها‏ ‏للجمع‏ أى 2+3+4 أى تسعة ‏وليس‏ ‏أربعة، لأنها استعملت حرف “و” وليس “أو”، ‏وكيف‏ ‏أن‏ ‏النبى ‏مات‏ ‏عن‏ ‏إحدى ‏عشر‏ ‏زوجة‏ (‏بعضهمن ‏لم‏ ‏يدخل‏ ‏بهن‏)، ‏ونبه‏ ‏الأستاذ‏ ‏على ‏أن‏ ‏زوجات‏ ‏النبى ‏لا‏ ‏يتزوجن‏ ‏من‏ ‏بعده‏ “ولم‏ ‏يحدث‏ ‏أى ‏تعليق‏ ‏متجاوز‏ ‏إلا‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بتفسير‏ ‏حديث‏” ‏ما‏ ‏ملكت‏ ‏أيمانكم‏”، ‏وذكر‏ الأستاذ، أو يوسف لا أذكر، حكاية عن ‏مؤرخ‏ ‏انجليزى ‏كان‏ ‏فى ‏مصر‏ ‏على ‏عهد‏ ‏محمد‏ ‏على (لم أستطع أن ألتقط اسمه) وكيف‏ ‏كان‏ ‏يشترى ‏جارية‏ ‏من‏ ‏سوق‏ ‏النحاسين، ‏ثم‏ ‏يضطر‏ ‏أن‏ ‏يبيعها‏ ‏بعد‏ ‏أسبوع‏ بعد أن يستعملها بما تيسر عنده، وكأنها رفيقة “ديسبوزال”، لكن كله مكسب، وضحك الجميع،

 ولم أضحك، ونظرت إلى الأستاذ فوجدت أنه شاركنى عدم الضحك، بل خيل إلى أنه تجهم.

نبهنى الأستاذ من جديد إلى موعد عيادتى، وشكرته على دقة ساعته البيولوجية، وانصرفت يملؤنى غيظ جديد، لكنه مختلط براحة غامضة أيضا، هو ليس مثل غيظ أمس، والراحة ليست مثل ونس أمس.

لم تكن ليلة طيبة أو ثرية، لا أعرف كيف حكمتُ على مجملها هكذا

 وتساءلت: يا ترى ماذا يفعل الاستاذ لو شعر بمثل ما اشعر به الآن بين الحين والحين، أو فى أغلب الأحيان؟

ولم أبحث عن جواب طبعا، فالأستاذ هو الأستاذ، يمارس نوعا من التلقى يقلب كل ما هو ليس طيبا إلى ما هو طيب

كيف بالله عليكم

ربنا يخليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *