الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الثلاثاء الحرّ: قصة جديدة: السياسة والبودرة

الثلاثاء الحرّ: قصة جديدة: السياسة والبودرة

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء : 24-3-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2762

الثلاثاء الحرّ:

قصة جديدة:

السياسة والبودرة

صفق الرجل الباب خلفه بعنف بعد أن دخل إلى صالة شقته نصف المضاءة، وجلس على أقرب مقعد وهو يهلث، كان يشعر أن سحابة سوداء قد زحفت على وجهه حتى اسْوَدّ، وغطت حتى الدموع التى ترقرقت فى عينه، مع أنه رأى بشرته أثناء حلاقته هذا الصباح أكثر بياضا مما كان يحسب، لم يكن موعد عودته المعتاد قد حان، دخلت عليه زوجته من المطبخ بعد أن سمعت صفقة الباب، ثم صوت لـُهاثه، دخلت منزعجة وما أن نظرت فى وجهه حتى فزعت من منظره وقالت بصوت مرتعش، مندهش، مشفق، رافض:

–         إيه فيه إيه؟ إيه اللى جرى؟

قال الرجل:

–         ولا حاجة “فيه إيه”؟ إيه؟

قالت زوجته:

–         مالك عامل كده؟

قال:

–         عامل إزاى؟

قالت:

–         إنت ما شفتش وشّك

قال:

–         شفته الصبح فى المراية وانا باحْلـَق

قالت:

–         لأ، دلوقتى

قال:

–         آه، وشفته كمان فى أزاز شِـبّاك الأتوبيس

قالت:

–         وبعدين؟

قال:

–         ولا قبلين، قلت لازم دا وش واحد تانى، وش اللى قاعد جنبى.

قالت:

–         وخلاص؟!!

قال:

–         آه، وخلاص، عايزه حاجة؟

قالت:

–         طب ما تروح تشوفه كده تانى فى المراية نفسها بتاعة الصبح

قال:

–         إنتى اتجننتى؟ هوّا انتى مش عارفه جوزك ولا إيه؟

قالت:

–         طب بس روح

قام ودخل الحمام وغاب قليلا ثم رجع صامتا، فبادرته بعد أن طال صمته.

–         هِهْ لقيت إيه؟

قال:

–         لقيت الجدع اللى كان فى الاتوبيس بيبص لى من المراية

قالت:

–         يا خبر اسود! إنت جرى لعقلك حاجة

قال:

–         يا ريت

قالت:

–         ياريت إيه يا راجل انت؟

قال:

–         هما فين العيال؟

قالت:

–         إنت عايزهم ليه؟ مش لمّا…. (وسكتت)

قال:

–         لما إيه؟ فيه إيه؟ هما فين بصحيح، وحشونى

قالت:

–         من إمتى؟

قال:

–         من النهاردة

قالت:

–         خير وبركة بس لمّا… (وسكتت)

قال:

–         بس لمّا إيه؟ قولى.

قالت:

–         بس لما تاخد دُشّ الأول

قال:

–         ليه فيه إيه؟ هما فين العيال؟

قالت:

–         واحد على النت مالصبح، وواحدة على الفيس بوك

قال:

–         فين؟

قالت:

–         فى أودتهم

قال:

–         أما أقوم أدخل أسلم عليهم

قالت:

–        من إمتى؟

قال:

–         قلت لك من النهاردة

قالت:

–         وأنا قلتلك خد دش الأول وحياة النبى

قال:

–         إيه، إنتى شايفانى حاوسّخهم ولا إيه؟

قالت:

– مش قصدى، بس خايفه العيال يتخضوا

قال:

– يتخضوا من إيه؟

قالت:

– ما لـْجـَارِى

فُتِحَ باب حجرة الأولاد وخرجت منه البنت مندفعة نحو أبيها.

قالت:

– حمدالله عالسلامة يا بابا

قال:

– الله يسلمك يا حبيبتى

قالت:

– إنت جيت بدرى ليه النهارده؟ فيه حاجة؟

قال:

– أبدا… اسألى امك

قالت:

– فيه إيه يا ماما

قالت الام:

– لا، ولا حاجة هوّا انتى مش شايفه أبوكى؟

قالت البنت:

– شايفة إيه يا ماما، بابا زى الفل آهه

قال الأب: وكان قد خلع الجاكتة ووضعها على ظهر الكرسى

 – قولى لها يا حبيبتى.

صاحت الأم فيه:

– تقولّى إيه! هو انا اللى باخرّف ولا أنت؟

قالت البنت بصوت أعلى:

– تخريف ايه يا ماما؟ فيه إيه؟

دخل الأخ على صوت علوّ الصوت

وقال موجها كلامه للأب:

–  إيه فيه إيه يا بابا؟

قال الأب:

– أسأل امك

ذهبت الأم وهى تحمل الجاكته لتضعها على المشجب، وامتدت يدها بحكم العادة إلى جيوبها فعثرت على لفافه صغيرة فيها كيس شفاف بدا أن به بودره بيضاء أو ما شابه، فعادت وهى منزعجة توجه الكلام للرجل، وكان الولد والبنت قد عادا إلى حجرتهما، وصاحت وهى تمسك بالكيس:

– إيه ده؟!!!

قال:

– كيس

قالت:

– فيه إيه؟

قال:

– فيه اللى فيه

قالت:

– لأ بقى؟ هوّا انتَ بتضرب بودرة؟

قال:

– منين اسم الله، انت عارفه البودره بكام؟

قالت:

– امال فيه إيه؟

قال:

– هو انتى مش بتعرفى تقرى؟

قالت:

– كنت باعرف زمان ونسيت، البركة فيك

قال:

– إندهى حد من الأولاد يقرا لك

قالت:

– إنت صدقت اسم الله!!

قالت ذلك وهى تقلب الكيس وتقرأ الورقة التى على جزء منه ثم صاحت

– إيه ده؟!!

قال:

– زى ما هو مكتوب

قالت:

– سم فيران؟!!

قال:

– برافوا عليكى ما انتى بتعرفى تقرى أهه

قالت:

– انت يا راجل جرى لك حاجة، أنا حانده للأولاد

قال لها:

– إياكى!، لا تبقى مراتى ولا أعرفك

قالت:

– طب قول لى إيه ده؟

قال:

– يعنى انتى عايزة اسيب الفيران يبهدلوا المطبخ واللى فيه وناكل فضلاتهم، دول ناقص ييجوا يناموا معانا على السرير

قالت:

– فيران مين يا راجل انت، هوّا حد اشتكى لك ولا عمرك شفت فار فى البيت

قال:

– آه شفت ونص، فى البيت، وفى كل حته، انتى مش متصوّره، الفيران بتعمل إيه ولا بتلعب ازاى؟

قالت:

– بتلعب فين

قال:

– فى عبِّى

قالت:

–         …. انت بتتريق؟ انت كنت فين النهارده

قال:

– كنت فى اجتماع سياسى

قالت:

– اجتماع إيه!! مالك انت ومال السياسة؟!

قال:

–         أنا مواطن صالح ولازم يبقى لى دور سياسى

قالت:

–         دور إيه يا سبعى؟ ثم إيش أدخل السياسة فى  الفيران فى الكيس المهبب ده

قال:

–         ما هو كله داخل فى كله

قالت:

–         كل مين؟

قال:

–         كلهم خونه

قالت:

–         كل مين يا راجل أنت؟

قال: (وهو يمسح عينيه من جديد):

–         أنا تعْـبَاااانْ

قالت: (بتعاطف حقيقىّ):

–         سلامتك، ولا يهمك، والنبى لتُفرْج

قال:

–         ما أنا عارف

قالت:

–         عارف إيه؟

قال:

–         ولا حاجة، والنبى تروحى ترمى الكيس ده فى دورة الميه، وتشدى عليه السيفون.

قالت:

–         أيوه كده

وذهبتْ وقفلتْ، وفعلتْ وعادتْ، ونظرتْ إليه وصاحتْ.

–         يا خبر إنتَ وشك ابيّضّ ورجعت زى الفل

قال:

–         ما انا عارف

قالت:

–         عارف إزاى وانت ما دخلتش تشوف نفسك فى المراية

قال:

–         باقولك عارف، حتى اسألى العيال

قالت:

–         أسألهم إيه؟ هّما شافوا حاجه من أصلُهْ

قال:

–         طبعا شافو كل حاجة

قالت:

–         الحمد لله على سلامتـَكْ

قال:

–         وعلى سلامتِكْ

قالت:

–         من إيه؟

قال:

–         من كل حاجة

قالت:

–         بعد الشر عنى

قال:

–         وعن مصر

قالت:

–         ولا يهمّك..، وحياة النبى لتفرج

قال:

ما انا عارف!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *