الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الثلاثاء الحرّ: المشهد السياسى: الرائِع المروِّع!

الثلاثاء الحرّ: المشهد السياسى: الرائِع المروِّع!

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 9-7-2013

السنة السادسة

 العدد:   2139

       الثلاثاء الحرّ:

المشهد السياسى: الرائِع المروِّع!

الأهرام: الخميس 4 يوليو 2013

1- كيف تقرا المشهد السياسة الان بعين الباحث والجراح النفسى؟

   د. يحيى:

المشهد رائع، والروعة تعنى أكثر من معنى: فالروْع: هو الفزع، راع الأمر فلانا أفزعه، وراع الأمر فلانا: أعجبه، وراعنى كلامه فهو رائع، وقد راعنى بيان الجيش الرصين المحْكم المحتَرم (بفتح الراء) المحترم (بكسرها) وفى نفس الوقت راعنى إطلاق الرصاص عشوائيا من مكتب الارشاد على المهاجمين حتى القتل دون تمييز، وما بين هذا وذاك عرفت وتعرفت أكثر فأكثر على معنى الألم من أجل الوطن، كما عرفت قيمة وقدر القوة التى تنبعث ممن يحب أرض بلده وهو فزع “مروع” من احتمالات ما يمكن أن تصيبها. هذه هى مصر، ونحن أبناؤها، يا للفرحة الغامرة التى نستحقها، ويا للخوف الشريف الذى يحميها.

2- هل فكرة الرئيس أصبحت سيئة السمعة فى العقلية المصرية؟ بمعنى اخر فكرة الاحترام بين الصغير والكبير التى كانت راسخة لدى المصريين هل بدات تتلاشى؟

   د. يحيى:

نعم، وياليتها تلاشت لتترك فراغا نعمل معا على ملئه بما يستحق من قيم جديدة، مثل التقدير المتبادل بدلا من الخشية الخاضعة، ومثل الاحترام المتبادل بين الصغير والكبير بدلا من تقبيل اليد مع احتمال إضمار الرغبة فى قطعها، اختفت هيبة الكبير مع اختفاء هيبة الدولة بعد أن أصبحت الدولة كيانا هلاميا مذبذبا مهزوزا بلا معالم ولا قوام.

 3-هل مصر على اعتاب اقتتال آهله ؟ومن ينقذ مصر من الهاوية؟

   د. يحيى:

هذا وارد للأسف، برغم أننى أرجح أنه احتمال بعيد، فالاقتتال يكون بين فريقين علانية بغية ترجيح كفة الأقوى ليقود الجميع، وهو فى صورته الفروسية يتوقف مع إعلان شارات الاذعان من المهزوم حين يذعن أحد فرسان الفريقين بذلك فيعلن انتصار خصمه ويتوقف القتال، أما الاقتتال النذل الذى أخاف منه على مصر فهو ليس اقتتال الفرسان وإنما نذالة الجبناء، فأنا أتوقع أن يكون انتقام الفريق المهزوم الذى لا ينتمى إلى مصر، وإنما إلى ما يتصور أنه شعب الاسلام (الله) المختار، أتوقع أن يلجأ إلى تخريب مصر بكل الوسائل التحتية، وبكل النذالة والغدر، وهو لا يهمه أن يكون أى تخريب يلحق مصر هو انتصار ضمنى لإسرائيل بالذات.

وبرغم كل مخاوفى هذه فإننى أثق فى الشعب المصرى وغلبة طيبته القوية، وعمق حضارته النقية، وشموخ نفسه الأبية، وأتصور أنه قادر على إشلال هذه الشراذم الناشزة عنه بما يلزم من تضحيات وعمل وإنتاج وإبداع حضارى مثابر.

4-هل ٣٠ يونيو مجرد يوم ام نقطة تحول وانفجار بركان؟

   د. يحيى:

أنا لا أحب تقديس الأيام لذاتها، لأن أية لحظة معينة ليست إلا نتاج ما وراءها من أزمنة، التغيير النوعى هو إعلان وصول التغيير الكمى إلى نقطة تحول فارقة، الماء يتحول إلى بخار لحظة انتقاله من درجة 99 إلى مائة، ولا يصح أن أحتفل بدرجة المائة واغفل التسع وتسعين درجة التى أوصلتنى إليها، إن هذا اليوم قد يكون نقطة إعلان طبيعى لطبيعة صبر وإبداع هذا الشعب، وقدرته على التحمل، وعلى التعلم وعلى المراجعة، حين كانت جماعة الإخوان مجهولة له، حلم أن تحقق له حلمه بفضل الله وعظمة رسالاته، ولكن حين دخلت هذه الجماعة الاختبار وتبين الشعب كم هى بعيدة عن الله، بعيدة عن الإيمان، بعيدة عن الناس، انتبه، ودار 180 درجة وقال كفى، وذلك بعد أن استنفذ المسؤولون فيها مرات الرسوب، مع أنهم أعطوا فرصا استثنائية فوق الحصر، ومع ذلك لم ينجح أحد، وعلى رأسهم رئيسهم مهما بلغت حسن نيته أو غفلته، أنار الله بصيرته.

5-كيف ترى فرحة المواطنيين فى كل ميادين مصر؟

   د. يحيى:

فى 11 فبراير 2011 كنت على الهواء لحظة إعلان تنحى الرئيس السابق (قناة الحياة)، وحضر من الميدان شابان وفتاتان ليشاركوا فى تسجيل هذه اللحظة الفارقة، كانت الساعة السابعة مساء، واشتركت معهم بالصدفة، وكان السؤال الذى سألته لهم الواحد والواحدة تلو الآخر هو : ماذا تشعر بجوار الفرحة الآن وفى نفس اللحظة؟ وجاءت إجاباتهم رائعة ودالة، ما بين “الخوف”، و”المسئولية”، و”الأمل”، و”الإصرار” أنا لا أرحب بالافراط فى الفرحة لمجرد أن الجيش أصدر هذا البيان المسؤول ليعلن وقفته بجوار الشعب أغلب الشعب، وكأن المسألة انتهت مع أنها تبدأ من جديد، هذه ثورة جديدة وليست إصلاحا لاجهاض ثورة سابقة، ولا هى استمرار لانتفاضة مسروقة، وبالتالى فأنا استقبل فرحة المواطنين بترحيب حذر استعدادا لتحمل آلام ومسؤولية ما ينتظرنا من أعباء وأعمال حتى لا يجهض الحمل الجديد.

6- فى رايك كيف سيتحرك الاخوان والجماعة والرئاسة لمواجهة بيان الفريق السيسي  ؟

   د. يحيى:

أنا أكتب هذه الكلام قبل 18 ساعة من انتهاء المهلة التى أعطاها جيشنا العظيم “لكل من يهمه الأمر” أن يفيق ويسهم فى إنقاذ الوطن كله بالوعى أو التراجع أو التنازل أو المراجعة أو كل ذلك معا، وأعتقد  أن الاخوان سيختلفون فيما بينهم على طريقة التفاعل للموقف، فهناك الفريق العنيد الذى اعتبر أن توليه السلطة هو أمر إلهى انتظره ثمانين عاما، وأن التفريط فيه معناه معارضة لإرادة الله وهات يا إعلان الحرب والتهديد بحرق الوطن والعمل على تخريبه على أعدائه الخونة، وهناك الفريق الأقل الذى سيعتبره درساً رائعا يتعلم منه بعض السياسة وشيئا من المسؤولية، كما يتعلم الفرق بين العمل السرى والاختبار العلنى، بعد أن أتيحت له الفرصة للانتقال من أوهام الاستعلاء والتميز إلى شرف المشاركة والبناء، وهناك الفريق الذى سيستغفر الله ويتوب إليه (وهم أقل من الأقل) وقد يندم على ما فعل، فيزداد انفتاحا على الناس واقترابا من ربنا الرحمن الرحيم، وأخيراً هناك الندرة التى سوف تحمد الله أن أعفاها من مسؤولية لم تستعد لها بالقدر الكافى.

لكن خوفى الشخصى ليس من الاخوان، وإنما من بعض من ينتصرون لهم ممن هم أشد بغضا وأعمى بصيرة حين يعتبرون أن هزيمتهم هى هزيمة للاسلام، وهات يا  تكفير، وهات يا تخريب، وهات يا ثأر، وهات يا انتقام، وهم كثيرون ينتمون إلى جماعات وأحزاب إسلامية أخرى، بعضها مازال سريا للأسف.

 7- الشخصية المصرية أصبحت شخصية شديدة العنف /حادة/ متوحشة/ اخلاق ضعيفة/ تدنى المروءة/ تحرش/ بلطجة….ماذا حدث للمصريين ؟

   د. يحيى:

ما هذا بالله عليك؟ من ذا الذى يصدر هذه الأحكام العمومية هكذا؟ صحيح أنه ظهرت مظاهر بشعة لم نكن نتخيلها مجرد خيال، لكن أن تكون هذه المظاهر هى صفات الشخصية المصرية كما وردت فى السؤال أعنى “العنف” “التوحش” “تدنى المروؤة” “التحرش” و”البلطجة”، فلا، وألف لا، فالمصريون مازالوا يزرعون الأرض، ويرسلون الغذاء إلى منزل الجار الذى انتقل حديثا، ويهدون الطعمية المصنوعة بالمنزل للجار الذى تصله رائحتها وهم يدرسون لأولاد الجيران الذين لا يمتلكون أجر المدرس الخاص، ويجمعون النقطة التى هى “قرض حسن” ليعين بعضهم بعضا دون إحراج، ويعملون “الجمعيات” الشهرية التى يقبضها أولا الأحوج منهم، وهم يدعون لبعضهم البعض بالسلامة فى كل سفر، ويضحكون من قلوبهم حتى فى عز معاناتهم الألم الإنسانى المفروض عليهم، أرجو عدم التعميم بالله عليك.

8- وهل الثورة هذا الفعل العظيم السبب فى تدهور الاخلاق عموما ام ما السبب الجوهرى كما يقول العلم ؟

   د. يحيى:

الثورة هى إبداع جماعى، والثورة لا تسمى ثورة إلا بعد اكتمالها، الثورة المجهضة هى فوضى عامة أو جنون جماعى أيضا، هذه المظاهر التى ظهرت دون أن تصف كل المصريين هى مضاعفات ثورة لم تكتمل، وإذا اكتملت أو أدّت لعمل ثورة أكمل وأكثر إبداعا مثل أملى فى ثورة 30 يونيو، فإنها تصبح الجمال بعينه، والفضيلة فى أرقى تجلياتها حتى تجبّ المضاعفات التى تعتبر حينذاك أعراضا جانبية لدواء ناجع.

9- ماذا فعلت الثورة والمرحلة الانتقالية فى نفس الشعب المصرى والتى فى الغالب ستطول؟

   د. يحيى:

أية مرحلة انتقالية لها حساباتها الخاصة، لأن النقلة هى عادة مأزق على مسار نمو الفرد أو الجماعة أو الوطن، نقلة كلية نوعية، من شكل للحياة إلى تشكيله أخرى، فإذا كان الفرق كبيرا بين “ما قبل” و”ما بعد” أصبحت المرحلة الانتقالية أكثر صعوبة وأدق إحراجا، أما أنها تطول أم تقصر فهذا يتوقف على درجة الاستعداد، فى المرحلة السابقة وأيضا على درجة القدرة على استيعاب تبعاتها والثمن الواجب دفعه للانتقال إلى المرحلة التالية، وبالتالى نقيس مدى نضج المرحلة الانتقالية باعتبارها مأزق نمو له مخاطره مثل المشى على الصراط، إن لم ننجح فى اجتيازه فنحن معرضون لردّة خطرة.

10- ايهما اصعب على النفس البشرية القهر ام الفقر؟ ولماذا؟

   د. يحيى:

الفقر نفسه قهرٌ بشع، وهذا ما جعل “الامام على” يستعد لنزاله “لو كان الفقر رجلا لقتله”، والقهر نفسه فقر من نوع آخر وهو فقر القاهر أكثر منه فقر المقهور، فالقاهر ضعيف فى داخله، مهزوز فى وجوده، وهو يلجأ للقهر لأنه أضعف من يرسى علاقته مع الآخر بالحب أو بالرؤية أو بالبصيرة أو بالحوار، هو فقير فعلا إلى ما هو إنسانى حقيقى، أما لماذا؟ فالفقر هو نتاج غياب العدل، والقهر هو نتاج غياب الحب والرؤية المتكاملة لمن هو آخر.

11- بدا اندلاع احداث العنف فى المحلة والسويس واسيوط … مشاهد القتل والضرب والاشتباكات  اليومية وانعدام الأمن .. ما اثر ذلك على الشعب المصرى وكيف نتجاوز الامر؟

   د. يحيى:

يختلف أثر هذه الأحداث حسب نوع الإثارة الإعلامية التى تنقلها إلينا، وأيضا حسب نوع التلقى، فهناك من يفزع من هذه الأخبار والمناظر حتى يرفضها ويحطاط ويفهم دوافعها ويحاول تجنبها، وهناك من يتقمصها فتنشط فيه نوازع العدوان، وتنكسر عنده روادع القانون والدين وحقوق الآخرين.

أما كيف نتجاوز ذلك: فالبداية تكون بحضور هيبة الدولة داخلنا وخارجنا، أما المظلة المحيطة الواقية، فهى “أن نعبد الله كأننا نراه، فإن لم نكن نراه فإنه يرانا”، وأن نتذكر أن “الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”، وأنه سوف يلقى كل ما يفعل فى كتابه يوم يقول “يا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا”.

12- ما تفسيرك على إصرار الجماعة على السلطة رغم الخروج الجماهيرى المعارض لسياساتها  والذى لم يماثلة اعتراض على حاكم فى العالم من قبل؟

   د. يحيى:

أنا لست متأكدا من هذه المبالغة فى آخر السؤال، ومع ذلك فليس عندى مانع أن أصدقها، أما إصرار الجماعة على السلطة، فهو مثل إصرار أى رئيس أو صاحب سلطة فى بلد لم يمارس فى واقع الحال ما يسمى “تداول السلطة” وأيضا قد يرجع فى حالتنا الراهنة إلى طول القهر الذى عانت منه الجماعة وأنها لا تصدق أنها انتقلت من تحت الأرض إلى كرسى العرش هكذا مباشرة، فكيف بالله عليك يمكن أن تتصور أنها تتنازل عن هذا الكرسى إلا بطلوع الروح، وأخيرا لا تنسى الخوف من الحساب اللاحق والمحاكمات على الأخطاء بأثر رجعى، كما حدث طوال السنين السابقة .

13- كيف ترى تصريحات احد مساعدى الرئيس بان القوات المسلحة لن تستطيع تنفيذ تهديدها بالانقلاب على الرئيس مادام الرئيس مشمولا بالرعاية والدعم من امريكا؟

   د. يحيى:

أنا لم أقرأ هذا التصريح، فإن كان صدر فعلا عن أحد مساعدى الرئيس فلابد من الرجوع إليه أولا، ثم الرجوع إلى الرئيس، حتى لا نظلم أحدا.

فى رأيى الشخصى أن أمريكا لها دور خبيث جدا أكثر من أى تصور، وهذا الدور بدأ من قبل 25 يناير، وأن دورها يمكن فهمه من مدخلين، الأول: هى حرصها المطلق على سلامة اسرائيل وتفوقها اقتصاديا وعسكريا على كل العرب طول الوقت، وبأقل ثمن وهو “ثقافة السلام” وليس فقط معاهدات السلام، أما المدخل الثانى لموقف أمريكا فهو وقوع حكامها – مثل حكام كثيرين عبر العالم بعلمهم أو بالرغم عنهم- تحت سيطرة الامبراطورية الزاحفة الجديدة المالية العولمية المفرتسة التى تريد أن تعيد صياغة العالم كله لحساب امتلاكها مقاديره عن طريق احتكار الأموال وتحريكها لصالحها.

وعلى ذلك يتوقف دور أمريكا فى مساندة الرئيس مرسى أو الأخوان أو من سيحل محلهم على مدى اطمئنانها إلى من الذى سيحقق لها هذين الفرضين.

14- وهل جماعة الاخوان المسلمين مغيبين عن الواقع ولا يلمسون ما يدور به من احداث وتفحل المعارضة ضددهم؟

   د. يحيى:

لا طبعا، لكننى أتصور أن المسألة اتسعت عليهم أكبر من قدراتهم وأبعد من حساباتهم، ولا تنسى أن النتائج الأولية فى مجلس الشعب ثم الشورى ثم انتخابات الرئاسة وهى التى يسمونها غزوات الصناديق، لابد أنها قد غرتهم فى حجم قوتهم، ولم يعرفوا إلا أنهم انتصروا انتصار لا هزيمة بعده، وقد نسوا أصالة هذا الشعب، وعراقة حضارته وعمق إبداعه.

15-وكيف ترى مستقبل مصر فى ضوء المعطيات الحالية ؟

   د. يحيى:

بعد فترة ليست قصيرة من المعاناة والألم والفقر والأخطاء، سوف نتعلم أسلوبا جديدا بالحياة لا أتصور، ولا أرجو أن يكون نسخة مما يسمى الديمقراطية الغربية، وإذا انتبهنا إلى رفض التبعية، وسرنا فى طريق الاقتصاد القومى، وحرصنا على حقيقة دور التعليم فالإبداع، فإن الإنسان المصرى قادر على أن يواصل مساره الحضارى والإنسانى، ليس بالضرورة ليقود العالم، ولكن ليساهم فى انقاذ العالم من الشر الذى يحاك له لصالح المال والتكاثر والاغتراب والتمييز العنصرى.

16-ما تفسيرك لمحاولات الاخوان المستميتة لتجميع حشود كمؤيدين مناظرين للحشود المعارضة من الشعب المصرى؟

   د. يحيى:

لا شك أن هذا من حقهم، وهو حق أى فريق مهما أخطأ، خصوصا وأنهم لا يعترفون بأخطائهم، بل ولا يتعلمون منها، لكن يظل من حقهم، بل من واجبهم نحو أنفسهم أن يجمعوا المؤيدين ويحشدوا الحشود، وهم إن لم يفعلوا ذلك فهم يعلنون هزيمتهم قبل الأوان، وبلا مبرر من وجهة نظرهم.

17- ما انطباعك عن الخطاب الاخير لدكتور مرسى والذى تجاهل فية تماما غليان الشارع المصرى وتمسكه بالشرعية وبموقعة حتى ولو افتداها بحياتة مما جعل البعض يفسر ذلك بانه يحتاج لعلاج نفسى، والاغرب من ذلك دعوات قيادات الجماعة بالاستشهاد لحماية شرعية الرئيس ووقوع احداث عنف وسقوط قتلى؟

   د. يحيى:

المسألة ليست مرضا نفسيا أو علاجا نفسيا، المسألة هى مسؤولية وطنية، أو خيانة بلهاء، على الرئيس – فقهه الله- بدلا من أن يردد كلمة الشرعية كل هذه المرات (حوالى خمسين مرّة) فى خطاب قصير كهذا وكأنها كلمة السرّ لبقائه واستمرار أخطائه التى إعترف بها دون أن يتعلم منها، أن يراجع معنى الشرعية وتصنيفاتها: بين شرعية دستورية وشرعية ثورية وشرعية انتقالية بل وشرعيه إلهية يحاسبنا الله عليها “ولو ألقى كل منا معاذيرة!!”، إن هذا الاستعمال المفرط لكلمة واحدة هكذا، إما يدل على أن من يستعملها لا يعرف معناها، أو أنه يريد أن يخدع بها من يخاطبه بها، مثل هذا الاسلوب لا يكفى لتبرير الحفاظ على كرسى لم يعد يستأهل كل هذا الحرص خاصة وأن سيادته يعرف بوعيه الأعمق أنه لم يعد قادرا على ملئه، إلا أن تكون الأرض قد أخذت زخرفها وازّينت له فظن أنه قادر عليها، لم يعد الحفاظ على مثل هذا الكرسى ضد إرادة الشعب، وإرادة التاريخ، وأكاد أقول إرادة الله العدل العزيز الحكيم، لم يعد هذا الحفاظ يليق برجل مصرى مسلم يعرف أن الله سوف يحاسبه على ما يترتب على هذا من خراب وعلى هذا التهييج فى فوضى، وعلى هذه الاثارة التى تصل إلى الدعوة إلى إعلان الحرب من دماء، ومع ذلك فقد راح يواصل ممارسة التناقض وهو يوصى فى خطابه بالمحافظة على الجيش، وفى نفس الوقت يدعو للمقاومة المسلحة لأية أيد تزحزحه من مقعده!!

كذلك يبدو من خطابه أنه يعتبر أن تاريخ مصر بدأ بولايته، فهو يذكر أن انتخابه هو أول انتخاب حر فى تاريخ مصر، وأن ولايته هى أول ولاية ديمقراطية فى التاريخ أيضا، أى والله!

يقدم الرئيس دمه للحفاظ على الشرعية، هل معنى ذلك أنه يقبل أن يحاكم وفورا بتهمه الخيانة العظمى لأنه دعا إلى مقاومة القوات المسلحة ورجال البوليس ولو وصل الأمر إلى ما يسمى “الأرض المحروقة”،

فى جميع الأحوال، فإننى أدعو الله له أن يكتبه عنده من الشهداء، فالله تعالى أعلم بالسرائر، وهو الغفور الرحيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *