نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين: 21-9-2015
السنة التاسعة
العدد: 2943
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية: الفصل السادس:
ملف اضطرابات الوعى (42)
عودة إلى نشرة 28-7-2013
“نعمل حلم”
مقدمة:
يبدو أنه ينبغى أن نقبل الرجوع إلى تجربة أجريناها فى العلاج – وسبق نشرها – وهى ما اسميناها “نعمل حلم” فقد اكتشفت فيها ما يحتاج إلى مزيد من الشرح لعلها تساهم فى تحقيق أو نفى أو تعديل الفروض التالية:
أولاً: أن تغير الوعى توعيا يمكن أن يتم بقرار إرادى تقريبا، تحت مظلة الوعى الجمعى (فى المجموعة كمثال)
ثانياً: إن التداخل فى مساحة الوعى “البينشخصى” عبر وعى “تخليق الحلم” على “هامش وعى اليقظة”، هو وارد بتلقائية طبيعية.
ثالثاً: إن وعى الحلم الشخصى – حسب الفرض – يقبل مشاركة الوعى البينشخصى (فالوعى الجمعى) بشكل تلقائى، وبالتالى يمكن أن تتم المشاركة فى حوار مباشر دون وصاية وعى اليقظة (المعقلن خاصة).
رابعاً: إن خبرة المعالج يمكن أن تسمح له بالتدخل فى إبداع حلم شخص آخر ليصبح بمثابة إبداع مشارك.
خامساً: إن استجابة الحالمٍ مبدع الحلم لهذا التدخل تؤكد حركية ونشاط الوعى البينشخصى أكثر منها تمثل استهواءً تنويميا (كالمعروف فيما يسمى التنويم المغناطيسى)
وفيما يلى محاولة المتدربة (د. دينا) التى بدأت التجربة دون سابق توقع أو إعداد، وهى التى ابتدعت مصطلح “نعمل حلم”.(1)
نص استجابة د. دينا
(محلوظة: كالعادة: تغيرت اسماء المرضى ولم تتغير أسماء الأطباء وهم: د. دينا، د.محمد، د. مروة، د. يحيى)(2)
المقتطف من نص التجربة:
د.يحيى: طب نشوف دينا (د. دينا) (إيه رأيك؟) تحاولى: مش تفتكرى لنا حلم وتحكيه، لأه..،
د.دينا: أقول حلم حلمته قبل كده؟
د.يحيى: لأ، طبعا
د.دينا: أعمل حلم؟
د.يحيى: الله!! “تعملى حلم”!!! يا خبر يا عفريته، شوفى التعبير، الله يفتح عليكى، حليتيها لى فعلا، تعملى حلم!! بس مع حد، يا فلان:انا دلوقتى وتسيبى نفسك وتكملى، انتى خدتى بالك؟ يعنى مثلا يا محمد كذا كذا، على فكرة تعبيرك “أعمل حلم” دا إبداع
د.دينا: انا دلوقتى فى محطة قطر عماله اجرى، بدّور على أختى الصغيره، عماله ادخل من قطر لقطر، قطر يقف، اروح داخله القطر اللى بعده، ….. قلقانه وخايفه على اختى الصغيره تنداس او تتوه منى، وباقابل ناس كتير فى النص، بس ما بابقاش مركزه معاهم، ولا شايفاهم (تسكت، ويطول الصمت)
(تداخل الوعى البينشخصى)
د.يحيى: انا حفوّت لك عشان شطارتك يعنى، بس هو أنا شاعر إنه مش كفاية، زى ما تكونى حُشتى نفسك ما كملتيش، حاسس إنه: مش كفاية.
يعنى مثلا:
ما شوفتيش الجدع اللى نط من الشباك؟ ما شوفتيش الكمسرى اللى بيضرب الواد اللى بيبيع كازوزه ونزله عشان كان حايقع تحت العجل
د.دينا: شفت
د. يحيى: ما شوفتيش القطر اللى كان جاى غلط على نفس القضيب….؟
د.دينا: آه
د.يحيى: طيب حاتعملى ايه لما يتصادموا بقى؟
د.دينا: مش عارفه
د.يحيى: (للجميع) دينا عملت بدايه كويسه جدا، ما هو اللى انا بقوله ده صعب، بس اى حد يبتدى، اظن اللى بعده حايبقى اسهل عليه شوية، لأنه عرف يعنى ايه معنى “أعمل حلم” “أعمل حلم”، الله ينور عليكى يا دينا، ياللا يا عبد الحميد.
……………
تعقيب مبدئى على استجابة د. دينا، لاحظتُ ما يلى:
v أن مقاومتها كانت أقل مما كنت متوقعا، علما بأننى تصورت أن هذه التجربة سوف تكون أصعب على غير المرضى منها على المرضى
v أن النقلات كانت سريعة ، وفى نفس الوقت متماسكة برغم عدم التركيز
v أنها استعملت الزمن الحاضر (“عمالة أدخل”، “أروح داخله”، و”باقابل”)
v أنها لم تمانع فى أن يشارك المدرب فى التوجيه، وإن لم تستجب
v أنها لم تمانع فى مشاركة المدرب فى تشكيل الحلم، وكأنهما اصبحا مشتركان فى وعى إبداعى واحد
v أنها أقرت ما أضافه المدرب إلى الحلم حين سألها ما شفتيش الكمسارى اللى بيضرب الواد بتاع الكازوزة …إلخ أجابت : “شفت”.
v وحتى حين وصل الأمر إلى أضافة احتمال تصادم قطارين، أقرت بالموافقة برغم أنها أقرت أيضا أنها عاجزة عن الحيلولة دون ذلك.
وبعد
أرجو أن نواصل عرض التجربة على فقرات إن وجدت فائدة وتجاوبا من الأصدقاء، وقد نقارن بين هذه التجربة وبين بعض عينات من تجارب محفوظ الحلمية الإبداعية.
[1] – ويمكن الرجوع إلى نشرة 28/7/2013 للتعرف على التجربة ككل لأننا ستعرض لها ابتداء من اليوم فقرة فقرة.
[2] – وقد أضفت ما بين قوسين وهو قليل جدا على نص التفريغ حتى يمكن توصيل السياق بطريقة أدق، كما وضعت نقطا مكان بعض المحذوف دون إخلال بالمراد.