الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (43) نعمل حلم (2) مزيد من المناقشة والتفصيل (نفس جلسة العلاج الجمعى بتاريخ 25/8/2010)

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (43) نعمل حلم (2) مزيد من المناقشة والتفصيل (نفس جلسة العلاج الجمعى بتاريخ 25/8/2010)

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء22-9-2015

السنة التاسعة

العدد: 2944

 الأساس فى الطب النفسى 

 الافتراضات الأساسية: الفصل السادس:

 ملف اضطرابات الوعى (43)

نعمل حلم (2)

مزيد من المناقشة والتفصيل

(نفس جلسة العلاج الجمعى  بتاريخ 25/8/2010)

مقدمة:

مرة أخرى: “تكاثرت الظباء على خراشٍ .. فما يدرى خراشٌ ما يصيد(1)

يبدو أنه بمناسبة بداية السنة التاسعة لصدور هذه النشرة، وهى الفرصة التى نبهنى إليها الابن الزميل الفاضل رئيس الشبكة العربية للعلوم النفسية (شعن) أ.د. جمال التركى، والتى دعتنى للتفكير فى تغيير طبيعة، أو محتوى، أو موضوع، أو طريقة ما صدر خلال السنوات الثمان الماضية، هى أيضا الفرصة التى انتهزتها لأطلب رأى “من يهمه الأمر” ولم تصلنى إلا بضع اقتراحات طيبة، فأدركت من كل ذلك أن الإجابة ينبغى – أو يستحسن- أن تصدر منى أولاً- وهأنذا أغامر.

قررت اليوم أن أخصص أربعة أيام أسبوعيا لمتابعة نفس الموضوع (النفسى عادة +) وهى الأيام: من الأحد حتى الأربعاء، فيظل الخميس لتدريبات محفوظ والجمعة للبريد والسبت لمواقف النفرى، كل ذلك جدير بأن يسهل للمتابع – متى وُجِد– أن يتابع، سواء حاوَرَ أو عقَّبَ أو لم يَفْعَل.

وعلى ذلك فابتداءً من اليوم (الثلاثاء) سوف أواصل موضوع الأحلام فى هذه الأيام الأربعة حتى ينتهى، على أن أحتفظ بحقى فى التفويت أحيانا، أوإدخال موضوع أكثر إلحاحا، أو الخضوع لتأجيل أكثر لزوما.

أنا أسف.

وهكذا نواجه معا: صعوبة مبدأ وصلاة ودعاء ما يحمله هذا القول الذى لا أفتأ أن أكرره، وهو مسئولية “أن أملأ الوقت بما هو أحق بالوقت”

وربما من ذلك أن أملأ النشرة بما هو أحق لزملائى بالشبكة (وغير الشبكة) -أينما كانوا- أن يصلهم، متى أرادوا.

وبعد

نواصل اليوم عرض نفس نتائج لعبة (تجربة/مينى دراما) “نعمل حلم” فنعرض نصا لأحد المرضى بعد أن عرضنا نص الطبيبة الزميلة المتدربة د. دينا أمس، مع تعقيب من بريد الجمعة فيه مزيد من الشرح عن الفرق بين هذه التجربة (نعمل حلم) بتنشيط وعى الحلم على هامش وعى اليقظة، وبين أحلام اليقظة، متضمنا الفرق بين إعمال الخيال وإطلاق الإبداع التكاملى (فى الحلم وربما فى غيره)

نصّ التجربة من واقع نفس جلسة العلاج الجمعى(25/8/2010)

(بنفس الترتيب الذى لُعِبتْ به)

“صبرى”

…………

د.يحيى: مين بقى مش دكتور يحب يلعب بعد د. دينا، ياللا يا صبرى

أولا: نص التجربة: (صبرى)(2)

صبري: (يبدأ مباشرة بلا تردد بناء عن طلب د.يحيى)

انا فيه حد بيطاردني، شبح، وبعدين طبعا جريت منه وانا باجرى كده لاقيت نفسى وقعت وما وصلتش لأى حاجه وفجأه لاقيت نفسى باطير فى الفضا، وكده خلاص

تداخل الوعى البينشخصى من المدرب

د.يحيى: كمـّل كمـّل….. كمـّل يا راجل

صبري: خلاص ما انا باقول لحضرتك لاقيت نفسى وقعت، ولاقيت نفسى باطير …

د.يحيى: بِجْنِحَه، ولا من غير جِنِحْه؟(3)

صبري: مش عارف

يمكن أن نلاحظ هنا الآن: (22/9/2015) ما يلى:

1) المبادرة دون تردد (قارن عبد الحميد فى نشرةٍ قادمة)

2) استعماله الفعل المضارع مباشرة.

3) لم يحتج المعالج المدرِّب أن يذكِّر صبرى بالبدء بــ “أنا دلوقتى” كما سيأتى

4) لعل استعماله الزمن المضارع من البداية هو ما أتاح له التمادى مع حركية إبداع الحلم.

5) سرعة إيقاع انتاج الحلم دون توقف.

6) أن المطارِدْ مجهول (وهذا من طبيعة الحلم الحقيقى عادة)

7) أن الهدف غامض أو خفى أو مؤجل (وما وصلتش لأى حاجة).

8) أن النقلة الأخيرة شبه أسطورية عملاقة (لقيت نفسى باطير فى الفضا).

9) أن تداخل الوعى البينشخصى (من المعالج) فى البدء كان مجرد حفز للاستمرار وليس مشاركة فى تفاصيل الدراما (كما بدأ أمس مع حلم د. دينا).

10) أن تداخل هذا الوعى البينشخصى لم ينجح أن يستثير مزيدا من الإبداع عند صبرى (كما نجح مع د. دينا نشرة أمس) فقد حـَسـَم صبرى النهاية، وختم الحلم دون أى خضوع لحفز أو إيحاء أو طاعة لتعليمات المعالج أو دعوته.

ثانيا: تعليق من بريد الجمعة (على الاستجابات مجتمعة)

(يتضمن محاولة عمل حلم من المعلق)

د. أميمة رفعت(4)

لم يصلنى كيف يكون عمل الحلم ليس إعمالا للخيال، فقد تصورت أنه عند التعامل مع العالم الداخلى بالوعى نسبيا كما تقول لا مفر من الإستعانة بالخيال ولو فى البداية، كما أنه للقيام بالسيكودراما وإحضار الحلم “هنا والآن” للقيام بأدوار تُمثَّل يُستعان بأشياء كثيرة منها الخيال أيضا فعلى الأقل نحتاجه أحيانا فى تخيل المكان أو الحيز الذى يتم فيه الحدث…

 أرجو أن توضح لى هذا الأمر لأنه أربكنى .

ثم تردف د. أميمة:

وقد عملت حلما حسبما فهمت هكذا:

أنا دلوقتى ماشية فى شارع الجلاء، شارع عيادتى دايما زحمة جدا، لكنه فاضى تماما، رجلية بتغرس فى الأسفلت الجديد وريحته نفاذة غريبة السفلتة واقفة ورايا على جنب مهجورة، أنا ماشية ببطىء وحاسة بالوحدة. الشارع خلص فجأة وقدامى فتحة مربعة صغيرة نسبيا لازم أعدى منها، مش طايلاها وعمالة أشب، حصلتها وتسلقت ودخلت وأنا خايفة ومش مرتاحة، إتحشرت فيها وبالعافية طلعت منها الناحية الثانية. لقيت المنظر تحتى رائع، شجرة وأرض خضراء متقسمة، الجنة، نزلت فى جنينة حضانة المدرسة ووقفنا إحنا الثلاثة أنا ومارسيل وخالدة صغيرين رؤوسنا فى روس بعض، وثلاثة ثانيين بعيد شوية من زمايلى الصغيرين مش شايفة وشهم رؤوسهم فى روس بعض وبنم فى بعضينا. جيت أنا من بعيد زى ماما، أخذْتِنى بسرعة من أصحابى، خفت منى ليه مش بتبصلى.. أنا طويلة راسى فى السما الزرقا وإيدية تحت فى إيدى الصغيرة، نزلنا على السلم الحجر الأبيض ورحنا نجيب الخضار.

ثم تعلّق د. أميمة على حلمها بنفسها مع إشارة لما نشر من الاستجابات فتردف:

تحوَّلَ الحلم تلقائيا من المضارع إلى الماضى، وكأن تعبير “أنا دلوقتى” حدد الفعل الذى لابد إستخدامه فى بداية الكلام فأصبح “هنا والآن” ولكن مع السرد رجع الحكى للفعل الماضى وقد لاحظت هذا مع كل من شارك فى الجروب تقريبا ما عدا د. محمد نشأت الذى بدأ بالماضى من أول الحلم حتى آخره… فهل لهذا دلالة معينة؟

د. يحيى: (يرد)

شكرا لك، “لقد رددت على نفسك يا أميمة بالدخول فى التجربة فعلاً، برغم الغياب الفعلى لحضور الوعى البينشخصى المباشر،(5) والذى حل محله – غالبا– تحريك الوعى النقدى الإبداعى لديك، وأنا أوافقك وأشكرك على ملاحظة هذا التحول الذى سوف نناقشه غالبا خاصة حين عرض استجابة د. محمد نشأت”(6)

ثم إن ملاحظة، التحول من المضارع للماضى تؤكد ما أحدثـَتـْهُ تقنيَّة “هنا الآن” من جرجرة إلى الواقع الإبداعى الداخلى الماثلْ المشارك فى صناعة هذا الإبداع.

ثم نلاحظ كذلك فى حلمك فجائية النقلات على غير توقع، وتعدد الذوات، حتى تعبير “خفت منى” بعد أن جاءت من بعيد زى ماما، وكذلك “أخذتنى بسرعة من أصحابى”.

د. أميمة رفعت (تكمل:)

كنت قد سألت سؤالا كيف نعمل حلما دون إعمال الخيال، وعندما عشت التجربة بنفسى فهمت قصدك. الآن أستطيع القول أنه فعلا أثناء عمل الحلم لم يكن الخيال هو الذى يعمل بل شىء آخر لست متأكدة من ماهيته

حاولت بعد إرساله أن (أتخيل) صورا مخالفة لصور هذا الحلم ولكننى وجدت نفسى لا أريد تغييره فقد شعرت أنها مزيفة، هى صور خيالى وليست الحلم، وصلنى هذا بالتأكيد

ولكن أكمل أرجوك فقد أثرت إنتباهى وفتحت بابا جديدا.. أريد ان أفهم أكثر .

د. يحيى:

أشكرك لاستدراكك هذا فهو مفيد لى، لنا جيمعا بإذن الله. ونحن فعلا نحاول البحث عن هذا الشىء الآخر الذى عبرت عنه بتعبير مبدئى تقريبى وهو “إبداع الحلم” على هامش وعى اليقظة.

ثم إن تعبيرك “شعرت أنها مزيفة”، يؤكد الفرق بين الخيال المنسوج بالعقل (الذى يغلب عليه عمل النصف الطاغى أو مستوى الوعى المنطقى التخيلى الأحدث)، وبين التشكيل الإدراكى الإبداعى من مستويات وحركية الواقع الداخلى (غالبا من تآلف عدد من مستويات الوعى وليس من غلبة وعى واحد فوقى حتى لو خيل إلينا أنه الخيال أو أسميناه كذلك).

التأكيد على أن تصنيع (تشكيل – إبداع) الحلم ليس هو هو الخيال شديد الأهمية وهذا ما جاء بنص كلامك “هى صور خيالى وليست حلم” وصلنى هذا بالتأكيد.

 وهو- قياسا ومقارنة- الذى يميز الهلوسة الحقيقية المُدْركة فى الذهان النشط عن الصور الخيالية المصنوعة فى عصاب الانشقاق يمكن الرجوع إلى (نشرة:24-2-2013).

[1] – نشرة 15-3-2015  بعنوان: مدخل عن صعوبة اتخاذ القرار بدءًا من الأسوياء . 

[2] – صبرى شاب من الشريحة الأدنى من الطبقة الوسطى، يعمل عاملا ويقرأ يكتب فى العقد الثالث، وكما اعتدنا نحن لا نذكر تشخيصا لأى مريض فى مقدمة التعريف به، ولا نتوقف عنده لأن هذا ليس الأهم، كما أنه قد يعطل تمادى تخليق الوعى الجمعى للمجموعة، وحتى لو بدأنا بتشخيص محدد فإن التشخيصات عموما تتراجع عن بؤرة الانتباه، أى أنها على الأقل تتزاجع إلى الخلفية.

[3]- سوف نرجع إلى تداخل الوعى البينشخصى للمعالج مع حلم صبرى حين يأتى الدور على المعالج  ليلعب نفس اللعبة  آخر واحد، فهذه هى القاعدة فى الألعاب فى هذا العلاج، والفكرة فى ذلك هى ألا يظن المرضى والمتدربون أن عليهم أن يقتدوا بالمعالج بأى درجة.

[4] – د. أميمة رفعت زميلة أخصائية فى الطب النفسى مهتمه بالعلاج الجمعى والسيكودراما وتمارسهما، وكانت متابعة لنشرة الإنسان والتطور منذ صدورها ثم توقفت لأسباب هى تعرفها أكثر.

[5] – هذه الإضافات بالخط المائل العادى، لم تكتب فى الرد على د.أميمة فى البريد الأصلى، ولكنها أضيفت اليوم حين أتيحت فرصة للرد على متلقين أعمّ.

[6] – لأنك لم تكونى حاضرة التجربة بنفسك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *