الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (29) وقفة مع الرائد الرائع: أ.د. على زيعور

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (29) وقفة مع الرائد الرائع: أ.د. على زيعور

نشرة “الإنسان والتطور”

الأحد: 9-8-2015   

السنة الثامنة

العدد: 2900

 
 الأساس فى الطب النفسى 

 الافتراضات الأساسيةالفصل السادس:

 ملف اضطرابات الوعى (29)

 وقفة مع الرائد الرائع: أ.د. على زيعور!

مقدمة:

لم أستطع أن أمضى فى طرح تفاصيل فروضى عن الحلم والجنون والإبداع (الشعر خاصة) دون هذه الوقفة التى سوف أعرض لها فى هذه النشرة وربما أيضا نشرة باكر، ذلك أننى حين رحت أراجع نشرة الإثنين الماضى اكتشفت أننى سبق لى أن تناولت هذا الموضوع فى ملف الإدراك، وقبل ذلك فى أطروحتى التى نشرت فى مجلة فصول(1) كما بينت بوضوح فى نشرة الأسبوع الماضى، لكننى اكتشفت أننى عدت إلى تناولها من جديد فى ملف الإدراك فى نشرات الإنسان والتطور هنا وذلك بتاريخ الأحد: 23-12- 2012 (العدد: “1941”، وما قبله وما بعده) ذلك كحلقة فى سلسلة بعنوان: “الإدراك والحلم والإبداع” قارنت فيها بنفس الجدول تقريبا بين “الحلم” و”الشعر” و”الجنون”، لكننى بالرجوع إلى مقارنة الجدولين وجدت أننى قمت  بتعديلات طفيفة لكنها مهمة، فحمدت الله على ذلك، وقررت أن أعتذر للأصدقاء القراء عن هذا التكرار وأن أنبه إلى تلك الفروق.

وأنا افكر فى ذلك، كان بين يدى أول كتاب جذبنى من فضل عطاء وإبداع  أ.د. على زيعور لتعلقه بموضوعنا الحالى كما أشرت سالفا، وكنت قد بدأت مترددا أقلب فى بعض إسهاماته بدءا بموقفه وأبحاثه ومراجعاته فى تفسير الأحلام بوجه خاص، خاصة وأن لى موقفا أعلنته فى النشرات السابقة من قضية التفسيرعامة، وتفسير الاحلام بوجه خاص، المهم: وجدته فى تقديم كتابه “تفسيرات الحلم وفلسفات النبوة” (وهو الكتاب الذى بدأت به) قد شعر بنفس الحرج حين وجد نفسه مضطرا لتكرار ما سبق أن تناوله فى أعماله الاخرى وما أروعها، وأكثرها، بصراحة فرحت وآنستنى مشاركته، وقلت أستعير رأيه فى أهمية التكرار، وضرورته أحيانا، أقدمه لأصدقائنا هنا الذين قد لاحظوا هذا التكرار إن كان أحد قد فعل، قال فى هذه المسألة تحت عنوان “قراءة إزائية”(2) ما يلى:

“….وسنضطر أثناء تلك الرحلة الباحثة عن المعنى اليقينى للحلم (وللنص، وللإنسان وكينونته) إلى تكرار النظر نفسه بين الحين والحين فى الظاهرة عينها،

 بكلمة تقول الأوضح: قد يبدو أننا نكرر الأفكار أحيانا، أو أننا نرجع إلى البداية عينها مرارا. ربما! لكن “التكرار” هذا وظيفى واضطرارى، إنه وظيفة: أى هو مثمّئر من أجل الترسيخ والتوضيح، أو من أجل الضبط والسيطرة، وهو اضطرارى لأن العودة إلى الموضوع الواحد ليست هنا إلا بسبب أن العودة تكون على شكل دراسة من زاوية جديدة أو مختلفة لما سبق أن يكون قد دُرسَ وحُلِّل من زاوية محددة فى فصل سابق”

بالله عليكم، هل كان يمكن أن أعتذر عن التكرار بأرق وأجمل وأصدق من هذا الاعتذار الذكى الداعى إلى مواصلة المحاولة تحت كل الأحوال..؟

شدّنى هذا الاستطراد إلى ما حاولت تجنبه من أسبوعين أو ثلاثة، وهو أن أناقش أيا مما يصلنى من هذا المحيط أ.د. زيعور “…غرفا من البحر أو رشفا من الدّيم” قبل أن أتعرف على عطائه بحقه، فما وصلنى من تصفح بعض ما حصلت عليه – مجانا بكرمه من “سبيل” عمنا جوجل – أفحمنى حتى قررت أن أؤجل أى تعليق لا يفى بقدر هذا العقل الجبار، والوجدان اليقظ، والموسوعية البحر.

لكننى دون أى تخطيط، وجدتنى أبدأ بالكتاب الذى اشرت إليه حالا, وهو “تفسيرات الحلم وفلسفات النبوة”  لأنه بدا لى أقرب إلى الموضوع الذى أتناوله فى النشرات حاليا، ولم أصل فى هذا الكتاب الضخم العظيم حتى الآن إلا لصفحة 130 من 360 صفحة، بالإضافة إلى النظر في  بضع صفحات – انتقاء- عن موقف ابن سينا، “الحلميات أساس النبوة والمعاد عند ابن سينا” وأخرى عن “ابن عربى” عن الأحلام والظوهر شبه الحلم إلى النبويات والعرفان: معرفة متلقاة، ومستمرة وذوبانية”، هذا فضلا عن مرور سريع بكلماته عن “العقلية الصوفية أو نمطها فى التفسير والتغيير: نظرية المعرفة عند الخواص وخواص الخواص”.

طفقت أقرأ وأحاور، وأخطط، وأعلق فى الهامش وأنا فرح متردد خائف، ومنعت نفسى كما تعهدت من البداية أن أصرح بأى من ذلك حتى أنتهى، إذ بالله عليكم هل يجوز أن اشير ولو تلميحا إلى بعض ما حاورته فيه وسجلته بحب أوغضب أوعجب أوتعلّم على الهوامش قبل ان أنهى ولو حتى هذا الكتاب مهما كان الموضوع متعلقا بما أتناوله حالا؟

لكننى الآن، بعد أن اقتطفت منه ما اعتذرت به لكم عن التكرار وجتنى أرغب فى تحيته وشكره بصفة مبدئية، وأن أعلن بعض أحوالى معه دون أى نقد أو تعليق، ولكنها مجرد تحية ووعد بأن أدلى بما وجدت يوما ما، إذ أننى لا أجد مفرا من ذلك، وإليكم بعض أحوالى معه (فى حدود ما قرأت من هذا الكتاب فقط!!):

1- تأكدت من سلامة موقفى وضرورة اعتذارى مرحليا عن الإدلاء بأى رأى أو تعقيب، إذ تأكدت أنه علىّ أن أقرأ  كل أو أغلب ما كتب أولا، فهو مشروع واحد يكمل بعضه بعض، وقد نذر له نفسه بشكل محب ملتزم قادر، فإن تعذر ذلك – وهو متعذر بالنسبة لى مرحليا على الأقل- فلا أقل من أن اقرأ ما كتبه عن الأحلام وما يتعلق بها من ظواهر وعلوم وتاريخ وثقافات، قبل أن أسمح لنفسى بأن أناقشه فيما أثبتَ وما رأى.

2- انطلاقا من تحفظى المبدئى على فكرة التفسير (أى تفسير) من حيث المبدأ، (بما فى ذلك تفسير القرآن الكريم كما ذكرت) فقد وجدت أن مسافة نشأت بينى وبين الكتاب قبل أن ألم بما فيه، ذلك أن الكتاب (والكاتب فى مواقع أخرى كثيرة مما وصلنى) يتناول مسألة التفسير (التعبير)(3) بشكل أساسى، بحيث كاد أن يصلنى أننى أقرأ فيما لا يخصنى (أو لا يهمنى)، ومع ذلك، ومن فرط إتقانه وموسوعيته، وتأريخه، وحماسه، رحت أراجع نفسى، وأنا أحترم ما يصلنى – رغما عنى – من هذا  الجهد الهائل الذى بذله ويبذله كل من تصدى إلى ما اعتبرته هامشيا أو على الأقل لاحقا فى الأهمية للعملية التى وراءه، وأيضا للغائية والوظيفة التى أتناول بها الظاهرة، أقول دفعنى ما حصلت عليه من هذا القدر المحدود من الكتاب إلى أن أفكر فى إعادة النظر، وسوف أفعل. (وإن كان يبدو لى مرحليا أننى لن أتراجع)

3- لاحظت أثناء قراءتى، وحوارى معه، وتدويني لملاحظاتى، أنه كلما وصلنى ما يحتاج إلى تعقيب أو اعتراض، أو تحفظ، أو كلما وضعت علامة استفهام على الهامش أو تعجب، لاحظت أننى أقاوم رغبة تلح على أن أسجل رأيى فى ذلك تفصيلا، فرحت أنتظر، وكان انتظارا مفيدا غالبا، إذ كلما حدث ذلك سرعان ما أجده بعد صفحة أو صفحات، قد رد علىّ وكأنه وصله نقدى أو تحفظى أو حيرتى، فهو قادر متمكن: يقلب كل جوانب المسألة التى يتناولها بأمانة المبدع الناقد طول الوقت، ولا يقدمها بوثقانية المذهبى أو أستاذية المحاضِر.

4- بصفة عامة لاحظت أنه يعلى – مثل كل العلماء الملتزمين بالأحدث والألزم- ما هو “عقل” بحيث كاد يصلنى، حتى الآن، أنه لا يعايش بالقدر الكافى أن ثمة عقول كثيرة تعمل فى نفس الوقت، وإن كنت قد تراجعت قليلا عن ذلك  حين وصلنى أنه يلم بكل هذه العقول التى تشغلنى حاليا طول الوقت، لكنه لا يسميها عقلا أصلا، فتكون هذه النقطة خلافية فى التسمية لا أكثر، ألم يقل: “فليس العقل غائبا فى السيرورة الحلمية”؟ وأيضا قال: “وكأن الحلم هو الحياة، أو نوعا من الحياة، وكأن الحياة حلما أو نوعا من الحلم”

5- وأخيرا (بالنسبة لنشرة اليوم على الأقل) فإن ما وصلنى من فرحة وفخر، بالعثور على هذا العربى الجميل القادر، يذكرنا ببضاعتنا التى آن الأوان أن ترد إلينا، دون أن ننفصل عن “دار الإنسان” (وهو المصطلح الذى صكه للانتماء للبشر كافة)، وهذا يحتاج إلى تفصيل لاحق مؤيد بشواهد ومقتطفات، أرجو أن يسمح لى الوقت والصبر أن أعود إليها كلما لزم الأمر، وهو لازم أبدا على ما يبدو.

[1] – يحيى الرخاوى: “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع” مجلة فصول سنة 1985، ثم أعيد نشرها بتحديث محدود فى كتابى “حركية الوجود وتجليات الإبداع” الذى نشر سنة 2007،

[2] – طبعا دهشت من العنوان، لكن ضاعت دهشتى وسط ما غمرنى طول الوقت من فرحتى به وهو يقدم لنا لغتنا فى هذا الثوب القشيب الجديد، الأمر الذى قد اعود إليه لاحقا، وبحثت (ضد ما كنت قد قررته حتى أسمح لنفسى باستيعاب هذه اللغة الجديدة، وهو أن أكتفى بما يصلنى من معنى من السياق كلما تعثرت فى كلمة جديدة أو صادمة باهرة،  لانه وصلنى أن الكاتب قد تجاوز المعاجم بهذا الإثراء الكريم للغة لم اكن أتصور أن أحدا يحبها مثلى، وإذا به يضيف إلى فضيلة حبها ما يتميز به من جسارة وإبداع، المهم: وجدت أن “الإزاء” هو مصب الماء قى الحوض = ما يوضع على فم الحوض إذا صب الماء فيه” وفى نفس الوقت “هو رجل إزاء الأمر: أى خبير به قيم عليه” هل وصلكم مغزى العنوان؟ هذا الرجل عظيم جدا!

[3] – استعمل الكاتب كلمة التعبير كمترادفة لكلمة التفسير، ولم أرتح لذلك، لكنه بدا مصرا، واستعمل أيضا كلمتى “المفسر” و”المعبر” لنفس الغرض!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *