الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى : الفصل الثامن: الدوافع (5)

الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى : الفصل الثامن: الدوافع (5)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 16-9-2020

السنة الرابعة عشر  

العدد: 4764

الأربعاء الحر:

مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى  (1)

مقدمة:

أنتهت نشرة الأسبوع الماضى هكذا:

المعلم: قلت لك إن مراجعة غريزة العدوان لها شأن خاص، ثم دعنا من التقسيمات السابقة يا إبنى الآن، وخلنا فى التصعيد الهيراركى واحدة واحدة.

الطالب: وهو كذلك.

الفصل الثامن: الدوافع (5)

المعلم: فإذا تحقق حفظ الحياة فردا (بغريزة العدوان أساساً والغرائز الفسيولوجية مثل الجوع والعطش … الخ)، ثم تحقق حفظ النوع (بغريزة الجنس على مستواها التناسلى أساساً) انطلق المستوى الثالث وهو ما أسميته “حفظ الكيفية” للنوع، وكنت أتمنى أن أسميها إيجازا حفظ النوعية لولا أنى خفت من الخلط بين النوع والنوعية.

الطالب: إذن لزدتنى ربكة!!.

 المعلم: لا ربكة ولا يحزنون، إنه بعد تحقيق حفظ الحياة ثم الطمأنينة على استمرار النوع بالتناسل، فإن كل نوع يمارس ويطلق تنظيماته التى تحدد تميزه النوعى.

الطالب: ماذا تعنى؟

المعلم: الإنسان مثلا يتميز بأنه حيوان ناطق، أسَرى، اجتماعى، يحتاج إلى الأمن والأمان من خلال التعاون مع أخيه الإنسان بوعى واختيار نسبى إلى آخر هذه الصفات بما يشمل حصوله على المكانة وتكيفه، وكل هذه الصفات العامة المشتركة تندرج تحت حفظ النوعية، ولكل نوع ميزاته التى تميزه عن النوع الآخر وأنه لابد أنه يولد بتنظيمات جاهزة للإطلاق (وهى الدوافع) قادرة على الحفاظ على هذه الصفات.

الطالب: بدأت استوعب ما تريد قوله، ولكن حتى هذه الصفات فإنها تبدو صفات وليست دوافع.

المعلم: لا يوجد تعارض بين أن يكون الدافع صفة أيضا، مع استمرار كونه دافعا هل نسيت أن الدوافع كادت تشمل كل شئ إذا أخذنا بوجهة نظر أنها ليست إلا تنظيمات قابلة للإطلاق، ثم إن المسألة بالنسبة لتحقيق النوعية كدافع، ليست مجرد إطلاق الصفات فحسب ولكنها تشمل الوفاء بالوظائف التى ظهرت لها هذه الصفات، فلا يكفى عند الإنسان أن يصدر أصوات الكلام ليكون إنسانا حقق نوعيته، ولكن ينبغى أن تتشكل هذه الأصوات فى كلمات تؤدى وظيفة حمل المعنى والتواصل معاً وبهذا يحقق نوعيته.

الطالب: آه دخلنا فى الكلام الصعب، إذن هذه تشمل المراحل الأربع الأخيرة عند “ماسلو” … حتى الفهم.

المعلم: تقريبا .. أو قل فعلا.

الطالب: تقريبا أم فعلا؟

المعلم: يا إبنى إن المرحلة التالية عندى وهى تحقيق الذات قد قال بها ماسلو كذلك، وهى ليست عامة للنوع بقدر ما هى خاصة للفرد فى قمة ممارسته وظائفه الإنسانية فى اتصالها وتعاونها مع أخيه الإنسان.

الطالب: تقصد أن مراحل ماسلو امتدت لتشمل مرحلتك الرابعة.

المعلم: نعم مع كثير من التداخل.

الطالب: لكن الفرق بين المرحلة الثالثة عندك وهى دوافع حفظ الكيفية (النوعية) والمرحلة الرابعة التالية وهى دوافع تحقيق الذات للفرد كممثل للنوع لم يتضح لى بعد.

المعلم: عندك كل الحق وفى الأغلب سوف أغير ذلك حين أكتب هذه الفكرة بالتفصيل(2) وأتتبعها فى الأصحاء والمرضى على حد سواء.

الطالب: وإلى أن تراجعوا جنابكم رأيكم: ماذا أفعل أنا فى الامتحان؟

 المعلم: تفكر معى، وتتأمل نفسك وما حولك، وتراجع هذا الفرض، وتفحص الوسائل الممكنة لتحقيقه أو رفضه أو تحويره، فينجلى مـُخك وتمضى كالسهم.

الطالب: ولا داعى لاستذكار بقية العلوم إن شاء الله !!

المعلم: أعنْىِ فيما بعد، فيما بعد.

الطالب: فيما بعد ماذا؟

المعلم: فيما بعد التخرج!

الطالب: خلنا فى الآن لو سمحت وقل لى شيئا يوضح الفرق بين حفظ النوع وتحقيق النوعية.

المعلم: فى الواقع أن صفات النوع ليست على مستوى واحد فالتفكير عند الإنسان مثلا يبدأ كما لاحظت من أبسط المحاولات للتعرف على البيئة “وحل المشاكل” إلى أعلى مراحل الإبداع وفرط الترابط، والمراحل السائدة عند أغلب أفراد النوع هى المراحل التى تحافظ على النوع ككلِّ قادرٍ على التعاون والتشكل مع بعضه البعض، وهذا يتطلب صفات نوعية عامة ومتواضعة فإذا ما تحقق ذلك، فإن الفرد – كممثل للنوع- يمضى فى مرحلة أعلى وهى تحقيق ذاته بمعنى تشغيل كل إمكانياته التى يتصف بها النوع فى أكبر كفاءة حققها بتطوره، ليمتد بالتخليق النمائى المستمر.

الطالب: ماذا تعنى؟

المعلم: إذا كان المخ مثلا يعمل فى الأحوال العادية بكفاءة 10%، (وهى النسبة المعروفة لعدد المشتبكات العصبيةSynapses  التى تعمل معا فى لحظة بذاتها)، فإن تحقيق الذات يسمح بتزايد هذه النسبة تدريجيا فتزيد كفاءة عمل المخ، وتبدأ تجليات الإبداع، إبداع الذات أو انجازاتها..

الطالب: وهل هذا هو تحقيق الذات أم توسيع الذات؟

المعلم: والله عندك حق، تصور أن سيلفانو أريتىSilvano Arieti  قد اعترض على كلمة تحقيق الذاتSelf Actualization هذه، وفضل عليها كلمة قريبة جدا مما قلت أنت الآن (حتى لو كنت قد قلتها ساخرا) وهى كلمة امتداد الذات Self Expansion.

الطالب: يبدو أن ذاتى، تتمدد بحرارة النقاش، يكفينا هذا اليوم اعمل معروفا، لقد بدأت أرتبك

المعلم: حاضر، نلتقى الأسبوع القادم.

[1] –  يحيى الرخاوى: “دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)،  والكتاب قديم مهم (الطبعة الأولى سنة 1982 ) ولم يتم تحديثه فى هذه الطبعة، موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] – ودعنى أكرره خشية أن تكون قد نسيته:

أفضل الآن 2018 أن أتكلم عن “تفعيل الأسطورة الذاتية” بدلاً من تحقيق الذات الفردية، ويمكن الرجوع إلى نقدى المقارن بين السيميائى وكويلهو وابن فطومة فى دورية نجيب محفوظ ، العدد الثانى: ديسمبر 2009، المجلس الأعلى للثقافة: “الأسطورة الذاتية: بين سعى كويلهو، وكدْح محفوظ”.

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *