الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى الفصل‏ ‏العاشر: عن الحلم والإبداع والنوم (10)

الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى الفصل‏ ‏العاشر: عن الحلم والإبداع والنوم (10)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 27-1-2021

السنة الرابعة عشر  

العدد: 4897

الأربعاء الحر:

مقتطف من: “دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” (1) 

الفصل‏ ‏العاشر: عن الحلم والإبداع والنوم (10)

مقدمة:

توقفنا الأسبوع الماضى والطالب يتعجب من تعبير المعلم إن للنوم وعى؟

ونكمل اليوم:

الطالب: بالله عليك كيف أبلع هذا التعبير “وعى النوم” وقد اعتدنا أن نتصور أن الوعى هو الشعور والإحساس

المعلم: النوم يعتبر الآن حالة خاصة من الشعور Special State of Consciousness  ولعلك تذكر أنى رفضت كلمة اللاشعور حتى كدت أقول لك أنى أفضل تعبير شعور “1”، وشعور “2” وهكذا.

الطالب: لا اذكر شيئا أو لعلى نسيت قصدا لأنها معلومات تقلب موازينى كالعادة، فكيف يكون النوم شعوراً؟ لا حول الله ياربى.

المعلم: لا تربك نفسك ودعنى أذكّرك بأننا عجزنا عن تعريف الشعور والوعى بشكل نهائى، وسيأتى ذلك لاحقا، فدعنا ننطلق إلى ما هو أنفع من النقاش اللغوى.

الطالب: إذن فحدثنى عن أهمية النوم ونفعه، أو دلالته، أو أى شئ يبعدنا عن التعريف والجدل اللغوى.

المعلم: اسمع يا سيدى:

1- النوم يحدث بطريقة دورية شبه قهرية، وهو يمثل بذلك ظاهرة تعتبر محورا فى تفكيرى وفهمى للمخ، وهى أن المخ البشرى عضو نابض Pulsating، أو قل عضو نوبى Phasic، بل إن الحياة كلها كذلك، وحتى ما بعد الحياة – فى تصورى – لابد أن يكون كذلك.

الطالب: واحدة واحدة، من فضلك واحدة واحدة.

المعلم: يستغرق النوم الحالم حوالى ربع وقت النوم، فكل تسعين دقيقة يظهر النوم الحالم عشرين دقيقة وهكذا

الطالب: لقد  ذكرنا ذلك من قبل وأشرنا إلى هذا النظام المتبادل؟ وكأنه التبادل بين النوم واليقظة.

المعلم: بالضبط، إن كل الظواهر البيولوجية تدل على هذه النوابية أو الدورية.

الطالب: وهل يولد الإنسان هكذا منتظما نوابيا دوريا منذ البداية وحتى النهاية؟

المعلم: إن هذا الانتظام يرتبط بنمو المخ وتنظيمه المنسق، فالطفل حديث الولادة…. ينام أغلب الوقت ثم تزداد ساعات يقظته تدريجيا، ولا داعى للتفاصيل.

الطالب: أوافق أنه لا داعى للتفصيل ولكن هل عرفتم أسباب النوم؟

المعلم: هناك نظريات كالعادة، بعضها توارى بعد أن ثبت ضعف حججه، ومثال ذلك النظرية القائلة بأن النيورونات، وخاصة فى جذع المخ (فى التكوين الشبكى Reticular Formation) يصيبها التعب أثناء اليقظة، فتتوقف عن العمل جزئيا فيحدث النوم، وقد ثبت ضعف هذه النظرية لأننا نستطيع – مثلا – أن نسهر بعد ما نتصور أننا تعبنا تعبا مفرطا وأن النوم حتم، وغير ذلك من أدلة لا مجال لذكرها، وطبعا انتهت نظريات أقدم كانت تفسر النوم بتجمع مواد كيميائية خاصة لتنظيم النوم.

الطالب: كلها نظريات وكلها انتهت، فماذا تبقى الآن؟

المعلم: تبقى إن النوم يمثل الأرضية الفسيولوجية التى تحدث فيها الأحلام بكل دلالاتها وعلاقتها بالمرض والصحة وفهم الجانب الآخر من حياة البشر كما ذكرنا حالا، فالنوم يمثل التناوب الفسيولوجى بين نشاط مستويات المخ، فيفتح الباب لفهم التناوب المرضى فى كثير من دورات الأمراض النفسية والعقلية، ثم إن اضطراب النوم يعتبر قياساً حساسا لحالة الصحة والمرض آخذين فى الاعتبار الاختلافات الفردية الشاسعة بين الأفراد.

الطالب: كأنى بك تقول: لو فهمنا النوم لفهمنا المخ، ولوفهمنا المخ لفهمنا الإنسان.

المعلم: هو كذلك تقريبا إن شئت، على شرط أن نميز بين طورىْ النوم ووظيفة كلٍّ منهما.

الطالب: فما هى الفروق بينهما؟

المعلم: النوم الهادئ (2) Quiet Sleep هو النوم الخالى من الأحلام، لكن ليس تماما، فقد ثبت أن به أحلاما اقل نشاطا وإن لم يتحدد الفرق تماما، وهو نوم يتميز بندرة حركات العين السريعة والوجه وسكون الجسم، وتتخلله اختلاجات من وقت لآخر، ويظهر فى رسام المخ الكهربى فى شكل موجات بطيئة جسيمة، بعكس النوم المفارق (3) Paradoxical Sleep،  (نوم الريم) فقد سمى كذلك لأنه يتميز بنشاط فى كافة المجالات بما لا يتفق مع فكرة النوم من حيث هو راحة واسترخاء، ففيه يكون التنفس سطحى غير منتظم، والنبض غير مستقر، كما تصحبه حركات بسيطة فى اليدين والقدمين مع دفعات من حركات سريعة للمقلتين، وإذا ايقظنا شخصا فى تلك الفترة فإنه عادة ما يخبرنا أنه كان يحلم.

الطالب: لقد قلبت معلوماتى، هكذا جعلتنى أتصور أن فى النوم يقظةً ما.

المعلم: عليك نور، ألم نقل أنها درجات فى الشعور والوعى، لا أكثر ولا أقل فإذا كانت اليقظة درجة من النشاط فالنوم الحالم درجة أخرى والنوم الهادئ درجة ثالثة وهكذا.

الطالب: وهل اليقظة درجات أيضا؟

المعلم: طبعا، ولكن لهذا حديث آخر، قد نعود إليه وقد لا نعود.

الطالب: ياليتنا نعود إليه.

المعلم: ثم تعود تشكو من أنه غير مقرر وكلام من هذا القبيل.

الطالب: إذا فحدثنى عن المقرر.

المعلم: الرأى الأغلب أن هناك جهازا مسئولا عن اليقظة، وهو التكوين الشبكى الصاعد، وأى تثبيط لعمل هذا الجهاز قد يثير جهازا أخر مسئولا عن النوم.

الطالب: ولكن ما هى الفوائد التطيبيقية لكل هذه المعلومات؟

………..

ونكمل الأسبوع القادم

[1] –  يحيى الرخاوى: “دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)، والكتاب قديم مهم (الطبعة الأولى سنة 1982) ولم يتم تحديثه فى هذه الطبعة، موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2] -‏ ‏ويسمي‏ ‏أحيانا‏ ‏النوم‏ ‏العادي‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏الحالم‏ ‏أو‏ ‘‏النوم‏ ‏دون‏ ‏حركة‏ ‏العين‏ ‏السريعة‏ NREM Non-Rapid-Eye-Movement sleep ‏ وقد‏ ‏رمزت‏ ‏له‏ ‏بالكلمة‏ ‏قد‏ ‏حس‏ ‏في‏ ‏مقابل‏ ‏الزمز‏ ‏نحعس‏ ‏الذي‏ ‏يعني‏ ‏نوم‏ ‏حركة‏ ‏العين‏ ‏السريعة‏ ‏كما‏ ‏سيلي‏.‏

[3] – ويسمى أيضا نوم الحركة العين السريعة نجعس، أو النوم الحالم، أو النوم النشط أو كما ذكرنا حسب أ.د. مستجير نوم “الريم”، أنظر هامش “56”.

 

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *