الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى: الفصل‏ السادس: التفكير (3)

الأربعاء الحر: مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى: الفصل‏ السادس: التفكير (3)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 22-07-2020

السنة الثالثة عشرة

 العدد: 4708

الأربعاء الحر:

مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى  (1)

مقدمة:

انتهى المقتطف السابق كالتالى:

المعلم: إن ما يهمنى فى ذلك هو خطوات تطور اللغة بشكل خاص حتى تصبح الكلمة هى المفهوم الذى تتضمنه وهذا يمر بمراحل، وقد وصف أريتى )وهو طبيب نفسى كما سبق أن ذكرت لك وليس عالم نفسى(، ويبدو أنه يتبع إلى حد ما طريقتنا هذه فى البحث والتفكير، وصف (سنة 1976 (2) ما يتعلق بما نقول فى ثلاث مراحل.

ونكمل اليوم

الفصل‏ السادس: التفكير (3)

(أ) مرحلة الدلالة أو الإشارة (التسمية) Denotation وهى المرحلة التى يرتبط فيها اسم الشئ بذات الشئ كإشارة دالة دون مفهوم متكامل، وفى هذه المرحلة يكون أغلب محتوى اللغة مجرد مجموعة من الأسماء.

(ب) ثم مرحلة التلفيظ Verbalization: وهى المرحلة التى تكتسب فيها الكلمة (أو اللفظ) أهمية لذاتها أكبر وأبعد من مجرد دلالتها على شئ محدد، أى أن الكلمة لا تصبح مجرد رمز مرتبط مباشرة بما يدل عليه، ولكنها تصبح ذات شخصية مستقلة وهذه المرحلة رغم وظيفتها الاقتصادية وأهميتها إلا أنها لا ترتبط مباشرة بتكوين المفهوم بكامل أبعاده.

(د) وأخيرا المرحلة التضمينية Connotation، وهنا يعتبر هذا التضمين هو “تعريف” الشئ أو “مفهومه”، وهنا تصبح الكلمة تمثل “مفهوما” فعلا وليست مجرد دلالة على شئ ولا قائمة بذاتها مجرد رمز لشئ، وكل كلمة تمر بتاريخ تضمينى Connotative History طويل حتى تحتوى المفهوم بدقة، فلا تصبح أكبر منه ولا يصبح أكبر منها، ولكن مزيدا من الزمن قد يغير المضمون(3)

الطالب: يا سلام!! العلم نور والله العظيم حتى ولو لم يكن مقررا علينا

المعلم: فتحت نفسى الله يفتح عليك.

الطالب: كأن اللغة فى المرحلة الأولى هى أصوات تعين فى التفاهم ولا تحتوى كل أبعاد المعنى، أما فى المرحلة الثانية فهى مستقلة الشخصية مثلما ترتص الألفاظ مع بعضها فى الشعر أحيانا دون علاقة مباشرة جاهزة بالواقع الحى المباشر، وفى المرحلة الأخيرة تصبح اللغة هى المضمون ذاته أى المفهوم الذى نعنيه.

المعلم: ماذا أبقيت لى يا عفريت؟

الطالب: قل لى بربك إذا كانت كل كلمة هى مفهوم قائم لمعنى فكيف تتواصل المفاهيم وتتكون الأفكار كما ذكرت لى عن الأفكار المركزية واللامركزية.. وغيرها؟

المعلم: إن الأفكار وهى مجموعات منظومات مفهومية Conceptual systems تمثل كل منظومة منها مفهوما مركبا أعلى، وهكذا حتى نصل إلى الفكرة المركزية الأم المتعلقة بهدف وغائية الحياة ذاتها.

الطالب: إنك تستعمل كلمة الأفكار استعمالا عميقا لا يقتصر على الرمز ولا على المفاهيم.

المعلم: هذا أفضل وأسلم لأن بعض الإنسانيين من علماء النفس وعلى رأسهم أبراهام ماسلو Abraham Maslow اتهموا إنسان العصر بأنه يعيش عالم المفاهيم بشكل مفرط مما يبعده عن الواقع العيانى الحى، فعلى قدر ما تقدَّم ظهور ما هو “المفهوم” بالإنسان ووفر له الوقت وسهل له التواصل، فقد كاد يسجنه فى “دنيا المفاهيم” التى هى مغتربة بالضرورة بدرجة أو أخرى عن الواقع الحى النابض.

الطالب: ولكن حديثك عن الأفكار بما هو أعمق من المفاهيم يوحى لى بأنك تعنى ما هو لاشعورى أيضا.

المعلم: ألم أخبرك أنى لا أميل إلى استعمال هذا اللفظ المنفى وأفضل عليه لفظ “الشعور الأعمق”، أو “الشعور الأبعد” عن متناول الوعى الظاهر، المهم دعنا نستعمل أى تعبيراً ليس بالنفى، ولا بالتجهيل.

الطالب: حاضر يا سيدى: أصيغ سؤالى ثانية هكذا: حديثك عن الأفكار يوحى لى بأنك تعنى أنها ليست كلها فى “الشعور الأول” بل إنها تكمن حتى الشعور “السابع” .. هل يرضيك هذا؟

المعلم: هو أقرب إلى ما أريد توصيله إليك فعلا، والإجابة عندى هى أن: “نعم”، فالتفكير قد يكون ظاهرا، وكثيرا ما يكون باطنا، وهو يتم فى الحلم مثلما يتم فى اليقظة، وفى فترات الكمون والحضانة يكون ساريا ومسلسلا حتى لحظات الإشراق يخرج جاهزا ناضجا فى كثير من الأحيان، وبمجرد أن تمسك القلم لتخطط لمشروع أو حتى تكتب رسالة، تجد أن النتاج الفكرى يخرج وكأنه معد من قبل، هذا إذا كان عقلك منظما وطلاقتك جاهزة (وهو الشئ الطبيعى فى الإنسان السوى)، وقد تكون حيل التنويم (المغناطيسى)، والإيحاء أثناءه، ثم ما يتبع الإفاقة منه من تنفيذ لما أوحى به، قد يكون فى ذلك دليل آخر لحدوث التفكير على المستوى الأعمق بعيدا عن قبضة وعى اليقظة

الطالب: ولكنى حين حاولت أن أصدق حديثك هذا عن أن الإنسان هو كتلة معلومات وذكريات، وأنه نتاج التعلم، ثم هو ينتظم بتناسق التفكير وتسلسل الأفكار تراجع عندى دور العواطف حتى أننا نهمشها أو ربما ننكرها

المعلم: هذا صحيح، وقد عملها كثير من العلماء بلا تردد.

الطالب: عملوا ماذا؟ أنكروا العواطف؟

المعلم: نعم.

الطالب: هل نويتم أن تجففوها وتتوكلوا على الله.

المعلم: نجفف ماذا؟

الطالب: تجففون حياتنا من العواطف ولا يبقى إلا التفكير والعياذ بالله؟

المعلم: إن التفكير يستمد طاقته مما هو عاطفة، ولكنه هو فى ذاته فى صورته النقية الموضوعية لا يصطبغ بالعواطف اللهم إلا إذا كان ذاتيا أو خياليا

الطالب: تقول إن التفكير يستمد طاقته من العواطف، فماذا تفعل الدوافع إذاً؟

المعلم: لماذا تتعجل الأمور، إن موضوع العواطف هو والدوافع يمثلان الوظائف الدوافعية معاً، وأن هذا فصل تال، بل إن العواطف فى آخر تطورات العلم تفكر بطريقتها

الطالب: ماذا؟ ماذا؟ العواطف تفكرِّ؟

المعلم: انتظر حتى نأتى لموضوع الوجدان وهو الأسم الذى أفضله عن لفظى “العواطف أو الانفعال”

الطالب: حاضر حاضر خلنا فى التفكير وأبعاده

……………….

ونواصل الأسبوع القادم

 

[1] -يحيى الرخاوى: “دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)،  والكتاب قديم مهم (الطبعة الأولى سنة 1982 ) ولم يتم تحديثه فى هذه الطبعة، موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط  www.rakhawy.net 

[2[- أنظر الهامش رقم (26) صـ 112

[3] – إذا زادت هذه الظاهرة وتضخمت على حساب ما قبلها وما بعدها فهى تسمى اللفظنة Verbalism وهى ما يتصف به الذهنيون (المثقفون) المغتربون كما تظهر فى الفصام بوضوح، حين يستقل اللفظ عن السياق.

admin-ajaxadmin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *