الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / إبداع الشخص العادى، وإبداع المرأة !!

إبداع الشخص العادى، وإبداع المرأة !!

يوميا” الإنسان والتطور

29-9-2007

إبداع الشخص العادى، وإبداع المرأة !!

 وجدت هذه الوريقات بين أوراقى هكذا ، وبحثت عنها  فيما نشر لى فلم أجده بهذا التركيز الواضح،  فقلت اقدمها لقرائى الجدد فى الموقع، لعل:

‏ تفرقة‏ ‏بين‏ ‏إبداع‏ ‏الحياة‏ ‏اليومية‏ ‏والناتج‏ ‏الابداعى:‏

كلما‏ ‏ذكرت‏ ‏مسألة‏ ‏الإبداع‏ ‏قفزت‏ ‏إلى ‏السطح‏ ‏أسماء‏ ‏ديستويفسكى ‏وأينشتين‏ ‏ونجيب‏ ‏محفوظ‏ ‏وجميل‏ ‏شفيق‏ ‏وجميس‏ ‏جويس‏ وصلاح‏ ‏جاهين‏، ‏وعشرات‏ ‏بل‏ ‏مئات‏ ‏من‏ ‏قادة‏ ‏الفكر‏ ‏والعلم‏ ‏والفن‏ ‏والتشكيل‏، ‏حسنا‏، ‏ولكن‏ ‏هل‏ ‏هذا‏ ‏هو‏ ‏كل‏ ‏الإبداع؟‏ ‏وهل‏ ‏يختص‏ ‏صفوة‏ ‏من‏ ‏الناس‏ ‏أن‏ ‏يكونوا‏ ‏هم‏ ‏المبدعون‏ ‏وأن‏ ‏يتولوا‏ ‏عن‏ ‏سائر‏ ‏الناس‏ ‏مهمة‏ ‏الدهشة‏ ‏والتجديد‏ ‏والمراجعة‏ ‏وكأنهم‏ ‏يقدمون‏ “‏وجبات‏ ‏جاهزة‏” ‏لبقية‏ ‏البشر‏ ‏تحمل‏ ‏لهم‏ ‏احتياجاتهم‏ ‏من‏ ‏الجديد‏ ‏والجميل؟

إن‏ ‏الأمر‏ ‏ليس‏ ‏هكذا‏ ‏تماما‏، ‏بل‏ ‏إنه‏ ‏ليس‏ ‏هكذا‏ ‏أصلا‏، ‏ذلك‏ ‏أنه‏ ‏حتى ‏المبدع‏ ‏من‏ ‏الصفوة‏ ‏لا‏ ‏يخاطب الناس ‏باعتبارهم‏ ‏أوان‏ ‏فارغة‏ ‏تحتاج‏ ‏إلى ‏الملء‏، ‏وإنما‏ ‏يكتب‏ ‏المبدع‏ ‏أو‏ ‏يشكل‏ ‏أو‏ ‏يكتشف‏ ‏نظرية‏ ‏أو‏ ‏يمسرح‏، وا‏لناس‏ ‏يشاركونه‏ ‏عملية‏ ‏الإبداع‏ ‏بإعادة‏ ‏إبداع‏ ‏ما‏ ‏أنتج‏، ‏من‏ ‏خلال‏ ‏التلقى ‏المتميز‏ ‏لناتج ما فَعَلْ‏، ‏وحتى ‏ونحن‏ ‏نحترم‏ ‏حقيقة‏ ‏أن‏ ‏المبدعين‏ ‏هم‏ ‏الصفوة‏ ‏القليلة‏، ‏وأن‏ ‏حضارة‏ ‏أمة‏ ‏وإسهامها‏ ‏فى ‏المسيرة‏ ‏البشرية‏ ‏إنما‏ ‏تقاس‏ ‏بعدد‏  ‏مبدعيها‏ ‏من‏ ‏هؤلاء‏ ‏الصفوة‏، ‏فإن‏ ‏هذا‏ ‏العدد‏ ‏يزيد‏ ‏حتما‏ ‏بزيادة‏ ‏القاعدة‏ ‏العريضة‏ ‏من‏ ‏المبدعين‏ ‏عامة‏، ‏أى ‏من‏ ‏المبدعين‏ ‏العاديين‏، ‏المبدعين‏ ‏الغُفل‏، ‏وهكذا‏، (‏تماما‏ ‏مثلما‏ ‏تكون‏ ‏قوة‏ ‏الفريق‏ ‏القومى ‏لكرة‏ ‏القدم‏ – مثلا- ‏مرتبطة‏ ‏بعدد‏ ‏عشرات‏ ‏أو‏ ‏مئات‏ ‏الألوف‏ ‏الذين‏ ‏يمارسون‏ ‏كرة‏ ‏القدم‏ ‏فى ‏المدارس‏ ‏والساحات‏ ‏والشوارع‏ ‏والنوادى ‏الصغيرة‏)‏

إن‏ ‏الإبداع‏ ‏هو‏ ‏عملية‏ ‏إعادة‏ ‏تشكيل‏ ‏المعلومات‏ ‏الكامنة‏ ‏والواردة‏ ‏بحيث‏ ‏تصاغ‏ ‏فى ‏تنظيم‏ ‏جديد‏ ‏يضيف‏ ‏إلى ‏الوعى ‏مايعيد‏ ‏صياغته‏ ‏ويحافظ‏ ‏على ‏حيويته‏، ‏وقد‏ ‏يخرج‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏العملية‏ ‏ناتج‏ ‏إبداعى ‏متميز‏ (‏وهو‏ ‏ما‏ ‏أشرنا‏ ‏إليه‏ ‏من‏ ‏ناتج‏ ‏عطاء‏ ‏الصفوة‏ ‏المبدعة)‏ ‏أو‏ ‏قد‏ ‏يحقق‏ ‏استمرار‏ ‏طزاجة‏ ‏وحركية‏ ‏الوعى ‏على ‏طريق‏ ‏النمو‏ ‏والتطور‏ ‏الجمعى ‏أو‏ ‏الفردى. ‏

تقاس‏ ‏القدرة‏ ‏على ‏الإبداع‏ ‏فى ‏الفعل‏ ‏اليومى لأى  شخص ‏بمساحة‏ ‏مدى ‏كلٍّ‏  ‏مما‏ ‏يلى‏:‏

‏(1) ‏القدرة‏ ‏على ‏إعادة‏ ‏النظر‏ ‏فى ‏ما‏ ‏استقرت‏ ‏عليه‏ ‏الأمور‏ (‏ولو‏ ‏مجرد‏ ‏إعادة‏ ‏النظر‏ ‏دون‏ ‏تغيير‏)‏

‏(‏ب‏) ‏إمكانية‏ ‏تجدد‏ ‏نوع‏ “‏إدراك”‏ ‏الطبيعة‏ ‏المحيطة‏ ‏من‏ ‏ناس‏ ‏وأشياء.

‏(‏ج‏) ‏الحفاظ‏ ‏على ‏قدر‏ ‏مناسب‏ ‏من‏ ‏الدهشة‏ ‏حتى ‏بالنسبة‏ ‏للأفكار‏ ‏والمعلومات‏ ‏القديمة

‏(‏د‏) ‏تحمل‏ ‏تذكر‏ الحلم (بتخليقه فورا) ‏‏ ‏أثناء نقلة الاستيقاظ‏، ثم تحويره تلقائيا أحيانا.

‏(‏س‏) ‏القدرة‏ ‏على ‏عمل‏ ‏علاقة‏ ‏مع‏ مجهول‏ ‏من‏ ‏الناس‏ ‏والأشياء‏ دون معرفة مسبقة.

‏(‏و‏) ‏القدرة‏ ‏على ‏قراءة‏ ‏الكتابات الراتبة (الروتينية)  ‏وكأنها‏ ‏تحوى ‏جديدا‏ ‏يستأهل الصحف اليومية مثلا.

‏(‏ز‏) ‏القدرة‏ ‏على ‏تجديد‏ ‏علاقة‏ ‏الإنسان‏ ‏بالدين‏، ‏وبالشعائر‏، ‏من‏ ‏حيث‏ ‏طعمها‏ ‏وتوظيفها‏، ‏وليس‏ ‏بالضرورة‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏رتابتها‏ ‏وإلزامها

‏(‏ح‏) ‏القدرة‏ ‏على ‏التراجع‏ ‏المدروس‏ ‏عن‏ ‏آراء‏ ‏ومعلومات‏ ‏كانت‏ ‏تبدو‏ ‏مقدسة.

‏(‏ك‏) ‏القدرة‏ ‏على ‏استيعاب‏ ‏استعمال‏ ‏أدوات‏ ‏جديدة‏ ‏لأغراض‏ ‏قديمة‏ ( ‏مثل‏ ‏استعمال‏ ‏الكمبيوتر‏ ‏الشخصى، ‏بما‏ ‏فى ‏ذلك‏ ‏شبكات‏ ‏الاتصال‏ ‏أو‏ ‏استعمال‏ ‏مستحدثات‏ ‏أدوات‏ ‏الزراعة‏، ‏أو‏ ‏تعديلات‏ ‏التصنيع‏… ‏الخ‏)‏.

‏(‏ل‏) ‏القدرة‏ ‏على ‏تحمل‏ ‏الاختلاف‏، ‏مع‏ ‏الحفاظ‏ ‏على ‏قدر‏ ‏حقيقى ‏من‏ ‏احترام‏ ‏الخصم‏ ‏المخالف‏ ‏واحتمال‏ ‏الاستفادة‏ ‏منه.

وبعـد

إن‏ ‏تحقيق‏ ‏هذه‏ ‏المرونة‏ ‏مع‏ ‏استعمال‏ ‏أبجدية‏ ‏المعارف‏ ‏الموضوعية‏ ‏لا‏‏بد‏ ‏وأن‏ ‏يسمح‏ ‏بتكوين‏ ‏قاعدة‏ ‏عريضة‏ ‏من‏ ‏العقول‏ ‏النشطة‏ ‏الحركية‏ ‏القادرة‏ ‏على ‏التشكيل‏ ‏المتجدد‏، ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏تكوين‏ ‏عقول‏ ‏لامعة‏ ‏تحتوى ‏معلومات‏ ‏مصقولة‏  ‏تكاد‏ ‏تصبح‏ ‏مقدسة‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏الثبات‏ ‏والجمود‏.‏

إبداع المرأة

من خلال هذه المقدمة يمكن إعادة النظر فى الزعم القائل إن المرأة مقارنة بالرجل ‏ليست‏ – ‏إحصائيا‏ ‏- مبدعة‏، ‏نابغة‏ بصفة عامة وفى المجال العلمى خاصة، هذا  ‏ظلم‏ ‏لها‏ ‏ولحقيقة‏ ‏دورها‏ ‏وللإضافات‏ ‏الإبداعية‏ ‏الأصيلة‏ ‏التى ‏تمارسها‏ من ‏قبل‏ ‏ومن بعد‏.‏ ويمكن مراجعة هذه المقولة بالنظر فى بعض المحاور التالية:

أولا: ليس‏ ‏معقولا‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ المرأة هى ‏نصف‏ ‏البشرية‏ ‏ثم‏ ‏يكون‏ ‏ناتجها‏ ‏الإبداعى (وليس إبداعها) بهذه الضآلة مقارنة بناتج الرجل الإبداعى.‏.‏

ثانيا‏: ‏لايكفى ‏لتفسير‏ ‏هذه‏ ‏الندرة‏ ‏فى ‏الناتج‏ ‏الإبداعى  للمرآة  ‏أن‏ ‏نكتفى بذكر ‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏فرصها‏ ‏ ‏ ‏أقل‏، ‏وأن‏ ‏وقتها‏ ‏أضيق‏ ‏وأن‏ ‏أدواتها‏ ‏محدودة‏ ، وان قهرها أكثر سحقا … ‏إلخ‏،

ثالثا‏:‏ ‏لايجوز‏ ‏أن‏ ‏تُستدرج‏ ‏المرأة‏ ‏إلى أن ترضى بدورها البيولوجى إبداعا لحفظ نوع البشر ، لا شك أنه دور رائع بطبيعته،  فالمرأة هى ‏التى ‏تحمل‏ ‏وتلد‏، ‏ لكن كل الثدييات هكذا، والمرأة  كائن ‏بشرى ‏له‏ ‏ما‏ ‏يميزه‏ ‏عن‏ ‏سائر‏ ‏المملكة‏ ‏الحيوانية‏‏، ‏وبالتالى ‏فإن هذا الزعم هو‏ ‏أقرب‏ ‏إلى ‏الاستهانه‏ ‏أو‏ ‏الإهانه‏ ‏وكأننا ‏ ‏نرشو‏ ‏المرأة‏ ‏أو نلهيها للاكتفاء بدورها‏ ‏فى ‏الحمل‏ ‏والولادة

رابعا: يترتب على ذلك أن يسقط القول بأن ‏ ‏فرط‏ ‏الناتج‏ ‏الإبداعى ‏للرجل‏ ‏هو انطلاق‏ ‏من‏ ‏ظاهرة‏ ‏أو‏ ‏عقدة‏ “‏حسد‏ ‏الرحم“،uterus envy ‏(مقابل حسد القضيب penis envy عند المرأة كما يزعم فرويد) إن ‏ثم‏ ‏فرضا‏ ‏يزعم‏ ‏أن‏ ‏الرجل‏ ‏إذ‏ ‏يفتقد‏ ‏دورا‏ ‏أساسيا‏ ‏فى ‏الإبداع‏ ‏البيولوجى ‏إنما‏ ‏يمارس الإبداع ناتجا ماثلاً ‏من‏ ‏واقع‏ ‏افتقاره‏ ‏إلى ‏الحمل‏ ‏فالولادة‏، ‏وبالتالى هو ‏يبدع‏ بإفراط  ‏لتعويض‏ ‏هذا‏ ‏النقص‏. ‏ وحتى ‏على فرض ‏صحة‏ ‏هذا‏ ‏الفرض،‏ ‏فلا‏ ‏ينبغى ‏أن‏ ‏يستعمل‏ ‏كحق‏ ‏أريد‏ ‏به‏ ‏باطل‏، ‏وهو‏ ‏إعاقة‏ ‏المرأة‏ ‏ونصحها‏ ‏بالتنازل عن حقها فى الإسهام فى إعادة تشكيل الحياة وكشف خفاياها إبداعا فى سائر مجالات الوجد ‏، ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏مسار‏ ‏الإنسان‏ ‏لا‏ ‏يقف‏ ‏عن‏ ‏حفظ‏ ‏النوع‏ ‏وإلا‏ ‏فما‏ ‏الذى ‏يميزه‏ ‏عن‏ ‏سائر‏ ‏الأحياء‏، ‏وإنما‏ ‏يمتد‏ ارتقاء الإنسان وتطوره ‏إلى ‏حفظ‏ ‏النوعية‏ ‏وهى ‏الصفات‏ ‏التى ‏يتفوق‏ ‏بها‏ ‏على ‏سائر‏ ‏الأحياء‏، ‏ولابد‏ ‏من‏ ‏التأكيد‏ ‏على ‏دور‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏الرجل‏ ‏والمرأة‏ ‏على ‏حد‏ ‏سواء‏ ‏فى ‏مسار‏ ‏تطور‏ ‏الوعى ‏البشرى ‏بما‏ ‏هو‏ ‏بشرى، ‏وليس‏ ‏مجرد‏ ‏دور‏ ‏كل‏ ‏منهما‏ ‏فى ‏الحفاظ‏ ‏على ‏استمرار‏ ‏بقاء‏ ‏النوع‏ ‏.‏

إن من أهم‏ ‏ما‏ ‏يميز‏ ‏الإنسان‏ ‏هو‏ ‏أنه ‏كائن‏ ‏مبدع‏ ‏فى ‏ذاته‏ ‏بذاته‏، ‏

  • وكلما‏ ‏كان‏ ‏داخل‏ ‏الانسان‏ (‏بما‏ ‏يشمل‏ ‏نقائض‏ ‏ظاهره‏) ‏أقرب‏ ‏إلى ‏التناول‏ ‏والتحريك والتشكيل من خلال وعيه‏ ‏الظاهر‏، ‏كان‏ ‏الإنسان‏ ‏مبدعا‏.‏
  • وكلما‏ ‏كانت‏ ‏مساميّة‏ ‏الإدراك‏ ‏عند‏ ‏الشخص‏ ‏أكثر‏ ‏رحابة‏ ‏كان‏ ‏الانسان‏ ‏مبدعا‏.
  • وكلما‏ ‏كانت‏ ‏مرونة‏ ‏الفعل‏ ‏لديه‏ ‏أكثر‏ ‏طواعية‏ ‏كان‏ ‏الإنسان‏ ‏مبدعا‏.‏

خلاصة‏ ‏القول‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المقدمة‏:‏

‏(1) ‏إن‏ ‏المرأة‏ ‏حرمت‏ ‏من‏ ‏الاعتراف‏ ‏بفضلها‏ ‏فى ‏إبداع‏ ‏كل‏ ‏من‏  ‏الحياة‏ ‏والوعى ‏البشرى.‏

‏(2) ‏وأنها‏ ‏تتحرر‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏تبدع‏، ‏وتبدع‏ ‏بقدر ما‏ ‏تتحرر‏.‏

‏(3) ‏وأنها‏ ‏ليست‏ ‏أقل‏ ‏من‏ ‏الرجل‏ ‏إلا‏ ‏فى ‏الفرص‏ ‏والمساحة‏ ‏المتاحة‏ ‏للحركة‏ ‏وتنمية‏ ‏القدرات‏.‏

‏(4) ‏وأن‏ ‏تحررها‏ ‏بتكاملها‏ ‏الذاتى ‏مع‏ ‏الرجل‏، ‏وبه‏، ‏هو‏ ‏السبيل‏ ‏لتحرر‏ ‏الرجل وليس فقط تحررها ‏ ‏على ‏مسارهما‏ ‏المشترك‏.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *