الرئيسية / مقالات صحفية / اليوم السابع / لا بديل عن “الدولة”، برغم القصور البشرى

لا بديل عن “الدولة”، برغم القصور البشرى

اليوم السابع

الأثنين : 26-8-2013

لا بديل عن “الدولة”، برغم القصور البشرى

أنهيت كلمتى أمس بأنه لا مفر من احترام  القضاء، وأن نتعلم من أخطائنا التى سمحت له (لمبارك) ولخلفه بأن يخطئوا لهذه الدرجة بهذه الجسامة، ….إلخ

أضيف اليوم أننى لا أخص أخطاء هؤلاء الذين لم يمكن إدانتهم برغم احتمال أخطائهم بل جرائمهم، لكننى أعنى أيضا أخطاء قصور الأدوات الرقابية والراصدة التى عجزت عن تسجيل الأخطاء موضوعيا، لتتيح الفرصة لإعمال مبدأ الشرعية فالمحاسبة، هذا يحتاج منا إلى إعادة النظر فى الهيئئات الرقابية وقوانينها، وطريقة المحاسبة وأدواتها…إلخ

حتى تنتظم شؤون أى جماعة إنسانية (حتى الأسرة) لتبقى وتنتج، لا بد من دولة ، بل إن الجماعات قبل الإنسانية لها دوَلها أيضا: مملكة النحل لها دولة، وجبلاية القرود لها دولة، وجيوش النمل لها دولة، وربما يثبت – بحسابات الانقراض والتطور- أن أفسد نظم  دول الأحياء حاليا هو نظم الدولة التى ابتدعها الإنسان المعاصر مؤخرا، إذا أنه بدلا من أن يجمع قوانين البقاء، ويحسّن من برامج نظم التعايش بين البشر، والتكافل مع الأحياء الأخرى والطبيعة، تلك القوانين التى أبقت على هذه الأنواع – بفضل الله-  راح  يبتدع وسائل للتمويه، والتعتيم، والمناورة، والتآمر، وإلغاء الوعى الأرقى، وسائل تسمح للأقوى عتادا والاقدر إهلاكا، بإبادة افراد من نفس نوعه حتى دون قتال، كل ذلك لهدف أن يحتكر لنفسه  نعم الله له دون سائر البشر، ثم يستعمل من تبقى من البشر عبيدا له لا لله، إذ يمسخهم نوعا أدنى من الأحياء، آلات لخدمة أطماعه، عكس إرادة الله.

لا بد من ثمن حتى تكون لنا دولة: عدد غير محدود من الضحايا بعضهم أبرياء، وعدد طبيعى من الأخطاء يمكن تدارك بعضها، ونتعلم من البعض الآخر، وبالتالى يمكن لمن تبقى أن يحمل الأمانة لمن تبقى، فتتخلق مؤسسات صالحة قادرة تليق بما وصل إليه الإنسان من حضارة وإيمان (وليس فقط من عقل آلىّ مبرمج أو قوة)، ولا يتم ذلك إلا بحضور لرب العالمين فى كل خلية إلى كل ما لا يمكن الإحاطة به من “غيب”، حضورا يتشكل فى سلوك العدل والرحمة للجميع، بلا وصاية لفظية متجمدة ممن لا يملكون حق الوصاية، ولا ينبضون مع رحمة الله.

نحن الآن عندنا فرصة لتكوين دولة حقيقية، عندنا جيش حماه الله من نفسه ومن غيره فى الداخل والخارج، وعندنا قضاء، وعندنا بوليس، وعندنا لغة قادرة، وعندنا عقول ناقدة مبدعة بلا حصر، (دع جانبا كل الأسماء الآن) ولكل مؤسسة مستوياتها المتصاعدة لتحقيق العدل وحمل الأمانة: بدءا من القصور البشرى حتى عدل الرحمن الرحيم.

وفيما بعد نفصل مستويات مؤسسات الدولة بدءا بالعدل: من أصغر خطأ بشرى  إلى وجه “العدل”، الحق، العليم، سبحانه وتعالى عما يصفون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *