الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الثلاثاء الحرّ: ثم ماذا؟

الثلاثاء الحرّ: ثم ماذا؟

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 27-8-2013

السنة السادسة

العدد: 2188

الثلاثاء الحرّ:

ثم ماذا؟

1) فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد هذه الفترة الزمنية ، ما هو تشخيص حضرتك النفسي للشارع المصرى الآن؟

   د. يحيى:

كررت مرارا أنه لا يوجد، ولا ينبغى أن يوجد، ما يسمى “تشخيص نفسى” للشارع المصرى، كلمة تشخيص لا ينبغى أن تستعمل إلا لمريض فرد، أما تعميم اللغة الطبنفسية فى مجال السياسة، فهو خطأ علمى، وخلط سياسى..

أما عن الفترة الزمنية فلا أعرف أية فترة تعنى، ذلك أننا خلال ثلاث سنوات إلا بضعة أشهر، مررنا بعدة فترات ليست متشابهة، لا بالنسبة لحركية الشارع، ولا بالنسبة لنوع الحكام، ولا بالنسبة ، لعموم الناس الذين أصبح أغلبهم فى حالة  “انتظار” “ستاند باى” أكثر منهم مشاركون فاعلون،

تركيزا على “الآن، اعنى الفترة الزمنية حالا”، فأنا أتصور أننا فى حالة “مخاض” لولادة دولة لها معالم من مؤسسات، وأدوات أمن، والتزام الشارع بأحكام القضاء، والفصل بين السلطات، ومثل أى مخاض، ندعو للوالدة أن تقوم بالسلامة

2) هل هناك تغير طرأ على نفسية المواطن المصرى خلال الثلاث أعوام الأخيرة؟

   د. يحيى:

طبعا طرأ تغيير، هذه أحداث جسام لم نتعودها، لكن التغيير ليس إيجابيا كله، كما أنه ليس سلبيا كله، نحن فى مرحلة مفترقية (مفترق طرق) طالت أكثر من اللازم، ثم إن أى تغيير يطرأ فى خلال أشهر أو حتى سنوات، لا يصح أن يعتبر تغييراً جوهريا، ولا دائما، وإنما هى بدايات “حمل جديد”، لا يمكن التنبؤ باكرا هكذا بنوع الجنين الذى سوف يولد ولا يمكن التكهن بقدراته. إن ما ظهر من مفاجآت لم نعتدها من المواطن المصرى ليس تغييرا بمعنى تحول نوعى إلى ما هو جديد، بقدر ما هو كشف عن صفات، وقدرات، كانت كامنة، وأتيحت لها الفرصة للتعرى، والتفعيل، بسلبياتها وإيجحابيتها، التغيير الحقيقى هو مسؤوليتنا فى احتواء هذا الحمل ليسير فى مساره التكوينى إلى ما يستحقه هذا المواطن، وما يحمله من جذور حضارية، وإمكانيات إبداعية

3) وما هي نصائحك النفسية للحد من حالة الانقسام  والاستقطاب السياسي والعقائدي الذي يشهده الشارع المصري الآن؟

   د. يحيى:

النصائح بصفة عامة قليلة الفاعلية، فهى ألفاظ مرصوصة محفوظة عادة، ولا أحد يعمل بالنصيحة  لمجرد وجاهتها، وإنما هو يعمل بالنصائح التى تتفق مع توجهه وتدعم موقفه قبل النصيحة. أما ما يسمى الاستقاطاب السياسى والعقائدى، فهو أمر طبيعى موجود عبر التاريخ، فى السياسة والدين والأيديولوجيات على حد سواء، وأنا أتعجب لعدم تحملنا لأى اختلاف وتسمية ذلك استقطابا، إن على كل طرف أن يتمسك بموقفه لأن هذا طبيعى، لكن ليس من حقه على نفسه، ولا على قضيته، ولا أمام ربه أن يغلق على نفسه هذا الموقف فلا يسمع ولا يضيف ولا يراجع من خلال اختلافه مع رأى آخر، لقد كتبت ذات يوم للأطفال”

إوعى تصدّق إن الفكرة كده وحْدَها صَحْ.

إوعى تصدق إنها إمَّا: كُخِّ  أوْ   دَحْ.

الفكرة تجيلَكْ ، إوْزنْها ، مش بسّ تقولْها “تدوِّنها” !!

تعرف حقيقتها بتأثيرها، وِذَا نفعْتْ،  تِفرحْ: تِعْملْها

وانْ خابت،  يبقى تشوف غيرْها

……….

راجعْ  فكركْ مع ناس تانيينْ،     حلوين وحشينْ،

حاتلاقى حاجات مِشْ على بالَكْ.

حاتلاقى الكون غير ما بدالكْ.

طب جرّب تُقعد فى مكانهم، مش بس حاتشوف شَـوَفانهم:

دانت حاتتخضِّ من نفسكْ، وتراجع فكرك و ِوَسَاوْسكْ

فِكْرِالتانيين ثروة خْسارهْ، تفلتْ منَّك كده يا سَمَارهْ

ماتقولشِى عليهْ دا كلامْ فارغْ، مشْ يمكنْ إنتَ المِشْ سامِعْ

الفكرة التانية المنبوذةْ، يمكن تلاقيها لها عوزةْ

الفكرة قيمتْها فْ تحريكْها، مش فى صلابة إِللِّى ماسِكْها

نتحركْ ناحية بعضينا،ربنا موجود،… فوقْ..  يا أخينا.

هذه أغنية استوعبها الأطفال،  ويا رب نرجع أطفالا حتى نفهم مغزاها ونعمل به

4) كيف تفسر عمليات التكفير السائدة هذه الفترة من كل طرف للآخر؟

   د. يحيى:

أظن أن أغنية الأطفال السابق ذكرها ترد على هذا السؤال، إن التكفير فى ذاته هو الكفر بعينه لمن يكفر غيره، وهو تدخُّل فى رحمة ربنا، وهو دليل على بعد من يقوم به عن كل ما هو إيمان، وعن معرفة الله.

5) وما هو تقييمك لآراء قادة جماعة الإخوان  بعد قيام ثورة ٣٠ يونيو؟

   د. يحيى:

أنا لا أستطيع أن أجمع قادة الإخوان كلهم فى مجموعة واحدة، نحن نسمع عن اختالافات كثيرة فيما بينهم، وهذا جيد، واختلافهم رحمة غالبا، عموما فقد كانت30 يونيو مفاجأة لهم بكل المقاييس، وبدلا من أن يستوعبوا مغزاها لصالحهم وصالح البلد التى ينتمون إليها، ويأكلون من خيرها، ويتصورون أنهم الأقدر على قيادتها، بدلا من ذلك ، تمادوا فيما هو فيه من إنكار، وجمود، وتحدٍّ دون النظر حتى إلى صالحهم الشخصى ومستقبلهم، ناهيك عن صالح البلد، ثم إن الاستقواء بالخارج هو ضد ألف باء الوطنية، وقد يصل لا قدر الله إلى درجة الخيانة، هداهم الله، ولا جعلهم من الذين تنطبق عليه الآية الكريمة “وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ”

6) وما هو الرأي النفسي فى تصديق عدد كبير من المواطنين لما يصدر من تصريحات  وآراء لقيادات الإخوان؟

   د. يحيى:

مرة أخرى: أتعجب من إضافة كلمة نفسى هكذا إلى كل سؤال بشكل لحوح هكذا، أنا ليس لى رأى نفسى، ورأى غير نفسى، أما بالنسبة لمضمون السؤال، فمن حق كل إنسان، وبالتالى كل مواطن مصرى أن يصدق ما يصله مما يتفق مع عواطفه، واحتياجاته، ومصالحه، وفى حالة الإخوان تضاف لعبة الوعود الدينية بالجنة والشهادة، إن من يصدق ما يقال له دون فحص عليه أن يتذكر أن الله سبحانه سيحاسبه على تصديقه هذا، ولن يدافع عنه أمام الله من أصدر التصريحات يوم القيامة ” إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا…الآية “، الله سبحانه يحاسبنا فردا فردا، دون محام أو مذكرات تفسيرية، وإنما من واقع كتاب “لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها”.

7) وكيف تصف الحالة النفسية الآن للرئيس المعزول محمد مرسي؟

   د. يحيى:

أنا عادة لا أصف الحالة النفسية لا للرئيس المعزول، ولا للرئيس الحالى، وأرجو ان نتراجع عن هذا الإصرار على وصف وتحليل من لا نعرف عنه إلا ظاهر أدائه حتى لو كان رئيسا. ثم إنه لا يليق بعد أن ترك الرئيس السلطة، أن نركز على قصوره، وعجزه، كان الله فى عونه حتى يحكم القضاء بشأنه.

8) وما هو تقيمك وتشخيصك النفسي للفريق عبدالفتاح السيسي، وهل هو تكرار لشخصية جمال عبدالناصر كما يردد البعض؟

   د. يحيى:

الإجابة وردت من حيث المبدأ فى السؤال السابق، وكل ما عندى هو أن أحذره من النفخ (المدّاحين)، ومن القوى الخارجية، وخاصة أمريكا وإسرائيل، ومن القوى الداخلية، ليس فقط الإخوان، وأدعو الله له بالتوفيق لصالح مصر، وتقربا إلى الله، أما أنه تكرار لعبد الناصر، فلا أحد يكرر أحدا، ثم إننى أرجو أن ينطلق من عبد الناصر لا أن يكرره

9) وما هو تفسيرك لانتشار ظاهرة البلطجة خلال هذه الأيام بين المواطنين بعضهم البعض؟

   د. يحيى:

يرجع ذلك بداهة إلى غياب الدولة، (البوليس أساسا)، كما يرجع إلى غياب القيم طوال عشرات السنين، فلما تفككت الدولة، انكشف الداخل الخالى من القيم ومن تقوى الله واحترام الآخر، فظهرت البلطجة على السطح، ناهيك عن أنها اصبحت مهنة وتخصص (أكل عيش)

10) وماذا عن التفسير النفسي لحالة مبارك وأبنائه وأعوانه فى السجن الآن؟

   د. يحيى:

قلت حالا أننى لا أفسر نفسيا حالة الرؤساء خاصة بعد تركهم منصبهم فما بالك بحالة أبنائهم، التفسير الآن يصدره حكم القضاء النهائى، أما هو فأدعو الله له بالصبر، وأن يكون مِمَّن ” ……. اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ “

11) وهل ما حدث من حالات قتل كثيرة خلال الفترة الأخيرة يمنحهم التبرير النفسي وإراحة للضمير؟

   د. يحيى:

لم افهم السؤال جيدا، كيف يمكن أن يعطى القتل الكثير لأى مَنْ كان راحة ضمير، كان الله فى عون الجميع

12) وما هو تفسيرك للحكومة والقائمين على قيادة الدولة المصرية فى محاولتهم رجوع هيبة الدولة والذي راح ضحيتها العديد من الضحايا؟

   د. يحيى:

كان الله فى عونهم، المهمة صعبة خاصة بعد ثلاث سنوات من غياب الدولة وخلط الأوراق، وفوضى الشوارع، وتوقف العمل، واختفاء الأمن، لكنهم يحاولون بجدية رائعة، وأدعو الله لهم ولنا بالتوفيق

13) وكيف تفسر الواقع النفسي على الأسر التى وقع منها قتلي سواء من طرف الإخوان أو من طرف القوات المسلحة والشرطة أو حتى على المواطنين العادين الذين قتلوا نتيجة الخطئ؟

   د. يحيى:

هذا أمر لا يحتاج إلى تفسير نفسى، لكننى أرفض استعمال دموع الأمهات، ودماء الشهداء على الجانبين استعمالا انتهازيا لأغراض غير أخلاقية مهما كانت بغرض سياسى مثل التهييج الشعبى، كان الله فى عون الأمهات الثكالى، وزاد إيمانهم حتى يتيقنوا بوعد ربنا من انتقال فلذات أكبادهم إلى رحابه تعالى مع وعد بالجنة لا جدال فيه، ولنحترم جميعا أحكام القضاء ولا نقيم المحاكم فى الشوارع ونصدر الأحكام فى الميادين بالعواطف، وذلك احتراما لشهدائنا الأبرار، فقضيتهم كانت –ومازالت- بناء مصر والعالم تقربا إلى الله ، وليس الأخذ بالثأر

أما الضحايا من المواطنين  العاديين فهم من الشهداء أيضا، والله أعلم بالسرائر.

14) وهل الظروف الحالية تشجع على زيادة حالة الاكتئاب فى المجتمع؟

   د. يحيى:

قلت حالا أننى أرفض استعمال لغة الطب الفسى لوصف حالة الشعوب، الحزن الشريف الدافع واجب وطنى ونبل إنسانى، ولا يصح تصنيفه باسم مرضى مهما كان

15) وما هو واقع هذه الأحداث والتوترات السياسية على نفسية الطفل ما دون العشر سنوات؟

   د. يحيى:

أنا عندى أمل فى الأطفال أكثر من الكبار، فهم المستقبل وعلينا مسؤولية جسيمة تجاههم، وأنا أرى فطرة الله فيهم أقوى من كل تشويه يلحقهم بسبب غبائنا وتقصيرنا (برجاء الرجوع إلى الإغنية السابقة لترى مخاطبتى لهم)

16) وما هى روشتة الدكتور الرخاوي للمجتمع والمواطن المصري للخروج من هذه الأزمة النفسية التى تسيطر على البيت المصري الآن نتيجة للأحداث السياسية

   د. يحيى:

أنا أرفض حكاية “روشتة للشعب” لنفس الأسباب الذى ذكرتها فيما سبق، ومع ذلك فالتذكرة – وليس الروشتة- بأن الله سبحانه سوف يحاسبنا على كل ثانية، وعلى ما عملنا وما قصرنا فى عمله، وعلى ما أحييناه من نفوس مسلمين وغير مسلمين ” ……….. وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ” إن هذه التذكرة مع عدم الشرك بالله الذى هو أخفى على النفس من دبيب النملة، هى التى يمكن أن تعيد بناء حضارة شعب يستأهلها، تساهم فى إنقاذ العالم كله.

– ما هى الرسائل التى يحب ان يوجها الدكتور الرخاوي لكل من:

 قيادات الإخوان المسلمين واتباعهم

وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً

الرئيس المعزول محمد مرسي

وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ “

أنصار الرئيس المعزول

بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”

الفريق عبدالفتاح السيسى

وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ”

الدكتور حازم الببلاوى

“جزاك الله عنا خيرا”

الدكتور محمد البرادعى

كلٌّ مهيأ لما خلق له، وليس عيبا أن نتعلم حتى فى هذه السن

أفراد وضباط الشرطة

لا أعرف كيف أشكركم، وأنتم تضحون من أجلنا بكل هذه الشجاعة ، ، يارب انصرنا جزاء وفاقا لما تفعلون، وأدخل شهداءنا منكم فسيح جناته.

الإعلام المصرى، (وغير المصرى):

كفى تهييجا، ورشوة، فأنتم مسؤولون أمام الله والتاريخ عن كل كلمة، وكل صورة، وكل ضيف، طول الوقت ، كان الله فى عونكم وعوننا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *