الرئيسية / مقالات صحفية / جريدة الوفد / كيف تجمّع وعى الشباب، وكيف يعاد تشكيله؟ (1 من 2)

كيف تجمّع وعى الشباب، وكيف يعاد تشكيله؟ (1 من 2)

نشرت فى الوفد

22-6-2011

كيف تجمّع وعى الشباب، وكيف يعاد تشكيله؟ (1 من 2)

لم يعد يكفينى أن أتأمل الجارى دون أن أبحث عن كيف تشكل هذا العقل الجمعى لهؤلاء الشباب عبر تلك السنين، عثرت على مجموعة لى من القصص التى أعتبرها “قصصا سياسية”، كنت قد كتبتها فى الدستور قى زاويتى “تعتعة”، وقبل ذلك فى الأهرام بعنوان “مقال فى قصة”، وتصورت – مرة أخرى – أن مثل هذه الكتابات، من غيرى ومنّى ، قد ساهمت فى تشكيل هذا الوعى الغاضب الذي فجّر هذا الإبداع الجمعى، حضرنى تساؤل يقول: ماذا لو التقيت بشباب هذه القصص، أو ذويهم الآن؟

الجزء الأول: نص القصة القديمة:

بتاريخ (21 – 11 – 2006) العروسة والبورصة”

(1)

قالت البنت وقد وضعت عروستها الضخمة بجوارها: “لكننى أحب ربنا أكثر”، قال أبوها: وأنا أحبه كثيرا جداً، فمن أدراكِ أنك تحبينه أكثر، قالت، لأنه يحبنى أكثر، قال: ومن أدراك أنه يحبك أكثر، قالت: لأنه لا يخيفنى أبدا، صمت أبوها، شعر أنه تعرّى فجأة،  فغمره خوف محيط، خوف من كل شئ وخاصة من الموت جوعا هو وأطفاله. لملم نفسه بسرعة، وقال لها فى غيظ: “لكن لابد أن نخافه حتى لا نعصاه، قالت البنت: أنا أخاف أن أعصاه، لكننى لا أخافه هكذا، قال لنفسه: هكذا ماذا؟ “كيف عرَفـَتْ؟”.

(2)

حين قالوا له إن الفائدة تتناقص باستمرار، وأن التضخم يزيد باستمرار، لم يفهم الجملة الثانية، وسأل الناصح، فما رأيك؟ قال له: عليك بالبورصة. قال: يعنى ماذا؟ قال يعنى تشترى أسهماً فى شركة، فتصبح شريكا لواحد ناصح يفهم فى هذه الأشياء، هو ومن معه، يصعدون تصعد معهم، يهبطون تهبط معهم، قال فى انزعاج: يهـْ .. ماذا، قال: “يهبطون”، قال ومالى أنا؟ لماذا أهبط معهم؟ قال الناصح: لأنك تصعد معهم، أنت شريك، هذا هو الحلال بعينه، قال للناصح: إنه شقى فى الغربة ثلاثا وعشرين عاماً بما يوازى ثلاثة قرون ونصف مما تعدون، كلها صبر ومذلة، وأنه لم يـُـفِـقْ بعد من الحلال الريّانى. قال الناصح:” آن الأوان أن تجعل رأسك برأس “أجعص جعيص”. قال: أهكذا؟ قال الناصح: أنت حر. قال الرجل “حرّ” يعنى ماذا؟ قال الناصح: يعنى تتعامل فى سوق حرة، عرض وطلب، وأنت وشطارتك، سأل: يعنى ماذا؟

(3)

سألتها أمها عن عروستها التى كانت – برغم سنها- لا تنام إلا وهى فى حضنها، فتصنعت أنها لم تسمع، فأعادت الأم السؤال، فقالت البنت: “ضاعت”، سألت الأم وهى تغمز بعينها: هل استعارتها صاحبتك؟، ردت البنت مرتبكة: قلت لك أنها ضاعت، قالت الأم: كيف ضاعت يا حبيبتى وحجمها يكاد يفوق حجمك؟ قالت البنت وهى تنظر إلى تحت السرير:”لا أعرف”. التقطتْ أمها اتجاه النظر، وحاولت ألا تلاحظ البنت أنها رصدت نظرتها.

 (4)

كان قد قرر ألا يعيش نفس الحسرة مهما فرضها قَدَر البورصة الذى لم يفهمه أبدا، خسر مدخراته بلا تفسير!! الأولاد لهم ربهم، لم يعد يستطيع، نظر إلى النيل أمام سميراميس وقال له: أنا قادم”، لكنه بدلا من أن يسير إليه تذكر- فجأة- علاقته المحدودة بها، فانتفض وكأنه صحا من نوم عميق، واستدار رأيه، فمساره، 180 درجة، وكر عائدا فى اتجاه ميدان التحرير وهو يلوح بيده للنيل ساخرا: “آسف، انتظرنى بعد الفاصل”.

مع أنه لم يشربها فى حياته إلا مرتين مختلفتين (هناك حيث هى ممنوعة 100%): الأولى حين ضغطوا عليه للمشاركة فى تذوق سائل خمّروه فى المنزل تحت قطر الندى، ارتشف منه رشفة نزلت فى زوره كالنار، ولم يكمل، والثانية حين ضغطوا عليه مرة أخرى بنوع آخر طيب النكهة، فاستطعمه حتى لم يعرف متى يتوقف، لكن المصيبة أن النار لم تشتعل فى زوره، بل فى “كُلِّه”: ليلتها: ضحكَ، ولعبَ، وبكىَ، وغنّى، ونَسِىَ، وفـكـَّر، ورقص، ونامْ، لكنه فى الصباح لم يستطع أن يرفع رأسه من الصداع.  تاب وأناب، وأقسم ألا يقربها حتى يموت. قال لنفسه وهو متجه من ميدان التحرير: للضرورة أحكام، هى أحسن من أحضان النيل، هذا أوانها وليكن ما يكون، استراح وكأنه أتم المهمة قبل أن يبدأها، راح يدندن بيقين: “الشىء هو الحل”: إلى شارع سليمان باشا فميدان التوفيقية، ولم يعرف كيف وجد نفسه فى سريره صبحا.

(5)

انزعجت البنت حين وجدت لعبتها فوق السرير لا تحته، فرحت وخافت وترددت فلحقتها أمها تطبّها قائلة: أنا أحبها مثلما تحبينها يا حبيبتى، فلماذا أخفيتِها. قالت لها: خفت أن أعبدها من دون “الله” فزعت أمها حتى كادت تقفز؟ من قال لك هذا الكلام يا بنت؟ قالت: عمى “بيومى”، أخافنى حتى حفظت ما قاله، قالت الأم: متى؟ قالت: حين زارنا، ولم يجد أبى، وضبطنى أداعبها، وأكـلّمها، صمتت الأم ذاهلة ثم عادت تقول: فرُحتِ أنت ترددين ما قاله كالببغاء، قالت: عمى أخافنى، فخفت خوفا من الذى يخافه أبى، أنا ما زلت أحب ربنا أكثر يا أمى، فلماذا أخاف خوفهما؟.

 صمتتا وطال الصمت حتى رفعت البنت رأسها وقالت: لماذا سيسافر أبى ويتركنا لعمى بيومى يخيفنا هكذا، قالت أمها: أبوك يسافر لأنه يخاف أن نجوع يا حبيبتى.

(6)

راحت الأم تحكى لزوجها ما كان وهى تعد له حقيبة السفر.  قال لها: لا تنزعجى، عام واحد فقط، قالت: نفس الكلمات أسمعها للمرة الرابعة والعشرين،. قال لها: أنا شبعت ذلا، قالت: وهذا أيضا سمعته كل مرة.

*******

الجزء الثانى (كتب بتاريخ: 17/6/2011): ماذا حدث، ويحدث، “الآن” بعد 25 يناير؟

قالت البنت لأخيها: ثم ماذا؟

قال أخوها: سوف نكمل

قالت: نكمل ماذا؟

قال: الثورة، أعنى نكملها لتكون ثورة

قالت: أخشى ألا نكون  قدْرَ ما بدأناه، أصبحنا جموعا متداخلة بلا دولة

قال: أى شىء هو أفضل مما كنا فيه، هل تريدين أن يرجع الرئيس ليعود الأمن اياه،  ونتفرغ نحن للتسالى

قالت: رئيس ماذا، وأمن ماذا؟ هل جننت؟

قال: إذن ماذا؟

قالت: أريد ألا يمس أحدهم عروستى، لا البلطجية، ولا الأوصياء الذين يقفون بينى وبين ربنا

قال: ألم يئن الأوان أن تكبرى، ألا تذكرين أنك كنت تصرين على اصطحابها إلى بيتك حين تتزوجين؟

قالت: أخاف أن يرجموها

قال: حذار، هذا كلام من يشوهونهم باعتبارهم “الفزاعة”، هذه لعبة الرئيس ورجاله، وقد فشلت

قالت: أنا مالى بهم، أو به، أنا أخشى عليها من الرجم

قال: الله يخرب بيتك، رجم ماذا؟ لا هى محصنة زانية، ولا هم يرجمون، كفى استعباطا، لملمى نفسك ودعينا نكمل

قالت: نكمل ماذا ؟ جاءتكَ نيلة، أنت لا تعرف ما ينتظرنا

قال: بل أعرف

قالت: تعرف ماذا؟

قال: لا أعرف

قالت: هل رأيت خيبتك البليغة ؟

قال: ليست أكبر من خيبتك، ولكن بالله عليك: هل هذا وقت تبادل السباب

قالت: … إذن هو وقت ماذا؟

قال: وقت العمل

قالت: عليك نور!! لقد وجدت عملا وسوف أشغله عن قريب

قال: ألف مبروك، اسم الله عليك، ومن هذا المحظوظ الذى سوف تتفجر قدراتك فى رحابه؟

قالت: صديقك الجاسوس “جرابيل”، قبلت أن أتعاون معه لحساب العدو، لكننى سوف أخدعه وأعمل لحساب بلدى

قال: اسم الله اسم الله، وما اسم المسلسل إن شاء الله؟

قالت: أليس هذا أفضل مما تفعلون

قال: نحن لا نفعل شيئا

قالت: هأنتذا قلتَـها

قال: كأنك تشاركين فى هزيمتنا من داخلنا، ماذا يتبقى إذن ؟

قالت: عليك أن تختار ما يتبقى: إما “العدالة والحرية”، أو “الديمقراطية المهَلَّبية”

قال: وأنتِ،  يتبقى لكِى “الخيبة القوية”

قالت له: أنا أكره أمريكا وأشم رائحتها وراء الأحداث

قال: وأنا أكره إسرائيل ويصيبنى الغثيان من مجرد سيرتها

قالت: اتفقنا

قال: على ماذا؟

قالت: على أن نبدأ الإعداد للثورة القادمة

قال: ثورة على الثورة؟!!

قالت: بل هى هى، حين نحميها من القراصنة، ومنـَّا

قال: القراصنة، نعم، ولكن لماذا منـَّا ؟

قالت: قلت لك، الشركاء فى الجريمة كثيرون، والاتفاقات سرية

قال: ولكننا يقظون لهم تمام التمام

قالت: لا يا شيخ؟!!!!

قال: والمصحف

قالت: خل المصحف لأصحابه

قال: نحن أصحابه، كلنا أصحابه، ألم تتعلمى من خيبة هذه الطريقة “الفزاعية”؟

قالت: أنا أولى صاحباته، أنا أتعلم أحسن منك، على فكرة سمعت أن والدنا أنهوا عقده وهو الآن يرتب أموره للعودة النهائية

قال: عودة؟ يا نهارا أسوادا ونأكل من أين؟

قالت: من فتات موائد الأمريكان

قال: ملعون أبوهم

قالت: مليون مرة،  ولكن هل هذا يغنى عن الاستعداد لهم، والإعداد للثورة القادمة؟

قال: لا أعرف

قالت: أنا أعرف !!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *