الرئيسية / حوارات وأحاديث / د.يحيى الرخاوى..لـ “موقع الفيتو” بعض المرضى النفسيين أرقى من الأسوياء

د.يحيى الرخاوى..لـ “موقع الفيتو” بعض المرضى النفسيين أرقى من الأسوياء

جريدة الاخبار

السبت : 6 فبراير 2016

بعض المرضى النفسيين أرقى من الأسوياء

الدكتور يحيى الرخاوي: مذيعو الفضائيات أضروا المجتمع ودمروا نفسية المصريين(1)

أجرى الحوار : أ. محمود عثمان

6-2-2016

الشخصية المصرية «عريقة» ولكن الأزمة تكمن في أننا نهتم بـ«الفقاقيع»
«العدل» وليس «العدالة الاجتماعية» أقصر السبل لتأهيل الشعب نفسيًا

المصريون تعرضوا لـ«انحرافات أخلاقية» بعد ثورة ٢٥ يناير.. هل شعرت في وقت من الأوقات بأنك في حاجة للذهاب إلى طبيب نفسي أو شعرت بحاجة للعلاج النفسي، ليس المجاذيب فقط من هم في حاجة لزيارة الطبيب النفسي، نسبة المرضى النفسيين ربما تكون زادت في مصر بشكل كبير؛ حيث خرجت إحصائيات كثيرة في الأسابيع الماضية بوصول المرضى النفسيين في مصر إلى ما يزيد على 15 مليونًا.

الدكتور يحيى الرخاوي، أستاذ الطب النفسي بكلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة، فتح لنا قلبه وعقله حول المرض النفسي في مصر، وهل تغيرت نفسية المصريين في السنوات الماضية بعين الخبير والمتخصص.. وإلى نص الحوار:-

1- ما هو المرض النفسي، وهل يختلف تعريفه من دولة لدولة أخرى؟

د. يحيى:

المرض النفسى هو اضطراب فى التوازن الذاتى أو  فى الاتساق مع الطبيعة أو مع الآخرين أو مع الكون، إلى الله أو كل ذلك معا، اضطراب  لدرجة الإعاقة عن مواصلة الحياة بمعنى: إعاقة عن العمل وعن كفاءة العلاقات، أو  لدرجة المعاناة الشديدة  من هذا النشاز بينه وبين نفسه وبين المحيط، وأحيانا يضاف إلى ذلك  احتمال إيذاء الآخرين أو إيذاء الذات بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وهو يختلف باختلافات الثقافات فى المحتوى والأعراض، وليس فى التقسيمات والتشخيصات المتفق عليها عالميا غالبا.

2- ما هي آخر إحصائية علمية تثق بها حول عدد المرضى النفسيين في مصر؟

د. يحيى:

 لا توجد إحصائية علمية دقيقة للمرض النفسى فى مصر، والمتاح بالتقريب يشير إلى أن الأمراض النفسية الجسيمة (التى تسمى الأمراض العقلية أحيانا: مثل الفصام) نسبتها هى نفس النسبة المعترف بها عالميا  فى معظم بقاع العالم.

3- هل تغيرت نفسية المصريين في الخمس سنوات الماضية؟

د. يحيى:

هذا السؤال لا يزال يتردد بإلحاح غريب، ومهما أجبت فإنه يتكرر،

طبعا تغيرت وليس فقط فى الخمس سنوات الماضية، لأن أى شخص أو شعب لا يتغير فى خلال خمس سنوات، أو أقل،  يعتبر متوقفا عن النضج والحركة والحياة ، أما عن ما إذا كان هذا التغير هو إلى أحسن نفسيا أو إلى أسوأ فهذا يصعب الحكم عليه بانطباعات شخصية أو إعلامية ، المفروض أن يطرح هذا السؤال ليس فقط فى الخمس سنوات الماضية، ولكن فى الخمس سنوات التى قبلها، والتى قبلها، وأنا أرفض أن أعتبر أن الظواهر النفسية التى ظهرت فى الخمس سنوات الأخيرة ظواهر أمراض نفسية جماعية، قد تكون انحرافات أو قد تكون مضاعفات الفوضى والإحباط، لكن لا ينبغى وصفها بالمرض فهذا غير علمى وغير مفيد.

4- كيف ترى طموحات المصريين وخاصة الشباب في الوقت الحالي؟

د. يحيى:

 مازالت موجودة برغم كل الإحباطات الظاهرة، فمن الواضح أن الأخطاء التى تورطنا فيها قد بادر الشرفاء والمخلصون منا بتصحيحها أو على الأقل بالبدء فى تصحيحها، وأنا أفضل استعمال تعبير “الحفاظ على الأمل”، فهو تعبير أقرب إلى الواقع من “النفخ فى الطموحات” لأن التعبيرالأخير يحمل قدرا من البعد عن الواقع، والاستعجال والاعتمادية.

5- نريد منك تشريح للشخصية المصرية تزامنا مع الأحداث وتمردها وأداءها في ظل حدوث انفلات أمني عقب ثورة يناير؟

د. يحيى:

 أنا لا أستعمل هذا المصطلح: “تشريح الشخصية المصرية”، وخصوصا إذا ارتبط هذا المطلب بفترة معينة، فالشخصية المصرية لا يجوز عليها التعميم والاختزال هكذا، وهى ليست واحدة فى كل بقاع مصر، والانفلات الذى حدث  لم يتمادَ إلا فى شريحة محدودة  هى التى طفت على السطح ونفخ فيها الإعلام واعتبرها هى كل الشعب المصرى، ثم إن للشخصية المصرية عراقة تاريخية لا يصح أن ننساها ونحن نرصد الفقاقيع التى ظهر على سطح الوعى الجمعى لبعض الفئات مؤخرا.

6- كيف يستطيع المصريون مواجهة ظروفهم وعدم تحولهم لمرضى نفسيين؟

د. يحيى:

 لا يوجد شعب يمكن أن يوصف بتحُّولِهِ إلى مرضى نفسيين، أنا أرفض تعبير مثل “الاكتئاب القومى”، وأرفض استعمال أسماء الأمراض لوصف شعب بأكمله، أو حتى لوصف فئة منه، إن كلمة مرض نفسى ينبغى أن تقتصرعلى أفراد يعانون، وهم أحيانا يكونون أرق وأرقى من العاديين المستسلمين، ومن المتبلدين أو مروجى اليأس وهم يبتسمون.  أما ما يستطيعه المصريون فهو كثير، مثلما استطاعوا عبر التاريخ أن يقوموا من كبواتهم، وأن يردوا الغزوات عليهم، وقد فعلوا ذلك وسوف يفعلونه بإحياء قيمة العمل، والتكافل، واحترام كل دقيقة بل كل ثانية، وأن يملؤوا الوقت فما هو أحق بالوقت، ويكفوا عن وضع اللوم على الآخرين دون أنفسهم.

7- ما هو دور المصحات النفسية في المجتمع؟

د. يحيى:

  لا يوجد دور للمصحات النفسية إلا للعناية بالمرضى، وشعب مصر يحتاج للعدل كله (وليس العدالة الاجتماعية فقط) وللحرية الحقيقية (وهى ليست الديمقراطية المستوردة) وللإنتاج والتصنيع والإيمان والمثابرة، فما هو دور المصحات النفسية فى أى من ذلك بالله عليك.

8- وصفت مصر بأنها تعيش حالة رعب لا أخلاقي، هل تعتقد أن غياب الأخلاق والضمير لهم دور فيما وصلنا إليه؟

د. يحيى:

 لا يوجد شىء اسمه رعب لا أخلاقى، ورعب أخلاقى، الرعب رعب، ومن حق أى إنسان أن يعلنه إذا كان هناك ما يرعبه ، دون أن يستسلم للإعاقة به، أما اللاأخلاقية  فهى رذيلة بالرعب وبدون رعب، ومن يتنازل عن القيم الأخلاقية – برغم ما يبدو عليه من أنه يكسب بذلك  ما يريد: هو الخاسر الأول ، ليس فقط خاسرا الأخلاق، بل هو يخسر نفسه  أساسا.

9- تعليقك على أداء الإعلاميين في محاولة إثارة المواطنين وتصدير الأخبار المحبطة وتأثيرهم على نفسية المصريين؟

د. يحيى:

هذا سؤال شديد الأهمية، فقد تورط كثير من الإعلاميين فى التركيز على الإثارة والمنظرة والتهييج وطرح المسائل للتباهى ورشوة المستمع أو المشاهد، دون إبلاغ أى رسائل إيجابية مفيدة  وأرى أن مسئولية الإعلام قد تضاعفت حيث أصبح عليه الإسهام فى تشكيل وعى قومى عام جديد، (وليس رأى ديمقراطى صناديقى منفعل)، بعد أن انهار التعليم، واختفى المجتمع المدرسى السليم، أعانهم الله وغفر لهم، وأقالنا من عثراتنا قبل فوات الآوان.

[1] – جريدة فيتو: أجراه: محمود عثمان، نائب رئيس قسم الأخبار في موقع وجريدة فيتو، وقد نشر بتاريخ 6 فبراير 2016

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *