“نشرة” الإنسان والتطور
28-12-2008
السنة الثانية
العدد: 485
التدريب عن بعد:
الإشراف على العلاج النفسى (28)
هل يحدث تحسن بهذه السرعة؟
د. مصطفى مدحت: عندى عيان عنده 29 سنة، غير متزوج، من الشرقية، موظف فى شركة الصبح وبعد الظهر بيشتغل مؤذن فى الأوقاف.
د.يحيى: هى شغلانة المؤذن اللى هوّه فيها دى بالتعيين؟ ولاّ جدْعنة؟ يعنى هى الأصل؟
د. مصطفى مدحت: أيوه هو متعين، بس حصل عليها بطريقة معينة، يعنى زى واسطة، هوّا متعلم لغاية تالتة اعدادى، قعدتْ معاه علاج نفسى “سبع جلسات”، هوّه جالى يشتكى بأفكار بتلح عليه إن عنده الزهرى، وتغيير فى حجم العضو التناسلى، وإنه خايف إنه ممكن يتقلب ست.
د.يحيى: ليه الزهرى “بالذات”؟ ماعادش حد بيتكلم عنه دلوقتى.
د. مصطفى مدحت: هو فعلاً ماكانش عارف يعنى إيه زهرى، وكان تقديره: إن أى راجل يقرب منه فى الأتوبيس يبقى ده مصاب بيه، ويبقى حايتعدى منه، غير كده: هوَّ كان عنده أعراض اكتئاب، يعنى: قلة النوم، وقلة الأكل، عدم الانتظام فى العمل، وكده… فى الجلسة الثانية على طول، حاولت أشرح له يعنى إيه زهرى، ومراحله، وكلمته خفيف خفيف عن الإيدز قمت لقيته فى الجلسة الثالثة جه يشتكى من أفكار عن الإيدز وقلّ كلامه عن الزهرى.
العيان له تاريخ جنسى مليان، بدأ بانتهاك، واستعمال، وهوّا عنده خمس سنوات من أحد الجيران (واحد سنه 18 سنة) لكن ده حصل مرة واحدة، وبعدين العيان بيقول إنه بدأ العادة السرية وهو عنده خمس سنوات برضه،
د.يحيى: متأكد؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، وبعد كده ألعاب جنسية خفيفة من الظاهر مع عيال قده، ولما بقى عنده عشر سنوات بدأ ممارسة مع الحيوانات، وبالذات القطط
د.يحيى: اشمعنى القطط يعنى؟ دى أصعب حيوانات فى الحكاية دى؟ تفتكر تفرق؟ المهم، إنت عارف إن فى الأرياف حكاية الحيوانات دى كتير لدرجة إنها ساعات تبقى مرحلة عادية وهى يمكن لها علاقة باللى بيشوفوه بين الحيوانات، فيه حاجة تانية؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، هوّا برضه عمل مع طفل عنده تسع سنوات بس مش كتير.
د.يحيى: هه، وبعدين؟
د. مصطفى مدحت: ابتداءَ من عند 16 سنة بدأ ممارسة مثلية بالتبادل مع أولاد فى سنه
د.يحيى: كانت ممارسات كاملة؟
د. مصطفى مدحت: أيوه..، هو بيقول كل الممارسات دى استمرت لغاية ما بدأ التعب من 8 سنين
د.يحيى: يعنى من سن 5 لحدّ سن 21 سنة عمال يتنقل بالشكل ده، مابطلشى
د. مصطفى مدحت: بالنسبة للتعب اللى بدأ من 8 سنين كانت زادت ممارسته للعادة السرية، وفى مرة أثناء ما بيعملها حس بكرشة نَفَس، وألم فى منطقة الشرج، ودى كانت بداية التغير.
د.يحيى: إنت بتقول انه شغال مؤذن.. هل بيؤم الناس فى الصلاة؟
د. مصطفى مدحت: لأ.. ما حصلش.. هو بيأذن وبيقوم بأعمال النظافة بَسْ.
د.يحيى: بقاله قد ايه متعين مؤذن؟
د. مصطفى مدحت: تقريباً 10 سنين
د.يحيى: يعنى قبل بداية العيا بسنتين.
د. مصطفى مدحت: لما كلمته عن شغلانة المؤذن دى .. قال لى: هو ممكن يبطل أى شغلانه إلا الشغلانه دى.
د.يحيى: سألته ليه؟
د. مصطفى مدحت: قال إنها بتقربه اكتر من ربنا، بيحس إنه فيها بيلاقى نفسه
د.يحيى: مش فيه تناقض برضه بين الشغلة دى والتاريخ ده؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، بس هوّا ما جابشى سيرة لأى علاقة بين ده، وده،
د.يحيى: السؤال بقى.. السؤال بالنسبة للعلاج النفسى، دى حالة زحمة قوى
د. مصطفى مدحت: أنا مستغرب إن فى الفترة القصيرة دى “7 جلسات” بس، رحت شايف إن العيان اتلمّ بسرعة اكتر من اللى كنت متوقعها من أعراضه، ومن تاريخه المليان ده، فبقيت قلقان من اللى حصل كده يعنى مثلا ماكانش عنده أمل إنه يتزوج خالص وماكانش منتظم فى الشغل لدرجة انه كان عايز يبطله، بعد شهر واحد لقيت أن العيان بدأ “يتحرك”، ويعمل حاجات ماكانش بيعملها: يصلح حاجات فى البيت، يعامل الناس كويس، بينتظم فى الشغل، بيفكر فى مستقبله، وفى جوازه أنا استغربت.
د.يحيى: تقصد العيان مش بس اتحسن بالنسبة للأعراض، دا كمان بقى يبادر فى حاجات، من غير ما حد يقول له، إنت زعلان ليه بقى؟
د. مصطفى مدحت: هل ممكن يحصل ده كله فى فترة قصيرة زى دى؟
د.يحيى: البركة فيك يا أخى، لكن قل لى: هل موقفك العلاجى حايتغير لو كانت إجابتى “نعم” أو “لا”
د. مصطفى مدحت: أظن موقفى من المريض كمعالج، أنا شايف إنه مش حايتغير.
د. يحيى: أيوه كده، يبقى ليه السؤال، يعنى انت حاتعالجه حاتعالجه، وحاتكمل سواء أنا قلت لك ممكن التحسن يحصل بالشكل ده أو مش ممكن؟
د. مصطفى مدحت: أيوه، طبعا
د. يحيى: بصراحة فيه حاجات مهمة نتعلمها من العيان ده: أول حاجة هى انتظام العيان فى العلاج وشوف بيجى منين، من الشرقية، دى لوحدها علاقة إيجابية فى علاقتك بيه، تانى حاجة: تفاصيل التاريخ الجنسى دى عايزة وقفة، ولو إنى فلاح وعارف المسائل دى بتمشى إزاى، بس أنا مش متأكد إن كل اللى قاله ناخده على إنه حقيقة، ولا خيال، يجوز كله صح أو جزء منه صح، مثلا حكاية القطط دى مش مألوفة فى الفلاحين، زى ما يكون المسألة عايزة مراجعة، هوّا عموما فى الفلاحين الحكايات دى عندهم عادية، وبتعدى المسألة من مرحلة لمرحلة، وما بتعلقشى كتير، لكن مش بالكثرة دى ولا التعدد ده، ولا بالتنوع ده، أنا مش متأكد، وبعدين بالنسبة للعادة السرية مثلا اللى بدأت عند سن 5 سنين هل كان فيه “ذروة” (أورجازم)، طبعا مافيش قذف فى السن دى، إنما فى البنات الصغيرات ساعات يبقى فيه “ذروة”، فى الأولاد مش متأكد.
د. مصطفى مدحت: كان فيه انتصاب من غير قذف، إنما هوّا بيقول كان فيه “ذروة”
د. يحيى: الانتصاب ممكن، بس الذروة واسعة شوية، ثم إن الكلام ده بداية من سن خمسة، ودى الفترة اللى فرويد بيقول فيها إنها فترة كمون، إنما الجدع ده ما بطلشى، حسب كلامه، وزى ما يكون الجنس عنده قعد نشط طول الوقت بدرجات متفاوتة لكن مش لدرجات وأنواع الانحراف اللى هوّا حكاها، وبرضه يمكن ده خلاّه قعد يكبر من غير استقطاب بين هوية ذكورية وبين هوية أنثوية قوى، فقعد مِمَشى نفسه يا إما بالخيال يا إما بشوية واقع، لحد ما بدأت الوساوس والرهابات تنبهه إنه كده ما ينفعش.
د. مصطفى مدحت: أيوه مع بداية العيا هوه بطل كل ده
د. يحيى: والله ما انا عارف بطل ممارسة ولا بطل تخيل، الظاهر إن النمو الجنسى بتاعه مِشِى متوازى فى كل الاتجاهات، ومش بس النمو الجنسى دا باين نمو القيم أيضا، يعنى هو مؤذن وبيلاقى نفسه فى شغلته الدينية دى اللى بتخليه “يقرب من ربنا”، وفى نفس الوقت هو موظف بعد الضهر فى شركة، ولا عمره ربط مشاعره، ولا الحكاوى اللى بيحكيها بشغلة المؤذن، أو بصورته وهوّا على المادنة بيأذن، أو بيقيم الصلاة، ولا عمره حكى لك عن شعور بالذنب وهو عمال بيأذن ولا هوه همّه.
سواء كان اللى حكاه ده حقيقى، أو جزء منه حقيقى، فالظاهر إنه قعد كده لحد سن 21، أنا شايف إنه ما دخلشى مع نفسه معارك وصراعات وكلام من ده، الحكايات مشيت جنب بعضها لحد ما لقاها كفاية كده بقى، قام حاول يلم نفسه ما قدرش، فظهرت الأعراض النفسية قلق واكتئاب ووساوس ورهابات وكلام من ده، أنا بافترض إنها ظهرت علشان يساعد نفسه إنه يمتنع، راح لجأ لأقرب حاجة تمنعه من الممارسات دى. فخّوف نفسه من إنه يمرض بالزهرى، وبعدين لما انت طمنته على حكاية الزهرى دى، نقل على الإيدز.
زى ما يكون هوه راح عامل ضمير أو والد من خلال المرض عشان يحوش نفسه، ويحوش خيالاته برضه، يعنى استعمل المرض كمرحلة، وبعدين ما صدّق لقى العلاج شبط فيه، لأن المرحلة مرحلة، عشان كده انت تلاحظ رغبته فى العلاج، وإنه بيجيلك بانتظام. سفر ساعتين كل أسبوع، يعنى المرض هنا عمل عنده دور إيجابى، وبعدين لما جالك وشعر بالسماح، إنك ما حكمتش عليه فاتلّمّ أكتر وراح عاملها وخافف، فانت اتخضيت.
د. مصطفى مدحت: أيوه استغربت
د. يحيى: المسألة اللى خضتك لما أتحسن فجأة ممكن تكون حاجة من اتنين: يا إما هرب فى “شبه الصحة” Flight into health يعنى اتوكّل، وراح مستعمل ميكانزمات جديدة وكتّم عالخبر عشان يبقى “عادى”، يا إما يكون نموه كان بيتحرك طول الوقت، وانحرافاته ما كاتش تثبيت ووقفة، زى ما تكون كانت تجريب وتْعدّى، فهو جالك جاهز وكانت حركية النمو عنده لسه نشطة، فلما اطمأن لك وصدّق سماحك، راح عاملها وقال لك يا واد ما فيه سكة أمان أهه، واختار العلاج وإنه يكمل نموه، بدل كل الهيصة دى، وبدل الحل بالمرض برضه.
د. مصطفى مدحت: طيب وإزاى أعرف إنه هرب بالميكانزمات فيما يشبه الصحة، ولا هى فرصة نمو وهو لقطها وحايكمل زى ما حضرتك بتقول؟
د. يحيى: ما هو حاييجى غالبا، فإذا لقيته انطفأ وبطّل يحكى بسهولة وطيبة، وبعدين ابتدأ يستصعب المشوار، ويفاصل فى المواعيد، يبقى فى الغالب التحسن ده دفاعات، إنما إذا كانت الطيبة لسه منتظمة، والعلاقة بتنمو رغم اختفاء الأعراض، يبقى فيه احتمال نمو بصحيح، وما تخافش من سرعة التحسن لأنه ماعملشى كده فى سبع أسابيع، لأ، دا جايلك محضَّر نفسه ثمانية وعشرين سنة، وأنت جيبت فنّشت الحكاية، بطيبتك وجهلك الجميل، عشان انت صغير، وواخدها جد فى نفس الوقت.
****
ملحوظة:
النص ليس حرفيا تماما كما هى العادة، لكن الجرعة زادت فى هذه الحالة أكثر، للتوضيح ولتجنب الحرج باستعمال ألفاظ بذاتها.