الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (24)

التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (24)

“نشرة” الإنسان والتطور

30-11-2008

السنة الثانية

العدد: 457

 التدريب عن بعد:

 الإشراف على العلاج النفسى (24)

 (سوف نكرر فى كل مرة:  أن  اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).

الوعى بجدل العلاقة أثناء الممارسة

أ. أكمل: هو شاب عنده 33 سنة حضرتك محوله لى تقريباً من أربع شهور، شغال إدارى فى مدرسه، وبعد الظهر بيشتغل حاجة كده، فى عمل خاص، هو الكبير بتاع العيلة، والده متوفى وهو أكبر واحد فى إخواته،  والشكوى الأساسية اللى كان جاى بيها فى الأول خالص كان لها علاقة بمشاعر ذنب تجاه العادة السرية، وكان بيعملها بشكل فظيع،  بيمارسها مرتين ثلاثه فى اليوم،  وبرضه كان فى تدهور على مستوى الشغل، كان بدأ يغيب وكده، وكان عنده إحساس بالتناقض شديد، إزاى هو خريج أزهر، وبيصلى بالناس، وبيخطب الجمعة، وفى الناحية التانية عادة سرية وخيالات على ست كبيرة جنبهم فى الشقة، وكلام من ده، يعنى هو عارف إنه بيعمل حاجات عكس اللى بيقوله  للناس، عكس صورته قدام الناس، فالتناقض ده هو ماكنش مستحمله خالص، ابتدينا العلاج  وكده، وبدأ الشغل بتاعه يتحسن شوية.

د. يحيى: السؤال بقى؟

أ. أكمل: السؤال بالنسبه ليّا أنا، بصيت لقيته مرتبط بيا بشكل أنا مش مستحمله دلوقتى يعنى….

د. يحيى: هل حددت معالم اضطراب معين، أو تحب تقول حاجة عن شخصيته؟

أ. أكمل: نقدر نقول أنا كنت الأول حاطط حاجة كده يعنى لها علاقة باضطراب الشخصية  التجنّبِيّـه avoidant personality يعنى كده طول  الوقت بيتجنب أى حاجة، وبيتجنب يواجه  الناس، واعتمادى شويتين، هو سلبى خالص، ومع الوقت بقى فيه زى اتكال جامد علىّ، لدرجة إنه  يعنى بقى يغير علىّ، بقى يسألنى طول الوقت فى العيادة: إنت بتحب عيانيينك ولا لأ؟  طب إنت بتحبنى أنا أكتر ولا هما أكتر؟ ويتصل بيا كل شوية ويسأل مثلا: إنت بتعمل إيه دلوقتى…

د. يحيى: طيب السؤال تانى؟

أ. أكمل: يعنى أنا فى المرحلة ديه ماباقيتش مستحمل أوى الضغط بتاعه، ومطارداته ليّا طول الوقت.

د. يحيى: مش هوه اتحسن؟

أ. أكمل: شوية، أنا بدأت أزقّـه على الجواز، وبرضه معدله فى عمل العادة السرية قلّ خالص، يعنى مع الشغل وكده

د. يحيى: بقت أد إيه؟

أ. أكمل: بقت مرة كل إسبوع، يعنى بدأت أحوّلها من سلوك تعودى قهرى، إلى سلوك يبقى ناتج عن رغبة تييجى الأول

د. يحيى: بيصلى؟

أ. أكمل: دا بيصلى بالناس أمام، وبيخطب الجمعة وكده، وبرضه أنا بدأت أزقهُ فى سكة الجواز وهو مزرجن خالص

د. يحيى: لو سمحت حدد السؤال أكتر شوية؟

أ. أكمل: السؤال هل ينفع اعمل توقيف للعلاج، أو استراحة، يعنى أجازة؟ الحقيقة ماباقيتش مستحمل أوى الضغط بتاعه ده، زى ما يكون بيطاردنى بشكل مزعج أوى، هو عايز ييجى مثلاً مرتين فى الإسبوع، عمال بيتصل كل شوية بالتليفون يسأل علىّ اللى أنا بعمله طول الوقت..

د. يحيى: وتاريخه الأسرى؟

أ. أكمل: الأب كان قاسى قوى الأب كان شيخ مسجد وكان أمام وكدهً يعنى

د. يحيى: وأنت أب شكلك إيه؟

أ. أكمل: أنا عمال أزقه فى سكة الشغل والجواز وتنظيم العادة السرية، ما هو برضه أب أهه، بس ماعنتش قادر، بصراحة بقى تقيل علىّ قوى، عايزه يبطل ييجى.

د. يحيى: أولاً من حيث المبدأ من حقك إنك تقرف من أى عيان يعنى، وإنك تحس إنه تقيل، بس مش معنى كده إنك تتصرف بناء عن كده زى ما تكون علاقة عادية من حقك تزهق عادى، إحنا نتفق إنك إذا أنكرت على نفسك حقك ده، حايبقى شكلك قدام نفسك مش قوى، زى ما تكون حاتبقى مزيف، والمزيف بينى وبينك ما يعرفشى يعالج حد بصحيح، دا من حيث المبدأ، طيب وبعد ما يبقى تقيل عليك، وبعد ما تعترف لنفسك بينك وبين نفسك، أو لنا زى دلوقتى، إيه اللى ممكن عمله.. بصراحة هى مسألة ملعبكة شوية، منين تعترف إنه دمه تقيل، ومنين تفضل تعالجه إلى أجل غير مسمى؟

 إنت تنظم العلاقة أكتر فأكثر من ناحية التحديد بين الصحوبية الاعتمادية، وبين العلاقة المهنية، وتستمر مهما كنت تعبان، فيه حاجة فى الفسيولوجى كنا بنتعلمها زمان إسمها “الموجه التانية”، يعنى وأنت بتجرى مثلا وتتعب خالص وتتصور إنك مستحيل تخطى خطوة بعد كده، تبص تلاقى دبت فيك الروح، وكأنك بادئ من أول وجديد، بس لازم يكون فيه دوافع ومبررات تسمح للموجه التانية دى إنها تظهر مثلا.

 من ضمن العوامل فى حالتنا دى خد مثلا: الفلوس، ودى ممكن تخليك تستحمل مدة أطول، ومش عيب، بس واضح إنه على قد حاله، والمسألة ما تستاهلشى، من أهم العوامل برضه علاقتك بربنا وشعورك بالمسئولية، إذا كان هوا دمه تقيل عليك، طيب حا يعمل إيه مع الناس التانية؟ تبص تلاقيك  بتتقى الله فى إنك ترميه لظروف أصعب، بس طبعا إنت عارف قد إيه بنحذر من حكاية المثالية والتضحية عشان نضمن طول النفس، وحلاوة الشغل، ونرفض الصفقات من تحت لتحت، ثم ما تنساش إنك بتتعلم، مش يعنى حاتستعمله عشان تتدرب فيه، لكن طول معاشرة الناس الصعبة دى، حاتفجر جواك طاقات إنت ما تعرفهاش، وده من ناحية علام، ومن ناحية اكتشاف، وكله خبرة بتتجمع، إنت لو استسهلت، وكل ما عيان تزهق منه تطرّقه، خبرتك حاتقل مش حاتزيد باستمرار،  تبص تلاقيك كل شوية بتستسهل أكتر فى أكتر، مش بتخترق الحواجز دى واحد ورا التانى؟

 ده من حيث المبدأ، إنما المسألة فى النهاية متروكة لك إنت وقدراتك فى المرحلة دى، يعنى تشوف نفسك مرحلة بمرحلة، يمكن تنتقل مع زيادة الخبرة، يعنى المرحلة الأولى مثلا: استحمال إنسانى عادى، له حدوده، قلنا نعترف بيها ونقبلها، يعنى زى أى واحد من حقك تشعر إنه “يا ساتر دا فلان الفلانى جى النهاردة، يا باى، إنما يمكن خير”، يحصل ده شعوريا أو لا شعوريا، وتقعد تشوف نفسك من غير ما تبالغ فى الاستحمال،  لو المرحلة دى استمرت مثلا كمان شهرين تلاتة من غير ما يحصل حاجة، تبقى مش حلوة لا ليك ولا له، فيظهر احتمالات كتير، إنك تحوله لزميل لك بعد مناقشة زى دى، أو مثلا إنك تعلى سقف شروط التعاقد شوية، يعنى تطلب منه طلبات محددة أكتر فأكتر، يعملها لصاحله، وتلزمه إنه ينفذها، ولو ما ما نفذهاش يبقى هوا مش ملتزم بشروط العلاج، وكلام من ده، بس على شرط، لا تكون بتعجّزه، ولا بتتلكك، ممكن كمان، وده برضه مش ظريف، بعد ما نناقش الحكاية ونوافق، إنك تقلل الوقت، طبعا إنت عارف موقفى، أنا حكاية تقليل الوقت أثناء فترة التدريب ما باحبهاش خالص، إلا بعد مناقشة هنا، بعد فترة التدريب اللى يمكن تمتد سنين كتيرة، إبقى أعمل اللى أنت عايزه، إنما أثناء التدريب لازم تستحمل الـ 50 دقيقة.

أ. أكمل: يعنى أعمل إيه يعنى؟

د. يحيى: إنت عمّال بتزقه على الشغل والجواز، وهوه عنده 33 سنه، وهو بيأُم الناس (إمام) ولما خلصت الحاجات إللى ممكن تزقه فيها، زهقت، عندك حق، فاضل إيه تزقه عليه، مش يمكن الغلطة إنك قعدت تزقه وبس، يعنى الواحد يزق حد على الجواز ازاى بالله عليك، وهوا راقد فى الخط كده،  ثم خلى بالك إنت بتكرر اللى الناس العاديين غيرك عملوه، يعنى أنا أتصور إن فيه ألف واحد قالوا له  إنت راجل متدين وكمل دينك، وكلام من ده، إيه بقى الفرق بينك وبينهم؟ ثم إنك استلمته بيشتغل شغلتين فعلا، فبتزقه على الشغل أكتر من كده إيه، إنت قلت لى بيشتغل بعد الضهر إيه؟

أ. أكمل: حاجة زى سكرتير، أو منظماتى كده، فى مؤسسة خاصة

د. يحيى: يعنى فيها بقشيش ولا لأ

أ. أكمل: ما أظنش

د. يحيى: الشغلانة دى بتديله معنى، أو فرصة علاقات غير إنه يقبض ماهيته

أ. أكمل: فى الأغلب، بتديله

د. يحيى: وهوا لما جالك كان الشغل انضرب مش كده

أ. أكمل: آه

د. يحيى: الشغلتين ولا شغلة واحدة

أ. أكمل: الاتنين

د. يحيى: ولما زقيته على الشغل رجع الاتنين

أ. أكمل: أيوه

د. يحيى: لوحده ولو بزقة منك؟

أ. أكمل: لوحده

د. يحيى: طيب يا أخى الراجل راجع للحياة والمسئولية واحدة واحدة أهه، إنت مستعجل ليه؟

أ. أكمل: أنا مش مستعجل، أنا قلت اللى حاسس بيه

د. يحيى: برافوا عليك، بصراحة الإشراف ده زى ما يكون بيصبرنا مع بعضنا على نفسنا، يعنى بنتونس ونفتكر طبيعة شغلتنا، مش احنا برضه اخترنا نخدم الناس إللى ما لهومشى ناس، أو إللى الناس مش مستحملينهم، صحيح إحنا مش ملطشة، ولا بدائل أكتر استحمالا، لكن إحنا زى الكُبرِْى إللى ممكن يعدوا عليه ناحية الناس، لما يحس إن حد مننا قبلهم، برغم اللزوجة دى والكلام اللى انت قلته، بصراحة هوه فى الغالب مالهوش ذنب فيه قوى كده، برغم إن احنا بنتعلم إزاى نخليه ما يستسلمشى، ويتحمل جزء من المسئولية. 

أ. أكمل: طيب والتناقض اللى هوه عايشه ده، ما برضه حاجة صعبة، إمام وخطيب وهات يا عادة سرية

د. يحيى: إوعى يكون ده هوه إللى زهقك منه؟ يا أخى إنت مش فاكر فتاوى الإمام ابن حنبل اللى قلتها لكم ميت مرة، يعنى ما دام بيعمل علاقة بيك، وبالناس اللى بيشتعل معاهم بعد الضهر، ده حايخفف من تحوصله على نفسه، اللى أحد مظاهره العادة دى

أ. أكمل: يعنى استنى قد إيه؟

د. يحيى: إنت واللى وصل لك دلوقتى، وكله بثوابه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *