نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 27 – 6 -2013
السنة السادسة
العدد: 2127
ص 113 من الكراسة الأولى
الرحمن علم القرآن علمه البيان
الحمد لله رب العالمين
والعلم نور
الله العزيز الوهاب
الاحسان هو فى خلق الإنسان
والله عزيز حكيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
الكروسان لا يجرى عليه النسيان
نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
27/5
القراءة:
عدنا والحمد لله إلى موائدنا الخفيفة العميقة الجميلة التى اعتدنا عليها قبل هجمة الكتب والكتاب والمبدعين والأعلام وقادة الفكر والناس.
وها هى أسماء الله الحسنى تطفو مرة أخرى ليست أخيرة، من عمق أعماقه إلى على سطح وعيه فأكاد أتصور أنها كلها متواجدة بجوار بعضها فى حراك هارمونى رائع، فالله سبحانه وليس فقط اسماؤه يحيط بوعى هذا الرجل داخلا، وخارجا، وحالا، ودائما.
الأسماء الحسنى التى ظهرت فى هذه الصفحة وسبق ورودها وإثباتها بما أوحت من تداعيات هى: الرحمن فى الآية الكريمة “الرحمن علم القرآن” (1)، ثم العزيز الوهاب (2)
أما “العلم نور” (3) فقد أشرت تحديدا إلى اختلافى معه حول يقينه المطلق أن “العلم هو الحل” الأمر الذى كاد يصل عندى أحيانا (نادرا ثم أتراجع) أنه يكاد يتوازى مع “الإسلام هو الحل”.
ثم ننتقل إلى جديد هذه الصفحة فنقرأ:
1)اسم الله “اللطيف”، وهو اسم رقيق جميل، وفى نفس الوقت متقن محكم، وهو مقترن عادة باسم “الخبير” اللطيف الخبير، فأنتبه كيف أن اللطف يكتمل بمعرفة الحكم وعدل العطاء وتمام العلم “أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ” الآية 14 الملك ، “إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ” الآية: 100 يوسف.
2) أما اسم الودود فقد أرجعنى إلى فكرة أعتز بها وأعجز عن شرحها: “الود” فى اللغة هو الحب، إلا أنه كما اتفقنا ليس فى اللغة مترادفات، “فكل ودود محب، وليس كل محب ودود” فتصلنى من هذه التفرقة ما سبق أن أشرت إليه من ضرورة التميز بين “القدرة على الحب”، وبين “فعل حب بذاته”، وكنت أصور من عنده القدرة على الحب بأنه مثل دينامو يمتلىء بحركية الحب باستمرار، أما فعل الحب بذاته، فهو مثل “البطارية” قابلة لأن تنتهى شحنتها بانتهاء عمرها الافتراضى، والله سبحانه ودود دائم الحب لعباده، وهو لا يبخل بحبه على المخطئ، يقرنه مرة بالغفران ومرة بالرحمة “وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ “الآية: 14البروج، وأيضا: “وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ” الآية: 90هود
3) الحكيم: يقترن اسم الحكيم باسم العزيز بشكل متكرر دال، وقد لاحظت أن أغلب هذا الاقتران يأتى بعد تحديد أحكام: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (38) المائدة، (فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(220) البقرة * أو بعد شهادة أو وضع قواعد عدل محددة: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (228) البقرة * أو مع ذكر رحمة ربنا أو مع التذكرة بجزائه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) التوبة * أو مع علو كلمته: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُعَزِيزٌ حَكِيمٌ) (40) التوبة
* أو مع مكافأة عبادة: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (10) الانفال
* أو فيض كرمه بكلماته: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (27) لقمان
وقد اكتفيت بالإشارة إلى ما ورد من هذا التلازم بين الاسمين “عزيز/حكيم” دون أى منهما منفرده.
أما حين جاء ذكر “الاحسان” فى هذه الصفحة فقد جاء بصيغة أخرى غير التى وردت فى نشرة الأسبوع الماضى (ص 112)، فقد جاءت الأسبوع الماضى فى سياق ما كتبه أن “يارب يا محسن” وأن الإحسان من القلوب، أما ما جاء هنا فهو ذكر “الاحسان هو فى خلق الإنسان“، وسواء كان يعنى أنه جزء مما كرم الله به هذا النوع البشرى من الأحياء بأن جعل خلقه إياه يتصف بالاحسان فى خَلقه (بفتح الخاء)، أو كان يعنى معنى الطباع أى “خُلق” الإنسان، فإنهما معنيان يتكاملان ويسرى عليهما ما جاء فى نشرة الأسبوع الماضى بالإضافة إلى التذكرة بإن مخالفة الطبيعة البشرية المكرمة من خالقها، أو مخالفة الخلق القديم النابع من الفطرة السليمة هما ضد الإحسان بهذا المعنى الجميل المتكامل.
وأخيرا تعجبت وأنا أقرأ الكلمة الأولى فى السطر قبل الأخير هل هى: “الكرواسون” وقد كتبها “الكروسان“، وتساءلت هل تستحق هذه الفطيرة الهشة اللذيذة التى أعلن لى مباشرة أنه يعشقها بوجه خاص وأنه حرم نفسه منها بمجرد أن علم أن عنده السكرى، وبالتالى فما جاء هنا يشير إلى أنه برغم هذا الحرمان (أو بسببه) لم يستطع أن ينساها أبدا، فقد ذكرت فى كتابى “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” الخميس (الحرافيش): 18/5/1995، كيف أن أ.د. علاء الزيات أستاذ الأمراض الباطنة (نشرة 20-1-2011) زميلى وابن صديقه محمد حسن الزيات حين دعوته للكشف عليه وسمح له بكروساناية يوميا، لم يستعمل الأستاذ هذه الرخصة أبداً برغم تذكرتى له بهذا السماح باستمرار، فلعل هذا الحرمان الاختيارى هو الذى أبقاها فى ذاكرته هكذا مع الانتباه إلى أنه كتب لا يجرى عليه “الانسـ”، ثم شطبها ليصححها “النسيان”، فتصبح “لا يجرى عليه النسيان“.
ما أرق هذا الشيخ الطفل الجميل حين يسمح لرغباته البريئة أن تقفز لتسجل نفسها بهذا الخلود فى الوعى جنبا إلى جنب مع كل هذه الجواهر الفخمة الأخرى.
ثم يختتم الصفحة باسمه ثم توقيعه فالتاريخ مع التذكرة بأنه لم يكتب اسمه فى البداية كالمعتاد.
1- الرحمن علم القرآن علمه البيان :
ورد هذا النص صفحة التدريب رقم (15) نشرة 18-2-2010 ، وأيضا فى صفحة التدريب رقم (47)، نشرة 1-12-2011، وصفحة التدريب رقم (54) نشرة 19-1-2012 ، صفحة التدريب رقم 55، نشرة 19-1-2012، وصفحة التدريب 55، نشرة 26-1-2012 ، صفحة التدريب 65، نشرة 15-3-2012
ورد هذا النص فى صفحة التدريب رقم (1) بتاريخ 25-1-1995، نشرة: 31-12-2009، وأيضا صفحة رقم (6) بتاريخ 3-1-1995، نشرة 14-1-2010،
ورد هذا النص فى صفحة التدريب رقم (82) بتاريخ: 23-4-1995، نشرة 28 – 6 – 2012
وأيضا صفحة التدريب (99)بتاريخ 5-5-1995، نشرة 18-10-2012