الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار/بريد الجمعة 28-6-2013

حوار/بريد الجمعة 28-6-2013

نشرة “الإنسان والتطور”

الجمعة: 28-6-2013

السنة السادسة

 العدد: 2128        

حوار/بريد الجمعة

المقدمة:

بكلمة قصيرة صادقة ومخترقة تبدأ الزميلة – من سوريا الرائدة– أ.د.مرسلينا شعبان حسن بريد اليوم، فأفرح بالمشاركة، فكلما شعرت أننى نجحت أن أوصل بعض ما أريد لمن يهمه الأمر (أمر الحياة وأمر الناس وأمر المعرفة) أطمئن وأثابر وأستمر.

ثم يواصل د. رجائى الجميل تعريفنا بالحياة وبأنفسنا وبربنا من خلال استكماله توضيح ما أسماه “محاور الوجود” يواصل تعريفنا بكل هذا دون أن يعرفنا بنفسه، فأنا لا أعرفه شخصا، ولا شخصيا، ولا أظن أنه من أهل الاختصاص، ولم يسبق له أن تحاور فى هذا البريد (أو هذا الموقع) طوال سنوات، وبصراحة أنا لا أريد أن أتعرف عليه أكثر من أنه بلغ سن النضج، فى بداية منتصف النصف الثانى (40 سنة)، فما أثرانا به هو أهم عندى من شخصه – بعد إذنه- ذلك لأننى آنس بما يقول وكأننى أنا الذى أقوله، وحين يصلنى الإقرار والرؤية بما أسميه “المصداقية بالاتفاق(1) فإن هذا لا يثبت توارد الخواطر بقدر ما يثبت أصالة الفكر ومعيّة الاقتراب من الحقيقة.

شكراً يا عم رجائى… لا تتركنا.

لكن بعد إذنك سوف أؤجل الحديث عن المحور رقم (9) “الوعى الجمعى” Collective Consciousness، لأخصص اليوم للمحور رقم (10)، “تقبل المتناقضات” Accepting Contradictions  ذلك لأننى مازلت حاليا أتناول تفاصيل تخليق ما هو “الوعى الجمعى والتفرقة بينه وبين “عقل الجماعة” Group Mind فى كتابى “الأساس فى العلاج الجمعى”،  وأحيل الصديق د. رجائى مؤقتا إلى ما نشر فى هذا الموضوع منذ أسابيع تحديدا (نشرة 2-6-2013) كما أننى سوف أؤجل التعليق على المحور (11) وما بعده إلى أعداد قادمة من البريد حتى لا ينقلب البريد إلى غير ذلك.

*****

كتاب: الأساس فى العلاج الجمعى (38)

دروس من مجموعة المواجهة(1) Encounter Group

محو مبادرات التغيّر أولا بأول!

د. مرسلينا شعبان حسن

شكرا استاذنا الجليل يحيى الرخاوي :

كلام في العمق كم مهم اعادة سماعه والعمل عليه في تكوين النفسانين الشخصي بعيدا عن التمكن الاكاديمى لحمل مسؤولياتهم تجاه مرضاهم وقبلا تجاه انفسهم ..

د. يحيى:

سعدت بمتابعتك

كما أننى أتابع اسهاماتك على شبكتنا “شعن” وقد جمعت بعضها لأعقب عليها على الشبكة أولاً، إلا أننى لم أفعل بعد، فأرجو أن تسامحينى حتى أرد لك الجميل، وأكرر شكرى.

* * * * *

حوار/بريد الجمعة

د. محمد أحمد توفيق الرخاوى

وانتبهت بعد ذلك الى الكلمات فإذا بها تثير الخجل والسخرية و ظل هذا الشعور المختلط طول الوقت ما بين العظمة والتفاهة ولازلت محتارا”

التقطت هذا النص من تعليقك يا د.رفيق وهذا بالضبط ما كان عمي يريد توصيله لك اننا في مرحله شديده الحساسيه ونحن في عرض من يحيي فينا الامل ليس بالسخريه ولو حتي باستعمال اغنيه كانت تثير فيك هذا الاحساس بالفخر وغيره

كل الاعتراض علي الساخرين هو من ناحيه لتفاهه كثير مما يقدموه فهو لا يبني ولا يصيب أي هدف الا دغدغه مشاعر مرهقه اصلا ومن ناحيه اخري الوقت هو وقت مناقشه مشاكل ومحاوله طرح حلول لها بموضوعيه شديده،وليس وقت سخريه ناهيك عن الطاقات والأموال التي تستنزف فيما لا يفيد في هذه اللحظه الفارقه من تاريخ مصر

والله اعلم.

 د. يحيى:

أنا خائف على مصر والمصريين، لكننى خائف أيضا على الأمريكيين من الامريكيين، وعلى البرازيل من الصين…الخ

لكن الله القادر على كل شىء قادر أن ينجينا بما نعمل، وهل أستطيع أن أملأ وقتى، حتى ألقاه لصالح بلدى وناسى والدنيا والمعرفة بأكثر أو أفضل مما أملؤه به الآن؟ والله المعين.

كل ما علينا هو أن نستمر، نعم نستمر بالدنيا إلى كل خير خلقها الله به، وخلقنا له، وندفع الثمن بكل شرف ألم الوجود، إلا إذا كنا لا نستأهل الحياة أصلا، وبالتالى فعلينا على الأقل ألا نشارك بالإسراع فى تدميرها.

ماذا سيستفيد هؤلاء الغيلان أصحاب المال الكاسح القاتل، أهل التكاثر والدم، ما سيستفيدون من كل هذا؟ هل سيصبحون بشرا أجمل؟ وإلى أين سيذهبون ببقية الناس بعد إذلالهم أو سحقهم وهم أحوج ما يكونون إليهم ولو عبيدا (جدل العبد والسيد: هيجل)؟ ما كل هذا الغباء يا ربى؟

* * * * *

الثلاثاء الحرّ:

حديث: عن الإلحاد والثورة الدينية الزائفة…

أ. غادة محمد

اود ان اعلمك اننى مقتنعة تماما بالرأى الذى تتبناه وهو أن هذه ليست ثورات ربيع عربى كما يروج لها معظم الناس ولكنها مخططات لتدمير هذه المنطقة لاغراض ومصالح يريدون تحقيقها فى هذه المنطقة ومن أول يوم فى هذه الثورة وأنا غير مقتنعة بما يحدث أتعرف لما شعرت بذلك يا سيدى؟ ورأيى انه لا يعقل أن تنقسم السودان وتقف سوزان رايس المتحدثة باسم البيت الأبيض وتدعى أن هذا يوم عيد للولايات المتحدة الامريكية فكيف يعقل أن تقوم بعدها مباشرة كل هذه الثورات وفى كل الدول العربية وبنفس الطريقة؟ هل تغيرت جيناتهم مرة واحدة؟

د. يحيى:

شكراً يا غادة، علما بأننى لا أتبنى هذا الرأى دون تحفظ،

ومع ذلك لو صح هذا الرأى على إطلاقه، فقد كان يمكن أن نحولها لصالحنا لو أننا أهل لها “مـَنْ خَدَعَكَ فخدعتَ له، فهو مخدوع”.

ربنا يستر.

* * * * *

حوار مع مولانا النفّرى (33)

من موقف “الوقفة”

د. محمد أحمد توفيق الرخاوى

يتلمس العلماء اطياف من معرفه فاما يثبتوها لكي يبدأوا منها الي روح الحياه وهي الجهل للعلم والعلم الذي يؤدي الي الجهل .

واما يغلقوا عليه- علي العلم- وكأنه هذا هو مع تصطنع انسلاخ مخل عن المعرفه وعن الوقفه

الوقفه لا تحتمل الصمود اصلا فهي نور بعيد يبتعد بالاقتراب ولكنه يظلل الحضور اذا ضبطت جرعه العلم الداخل في المعرفه في روح الحياه .

د. يحيى:

أحسن، بإذن الله.

* * * * *

محاور الوجود:

د. رجائى الجميل

9) Collective Conscious

وهذا سيدخلنا حتما فى أشكاله البيولوجى وألغاز  قضيه التطور…الخ

د. يحيى:

وهل أنا أكتب يا د.رجائى إلا فى البيولوجى والتطور منذ خمسين عاما؟ دعنى أعجب بقدرتك على هذا الإيجاز مع هذا الوضوح، ثم أحيلك لمقدمة البريد لتعرف سبب تأجيل الرد على هذه الفقرة مؤقتا.

وإلى الأسبوع القادم

محاور الوجود

د. رجائى الجميل

10) Accepting contradictions

أو “تقبل المتناقضات”، وهو جزء إن لم يكن هو كل تكوينا من هذا الولاف المرهق المعجز الحيوي الحتمي!!!

د. يحيى:

“الولاف” “المرهق” “المعجز” “الحيوى” “الحتمى”، لا أشك أنك تعنى كل كلمة من هذه الكلمات بما لا يحتاج إلى تعريف أكثر، ثم أن توضع هذه الصفات بجوار بعضها هكذا: فهذا يعطيها زخم آخر، كنت أحسب أن الذين يستعملون كلمة “الولاف” التى قمت بترجمتها من Synthesis  ندرة نادرة، فما بالك بندرة أكبر تصف من يتلقاها بحقها، وحين استعمل هذا المصطلح “الولاف” أتحرج تبعا لمبدأ “الكتابة فى الجدل وعن الجدل هى ضد الجدل”، لكن ليس عندى بديل عن أن استعملها وأنا أكرر مرارا توضيح الفرق بينها وبين “التسوية” و”الحل الوسط” (2)فإذا بك تستعمل الكلمة بشكل يطمئنى: فى موضوعها وموقعها،

 كل ذلك لا يتفق مع العنوان يا عم رجائى “تقبل المتناقضات” فالأمر (الجدل فالولاف) عندى ليس “تقبلا” بل هو احتواء نقدى تخليقى تشكيلى نشط، وفيه من التحمل للاستيعاب أكثر من التقبل للرضا بالنقيضين، أنا متأكد أنك لا تعنى ذلك، لكننى شعرت بحساسية خاصة من كلمة “تقبّل” فلا تؤاخذنى.

د. رجائى الجميل

… وأظنك من خلال مهنتك أو تخصصك أو في تقديري إصرارك علي الوصول الي سر اللعبه كما تسميها انت -ولي تحفظ علي هذا الاسم- قد وصلك هذا التكوين في كل مره تقرأ هذا النص البشري كما وصفك به بعض قراءك

. لعبة ماذا يا أستاذنا الدكتور  هذا هو سر الخلق نفسه وثقل حمل الأمانة من خلال هذا الولاف، لتوليد الاختيار

د. يحيى:

ومن قال أننى أقصد بـ “سر اللعبة: سر الخلق”؟ الأغلب أننى أقصد سر الحياة، وهو محيط “الغيب” التى سوف يظل سرا مادام ثم من سعى وثم من يبدع،

 أما لفظ “اللعبة” فقد جاءنى عنوانا لديوانى الأول فى “علم السيكوباثولوجى“، والذى شرحته فيما يناهز الألف صفحة، وهو بالموقع لمن شاء، ثم إنى حين مارست الألعاب فى العلاج الجمعى لم أجد ترجمة مناسبة لكلمة Game التى تترجم حرفيا إلى “دور” مما لم يفى بغرضى وأنا أكتب بالعربية، وقد كشفت لى هذه الألعاب فى العلاج الجمعى وغيره، وهى التى نشرت منها عشرات بالموقع مع استجابات فئات مختلفة ما كشفت من أسرار حتى استحقَّ لفظ “لعبة” البقاء بعد إذنك، ليفيد أعمق من كل جدّية مغلقة.

لعبة لعبة الخوف”  نشرة: 14-9-2007

لعبة: “أنا خايف أفرح بحقيقى لحسن …….” نشرة: 28-10-2008

– لعبة:“ياخبر!! ده أنا لما ما بافهمشى يمكن…” نشرة: 3-4-2012

– لعبة: “أنا خايف أقول كلام من غير كلام لحسن…..” نشرة 22-8-2012

– لعبة: “ياه!!!.. دى طلعت صعبة بشكل..(بِشـاااكْل)!!!! ولكن..” نشرة: 10-6-2013

د. رجائى الجميل

لا نعرف طبعا الكثير عن أولاد عمومتنا الكائنات الأخرى ولكن ما وصلني من هذا الكائن الجميل  -الانسان-انه ألهم (بضم الالف وكسر الهاء) – الفجور والتقوى- تصور يتكلم القران عن الهام الفجور والتقوي سواء بسواء، وأما التزكية فتبدأ من قبول هذا الحتم ليخرج الولاف الجديد في رحله تبدأ ولا تنتهي.

د. يحيى:

أسمح لنفسى هذه المرة أن أنقل لك من بريد الجمعة باكرا بتاريخ9/11/ 2007 (بعد ظهور هذه النشرة بأربعة أشهر) دون أن أحيلك إليه برابط، لتتأكد من ائتناسى بك واحترامى محاولتك الجادة وإبداعك المثابر، وأيضا لعلنى بذلك أقدم للأصدقاء الأقل نشاطا أن يشاركونا إذا حال الكسل بينهم وبين الرجوع إلى الرابط، فالأصل.

مقتطف: بريد الجمعة 9-11-2007

“د. أسامة عرفة:

أود أن أشير أن الاسلام لم يقل غير ذلك بل قال ذلك نصا وروحا.. لنتأمل قوله تعالى:”  ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها”، فطرة تركيب جدلية ثنائية القطبية على مدى طيف شديد الامتداد بين الفجور والتقوى، وعليه فاختزال الفطرة إلى الفجاجة من ناحية أو النقاء من ناحية أخرى يؤدي إلى المحصلة صفر، إذ يسقط هذا التركيب الجدلي.

 ثم نتأمل قوله تعالى : قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها:  وهو يعرض لفعل حركي جدلى ممتد من قطب في اتجاه القطب الآخر فجورها –تقواها وهو “زكاها – دساها”، حركة التزكية في الاتجاه من الفجور إلى التقوى ودساها فى الاتجاه من التقوى الى الفجور

د. يحيى:  

لن أعلق على تعليقك حتى لا أفتح الباب للمناقشات اللفظية التى قد لا تنتهى، لقد وصلنى توجهك، وأنا أوافق عليه من حيث المبدأ، فقط أريد أن أذكرك بما جاء أغلبه فى مقالى عن الفطرة والجسد، من حيث أن أغلب الفقهاء، إن لم يكونوا كلهم، قد اختزلوا الفطرة إلى عكس ما تقول وأتصور، ثم دعنى أعلن لك أن هذه الآيات الكريمة لم يصلنى منها أى استقطاب إلا فى نقطة البداية حين ألهمها ربها ما ألهمها، أما بعد ذلك فقد وصلتنى حركية الفطرة، والفطرة الحركية من خلال “زكاها” التى ليس لها معنى إلا “نمّاها“، فعرفت منها، ومن كل ما أعرف، أننا نحن الذين ننميها بهذا الجدل الذى يحتوى فجورها لا ينكره ولا ينفيه ولا يمحوه، وفى نفس الوقت يتصاعد بتقواها ولا يكتفى به، فتكون الحركة كدحا إليه هى هى طريق “نمّاها”.

وفى  موقع آخر بتاريخ نشرة 29-4-2011، بريد الجمعة

كتبت ما يلى:

“…. ثم أعود أذكرك بأن “زكاّها” فى الآية الكريمة لا تعنى إقصاء الشر، أو إنكار الفجور، وإنما تعنى نمَّّّاهِا، وهذا هو معنى زكاها حتى فى المعاجم التقليدية، أما التفسيرات الأسطح فهى مسئولة عن الاستقطاب الذى يصل من الآية الكريمة إلى عامة الناس، بعد أن يفرض عليهم أغلب المفسرين تسكينها.

النمو يتم باحتواء كل ما خلقنا الله به، من خلال النمو (زكاها) بعمق التقوى، كما أننا نحتوى الفجور لنصنع منهما كلاً إنسانيا أرقى فأرقى باستمرار، فهى عملية إنسانية رائعة، وهى أصعب كثيرا من مجرد استبعاد الشر، وتسطيح الكيان البشرى إلى خيرٍ خالص، فهذا ليس نموا، ربما يصلح صفة للملائكة وليس البشر، (وأنا أعرف أقل القليل عن الملائكة، ولا أميل للاقتداء بهم).

وأخيراً جدا منذ ثلاثة أشهر فقط عدت أؤكد فى نشرة: الثلاثاء الحر: 5-3-2013 بعنوان:”الحق فى الحزن

“…الفطرة التى فطر الله الناسَ عليها هى مشروع أرقى كائن حيوى نعرفه، فلا يمكن وصفها بأن الأصل فيها هو الشر، صحيح أن الشر جزء لا يتجزأ من تركيبها، لكن المشاركة فى التركيب شىء، وأن يكون من ضمن مكونات الفطرة التى علينا أن نزكيها جدلا لتنمو “كما خلقها الله” إلى “ما خلقها الله” شىء آخر، “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا….”، لقد بح صوتى وجف قلمى وأنا أنبه المجتهدين أن معنى زَكَّاهَا، حتى بنص المعاجم هو: “نمّاها“، حين يعى الإنسان الطبيعة البشرية فيحيط بشرِّها وفجورها دون كبت، ويفجر تقواهاوإبداعها دون استقطاب، تنمو النفس البشرية كما خلقها الله جدلا، إلى ما خلقها الله، يتجادل الخير والشر دون استقطاب فإذا منهما تتخلق ذاتا بشرية أكثر ابداعا، وأجمل كدحا إلى وجه الله”.

د. رجائى الجميل

وأظن أن الاطمئنان هو هو في ما بعد هذا المخاض المستمر الذي قد يستغرق او غالبا يستغرق العمر الزمني المحدود-كله- بالجسد- لكي يدخل في العباد وهو يرجع الي ربه راضيا مرضيا!!!!

د. يحيى:

استعمالك يا د. رجائى لفظ “الاطمئنان” هنا وربطه بالرجوع إلى ربنا “راضية مرضية” يرتبط بما بح صوتى به لنفى اتهام الاسلام بالدعوة إلى النفس المطمئنة بالمعنى التخديرى الساكن الفاتر، وأنا أعرف أنك لا تقصد ذلك، لكن دعنى أحكى لك دعابة قالها لى والدى وهو يحكى لى عن من أخطأ فى قراءة الحديث الشريف ” المؤمن كيّسٌ فـَطِنْ” هكذا: “المؤمن كيسُ قـُطْن”، وحين سئل هذا الرجل الطيب كيف يكون المؤمن كيسا للقطن قال لأنه بدين لا يحمل هما فِسمنَ، ولأن “قلبه أبيض”!!. أسف لهذا الاستطراد الساخر، لكن ما يصلنى من ترويج مفهوم “النفس المطمئنة” دون “ادخلى فى عبادى” هو شىء قريب من هذا.

ومن مقتطف باكرا جدا أيضا: نشرة 18-9-2007، بعنوان: مع الناس.. فى رحابه تعالى  خواطر قديمة ..”  كتبت:

“الإبداع الأصيل سبيل آخر، قد يكون انشقاقا مرحليا لازما، لكنه أيضا مرحلة تحرّك نحو  التكامل الخلاّق نحونا، نحوه تعالى وتنزه، سبحانه عما يصفون، إن هذه الرؤية بين الناس، وللناس، ومع الناس، ووسط الناس، ومدهوساً بالناس، وذائبا فى الناس، ودائرا بالناس، ومهرولاً كالناس … هذه الرؤية تدعّم فضيلة التواضع، كما نفهم منها كيف يدخل الفرد فى المجموع “أدخلى فى عبادى“، ليخرج منه باستمرار، كما أنها تَعِد ُ بإمكانية الحضور فى الكل توجها إلى المطلق. فرداً فرداً، كدْحاً كدْحاً طول الوقت، فى ظل قانون الحياة النابضة الخلاقة”.

وفى تعقيبى على حديث شريف أورده د. أسامة عرفه فى بريد الجمعة : 5-10-2007، قلت:

“… توقفت كثيرا عند حرف “فى” (فى الله) ثم توقفت أكثر عند حرف “على” (اجتمعا عليه) ثم توقفت أكثر وأكثر متسائلا وأنا أقول “لنفسى”، نجتمع عليه، مفهوم، لكن كيف نفترق عليه؟

 فاجتمع لدىّ مفاهيم برنامج الدخول والخروج in-and- out program ومدى اتساع مظلة الحق سبحانه التى تظلل هذين الرجلين.(يوم لا ظل إلا ظله، وكل يوم عندى أجد أنه لا ظل إلا ظله)

المهم هذه الحروف “فى” و”على”، وهذه الكلمات: “ظله” و”افترقا” كانت تمثل الأساس فى نقد التواصل  الثنائى “وجها لوجه”، فى أطروحة علمية قدمتها فى أكثر من مؤتمر، ذلك أننا لو تأملنا حرف “فى” (عبادى وليس “مع” عبادى) فى الآية الكريمة بعد النداء للنفس المطمئنة وادخلى “فى عبادى” لاختلف معنى التسكين الذى نكرره ليل نهار، كل هذا يحتاج لعودة مفصلة ويمكن الاطلاع عليها مؤقتا فى موضوع “الأسس البيولوجية للإيمان”. مع أن عرضه فى شرائح لا أكثر.

د. رجائى الجميل

الاستثناء الوحيد –لهذا الوصول بالاطمئنان–هو القلة القليلة الذين قال عنهم الله \”يدخلهم الجنة عرفها لهم\”و قال عنهم ايضا \”سبقت لهم منا الحسني\”\”  فهم اطمأنوا -هنا- بأن خاضوا رحله الولاف ورضوا بها كي تكون الثمرة هي تقبل كل المتناقضات لكي يخرج الحيي من الميت

د. يحيى:

مرة أخرى تتحدث يا د. رجائى عن الاطمئنان بجسارة لم أعد أقدر عليها، وتستعمل كلمة “تقبل” فتصلنى ساكنة، فأخاف من الاستقبال بالتسطيح وسوء الاستسهال مما هو أبعد ما يكون عن موقفك كما وصلنى!

أما حديثك عن الوصول “بالاطمئنان” فأريد أن أذكرك – لا أنبهك- بأننى فى حوارى مع مولانا النفرى (بعد أن تراجعت عن جرأتى حواراً مع الله) قد تعلمت من مولانا ومما أستلهَمَ من ربه –ربنا- أن الوصول حتى لو كان بالاطمئنان هو محطة خطرة ان لم يكن بعدها محطات بلا عدد، ثم إن الله عرّفنا ويعرفنا فى الدنيا جنة الطريق إلى المعرفة أكثر من غير ذلك، هذا ما وصلنى.

أما خوض رحلة “الولاف” فهو أمر رائع ووارد، لكنه لا ينبغى أن يؤدى إلى الرضا، بها وإنما إلى تجديدها باستمرار، طبعا مع السماح بالتمدد للاستيعاب ثم “العوْدة للدفْق”.

وأخيرا فإن تذكرتنا بأنه “يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ” يدعونى إلى أن أذكرك بدورى بأنه أعطانا نحن أيضا، ربما من خلال حمل الأمانة وتخليق الولاف، أن نحيى الأنفس وكأننا نحيى الناس جميعا وإليك بعض ما كتبت فى ذلك. مقتطف: نشرة: 23-6-2010 “الحياه هىّ الحياهْ، أغلى حاجه فيها هيَّا: “إنى عايشْ” (من أرجوزة كتبتها للأطفال)

لا يوجد تفسير للحياة إلا أنها الحياة، كثيرا ما طرح علىّ مريض هذا السؤال: ماذا علىّ أن أقرر الآن؟ فأجدنى أطرح نفس السؤال على نفسى دون أن أدرى، وقد كنت أرد على كثير من مرضاى، دون تجاوز الأمور الحياتية اليومية التى علينا أن نقررها سويا، أو يقررها هو مؤتنسا بعلاقتنا (حتى لا يزعل الخواجات)، كثيرا ما كنت أجد نفسى أقول له (ولنفسى) :

عليك أن تقرر: “إما أن تحيا، أو لا”،

(مع التحفظات اللازمة: أنظر كامل النص).

علينا ألا تُقَيَّم الحياة بما يملؤها من مكاسب، أو ملذات، أو أملاك، أو حتى قيم، وربما إنتاج، “الحياة حياة” قبل كل هذا وبعد كل هذا،

د. رجائى الجميل

طبعا يحضرني هنا طرفي المعادلة :الذين ينكرون هذا التكوين وكانه خارجنا وهم اغلب المتشددين من كل الديانات الذين سطحوا كل الوجود باستحالة مخله تتعارض مع كل من كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد.

د. يحيى:

بصراحة أنا أحتاج إلى عشرات الصفحات لأؤيد رأيك هذا، وأدعمه، وسوف أحاول الايجاز ما استطعت، وأبدأ بالاقتطاف من نشرة باكرة أيضا، نشرة 13-5-2008

“….إن الدعوة إلى العودة إلى الدين ليست – فى كل الأحوال – دعوة خالصة ولا مخلصة تماما، وإنما هى قد تمثل نوعا أخر من التهميش والاختزال، وفيما يلى بعض ما صار إليه استعمال الدين (أو ما يقال عنه دينا) فى العصر الحاضر

1- كثير من الناس (والمجتمعات) يستعملون الدين بعض الوقت، كنشاط اجتماعى أوترفيهى، فى عطلة نهاية الأسبوع،

…….

هذا استعمال قد يؤدى دورا اجتماعيا مفيدا، لكنه أسطح من دور الدين والإيمان فى تحقيق بشرية البشر من حيث عمق الجذور البيولوجية التى يتجلى من خلالها الإيمان عبر التاريخ .

2- جَمْعٌ آخر راحوا يستعملون الدين كمسكن كلما لزم الأمر، (وحتى إذا لم يلزم الأمر). هذا هو ما التصق بنوع من السكينة يحققها التدين الاستسلامى أو التسليمى. ارتبط هذا المفهوم بمقولة “النفس المطمئنة

3-هناك مَنْ يستعمل الدين كوسيلة لغيره، مثلا للوصول إلى السلطة السياسية .

4- ثَـمَّة فئة ليست قليلة تستعمل الدين كوسيلة للتربح والاحتكار وقفل دائرة التعامل على أهل دين بذاته، أو فئة منهم وهو أمر وارد سواء بالنسبة للأقليات الدينية أو لجماعات من الأغلبية ميزت نفسها بتجمعات خاصة (تصبح أقلية بالضرورة).

5- ظهرت موجة خبيثة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى تستعمل الدين تبريرا لما يسمى صراع الحضارات. المفروض أن الحضارات تتعاون، وتتتابع، وتٌتَـوارث لا تتصارع بالضرورة.

 6- يستعمل الدين لتفسير بعض العـلوم والمعلومات، وبالعكس

ما شاع أخيرا حتى بدا أنه الحق هو ما يسمى “التفسير العلمى للنصوص الدينية”، وهو نشاط حسن النية أغلبه، سطحى خفيف ضارٌ فى نهاية الأمر. ذلك لأنه يدل على جهل خطير بكل من الدين والعلم على حد سواء.

7- يستعمل الدين كوسيلة لقهر أو وأد الإبداع.

إن قياس كل ما يصدر من جديد فى أى مجال بتفسير محدود لنص دينى معين يمكن أن يجهِض – فى نهاية النهاية- أية محاولة لإعادة وضع الدين والإيمان فى موضعهما التطورى المناسب.

8- أخيرا وليس آخراً استعملوا الدين تبريرا للاستيلاء على أوطان الغير، وطرد أهلها- وقتل الأطفال.

د. رجائى الجميل

…. والطرف الثاني هو الذي الغي الداخل والخارج معا وكفر —دون ان يكفر فهو لا يستطيع-وغالبا هو المغضوب عليه والضال معا لا نه رفض حقيقه الوجود في نفسه- وهو الكفر،  وضل لأنه يستوقد نارا فلما اضاءت ما حوله ذهب الله بنوره

د. يحيى:

مقتطف: بريد الجمعة : نشرة 21-12-2007

…. إن هذه المسألة التى أحيتها ماثلة فى وعيى “رواية العطر” “لزوسكندر” هى مسألة شديدة الحساسية، فلا يعرف الكفر إلا من مرّ به بما ينبغى كما يبغى، بل أكاد أقول إنه لا يعرف الإيمان إلا من مرّ به، الإشكال عندى حين أناقش هذه المسألة– مثلما هو الحال عندما  أتحدث عن الله سبحانه وتعالى– هو: كيف يستقبل عامة الناس الكلمات، هل حين أقول فى كتاباتى كلمة “الكفر”، هل يصلهم أننى  أعنى بها الإلحاد، أم النشاز، أم الإنكار، ام الانفصال، أم الشرك، كل واحد سوف يأخذ الكلمة بحسب مرجعيته اللغوية، والأيديولوجية، والدينية التقليدية، وغير التقليدية.

وفى حوار مع الصديق د. جمال التركى فى بريد الجمعة: نشرة 27-2-2009 ، جاء على قلمى مايلى:

“… قلت باستحالة الإلحاد بيولوجيا، الخلية المفردة الحية لا تلحد طالما هى حية، لكن العقل البشرى الأحدث يتصور أنه قادر على الانفصال، فيجف، حتى يتخثر،

 فلنحذر”.

وأيضا جاء فى بريد الجمعة 22-1-2010 ما يلى:

أ. يوسف عزب

 وكيف يكون المطروح اثناء حياته ان ينعدم من جديد في اللحن المطلق؟

د. يحيى:

خوف الإنسان الفرد من إطلاق غريزة (برنامج) الإيمان، هو خوف من التلاشى فى المطلق، وهذا طبعا خوف على غير أساس، لأنه ليس من طبيعة هذا البرنامج الغريزة (الفطرة) أن يحقق العدم،  كل غريزة مهما أشعنا عنها هى لخدمة الحياة شريطة ألا تعمل منفصلة، ولا توجد غريزة تخدم العدم،

الخوف من إطلاق غريزة التناغم مع المطلق (الإيمان)، ومن ثم رعب التلاشى،  مثل الخوف من إطلاق الجنس للجنس ومن ثم رعب مضاجة المحارم مثلا، الخوف من انطلاقة الجنس يحفز الكبت، ربما حتى المرض، وبنفس القياس الخوف من غريزة تمادى التوازن الممتد يحفز كبتها فإما الالحاد وإما تغطيتها  بدين مغترب، الإنسان يعزف آلته (ذاته المنفردة) كجزء من لحن كبير متصاعد، واللحن لا يكتمل إلا بكل آلاته، الإنسان الفرد، إذا خاف أن يضيع عزفه المنفرد وسط تناسق اللحن الأكبر، قد يفضل أن ينسحب  بآلته (ذاته) التى يظن أنها قادرة على العزف المنفرد بما يكفى، وهو قد ينجح مؤقتا فى ذلك،  فيستمر متسقا مع نفسه، لكن منفصلا عن اللحن الأكبر، أما إذا تمادى  فى التفرد والغرور، بأن صوَّر لنفسه أن عزفه منفردا، يغنيه عن السيمفونية الكاملة مفتوحة النهاية، فإنه يبالغ فى عزفه المنفرد، متصوراً إمكانية الاستغناء عن التناسق مع اللحن الأكبر، فيصبح نشازا،

 فإذا تمادى النشاز، استبعد نفسه تلقائيا من الهارمونى المتد فانفصل، فإذا تم الفصل استقل وحده مثل النيزك الساقط.

هذا العزف المنفرد يتم عادة تحت عناوين مثل “تحقيق الذات”، و”تقديس العقل الاحدث”، و”الإلحاد المتحدى”، و”الإنكار الحر”،  هذا الإنسان إنما يخاف أن يشترك فى اللحن الأكبر فيضيع تميز آلته أى ذاته، مع أن اللحن الكبير لا يلتهم. وحداته بل يتصاعد بها باستمرار

…….

على الجانب الآخر: فى رأيى أن الذوبان حتى فقدان الذات تحت دعوى “الوصول” هو عدم هروبى آخر، (ولنتعلم من مولانا النفرى) أما الحفاظ على الذات فى حركة دائبة وتناسق مضطرد، فهو التناغم مع حركية متصاعدة نحو ما لا نعرف: “الغيب”.

وفى بريد الجمعة أيضا : نشرة 10-9-2010 قلت ما يلى:

……

أولا: الإلحاد غير الشرك، فالإلحاد إنكار وجود الله، والشرك أن تشرك مع الله إله غيره، سواء كان هذا الإله هو إله ثانٍ أو ثالث، أم هو هواك أم هو ولدك، أم هو رئيسك أم هو أبنك… أم هو بحث علمى تافه اقترفته، او هو جائزة ملتبسة، كل هذه آلهة تتسحب إلينا فنشرك، ولا تنسى أن “الشرك” أخفى على النفس من دبيب “النملة”.

أما الإلحاد فهو إنكار أنه ثمَّة إلهٌ أصلا، لا إله واحد، ولا أى إله، إلا الإنسان الغبى بعقله المتغطرس المغرور.

الإلحاد – وليس الشرك – هو الذى – كنت- اتحدث عنه واعتبره لعبة عقلية خائبة ضد البيولوجيا أصلا تبعا للمقولة التى أكررها: “أن الالحاد استحالة بيولوجية برغم أنه يمكن أن يبدو ظاهراً على سطح العقل.

ثانيا: لا أعتقد أن أبليس يحقد علينا كما حقد على سيدنا آدم عليه السلام، فنحن لم نعد أهلا للحقد أصلا.

ثالثا: أرجو أن تراجع ما جاء عن موضوع الفطرة فى هذه النشرات (الأرشيف) مثلا:(نشرة 6-11-2007 “عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ”)، (نشرة 30-9-2007 “الصوفية والفطرة والتركيب البشرى”)

أخيرا: يمكنك الرجوع مؤقتا فى الموقع إلى شرائح PP عن الغريزة الهارمونية (الغريزة الإيمانية).

وبعد

علىّ أن أعتذر (أو نعتذر سويا) يا د.رجائى لسائر الأصدقاء على هذا الذى حدث لبريد الجمعة، أملين أن يتفهموا هذا الاضطرار لأخذ كل هذه المساحة فلم يعد بريدا.

ثم إنه – بينى وبينك- لم يردنى أصلا ما يزاحمنا!!!

وأكرر شكرى أن أتحت لى أن أجمع ما يؤكد ما أسميته “المصداقية بالاتفاق”

بارك الله فيك، وأنار بصيرتك أكثر فأكثر، ونفع بك.

 

[1] – قد ضربت لذلك مثلين “داروين دولاس” فى أصل الأنواع ثم “جيمس ولانج” فى نظرية أولوية الجسد فى الانفعال”

[2] – (الذى أدمجته فى كلمة واحدة حتى يبدو سكونه قبيحا هكذا: حـَلـْوَسطْ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *