نشرة “الإنسان والتطور”
14-3-2011
السنة الرابعة
العدد: 1291
هذا الوعى الجمعى للشباب خاصة: لم يكن مفاجأة!!!
اعتذار
لا أستطيع هذه الأيام أن أبتعد عن ما يجرى فى مصر أساسا، ثم من حولنا أيضا، ما الحكاية؟
أنا فى حال:
لست مطمئنا، ولا أنا خائف، أنا حزينٌ، فرحٌ، متـرقـِّبٌ، مجتهدٌ، متحفزٌ، مشدودٌ، آمـِـلْ!
أرتاح بعض الشىء حين أرجع إلى بعض ما كتبت فى العشر سنين الأخيرة، مما نشرته فعلا، خاصة عن الشباب وعلى لسانهم، فيصلنى أننى لم أقصِّر، وإن كنت لا أخدع نفسى فأتصور أننى بمحاولاتى المتواضعة قد ساهمت فى تكوين هذا الوع بشكل أو بآخر.
كلما هممت أن أتجنب الاستشهاد بسابق محاولاتى خشية الانزلاق إلى ما يشبه التباهى بزعم بعد نظرى أجدنى أبتعد عن الحقيقة بشكل أو بآخر، أنا أراهن أن 99% من هؤلاء الشباب لم يقرأوا حرفا مما كتبت، ومع ذلك..!!
هل للأمر وجهٌ آخر؟؟
هل يمكن أن يتكون “الوعى العام” من “الوعى العام” مباشرة، حتى دون أن يتواصل بعضه ببعضه بالرموز والإعلام؟
هل يمكن أن تنمو بيننا، نحن البشر، مثل النمل والنحل والفيلة: ثقافة إيجابية مشتركة تحافظ على نوعنا فى مرحلة ما من الزمن؟
يجوز!!
بمراجعاتى السالفة الذكر، أفاجأ بأن ما يجرى حولى الآن يكاد يكون مرصودا حرفيا فى بعض ما خطر لى من سنوات، وكتبته ونشرته، ولولا فضل الحاسوب هذا ما تذكرته.
إن أهم ما يصلنى من ذلك هو تساؤل يقول:
كيف وصلنى من الشباب أنهم فى هذه المرحلة التى اتهموهم فيها بكل سلبية واغتراب واستسهال وتسيب، كيف وصلنى أنهم كانوا أقل يأسا، وأكثر دهشة، وأبعد نظرا، وأصلب إصرارا؟ كنت أصوّرهم فى معظم كتابتى تلك وهم يعلموننا نحن الكبار أكثر مما يتعلمون منا، وهم يحفزوننا ألا نستسلم! وهم يذكروننا بأنفسنا وبهم …إلخ
لعل ذلك كان بفضل ما كان يصلنى من مرضاى (خاصة فى العلاج الجمعى) ومن طلبتى دون أن أدرى،
لعل وعيا إيجابيا كان يتكون فينا جميعا بالرغم منا، حتى وصل تراكم إيجابياته إلى ما ظهر نبيلا قادرا هكذا على السطح كما عشناه واعتبرناه مفاجأة قصوى، هذه الأيام.
ليكن،
ولسوف أغامر وأعيد نشر كل المناسب من هذه التعتعات القصص، (مع التذكرة بأنه قد تم نشر بعضها هنا فى هذه النشرات مؤخرا، ربما لنفس الغرض دون ذكر ذلك (نشرة 1-3-2011 “الحب يخلـّق الوطن..، وبالعكس!!!)، (نشرة 2-3-2011 “أولادنا!! والحزب الوطنى- الإخوانى .. “وبالعكس”)، (نشرة 8-3-2011 “استقالة وزير”)، لعلها تصلهم بقراءتها بعد أن وصلتهم دون ذلك.
لا …. ما حدث لم يكن مفاجأة، لم يكن جديدا، لم يكن من فراغ.
ملحوظة:
(كل ذلك يتم على حساب مواصلتى كتابى ” الأساس فى الطب النفسى، فعذرا، الله أعلم بى )
القصة رقم (6) …..
أحلام الشباب
(1)
قال الرجل لابنه:
ما رأيك؟ أريد أن أرسل بعض ما يدور بيننا لإحدى الصحف لنشره.
قال الشاب:
ماذا جرى! أنت عمرك ما كتبت شيئا يا أبى، ناهيك عن النشرّ
قال الرجل:
هذا صحيح، ولكننى لاحظت أننا بعد أن نتكلم معا، أعنى نتشاجر، لاحظت أن بعض ما نصل إليه، أعنى ما يصلنى منكما، يمكن أن يغير الناس، فهم أوْلى به،
قال الشاب:
يغيّر من؟!! أوْلى بماذا؟!! هل يصلك منى شىء يا ابى؟ أنا أحيانا أشعر أنك لا تسمعنى أصلا. قال الرجل:
فعلا، ولكن بعد أن تتركنى أجد فى نفسى شيئا يقول: “يجوز أن يكون العيال عندهم حق”.
قال الشاب:
أكاد لا أصدق!! ماذا جرى لك يا أبى؟ ولكن قل لى: ما هذا الذى يصلك منا فتريد أن تكتبه؟
قال الرجل:
لا أعرف،
قال الشاب:
فماذا سوف تكتب لترسله؟
قال الرجل:
سوف أرسل رأيى، أعنى مغزى اختلافنا وما وصلنا إليه، أعنى ما يتبقى عندى منكم .
قال الشاب:
الذى هو ماذا ؟؟؟
قال الرجل:
الذى هو مثل كل ما تحدثنا فيه الآن.
(2)
قال الشاب لأبيه:
هل كتبت يا أبى ما كنت تزمع أن ترسله للنشر؟
قال الرجل:
اكتب ماذا أو أنشر ماذا؟ ماذا تقول؟ منذ متى وأنا أكتب أو أنشر؟!!
قال الشاب:
يا خبر أسود هل نسيتَ يا أبى؟!!
قال الرجل:
نسيت ماذا يا جدع أنت؟ أنت تؤلف كلاما غريبا،
قال الشاب:
ماذا جرى لك يا أبى؟ هل نسيت حقا؟
قال الرجل:
إسمع أنا ليس عندى وقت للمزاح ؟ دعنى فى حالى الله يخليك،
قال الشاب:
وهل أنا الذى أريد أن أكتب وأنشر؟ هل أنا الذى قلت هذا الكلام؟
قال الرجل: يا إبنى أنت تعرف أننى لم أكتب حرفا فى حياتى إلا ذلك الكلام الفارغ الذى أخطه فى أوراق العمل حتى أقبض راتبى، قال أكتب قال!! ثم أنشر ما أكتب؟ يا نهار اسود، هذا هو ما كان ينقصنى، ثم أنك تعرف رأيى فى كل ما يُكتب، لا أحد يكتب جديدا أو مفيدا، فإن فعل فهو لا يصل إلى أحد، قال اكتب قال ؟!! سبحان الله !!
قال الشاب: ( كأنه يحدث نفسه ):
يا خبر! هل “هو” نفس الشخص؟
قال الرجل:
تقول نفس شخص من؟؟؟!!
قال الشاب:
آسف.
(3)
قال الشاب لأخته:
وبعدين؟
قالت الفتاة:
بعدين ماذا؟
قال:
إما أن أكون قد جننت أو يكون قد جرى شىء لأبى.
قالت:
الاثنان معا !!
قال:
أنا أتكلم جِدا،
قالت:
وهل أنا أمزح؟ أنت مجنون فعلا، وأبى كان الله فى عونه.
قال:
ما كل هذه الحكمة!! من تصدقين؟ أنا؟ أم أبى؟
قالت:
أصدق أبى طبعا: وخاصة أنه أمى لا يقرأ ولا يكتب.
قال:
كفاك عبثا، أبى وكيل إدارة المستخدمين فى مصلحة المجارى، لا يقرا ولا يكتب؟؟؟؟
قالت:
يقرأ ماذا بالله عليك، ثم يكتب لمن؟
(4)
قال الشاب لأمه:
هل لاحظتِ علىّ شيئا يا أمى هذه الأيام؟
قالت الأم:
لاحظت كل خير يا حبيبى، أنت فل الفل،
قال:
الحمد لله، ربنا يخليك، يعنى أنا فى رأيك هو أنا كما تعرفينى، أنام وأصحو، وأذاكر وأحبك، وأحب النبى، وأشجع النادى الأهلى.
قالت الأم:
تمام التمام، ربنا يفتح عليك يا حبيبى أكثر فأكثر،
قال:
قولى لها أو له،
قالت :
اقول لمن؟!!!
قال :
“لهما” !
وانصرف مسرعا.
(5)
قالت البنت لأخيها:
حلمت حلما عجيبا هذه الليلة،
قال:
لا أريد أن اسمعه.
قالت:
وهل أنا سوف أحكيه لك يا بايخ،
قال:
فلماذا تذكرين لى أنك حلمت أصلا،
قالت:
يعنى، أريد أن أغيظك وأختبر عقلك بعد الذى حصل.
قال:
لقد سألت أمى فقالت لى أننى فل الفل.
قالت البنت:
ولكن الحلم قال لى غير ذلك.
قال:
وهل أنا كنت فى الحلم؟
قالت:
نعم .
قال:
وكيف كان حالى؟ مثلما قالت أمى؟، أم مثلما تريننى أنت وأبى؟ .
قالت:
لقد كنتَ تبنى أهراما جديدة فوق سحابة سوداء من الصلب، انطلقت من ثقب الأوزون حتى غطت أرض الصين والولايات المتحدة معاً. وكانت مربوطة بسلسة قديمة إلى قبة مجلس الشعب، والسلسلة صدئة جدا، وشخصان يشبهان فتحى سرور ومفيد شهاب يمسكان بطرفها دون وعى بمدى تهتكها.
قال الشاب: هيه !! لقد ضحكت عليك، وجعلتك تحكين الحلم
قالت: ليكن، ولكن إياك أن تحكيه لأبى حتى لا يكتبه فى مقاله الذى سوف ينشره .
قال: فعلا، الاحتياط واجب.
(نشرت فى الدستور بتاريخ: 18/4/2007)