نشرة “الإنسان والتطور”
27-2-2010
السنة الثالثة
العدد: 911
تعتعة الدستور
نتائج انتخابات الرئاسة سنة 2011 وتوقعات 2017
لم أتابع استقبال الدكتور البرادعى، شاهدت فى الصحف الجموع التى تكبدت المشقة لاستقباله، ليس باعتباره زعيما وطنيا راجعا من المنفى كما شبهوه بسعد زغلول، وليس كعالم فذ فى تخصصه، وليس كقائد دبلوماسى قاد سفينة مناورات ومشاحنات وتحيزات ومشاريع الحروب الذرية تحت التجهيز بحذق وعدل وذكاء عبر العالم طوال هذه المدة، وليس بصفته الحائز على نوبل للسلام، ولكن بصفته مواطنا مصريا أمينا قادرا، أدرك مدى ما آل إليه حال شعبه، فاستجاب بحذر واع إلى حاجة هذا الشعب للتغيير، ثم وجد فى نفسه وصحته ووطنيته وقدراته ما قد يمكنه من عمل شىء ما فى هذا الوقت الحساس من تطور وطنه والعالم، فقرر أن يفكر فى أن يسهم فى أن يجعل وطنه أفضل مما آل إليه على أقل تقدير، فوضع شروطا هو أعلم من أى شخص آخر أنها غير قابلة للتنفيذ، ولا أتصور أنه وضعها ليبرر بها اعتذاره، فالأرجح عندى أنه وضعها وهو يتصور أنه لو وُجد بعض حكماء فى النظام القائم، فإنهم قد يفكرون فيها، وقد يقبلونها، لصالحهم ولصالح الوطن فى آن.
انطلاقا من هذا التصور أطلقت لخيالى العنان لسـبع سنوات تالية كما يلى:
قبلت الحكومة شروط الدكتور البرادعى بتوصية من أغلبية الحزب الوطنى، أو استجابة لتوجيهات الرئيس، وتم تعديل الدستور كما اقترح د. البرادعى وأكثر، (لم أرجع إلى اقتراحاته تحديدا، لذلك قلت: “وأكثر”، فلتكن اقتراحاتى أنا !!) وتضمنت التعديلات ما يلى: (1) يحق لأى مواطن مصرى يرى فى نفسه القدرة على خدمة بلده أن يتقدم للترشيح (2) يسمح لأية مؤسسة محلية أو عالمية أن تراقب الانتخابات (3) تقوم السلطة القضائية بمسئولية الإشراف الكامل على كل خطوات الانتخابات دون تدخل السلطة التنفيذية بأية صورة إلا لتسهيل وصول المواطنين إلى الصناديق (4) يحق الاقتراع لأى مواطن مصرى يحمل بطاقة شخصية أو أى إثبات رسمى لهويته، أو بشهادة الشهود (تسهيلا لمشاركة المرأة التى لا تحمل بطاقة)
روح يا زمان تعالى يا زمان، جاء وقت الترشيح، وتقدم إليه عشرون مواطنا، اجتمعوا بطيبة ومسئولية، واتفقوا على أن يتنازل عن الترشيح أربع عشرة منهم، لتصبح المنافسة أكثر إحكاما وجدية، فبقى من المرشحين (بالترتيب الأبجدى) كل من: (1) السيد/ أيمن نور (2) السيد/جمال محمد حسنى مبارك (3) الدكتورة/ زينب رضوان (4) الدكتور/محمد أبو الفتوح (5) الدكتور محمد البرادعى (6) السيد/ أسعد لطفى
هذا وقد أجريت الانتخابات بعدل مطلق لم يتصور أحد إمكان تحقيقه حتى رضى الجميع، وجاءت النتائج على الوجه التالى:
السيد جمال محمد حسنى مبارك 32.2% الدكتور محمد البرادعى 31.3% الدكتور محمد أبو الفتوح 20.2% الدكتورة زينب رضوان 9.1% السيد أيمن نور 6.1% السيد/ أسعد لطفى 1.1%
ثم تقرر إعادة الانتخاب بين المرشحين الأول والثانى، فجرت الإعادة مثل الجولة الأولى بمنتهى العدل والشفافية، وجاءت النتيجة كالتالى:
السيد جمال محمد حسنى مبارك 52.1% الدكتور محمد البرادعى 47.9%
لكن أنصار الدكتور محمد البرادعى، برغم اعتراضه شخصيا، تقدموا بمذكرة هادئة لا تطعن فى الانتخابات، ولا تشكك فى النتائج، إلى الرئيس محمد حسنى مبارك ترجوه – بما عرف عنه من حكمة وبعد نظر- أن ينصح السيد جمال مبارك بصفة ودية بالتنازل عن الرئاسة هذه الدورة للفائز الثانى، نظرا لشدة حاجة الوطن لمن هو أكبر سنا، وأوسع خبرة فى المجال الدولى خاصة، وربما تكون فرصة أكبر فى الدورة القادمة، وقد يكون فى ذلك أيضا ما يؤكد للشعب المصرى الكريم مدى جدية وبعد نظره حين سبق أن صرح بما فُهم منه أنه يتمنى أن يبتعد بمصر عن شبهة الاتهام بالتوريث، لكن الرئيس بما عرف عنه من عزوفه عن تدخله فى أحكام القضاء، واحترامه لاختيار الشعب بعد أن أقر الجميع بالعدالة المطلقة التى تمت بها الانتخابات، شكر للمتقدمين بالمذكرة ثقتهم فيه، واعتذر عن الاستجابة لمطالبهم، ودعا الجميع حكومة ومعارضة أن يتعاونوا لخدمة هذا الشعب الأحوج لجهد كل فرد فيه أيا كان موقعه.
وبعد
ما رأيكم دام فضلكم كيف يكون الحال فى مصر بهذا الوضع الجديد عليها جدا لمدة الخمس سنوات القادمة، وما بعدها؟
وما رأيكم فيما يمكن أن يحدث فى انتخابات عام 2017؟
وما رأيكم فيما سيكتبه التاريخ عن هذه الحقبة الرائعة من تاريخ مصر؟
ملحوظة: كل ذلك، وما زالت تحفظاتى على الديمقراطية المتاحة هى هى، انتظارا لديمقراطية أرقى وأبقى وأقدر وأعمق
وحمدا لله على سلامة الدكتور البرادعى
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام