الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تعتعة الوفد: حديث عن البرادعى، والالتفاف الهائل من الجماهير حوله

تعتعة الوفد: حديث عن البرادعى، والالتفاف الهائل من الجماهير حوله

نشرة “الإنسان والتطور”

28-2-2010

السنة الثالثة

العدد: 912

 

   تعتعة الوفد

مقدمة:

نظرا لأن مقال الوفد (التعتعة) الذى ينشر هنا كل يوم أحد، كان موجزا لتعتعة الأسبوع الماضى عن الشارع السياسى، فضلت أن أنشر هذا الحديث الذى سوف ينشر فى صحيفة أخرى كما رددت عليه حرفيا، وبنفس أسئلة المحررة التى وصلتنى منها بالفاكس، فهو مكمل لحكاية البرادعى والشارع السياسى بشكل ما .

حديث عن البرادعى، والالتفاف الهائل من الجماهير حوله

س1: ما رأيك فى شخصية (البرادعى) من حيث تصريحاته؟

ج1: لم أشاهد أحاديث ولقاءات البرادعى فى التليفزيون، لكننى تابعت أغلب تصريحاته، ولا أحب أن أدلى برأيى بصفتى المهنية، أنا أتكلم فقط بصفتى مواطن مصرى يهمه خير مصر، فأقول:

هذا رجل مهذب ، يتمتع بدرجة عالية من كل أنواع الذكاء، الذكاء الأكاديمى، والذكاء الاجتماعى، والذكاء الدبلوماسى (دون الذكاء الفهلوى، الذى قد يشمل الحداقة السياسية)، وهو  حسن النية، يحب وطنه، لم يخطر على باله مثل ما هو فيه الآن، مدعوا للترشيح رئيسا لأمة يحبها، من ناس يثقون فيه، لا أظن أنه طوال حياته كان من بين  طموحاته أو أحلامه أن يكون رئيسا،

قد يصدق عليه القول المعروف:  ” ..لو عـُـرضتْ علىّ أقبلها”، أو ربما يصدق أكثر عليه تحوير لشطر البيت الذى يقول  ” أتته الرئاسة منقادة ..” والذى حوّرتُه إلى: ما يلى: “عـُرضت عليه الرئاسة محتاسةً”،

 ما بلغنى هو أنه مواطن متميز أمين متحضر، “ليس عنده مانع” أن يختم حياته بما يستطيع أن يقدمه لها أينما كان موقعه، ولو حتى كان هذا الموقع هو “كرسى الرئيس”

انتبهتُ إلى دبلوماسيته الزائدة عن اللازم، ورفضتها،  وهو يسمى الوضع فى فلسطين “المشكلة الفلسطينية” ، وليس إسرائيل، بما تمثله مباشرة من  احتلال الأرض، أو اغتصاب الكرامة والأرزاق، و قتل الأبرياء، رجحت أنه  ما زال متأثرا بمن عاشرهم كل هذه السنوات (ومن عاشر القوم أربعين يوم …. إلخ)

س2: ماتعليقك على ما صرح به البرادعى أن شروط خوضه لانتخابات الرئاسية هى تغيير الدستور والاستعانة بوفد أجنبى للإشراف على الانتخابات؟

ج2: أظن أن هذا بديهى لأى شخص جاد، يدرس شروط الترشيح الحالية، ويعرف ظروف الانتخابات، وإن كنت أنبه على أنه لم يطلب “وفد أجنبى”، وربما كان التعبير “إشراف دولى“، أو شىء من هذا القبيل، وهذا حق بسيط لأى مرشح، وواجب طبيعى لأى نظام لا يخاف مما يسمى الشفافية 

س3: ما تفسيرك للالتفاف الهائل من الجماهير حول البرادعى؟

ج3: هناك التفاف حقيقى، لكنه ليس جماهيريا تحديدا، ولا هو هائل جدا، إن أغلب من شاهدتهم يلتفون حوله بعد استقبال المطار بدوا لى من الصفوة المتكلمة جدا، وهى صفوة متيمزة مضحية مخلصة أمينة، لكنها صفوة، وليس جماهير الناس.

صحيح أن كل الفئات وكل الأعمار تقريبا كانت ممثلة بنسب متفاوتة فى استقباله، كما أن ما وصلنى أن الوعى العام المتلهف على التغيير بما يخلخل هذا التجمد السلطوى الجاثم الفاشل جيلا بعد جيل حتى تصورت أن التوريث قائم بلا حاجة إلى ارتباط عائلى “جينىّ”،  هذا الوعى العام موجود موجود وسائد، لكنه لا يستحق أن يوصف بأنه التفاف جماهيرى، ثم إنه وعى متراكم عبر السين فهو غير متعلق بشخص البرادعى بقدر ما هو متعلق بالأمل فى أنه ربما آن الأوان للتغيير بعد طول انتظار، وهو وضع غامض بدا لى أنه  يتغزل فى “الرئيس المجهول” مثلما كان عبد الوهاب يتغزل فى الحبيب المجهول “فين انت ؟ ما اعرفشى!! مين انت؟؟ ما اعرفشى !! هذه هى كل الحكاية .

س4: صرح البرادعى فى احدى الفضائيات بأن الدستور المصرى مهلهل ما تعليقك؟

ج4: طبعا الدستور المصرى بوضعه الحالى فيه عيوب كثيرة، ولا أظن أنه يصح أن نصف دستورا بأكمله أنه مهلهل، يمكن أن نعترض على مادة  فيه أو بضعة مواد، أما أن يوصف بأنه مهلهل كله، فلا أظن أنه قصد ذلك، هو يعنى غالبا المواد المقيدة للترشيح، الوصية على الانتخابات، المقيدة للحريات، وأعتقد أن كل ذلك فعلا يحتاج إلى مراجعة حقيقية ، وليس إلى مجرد ترقيع.

س5: ما رأيك فيما يحدث الأن من تزايد الاحتجاجات والاعتصامات فى الشارع المصرى؟

ج5: هذه الاحتجاجات ليست علامة سياسية أيجابية دائما ، هى غالبا تجمعات وصرخات فئوية، كوادرية، موقفية، تصحيحية، أكثر منها احتجاجات ثورية، جماعية، احتجاجية نقدية، وأنا لا أرفضها ولا أتحفظ عليها، وإنما أنبه ألا ننخدع بها، بديلا عن ما هو أعم، حتى لا نتوقف  عندها.

يمكن أن تكون لها بعض الفائدة السياسية إذا نجحت أن توصل للسلطات معنى أن الناس قادرون على الحركة، اليوم فى اتجاه مصالحهم الفئوية المحدودة، وغدا من خلال الصالح العام، وهذه  الأخيرة هى التحركات السياسية الحقيقية، إذا كان الأمر كذلك ، فقد يكون مفيدا أن نرحب بها، وإن كنت أخشى أن يصل  لأصحابها أن دورهم قد ينتهى عند الاستجابة لبعض مطالبهم تسكينا، لا تغييرا.

س6: وهل تعتقد أن هذه الاحتجاجات والاعتصامات حقيقية أم مفتعلة لسبب ما؟

ج6: سواء كانت حقيقية أو مفتعلة، فالنتيجة واحدة، ثم من الذى يفتعلها؟ أليسوا هم أصحاب المصلحة، هذا سؤال يجاب عليه بمراجعة موضوعية لمطالب كل فئة على حدة، وليس فى البحث الأمنى لمن يقف  وراءها، أو من يحركها، وكلام من هذا.

س7: بماذا تصف لنا الحالة النفسية التى يمر بها المصريون فى هذه الفترة؟

ج7: أنا لا أميل إلى الإجابة على أسئلة من هذا النوع. لماذا نحشر صفة “النفسية” هكذا بداع وبغير داع ونحن نصف الحالة الشعبية، أو الحالة الجماعية، أو حتى الحالة الوجدانية  الفردية المشروعة، الشعب غاضب، متحمل، حائر، منتظر، يكاد يتخلى عن الأمل، يصر على الاستمرار، يقول أحيانا ما عنده فى الصحف أو فى النكت أو فى الشارع، وهو يلجأ للحلول الذاتية غالبا حين يفتقد دور القانون، وأيضا حين يفتقد حضور الدولة فى كل مكان تقريبا، لماذا بالله عليك نختزل كل هذا إلى وصف “نفسى” يحمل تشخيصات خائبة، مثلما نقول إن الشعب عنده اكتئاب، يا صلاة النبى!! هل نوصى بأن تضاف مادة ضد الاكتئاب فى الخبز المدعم، أم نوصى أن نضيف “منظم نفسى”  للغضب مع المنظم العادى لأنابيب البوتاجاز (إن وجدت)

س8: ما رأيك فيما يحدث الأن من تزايد الجرائم العائلية فى مجتمعنا؟

ج8: أنا لا افهم أن يكون التحقيق عن البرادعى، ثم عن الحالة النفسية للشعب المصرى، ثم فجأة أفاجأ بسؤال خارج السياق، مثل هذا السؤال، شىء أشبه بانتهاز الفرصة “بالمرة”، بمناسبة أن الذى تحاوره الصحيفة طبيب نفسى،  كما لو كان سؤالا: ” على البيعة”، ما هذا؟ سؤال بالمرة ” مايضرش” !!؟؟ أم ماذا؟

وبرغم كل ذلك، فإليكِ الإجابة :

الجرائم العائلية موجودة عبر التاريخ ، وفى كل بلاد  العالم، وليس إلى علمى أنها زادت بوجه خاص عند المصريين، ولكى أعترف بذلك أريد إحصاءات مقارنة طولا وعرضا،

كما أذكرك أن الجرائم العائلية تكاد تتواتر فى الأدب أكثر من تواترها فى الواقع المصرى وغير المصرى.

 أم اننا نسينا الإخوة كرامازوف، وهاملت ..؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *