“نشرة” الإنسان والتطور
13-3-2009
السنة الثانية
العدد: 560
حوار/بريد الجمعة
مقدمة:
للأسف، فإن كثيرا من التعقيبات هذا الأسبوع كانت عن العبد لله وخبرته سواء فى إبداعه الذاتى، أو ماكتبه عن ألمه بديلا عن حلقة “الإشراف عن بعد”، ردّا على صديق مجهول صاحب فضل بلا حدود.
شعرت بائتناس شديد، حار، طيب، جميل.
الحمد لله
بجدّ
الحمد لله
فلماذا الأسف؟
ربما هو ادعاء الحياء.
والأن إلا التعقيب والحوار
****
الإشراف على العلاج النفسى (38)
عن ألم المعالج (والمشرف) إنسانا، وكيف يتعامل معه
د. مها وصفى
د. يحيى … أنا مها تلميذتك، بل إسمح لى وأنت أبى الروحى أن أتشرف بادعانى أنى ابنتك كما أفعل فى كل محفل علمى أو غيرهُ تـُذكرفيه أو أذكرك…،
أما بعد فإنى أتابع النشرة بانتظام منذ حوالى ستة أشهر ومازلت أتعلم منها كما كنت أثناء سنوات النيابة بقصر العينى وإن كنت لم أشارك فى التعقيب من قبل.
ولكن، موضوع اليوم إستثار مخزون ألمى كإنسانة ومعالجة لمدة تزيد عن العشرين عاما.
فقد شرفت وأشرف بحلول هذا الألم بوعيى، بغتة وترقبا فى عملى وفى حياتى، وقد تعلمت منك كيف أحترمه، بل وربما تركت له الحبل على الغارب فيهز اعماقى وكنت أنمو من خلاله. ولكن يبدو الآن علىّ ثقيلا جدا فى فترات ربما لا تعطنى الحياه المهلة للتوقف حتى يهضم ويمتص ويدخل فى إعادة تشكيلى النفسى كما أعتدت.
وطبعا أنا أعلم جيدا حجم الألم الذى اعتدت استنباطه منك أنا وزملائى حين كنا نراك فيجثم على صدورناهم الوعى بمايلم بك و العجز عن مساعدتك.
وقد هزنى تعليقك بأن الألم الإنسانى لا يخففه إلا ألم إنسانى أرقى وساعتها لن يكون هوهو، فلاح فى مخيلتى ما ذكرته عنك آنفا، وعجز من كانوا حولك دونه وأظننى أشعر به حاليا فهذه المشاركة نادرا ما تتوفر لى الآن كذى قبل. ولكن أعلم أنى كنت أستعين على هذا الألم بالإبداع (تلقيا وإنتاجا) وهذا ماأحب أن أقترحه وأتواصل به مع قراء النشرة من المعالجين وهو طبعا لا يخفى على حضرتك.
د. يحيى:
يا خبر يا بنت يا مها؟!! يا خبر!! يا حضره الاستاذ الدكتور!! أخيرا اسمع منك أيتها الرقيقة التشكيلية المبدعة،
كل ما تلقيته من “سعاد” هو أربعة أسطر تحصيل حاصل وقد بلغ عدد النشرات اليوم 560، أهذا يصح؟
تتركونى هكذا وحدى مع تلاميذى الأصغر الذين أفرض عليهم فرضا أن يعقبوا، وأنت تعرفين ماذا يعنى هذا لى: أن أفرض أى شىء على أى أحد، ومع ذلك أفرضه بعد أن تخليتم أنتم عن المشاركة،
لست أعرف بالضبط ما يخيفكم من كتابة سطر أو سطرين، هل تخشون أن يخرج منكم ما لا تريدون أن يخرج حتى لو كان حبّا مثلما كتبتِ اليوم.
ألا تذكرين صلاح جاهين:
“وفتحت قلبى عشان أبوح بالألم، ماخرجش منه غير محبة وسماح”،
اكتبى يا شيخة ودعينا نتبادل الوعى ببعضنا البعض، حتى لو كنا على ثقة تامة من موقع كل منا فى وعى الآخر (يسمونه خطأ “قلب” الآخر)
طبعا الإبداع يخفف هذا الألم، لكنه أحيانا يجهضه،
أما الوعى معاً فهذا أمرُ آخر.
عشرون عاماً يا عفريتة وانت مازلت تمصّين إبهامك، عيب هكذا !!، أخرجيه من فمك حتى لا يـُفسد منظر اسنانك اللبنية.
أهلا.
د. محمد على
من فضلك، أرجو توضيح تعبيرك: “إلا ألم إنسانى أرقى”
ما هو الألم الإنسانى الأرقى؟ وما هو مقصودك بـ “الحب”؟
د. يحيى:
برجاء قراءة تعقيب د. مها وصفى سابقا، وتعقيب د. أميمة رفعت لاحقا، وكذلك – إلى درجة أقل – تعقيب د. محمد الشاذلى حالا، ولن تحتاج إلى إيضاح منى.
د. محمد الشاذلى
…نعم، القيمة الحقيقية التى وصلتنى هنا، هى أن أعالج بكونى إنسانا يحتاجه إنسان آخر، لرؤية أخرى دون الإندفاع الأعمى فى الدفاع أو الإنحياز لما يسمى حياداً، هذه القيمة بأن تكون أخاً وأباً وزوجاً وصديقاً مع نفس الإنسان هى من أرقى القيم الإنسانية التى جعلتنى أعتز بمهنتى.
د. يحيى:
يارب يا محمد تتحمل وتستمر، يا رب يا شيخ.
د. أسامة فيكتور
عندما أرى ألمك فى مواقف متعددة فأنا أفرح لأنى أشاركك إياه، وأتالم لألمك، وأخاف عليك وأدعو لك بدوام نعمة الألم وأن يقيك الله شرها فالألم نعمة لها شرها وخيرها.
عندما أرى ألمك فهذا يدفعنى للتمسك بحقى فى هذا الألم على الرغم من أنه تأتى أوقات أزهق فيها من ألمى، وأود أن أتنازل عنه وأطرحه فى البحر وأعيش عبيط زى الكثيرين فهذا أسهل وأكثر راحة.
د. يحيى:
يارب تصل هذه المشاركة إلى كل من يسمعنا، ليعرف أن وضع الألم كله بكل أنواعه مرة واحدة فى سلة واحدة لمحاولة التخلص منه بالجملة، هو خطأ جسيم تروّج له شركات الدواء (غالبا).
أ. عبد المجيد محمد
حضرتك ذكرت أنك فخور بألمك وأن الألم هو الذى يعطى لوجودنا معنى نستحق به أن نكون بشرا بحق لكن حضرتك إزاى نشوفه صح؟ وهل للألم أنواع؟
د. يحيى:
أظن أن الخمس ست تعقيبات السابقة فيها ما يكفى من توضيح
أ. عبد المجيد محمد
رغم أن المقتطف قليل إلا أنه مفيد جدا.
د. يحيى:
الحمد لله
د. نرمين عبد العزيز
“الألم الإنسانى لا يخففه إلا ألم إنسانى أرقى”.
تجاوزت بلاغة وصدق هذه الجملة كل الحدود.
د. يحيى:
ياه!!!! لم أكن أتصور وضوح هذه الرسالة الموجزة هكذا.
أ. محمود سعد
لم أفهم كيف يكون الفرح ألم إنسانى راقى
د. يحيى:
برجاء قراءة تعقيب د. أميمة رفعت لاحقا.
أ. إسراء فاروق
فكرتنى النشرة دى بأبيات حضرتك كتبتها فى ديوان سر اللعبة ووقفت قدامها كتير
إنسان الغد..، ينمو اليوم، من طين الأرض:
إذ يفرز ألمك طاقة
والرعشة تصبح نبضة
فى قلب الكون الإنسان
لكى يمكن أن أحيا كإنسانة لابد من الحب والألم .. ألم الرؤية والمسئولية.
أعتقد أن الألم الإنسانى لا يخففه إلا تواصل إنسانى أرقى فعلا.
د. يحيى:
لم أكن أعرف يا إسراء أنك قرأت ديوانى “سر اللعبة” الذى نادرا ما أعتبره شعرا لفرط ما كان به من ” توجّه مسبق لشرح إمراضية بعض أوجه المرض والصحة” حتى تصورت أنه لم يعد شعرا ، حتى أنقذنى المرحوم صلاح عبد الصبور بمناقشته فى البرنامج الثانى مشير إلى قدر كاف من “طلاقة التشكيل”.
شكرا.
أ. منى أحمد
شعرت بالراحة عند قراءتى العبارة التى قلتها لصديقك .
“أنتَ تنكر على أننى لم أتسامح مع نفسى”
ثم
“كيف أستطيع أن أواصل حمل أمانتى”.
د. يحيى:
هأنذا يا منى أستطيع أكثر فأكثر أن أواصل بفضلكم، وفضل تعاطف صديقى الصادق
(كدت أقول: بفضل ألمنا معاً)
أ. منى أحمد
معايشة الألم هى جزء لا يتجزأ من النجاح فى العمل
هذا ما علمته مؤخرا عندما شعرت بتلك الحيرة، وذلك الألم.
د. يحيى:
هذا هو، لكن دعينا نأمل أن نبحث له عن لفظ آخر حتى لا تختلط الأمور، وربما اتهمونا “بالمازوحيَة”
د. نعمات على
أعتقد أن موقف المعالج الشخصى ( بما فى ذلك موقفه الدينى – الإخلاقى) يؤثر على تعامله مع المريض ويشعر به فى نفس الوقت، فهل بالاستمرار يتعدى المعالج هذه المرحلة؟ وكيف؟
هل سيغير نفسه أم سيغير أفكاره أم يفصل نفسه عن المريض
لكننى لا أوافق أن يفصل نفسه عن المريض لأن ذلك يؤدى إلى فقد الثقة والتواصل بينهم.
د. يحيى:
من قال لك أن هناك أى احتمال أن يفصل الواحد منا نفسه عن المريض.
ثم أنه لا أحد يتغير وكأنه يعملها بقرار محدد ” .. عن إذنكم انا رايح اتغير وراجع”.
الممارسة الصحية “معا” حتى من خلال حوار هذه النشرات، هى المجال الذى يسمح بالتغير.
د. نعمات على
ألم المعالج أثناء مراحل العلاج كيف يتحمل مسئوليته؟
د. يحيى:
هكذا
أ. محمد إسماعيل
هل تختلف مشاركة ألم المريض عن المشاركة فى الألم فى العلاقات الإنسانية الطبيعية مع أن العلاقة العلاجية نوع من العلاقات الإنسانية
د. يحيى:
هى واحد والله العظيم، لكن مسئوليتنا فى العلاقة مع المرضى هى جوهر الممارسة الطبيبة، أما الأسوياء مع بعضهم البعض فهم أحرار دعهم يتدبرون أحوالهم بما شاؤوا لما شاؤوا.
أ. محمد إسماعيل
الألم الذى يدفع إلى الفعل وإلى النمو هو شرط أساسى فى النمو والتغيير.
وصلنى ألم حضرتك بشكل مباشر، وذلك رغم معرفتى عن نفسى أن لدىّ صعوبة فى التقاط الألم الحقيقى والعمل فى تنميته دوماً.
د. يحيى:
أنت تقترب يا محمد بهدوء، وبصدق، أكثر فأكثر.
أ. رامى عادل
وحق دماءك الفياضه، ودمعك المتفجر، وغيظك المكبوت، وآهاتك، وندمك، ووجعك،
صرخة طفل قتلوه، غرزوا اظافرهم بعنقه، وانيابهم بعيونه، لم شوهتموه/نا،
ويدانا تنبش فى التراب، عن بقايانا، نقطف ارواحنا، وذبول خافض، ردوا الينا شبابنا، وديارنا،
اختلطت شفاهنا بالصمت، بالبرد، بالموت،
دعتنا الصدفه وحدها الى ان نكتمل، ان نسهر نحلم، نحبو، نفحر باناملنا رمل الشاطئ، نضئ الورد، نسبل النظر، نغفو، وتشير اصابعنا نحونا بدهشه، تراقبنا الشهب،
نستدير فنجد، غيابنا كالقمر، نستنجد بالسحب، نستعين بالصور، ونغير بمركبتنا.. نغزو؟؟
د. يحيى:
يارب سّهل
د. محمد شحاتة
ولم لا يكون هذا هو مربط الفرس
الإحساس نعمة وموهبة وخبرة لا يتحصل عليه إلا من تنازل عن بعض طلباته من الحياة فى سبيل الوصول إلى مشاركة الناس (مرضى وأصحاء) فى ألمهم.
ولربما هذا هو ما دفع العالم إلى تحويل العلم إلى معادلة رقمية 1 +1 = 2 عرض ثم تشخيص، ثم دواء، مجرد زِر يمكن لأى من كان الضغط عليه للحصول على النتيجة المزعومة.
هذا أسهل “بَلاَ ألم بلا وجع دماغ هيه الناس ناقصة غم”
وليذهب الإنسان بما يحمله من بشرية وتواصل حيثما يريد.
ورغم كل ذلك لم أستطع أن أمنع نفسى من ذلك السؤال المتكرر الذى يلح علىّ منذ بدايتى لهذا الطريق إن هذا الطريق يحتاج إلى إنسان – طبيبا كان أم غير ذلك – فما ذا أفعل بما قضيت شبابى فى تعلمه وحصلت على اعتراف به من أهل الاختصاص، الأزمة ضرورية خاصة فى بداية المشوار.
أشكرك وأحترك ألمك.
د. يحيى:
البنية التحتية الأساسية – يا محمد – مهما كانت جافة أو مغتربة، ضرورية لأى اختيار لاحق، ماذا يا محمد لو لم تكن قد أضعت شبابك حتى حصلت على هذا الاعتراف، بالشهادة الرسمية لتكون طبيبا زميلا جميلا، كيف كنا سنلتقى إذن يا شيخ، الحمد لله.
دعنا يا رجل نتحمل مسئولية الاستمرار “معاً”.
أ. عبده السيد
أطمن أكثر لما بتكتب عن حيرتك ووجودك فى علاقتك بالمرضى،
لكن لما بتكتب عن وجعك وألمك بالقضايا والأحداث اللى دايره فى العالم، الدنيا عندى بتسود، وما باقدرش أعيش فى ده وأقرب حاجة أتصورها هى أنك بتبالغ عن أى إنسان عادى
أنا عارف إن ده هروب منى، بس مش قادر على غير كده.
د. يحيى:
من حقك أن تهرب يا شيخ.
لست متأكدا من مثل يقول “الهرب نص الشطارة” لكنه هرب ليكون كذلك ، لا بد أن يكون هربا مؤقتا،
الحمد لله أن المرضى الطيبين الذين يحتاجوننا لا يسمحون لنا بالتمادى فى الهرب فنمارس حتى مرغمين برنامج “الدخول والخروج”: نهرب ونعود، ونعود لنهرب، كل مرة “إلا حتة” ، فتكون المحصلة للأمام ، وهكذا نواصل… الحمد لله.
****
تعتعة: لكنّ دَسَّ السم فى نبض الكلامْ: قتلٌ جبانْ
د. محمد الشاذلى
… لأنه مهما تغيرت اللافتة.. فالداخل كما هو.. نفس الحركة أو نفس الديناميات.. هى سياسة دولة أو ما تحت الدولة، القوة التى تسير الدولة، أكثر منها سياسة أفراد، ربما معيار الاختيار أو الانتخاب هو لصالح من يستطيع الحفاظ على هذا “الحلم الأمريكى” مهما تغير لون البشرة أو كانت الابتسامة أكثر بشرية وحيوية.
د. يحيى:
أرجو أن تقرأ تعتعة السبت غدا فهى تكلمة لنفس الفكرة
د. محمد على
العزة والنصر، لا بد أن تأتى من داخلنا، لا يجب أن ننتظر مـِنّه من غيرنا أو حتى هدية من السماء، الحركة والفعل هى الحل. أن نقوم وننهض وننتفض هو الحل، لا مبارك ولا أوباما هم من يحلون مشاكلنا، ليس هم من يرفعون رأسنا ويعيدون لنا عزنا، إنما نحن،
نحن من يجب أن يبحث عما يريد.
د. يحيى:
لهجة خطابية أفهم مبعثها ولا أحبها،
أنا مع تقدير دور الفرد برغم (وبسبب) كل ما كتبت فى هذه التعتعات باكرا، أعرف أنها علاقة جدلية بين الناس وهم يفرزون الفرد ليقودهم،
ثم على القائد أن يستوعب وعى ناسه ليكمل معنى إفرازهم له.
الحسبة تغيرت هذه الأيام بعد أن تولت قيادة الناس عبر العالم قوى خفية، لا تمثل الناس، ولا تعنى بقائدهم إلا بمقدار ما ينفذ تخطيطهم الذى لا نعلمه وقد لا يعلمه هو أيضا،
أما جمعك أوباما مع مبارك، فقد شعرت أنه جمع عشوائى أرفضه أيضا.
وأخيرا لا يهم أن “نجد ما نبحث عنه” بقدر ما هو ما هو مهم أن نتحقق مما نحن أهل له، مثلنا مثل سائر البشر المكرمين.
أ. محمود سعد
وصلنى:
1- متفق على ان كل من اوباما وبوش وجهان لعملة واحدة ومصالح واحدة، وإن كنت لا أخفى أننى كنت متفائلا من داخلى، برغم ان شيئا ما كان يقول لى “لا تتفائل”.
د. يحيى:
أما أنا، فإنى مازلت متفائلا برغم كل شىء، وبرغم ما بداخلى، كررت هنا فى النشرات معنى التفاؤل الذى أتحمل مسئوليته، والذى ليس لى الحق أن أحافظ عليه، أو أن أعلنه إلا بقدر إسهامى فى تحقيق مضمونه.
د. عمرو دنيا
صعب علىّ أشوف أوباما كأنه شاب نوبى طيب، فدائماً أجد اختلافا كبيراً بينهما، ودائما أجد أنه مثل سابقيه: فرد فى منظومه كبيرة متشبع بثقافته الغربية التى لا ترى إلا رؤيتها الخاصة، وأنه لا يمثل ثقافة مختلفة وليس طريقا إلى معجزة إلهية.
د. يحيى:
أرجوك أن تعيد قراءة ما كتبتُ فى التعتعة،
أوباما رئيس أمريكا غير أوباما صديقى النوبى الذى أحبه، كما أريد أن أتحفظ على دمغ الثقافة الغربية هكذا بصفة عامة.
أ. محمد المهدى
مش قادر افهم هل الحكومة عندنا غبية لدرجة أنها تتوقع بإفراجها عن أيمن نور استجداء تعاطف ورضا الحكومة الأمريكية على الرغم من يقينى التام – شخصيا- بقدرة الأمريكان على معرفة وفهم أن هذه اللعبة لا تخيل على طفل صغير وأنها لا تعنى انتصاراً للحرية والديموقراطيه، وأن أحوالنا كما هى وهى تسير فى نفس الاتجاه من استبداد وفساد وتوريث (هل حكومتنا غبية لدرجة أنها تعتقد أنها يمكن أن تخدع الأمريكان؟!)
د. يحيى:
الصفقات تجرى على أكثر من مستوى،
ربما عشرات،
نحن لا نفهم منها إلا واحدة أو أقل،
أ. محمد المهدى
وصلنى جداً ألمك وتخوفك، فعلى ما يبدو أن هذه الطريقة الجديدة فى الخديعة التى أراها بكل وضوح فى مجالات السياسة والإعلام وحتى تربية الأباء لأبنائهم، هى السائدة: كلام معلن براق باطنه وهدفه سم زعاف.
د. يحيى:
يقول المتنبى لسيف الدولة:
أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمَنْ شحمه ورم
يبدو أن اللعبة قديمة جداً
د. ناجى جميل
أوافق بشدة على التوجس والحذر فى الفرح بأوباما ولكن ما رأيك يا د.يحيى فيمن يدافعون عن البشير ويأملون فى أحمدى نجاد وحسن نصر الله؟
د. يحيى:
أرجو يا ناجى أن تقرأ تعتعة الغد، وأن تعرف أنى لا أدافع عن البشير بالذات، لكننى أرفض الكيل بمكيالين (هذا أيضا فى تعتعة الغد) ثم إنى أحترم حسن نصر الله وأرفض رأيك هذا، وأشعر أن الدعاية العشوائية الخبيثة هى مصدره،
أما هذا النجاد فأنا لا أعرفه بما يكفى أن أحبه أو أكرهه، عاطفيا أنا لم أستطع أن احبه، بل لعلى عشت العكس دون تفسير، لكننى أحترم الفن الإيرانى والسينما الإيرانية، واتعجب كيف نمى هذا وذاك هكذا بعد الثورة الإسلامية بكل ما لها وما عليها، عموما هذه ليست القضايا التى ينبغى أن نبحثها الآن.
إن تحويل كراهيتنا إلى إيران بدلا من إسرائيل بفعل فاعل، هكذا هو لعبه سافلة مفضوحة.
وسوف ترى.
د. مدحت منصور
والله يا أستاذنا نفس الأفكار خطرت على بالى عندما قرأت عن مطالبة أوباما بتدعيم حقوق الإنسان والديمقراطية فى مصر بمبلغ عشرون مليون دولار ثم جاء الإفراج عن أيمن نور وبدأت أشعر أن أوباما هو حامى حمانا، وبعد تفكير وجدت أنه حتى لو حدث ذلك فهو إهانة لوطنيتى ووصل بى الأمر أننى شككت فى وطنيتى وحبى لبلدى ثم شعرت بالمهانة أننى أنتظر إن واحد أمريكانى يجيب لى حقى فى بلدى لكن رجعت أقول وفيها إيه يعنى ومازال مسلسل البلبلة مستمرا ولا أجد حلا يريحنى.
د. يحيى:
لا يوجد واحد أمريكانى ولا روسى ولا صينى يمكن أن يعطى أى واحدا آخر حقه، حتى لو كان أمريكانى أو روسى أو صينى، فما بالك لو كان مصرى أو سعودى أو سودانى؟ الذى يعطى أى إنسان حقه هو فعل الإنسان نفسه وسلامة علاقته بتاريخه الذى وضعه على قمة هرم التطور بهذا الوعى وتلك الإراد (بفضل الله ورحمته)
إعمار غزة طبيخ باهظ الثمن، يرشون عليه كم “رشة” من حقوق إنسانهم، ويقدمون الطبخة لمن يحتاج إلى رغيف حاف، وكرامة، وارض، وهوية. إعمار غزة يبدأ باحترام ناسها (الذين يمثلون فى هذه الحظة كل الناس الأولى بالرعاية)، رشة حقوق الإنسان م بعشرين مليون دولار على طبخة الإعمار لا تخدع إلا البله، ولا عشرون مليار دولار يقدرون على إعمار البشر الذى يحتاج إلى وعى جديد لمواصلة مسيرة التطور لإصلاح ما أفسده الاغتراب والظلم والجشع التى يمارسها أعداء الحياة .
أ. نادية حامد
معترضة بشدة على أبيات الشعر الأخيرة (اللى على نهج البعكوكة) مع أنى شاركت حضرتك الألم عند قراءتها.
أعجبنى جداً عنوان التعتعة وأعجبنى تعبير “القتل الجبان” وفهمته أكثر مع مجمل التعتعة.
د. يحيى:
أقبل اعتراضك يا نادية لأنك قلَّما تعترضين،
ثم دعينى أرفض هذا الاعتراض، وأرجوك أن تقرئيه ثانية على أنه صورة كاريكاتيرية.
ثم نرى.
أ. محمد اسماعيل
هل تعتبر حضرتك اختيار أوباما نوعا من رد الفعل نتيجة للألم المتراكم عبر العالم؟
د. يحيى:
أكرر تصورى بألفاظ أخرى: فى لحظة إفاقة، استوعب الشعب الأمريكى ضرورة رفض كل هذا القبح المتجسد فى المسخ المسمى دبليو بوش، ففعلها نيابة عن سائر البشر عبر العالم،
الرفض أيضا يرجع الفضل فيه إلى الإعلام الشعبى عبر العالم كذلك،
كما يرجع إلى بعض الشفافية التى قام بها، الإعلام السلطوى مضطرا،
وأيضا إلى أخطاء هؤلاء الأغبياء الذين ابتلينا بهم ولم يستتروا.
المسألة يا محمد ليست رد فعل، لكنه موقف بقائى للجنس البشرى فى مواجهة قوى الانقراض الشامل.
د. أسامة فيكتور
لم أفهم التحذير النهائى، فالعنوان يكفى ومحتوى التعتعة رائع كما اعتدت منك، فلماذا التحذير؟
أعتقد أن الناس فاهمة من هو أوباما وقت الانتخابات قبل أن يُصبح رئيساً والناس متوقعة من سيكون أوباما بعد الجلوس على عرش الكرة الأرضية وخلع أقنعة الحملات وارتداء قناع الذئب الوديع… حتى الناس اللى كانوا بيأملوا فى أوباما أن يظل عونا حقيقياً أعتقد إن هؤلاء شايلين على جنب الاحتمال الأرجح ألا وهو صيرورته ذئباً رقيقاُ بمعنى: لكن دَسّ السم فى نبض الكلام: قتل جبان
د. يحيى:
من هو ذلك الأبله الذى يرى أى رئيس أمريكى عونا له بلا شروط، وهو لا ينتبه أن الذى يسيره – أيا كان – هم ملوك الغابة من المافيا والتجار المسعورين.
تصور يا أسامة أن بيت الشعر قبل هذا البيت كان مديحا للقتل حين يكون إحقاقا للعدل، تصورت أن القتل عدلا هو فارس ينتصر للمظلوم بشجاعة الفرسان، وإليك البيت السابق.
القتل فعلٌ فارسٌ .. حتماً يموتُ إنْ ظَلَمْ.
أ. رامى عادل
ربما نضطر للقتل، او هو قتل رحيم، كما بفعل ابوانا، جتتنا نحست، لكن مع الوقت بنكتشف ان ارواحنا بتتسرق، مش غلطة القاتل لوحده، وعشان كده، بنتعلم منه، اننا نتسحب زى التعابين، جاهزين، نفتك ببعض، ما هى غابه، وكلنا حبايب رغم اننا مسمومين، يمكن ده نوع تانى من الغرام، بس ده حال الدنيا، وده اللى ممشيها، كلنا تعابين، ومفيش اجمل من كده، طالما عايشين، طيب وانا مالى، ما هى الكلمه الخبيثه بتحكم الوجود واهو كله سم هارى، واحنا اتعودنا على سم البدن سواء الصريح او من تحت لتحت، والطيبه بقت عمله نادره، متبصش لنفسك، بص حواليك، شوف كام مقتول، شوف النكد، شوف الزعل، وقوللى هو احنا بنى ادمين ولا وحوش.
د. يحيى:
بنى آدميين غصباً عنهم، وعنّا، وعنك،
ولسوف ترى.
*****
يوم إبداعى الشخصى: من الشعر العامى: شقاوة قلم
د. أميمة رفعت
أعرف كثيرا من هؤلاء (الخايفين أحسن يطَرطشوا، أوتيجى فى عينهم شرارة، أولا سمح الله يكتشفوا أنهم بيحسوا). والحقيقة أننى كنت دائما حانقة عليهم، ربما لأننى كنت أقيسهم بمسطرتى.
لكن بعد تواصلى معك “كبرت “واحترمت ضعفهم إلى حد ما، ولم يعد هناك غيظ من ناحيتهم.
ثم شعرت أننى أصبحت كمن يراقبهم من وراء حاجز زجاجى: يتفرج ويقول وأنا مالى، فإغتظت من نفسى وقلت مثلما قال قلمك: (لوصحيح باحس، والناس قدامى فى ألمهم، وفى فرحتهم، وفى كسرتهم، وف ميلة البخت) كيف إذن أتخلى عن مسئوليتى فى أن أقول، وأن أفعل، حتى لوكان (الزملا المستنية الغلطة) متربصين بالسواطير فى أيديهم والشماتة فى أعينهم. فى النهاية فى عمق العمق ألا يشبه الخايف من الطرطشة الناس اللى قدامى فى كسرتهم وبرضه الزملا المستنية الغلطة؟
ذكرنى هذا الشعر العامى بالمقالة السابقة (عن ألم المعالج والمشرف إنسانا) … فكثيرا ما ينصحنى المقربون منى (إهبطى شوية وإمشى جنب الحيط) ولكن غصبا عنى هناك هذا الشىء الصغير بداخلى الذى يتحرك بقلق ودون توقف، يريد أن يكبر، أن يتمدد ويخرج خارجى، يمتد ليشمل كل ما (ومن) يصادفه، حتى لوكان هذا الحائط الذى حاولت أن أمشى بجانبه وفشلت . هذا الشىء يحركه الألم، ويتمدد أيضا من الألم، ثم يصغر بسبب الألم ويتألم من حجمه المتقلص فيتلوى ويكبر من جديد وهكذا … أتألم فى وجوده كما أتألم إذا شعرت بغيابه، وأفرح بولادته كما أفرح بنموه وإنسيابه. وسألت نفسى مرة إذا كنت سأظل متألمة هكذا مدى الحياة، فوجدتنى أحب هذا الألم وأريده ! ثم قرأت لك فى اليومية أن الألم الإنسانى (هوهوالحب) …نعم هوكذلك … نعم هوكذلك … كيف لم أتعرف على مرادفه هذا من قبل؟؟؟
د. يحيى:
المشاركة طيبة، وعميقة، وحقيقية.
والمسئولية صعبة،
ربنا يسهل
د. مدحت منصور
رجعت إلى ديوان أغوار النفس وكانت المفاجأة والمكافأة أنى وجدت المقدمة مسجلة بصوت حضرتك وكانت النتيجة أن ما وصلنى مكتوبا أقل بكثير مما وصلنى مسموعا لدرجة أننى تصورت أن الشعر العامى يجب أن يسمع، وكنت أتابع قراءه ما أسمع، لا أدرى إن كان هذا ينطبق على كل الشعر أم أنها خاصية الشعر العامى بالذات؟ أرجو من حضرتك التوضيح.
د. يحيى:
أظن أنها خاصية الشعر العامى أكثر فأكثر،
الأبنودى هو عمنا فى ذلك بلا منازع، لا استطيع أن أعدك يا مدحت أننى سوف أقوم بتسجيل ما ينبغى أن يسجّل
لكن دعنا نأمل.
د. محمد على
…. زمان، كنت أظن أن الكلام لا يفيد، وأنّ الكلام لا بيودى ولا بيجيب سواء كان مكتوبا أو منطوقا، (على لسان)
ولكن حديثاً وجدت أن الكلام من الممكن أن يكون له وزن وله معنى ومن الممكن أن بهذا الكيان الضعيف أن تهتز جبال وتتحرك جيوش ويشفى بنى آدم،
ثم إن من يُطرد من بلده ويقطع رزقه لكلمة حق قالها أغضبت حاكم.
دعنى أدعو هكذا: “ربى غيّر على لسانى أقواما”.
شكراً
د. يحيى:
حين تمتلئ الكلمة بمعناها تصبح “فعلا”
تصبح هى الحق (كدت أقول: تبارك تعالى)
الحمد لله
(غالبا: سوف أنشر فى باب إبداعى الخاص قريبا بعض مقتطفات من كتابى حكمة المجانين عن “الكلمة الفعل” ، وهى غير الكلمة الرمز).
أ. عبير رجب
إزاى بتفكر توقف قلمك أو حتى تختار اللى بتقوله، وانت موجوع كده؟
أنا ما باقدرش أمنع نفسى لما أكون موجوعة، أنا بخبرتى الضئيلة جدا فى الدنيا باحس إن الكتابة هى المنقذ الوحيد ليا، حتى لو كتبت أى كلام مش مفهوم فما بالك أنت بكل الصراعات والأحداث والخبرات عبر سنين عمرك الطويلة؟ حاتعمل إيه فى ده كله وتوديه فين؟
ربنا يديك الصحة.
د. يحيى:
هذا هو التحدى الرائع.
آنستـِنى يا عبير
****
يوم إبداعى الشخصى: سؤال وجواب، حول: “إبداعى الخاص”
أ. زكريا عبد الحميد
اولا: الحذوفات و(المونتاج) الاعور وكل التدخلات (التحريرة) من قبل المحررة تبين مدى التدهور الذى آل اليه الواقع الثقافى حاليا/وتسأل ياد. يحيى لماذا لايواكب النقد كتبكم المنشورة فى السنوات الاخيرة/ ماجرى لحواركم هذا اجابة على التساؤل(زائد تفشى الشللية )
ثانيا: الاجوبةالكاملة (المنشورةالكترونيا هنا) قدمت اضاءات جامعة مانعة واخص بالذكر: تعريفكم للابداع الذى على كثرة ماطالعت منها لايستوقفنى سوى تعريف د.سويف فى دراسته عن الابداع فى الشعر زائد تعريفكم مع ندرة تعد على اصابع اليد وكذا افادة العلوم النفسية من الأدب وليس العكس كما اوضحتم واقتراحكم الفذ بتشكيل مجلس أدنى للثقافة لرصد نبض الحوارى وثقافة الشارع
و أخيرا أختم تعليقى بجملة مقتبسة عن كاتب المانى معاصر(لايحضرنى اسمه الآن) قال:
“النقاد مجرد براغيث فى فروة الاسد”
رغم ان الانجاز الوحيد المعترف به للعبد لله كان فى مجال النقد السينمائى
وختاما هل وصلكم النصين المستلهمين من ابداعكم (نص على نص\\احلام فترة النقاهة) وهل استمر ياترى وشكرا.
د. يحيى:
هذه نشرة قديمة يا زكريا، ما الذى فكرك بها
أنا عذرت المحررة لما فعلت، ولا أظن أنها شوهت الحوار جدا، فضلا عن افتراض حسن النية
أما “نص على نص” على أحلام محفوظ، فقد أجلت نشر كل هذه المحاولات من كل الأصدقاء لأسباب بينتها فى حينها (نشرة 13-3-2008 “نقد على نقد”).
وأخيرا دعنى أرفض ما اقتطفت من أن النقد ” مجرد براغيث فى فروة الاسد”، لا لا لا لا ، النقد يا زكريا إبداع على إبداع، إن كان نقدا حقيقيا وليس حساب مثلثات، ولا تصفيق، ولا اصطياد هنات.
شكرا
****
حوار/بريد الجمعة: (عن العين الداخلية والأنف الداخلية كذلك)
د. مدحت منصور
تحية طيبة وبعد
قرأت هذه النشرة الصعبة وخاصة على من لم يعايش خبرة كهذه
(أنت أوضحت مسار التعامل مع الهلاوس هكذا: )
1- من موضوع (أو فكر) ُمُسْقط
2- إلى موضوع داخلى مُدْرك
3- ثم إلى موضوع داخلى حقيقى، قادرعلى الالتحام بعملية التكامل الجارية،
أدركت النقطتين الأولى والثانية برجاء توضيح النقطة الثالثة.
أشكر حضرتك.
د. يحيى:
توضيح هذه النقطة يحتاج إلى كتاب كامل، برجاء الرجوع مؤقتا إلى ما سبق نشرة فى نشرات سابقة (نشرة 3-12-2007 ” رائحة للذات، والحياة، والجسد، والأشياء”)، (نشرة 4-12-2007 “عن العين الداخلية والأنف الداخلية كذلك”)، (نشرة 5-12-2007 “الأنفُ تدرك مثل اعلين أحياناً!!”)،
أكتفى الآن بأن أذكرك أن مرحلتى الحالية من الرؤية والممارسة جعلتنى أعامل الداخل على أنه “واقع ماثل”، قبل أن يتناوله العقل أو الخيال أو اللغة أو التفكير،
هذا الواقع الماثل له حواس داخلية يمكن أن تدركه،
ولأننا – كأسوياء – نخفيه بمهارة أو بغباء، نسارع تسميته هلوسة.
ولنا عودة.