“نشرة” الإنسان والتطور
30-1-2009
السنة الثانية
العدد: 518
حوار/بريد الجمعة
مقدمة:
للأسف، تأكد “عدم الاختيار” من خلال ما حدث هذا الأسبوع، فلظروف علمية أخرى: قررت أن أجمع حالات ما أسميته “التدريب عن بعد”، فى كتاب أوّل: عن “العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”. المناسبة هى أن قسم الطب النفسى. كلية طب قصر العينى سوف يعقد ندوته السنوية خلال شهر تقريباً، وقد طلب منى أن أشارك بما تيسر، ففضلت أن تكون مشاركتى هى بهذا الكتاب، بدلا من، أو إضافة إلى، تلك الدقائق أو السويعات التى اعتدنا أن نتصور أننا من خلالها يمكن أن نتبادل المعلومات، أو أن يتم حوار يستحق أن يوصف بأنه حوار “علمى”. جمعت الحالات التى ظهرت بالنشرة، ووصل عددها 32 حالة، ووجدت أنها تصبح أكثر ثراء من خلال التعقيبات التى وصلتنى عنها فى “بريد الجمعة” ثم ردى على هذه التعقيبات، اكتشفت أنه توجد ثلاث نشرات ليس عليها تعقيبات أصلاً، فأقترحت على معاونىّ أن يعطوها للزملاء ليعقب عليها من يشاء، حتى يكتمل الكتاب بنفس النظام.
الذى حدث أن أغلب الزملاء تفضلوا مشكورين بالتعقيب على هذه النشرات الثلاثة دون سائر نشرات الأسبوع، فبلغنى قدر ما أسميته فى البداية “عدم الاختيار” (أو القهر!) خلال الفترة السابقة، وأن المسألة تبدو وكأنها “واجب منزلى” أو ما هو أسخف..
هممت أن أدرج هذه التعقيبات على النشرات الثلاث فى بريد اليوم، لكننى وجدت أن هذا “حشرٌ سخيف”، سوف نضطر به من يتابعنا أن يرجع إلى النشرة الأصلية، وقد مضى على بعضها خمسة أشهر، أو قد يلزم منى أن أعيد نشرها هنا الآن احتراما لمن يتابع البريد بجدية، فتراجعت عن كل ذلك.
جانب جادٌ آخر من البريد اهتم باللعبة التى لم نكمل مناقشتها “يا نهار أسود ده انا لو خفيت…..” (نشرة كيف يشفى السليم وكيف يخاف المريض الشفاء “1-4”)، وقد فضلنا أن نناقش هذه الاستجابات مع الاستجابات التى جرت أثناء العلاج الجمعى حين نرجع إلى استكمال مناقشة اللعبة برمتها.
لم يتبق بعد ذلك إلا بريد قليل، لكنه مهم، تصورت أن أهميته قد تعوض كل ما بلغنى من عزوف أو افتعال، أو غير ذلك.
****
التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (32)
التعلم من المحاولة، والتراجع الحميد
د. محمد الشاذلى
أظن أن الخطوة الأولى هى محاولة تبصير الأهل بطبيعة المرض، ثم فحص ما يريد المريض قوله بهذه الأعراض: هل هو احتجاج أم احتياج أم رفض أم إثبات وجود، أظن أن من الصعب وسط هذه المتاهه إيصال أية رسائل من خلال نسق واضح ومتماسك مثل رحلة المنوات.
د. يحيى:
عندك حق، لكننى استفدت من عرض هذه الحالة هكذا، فقد أتاح ذلك لى أن أبين كيف أن أى “جزئية” نشاط علاجى، قد لا تفيد وحدها إلا إذا تكاملت مع الخطة العلاجية مجتمعة (ليس بالضرورة فى القسم الداخلى)، وقد سعدت بتأكيدك على غائية المرض (احتجاج واحتياج)، وهو ما عنيتَه بقولك “… ما يريد المريض قوله بهذه الأعراض”.
د. حسن سرى
الهوسى بيحتوى الموضوع جواه، فما يفضلشى حاجة بره يعمل معاها علاقة، ولكننا نلاحظ انه يقوم بعمل علاقه ممتازه مع زوجتة خاصه (علاقة حب قويه) وكذلك مع بعض الأشخاص الذين يختارهم، فكيف يمكن تفسير ذلك؟.
د. يحيى:
هذه الملاحظة هى – فى خبرتى– ملاحظة للسلوك الظاهر فحسب، ذلك أن الهوسى وخاصة قبل أن تبلغ حدة المرض أقصاها: هو سريع الإقدام، حاضر الرد، كثير الكلام، فيبدو وكأنه بذلك يعمل علاقة ، فى حين أنه نشاط بغير عمق، وأغلب الرجال فى طور الهوس، يتحدثون عن رغبتهم الجنسية الزائدة أو يتجاوزون ذلك إلى تحرش فعلىّ، لكنهم يعانون من “العنة” فى نفس الوقت، الأمر الذى قد يكشف عجزهم الأعمق عن عمل علاقة بآخر حقيقى، أما حكاية توثيق العلاقة بالزوجة، فقد صادفت حالات ليست قليلة يحلم فيها الزوج بقتل الزوجة، كإرهاصات لقدوم النوبة، وفى بضع حالات أخرى بدأت النوبة والزوجة تستيقظ ويدى زوجها حول عنقها وهو نصف نائم، ثم تأتى النوبة بعد يوم أو أكثر.
ما رأيك؟.
د. حسن سرى
هل يمكن للهوسى ان يستخدم ميكانزم الوسوسة.
د. يحيى:
طبعا، يمكن ونصف، وهو إذا نجح، ولو جزئيا فى ذلك، قد يضبط ولو جزئيا أيضا جرعة هوسه، فالوسوسة سياج يمنع – نسبيا– التفسخ من ناحية، كما قد يقلل من “انهيار الكف” قليلا أو كثيراً فى حالة الهوس.
أ. رامى عادل
كيف تتفق الظروف ويتم التحكم فى الألفاظ… وغيره؟ الجسد محور التفكير وأداته، وللآخر وجود حيوى فى الخارج نربطه ببعض التجليات داخل العقل، ونوازن بين المرئى والمسموع والمنطوق اثناء توجهنا للغاية/النهاية، وتتدرج المسألة من الرهبة إلى الطلاقة إلى الاحساس بالمسئولية والتوحد مع الآخر، دون ان نتقيد بمبدا مشكوك فى صحته، أو ننبش فى الماضى عن مشاعر قد لا تتحقق، وعلينا أن نضع نصب أعيننا فرضا ونختبر قدرتنا على تجاوزه لفرضأوسع.
د. يحيى:
أحيانا أخاف من خبرتك هذه يا رامى، فأنت تصل بتلقائيتك وطلاقتك إلى نظريات بأكملها فى بضعة أسطر،
وأحيانا أخاف عليك شخصيا منها، لكنها بينى وبينك – تستأهل كل المخاطرة.
****
كيف يشفى السليم؟ وكيف يخاف المريض الشفاء؟ (2 من 4)
د. محمد أحمد الرخاوى
فتحتَ علينا هذا الملف الشائك الذى هو أبو كل الملفات بينى وبينك
“ تعريف ما هو صحة وما هومرض، أو ما هوسواء أوما هوغير ذلك”
“إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه “
عندى يقين ان من سنن الله فى الخلق هو أنه خلقنا ضعفاء ناقصين لنكتمل أبدا، لكى نقوى أبدا، معه به وإليه فى رحلة تبدأ به فندرك ونقدس روعة الخلق نفسه ونسبح بحمده أن خلقنا!!!!!!ياه!!!! لويعلم اويعيش الناس هذه الحقيقة الأبدية لما شقى على ظهرها احد.
نرجع بقى لحكاية المرض والسواء: المفروض أن المرض هوضد الوظائف الطبيعية، فحينما تختل الوظائف الطبيعية بلغة الجسد يمرض الانسان أو العكس
يعنى المرض يخل بالوظائف الطبيعية.
فى مجال النفوس يحدث العكس ان يكون المرض هو النذير ان فيه حاجة غلط اوفيه حاجة لازم تكون احسن لاستمرار الكدح، أو لتقليب الراكد، كى يخرج الحى من الميت أو على أحسن الفروض بيبقى جرس لليقظة والاصرار على عودة الالكترونات إلى مداراتها.
إذن هناك فرق بين المرض المعوق عن تأدية المريض الوظيفة المفروض أن يؤديها، وبين عدم السواء الذى هورحلة أبدية إلا لمن سبقت لهم الحسنى
وحتى هؤلاء فهم فى تسبيح وتهليل وعمل لا ينتهى إلا ليبدأ ابدا لأنهم فى ظل الله هنا والآن وقليل ما هم.
د. يحيى:
أنا لا أوافقك على هذا التوصيف الأخير، عدم السواء ليس رحلة أبدية، لعلك تقصد عدم الاكتمال.
أما ما قبل ذلك فقد أوافق عليه من حيث المبدأ فقط
وبعد يا ابن أخى:
ألم يصلك تنبيهى لك يا محمد المرة تلو المرة، أن فرط استعمال اللغة الدينية هكذا يترتب عليه أحد أمرين: إما أن تُختزل الفكرة فتصل إلى المتلقى داخل برنامج موصى عليه من أوصياء فوقيين جامدين، فلا تصل أصلاً إليهم إلا فى حدود المسموح به من داخلهم المبرمج، تحت رقابة ووصاية
وإما أن تصل بحقها إلى ندرة من المتلقين،
وهذه الندرة عادة لا تحتاج ألفاظك الدينية وحماسك الخطابى بقدر ما تحتاج تلقائيتك وتشكيلاتك بأى لغة كانت، فكل إبداع أصيل هو طريق إليه سبحانه.
تستطيع توصيل نفس وجهة نظرك من رسائل إبداعية هى أفضل ألف مرة من هذه الخطابة الدينية.
د. أسامة فيكتور
لم أفهم جملة “نحترم إرادة المريض على كل المستويات”.
ما هى هذه المستويات؟
وهل هى مستويات إرادة المريض، أم مستويات احترامنا واستقبالنا لمرض المريض وتوقفه؟
د. يحيى:
حين نقول إن المرض اختيار (خاصة الجنون) فإننا نشير ضمنا إلى أن هناك فى أعماقنا عقلاً آخر، يقرر سلوك هذا السبيل الذى نسميه مرضا، وهو فعلا كذلك إذا أعاق، أو أتعس، أو مزّق، برغم أنه اختيار،
ثم نعود ننظر فى الإرادة الشعورية المعلنة فنجدها تختار الصحة والتكيف،
ثم نذهب وراء هذا وذاك فنجد عقلا ثالثا يدعونا للتراجع حتى إلى الرحم
فنتأنى ونعاود النظر
فنصادف تشكيلات أوسط تحاول أن تختار حلا توفيقيا ولو مرحليا،
وهكذا.
هذا ما عنيته باحترام رأى المريض على كل المستويات,
وبالتالى فأنا لم أقصد مستويات احترامنا واستقبالنا لمرض المريض..الخ.
د. أسامة فيكتور
السليم ربما يخاف أن يُشفى، أعتقد أنك تستعمل كلمة يشفى هنا بمعنى التغيير للأحسن، أرجو إيضاح معانيها الأخرى فى هذا السياق.
د. يحيى:
عندك حق، لكن ليس المهم استعمالى أنا، وإنما الملاحظ أن ما يصل من ألفاظ اللعبة “أنا لو خفّيت” هو ما يصل، وربما يكون الخففان غير الشفاء، وهو يختلف فى كل واحد عن الآخر، وسوف تتاح الفرصة لشرح ما وصلنى من هذه اللعبة، وهو جديد مفيد (غالبا) ويتفق مع بعض ما ذهبتَ إليه أنت هنا الآن، وسوف أعود إليه بعد انتهائى من تجربة “استبيان للشخصية العربية” غالبا حين أواصل مناقشة اللعبة.
****
تعتعة .. أتعلم من إبنى كيف أنهزم بشرف وشجاعة؟
د. محمد أحمد الرخاوى
بالله عليك كيف تجّيش الشعوب؟؟؟؟
بل من يجيش الشعوب؟؟؟
والشعوب محرومة، أو قل هى تحرم نفسها طول الوقت من أن تكون لها اية كلمة اواى فعل اوحتى مجرد اى تفكير.
ثم كيف نتخلص من كل حكامنا من داخل وعينا ونحن نصنّعهم فى كل لحظة جاثمين علينا بـ “كيفما تكونوا يول عليكم”
ثم اخيرا وليس آخرا : نعم ابدأ بنفسى هنا والآن، ولكن”واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة”
والله أعلم
د. يحيى:
أولا: الشعوب لا تَحْرم نفسها من حقوقها إلا بعد أن تيأس من قادتها، وفى نفس الوقت تعجز عن خلعهم، وهو موقف مؤقت بحسابات التاريخ مهما بدا جاثما فى مرحلة ما.
ثانيا: نحن نحاول أن نتخلص من حكامنا من وعينا، قبل ومع محاولة التخلص منهم، إن إدعاء أنه لا يوجد بدلاً منهم أفضل وأقدر، تحت عناوين مثل “اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش”، هو بمثابة إعلان ضمنى أنهم داخل وعينا قبل ومع وجودهم على أرض الواقع.
ثالثا: لا سبيل إلى أن نتقى فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منا خاصة إلا أن يبدأ كل واحد بحمل مسئوليته عن نفسه أولا وعن الآخرين فورا، ودائماً.
د. مدحت منصور
استقبلت مقال أخى الدكتور محمد يحيى أنه ثورة، ليست ثورة انقلابية تقوم بتبديل المراكز ولكنها ثورة فكرية وجدانية شديدة العمق شديدة المرارة تحتاج إلى الجهد الحقيقى الصادق من الجميع “ولأختر لنفسى مساراً آخر، لا أعرفه، ولكننا يمكن أن نجده معاً”.
إذا سوف نكافح (معا) لنجد مسارا آخر نصحح به ما آل به مسارنا الحالى، نعم دعنا لا نفخر بأمجاد الأجداد ونخدر أنفسنا كأن يقول لك أحدهم أنا كذا فترد وأنا جدى كان كذا فيبتسم لك ويمضى، نفس النداء بأن نعلن الهزيمة كبداية لمسار تصحيح هوأسلوب جديد-ثورة من نوع جديد- علينا لم ينادى به الكثيرون يعنى (بطلوا كذب وخيبة بقى).
لكن يبدوأن هناك حالتين للهزيمة إحداها الهزيمة كحالة يمكن أن تسمى وجدانية بمعنى أن تشعر أنك لست بقدر عدوك وأنه يسبقك فى كل المناحى وأنك خارج المنافسة وهذا ما نشعر به الآن، والأخرى أن يكون عدوك على أرضك (يركبها)
فى الأولى ستعلن هزيمتك يا أخى العزيز وأنت مرفوع الرأس فماذا ستفعل فى الثانية، لن أوغل فى التاريخ عندما كان المهزوم تحت رحمة الملك المنتصر يقتل من يشاء ويعذب من يشاء ويرحم من يشاء ولكن البوسنة والهرسك ليست ببعيدة كذلك العراق، صحيح أن السبى واتخاذ الجوارى محرم دوليا ولكن لعلك قرأت أكثر منى عن ألوان الإذلال والقهر لكافة أفراد الناس أعلم أنك ستقول لوتوقفوا عن المقاومة جميعا فإنهم لن يعطوا عدوهم ذريعة، لا تعول على ذلك كثيرا ففى بعض البلدان يعامل الوافد على أنه إنسان درجة ثانية وتهدر كرامته بألوان شتى مع أن له دولة وسفارة فما بالك بمحتل يحكمك، لا تتوقع من محتل أن يعاملك برقى وإنصاف وإلا لماذا أقدم على احتلال أرضك أصلا، أرجوأن أكون قد استطعت إيصال فكرتى.
د. يحيى:
أولا: أوافقك على ثورية مقال “محمد” وشجاعته برغم أنه إبنى، أو ربما لأنه ابنى، وإن كنت أشفق عليه وعلى نفسى من قدرتنا على الاختلاف إلى هذه الدرجة.
ثانيا: لا أوافقك على أن الهزيمة الأولى تسمح للمهزوم أن يرفع رأسه. المهزوم مهزوم عليه أن يدفع الثمن مهما كانت المبررات، كل ما تسمح به الهزيمة (الأولى أو الثانية) هى “فرصة البدء من واقع مؤلم جديد“.
ثالثا: أنا معك أن الهزيمة الثانية (الاحتلال المباشر) هى قبيحة خطيرة، لا أحد يرجوها، ولا أحد يطيقها، لكن إذا فرضها الواقع المؤلم، سواء كانت نتيجة الظلم والقهر والغرور والسيطرة والظلم والإغارة، أم نتيجة تقصيرنا وخيبتنا وكسلنا وتقاعسنا وتخاذلنا واغترابنا، سواء كان هذا أو ذاك أم كل ذلك، فإن ميزتها الوحيدة هى تجسيد الواقع أمام عينيك ليل نهار، لا تستطيع فى هذه الحالة أن نسميها “نكسة” أو “هدنة”، أو “سلاما” أو “تهدئة”، هى هزيمة بكل قبح الهزيمة، وبالتالى فعلى المهزوم أن يتجرع كأسها حتى آخرها، ثم يستسلم أكثر فأكثر حتى يستحق العدم، أو يواصل القتال الذى لا ينتهى حتى يستحق انتصاراً آخر من نوع آخر فى وقت آخر،
لكنه لكى يحقق ذلك فعليه أن يبدأ بإعلان الهزيمة وليس بإنكارها، أو تدليلها أو التخفيف من وقعها.
د. لين
المشكلة يا أستاذى الفاضل… ان الهزيمة لا تخصنى وحدى..
ليست هزيمة كرسوب فى الامتحان او فشل فى الحصول على وظيفة او منصب….
فى زمننا هذا الهزيمة ستعود على مليار إلا قليلا… يترقبون من يحررهم من هزائمهم…
ينتظرون بصيص أمل أو تلويح ولو سراب بالنصر… ان نعلن الهزيمه يعنى ان نكسرهم… ستقول لى لنبدأ -معهم– من جديد. “هل يمكننا أن نعلن الهزيمة ونفخر؟ “أقول لك هذا القليل الذى استثنيته انا من المليار.. قد يستطيع، لكن المنتصر… الن يعطينا فرصة لنبدأ او نحاول ان نصحح أخطاءنا… وكأن امامنا فرصة واحدة فقط…لهذا لا نستطيع ان نعلن الهزيمة…
“لنبدأ فورا بالإعداد للحرب القادمة بأدواتنا نحن، وشروطنا نحن، وبتسريح الجيوش الرسمية، وتجييش الشعوب طول الوقت، بعد خلع الحكام المسئولين عن الهزيمة فى تلك الجولة، خلعهم من وعينا ومما شوهوا بهتاريخنا.\”
أعذر جهلى وأجبنى بكيف تحقق هذه العبارة..
فاليأس والاحساس بالهزيمة.. يدمرنا…
وهل يسمح لنا حتى \”القليل\” منه بأى تغيير!!
شكرا لك.
د. يحيى:
أحترم واقعتيك ….. وأود لو أوافقك لكننى لا أستطيع،
نحن لا ننتظر من المنتصر أن يعطى المهزوم أية فرصة، لأنه سوف يتمادى ليكمل عليه وهو منطرح أرضا،
الذى يريد أن يأخذ الفرصة ليبدأ من جديد: عليه ألأ ينتظر شيئا من المنتصر، عليه أن ينتمى إلى الحياة وخالقها، وإلى الزمن وروعة وعوده، وإلى الإبداع وقدرات تخليقه، وما أصعب كل ذلك حتى الاستحالة
لكن هذه الصعوبة نفسها لا يمكن أن تكون مبررا لادعاء النصر بإنكار أن الهزيمة هى الهزيمة،
الذى يتألم من الهزيمة، ويخاف هول عواقبها هكذا، عليه أن ينتصر،
لا يوجد حل آخر.
الإنكار وأسماء التدليل لا تلغى الواقع مهما طال الزمن.
ماذا نفعل؟
ملحوظة: إشارتك إلى المليار أظن أنها تعنى المسلمين وأنا لست معك فى أنها قضية مسلمين أصلا، هى قضية البشر كافة.
د. أسامة فيكتور
أُجيب د.محمد فى تساؤله – أليس من حقنا أن ننهزم؟
نعم من حقنا؟ ولوأعقبها تطبيق أسئلتك التى ذكرتها (8 هل) فستكون الهزيمة مفيدة جداً، ولى مقولة خاصة بخصوص هذه التعتعة.
من لم يتعلم من أخطائه لن يتعلم أبداً وسيظل محتفظاً بجهله الغبى متخلياً عن جهله الجميل.
د. يحيى:
وصلتنى شجاعتك مخُتلطة بألمك.
ياليت د. لين تشهدنا
وتتحمل معنا.
د. محمود محمد سعد
الاعتراف بالحقيقة هوحق من حقوق الأفراد
انا مع عدم التفاخر بالفراعنه أو بالمسلمين الأوائل لأنى ارى أن هذا جميعه هو هروب إلى الماضى.
د. يحيى:
أظن أنه – غالبا – كذلك،
والاعتراف بالحقيقة ليس حق الأفراد فحسب، بل والشعوب كذلك.
د. اسلام ابراهيم احمد
هل يمكن أن نعلن الهزيمة حتى نصحوا من نومنا
هل يمكن أن نعلن الهزيمة حتى نهدم اوهامنا
هل يمكن أن نعلن الهزيمة حتى نلتقط انفاسنا
هل يمكن أن نعلن الهزيمة حتى نداوى جراحنا
هل يمكن أن نعلن الهزيمة حتى نرتب افكارنا
هل يمكن أن نعلن الهزيمة حتى نجمع شملنا
هل يمكن أن نعلن الهزيمة حتى نعرف موقعنا بالنسبة للأخرين
والله يا د. يحيى انا محتار ونفسى نعملها علشان نستحق الحياة.
د. يحيى:
……… يمكن لمن يدفع الثمن
وعلينا أن نحب الحياة حتى نستحق الحياة
الألم، وخاصة ألم الأنكسار فى الهزيمة أصعب
لكنه أحد أوجه شرف الوجود
مرة أخرى: هو البداية، بديلا عن الإنكار واسماء التدليل:
“هدنة” ، “سلام”، “تهدئة”، “نكسة”.
خيّبهم الله بما يستحقون
وأفاقنا لنحمل مسئوليتنا إذا كان لنا أن نواصل بالحق إلى الحق
أ. منى أحمد فؤاد
من اليوم سوف اتقبل الهزيمة لكى اتعلم وسوف اعلنها لأبدأ
عنوان اليومية يحمل العديد من المعانى:
“اتعلم من ابنى كيف انهزم بشرف وشجاعة”.
د. يحيى:
أتمنى أن أكون صادقا
أ. ميادة المكاوى
كل ما ورد فى المقتطفات من المقال، وإن كنت بحاجة لقراءة المقال كاملاً كذلك بحاجة لتعليق حضرتك بشكل أكثر تحديدا.
أكثر ما وصلنى هو: “جدية” الحق فى الهزيمة ووجوبها.
كذلك ضرورة الحركة من حيث أنا، لا من حيث ما أحلم به أو أتصور أن أكونه!!!
د. يحيى:
يمكنك يا ميادة طلب المقال الأصلى من “محمد” شخصيا.
وما وصلك هو فعلا بعض ما أراده الكاتب وهو بعض ما تعلمت أنا منه أيضا،
وهو إبنى
****
أ. رامى عادل
اغلبيه اليوميه ارتداد الى اللى بيحصل فى غزه، الحمدلله، لكن فى المقدمه، وعن اللى وصلنا له فى نقد النص البشرى، افتقد وجود العيانين، ومش عايز(ولا عارف) الاقيهم حقيقى بيناتنا، لا أجدهم اصلا الا وحدهم، ونحن لسنا معهم، العيان الحقيقى لا امل فى شفائه، اعجز عن تصور شفاء مريض عقلى، فالله خلقنا هكذا.
تعسا.. لمن؟.
لمن يتحكم بعقل مريض، يوجهه نحو أخبث غاية، يتفرج عليه، يشمت فيه، يقوده نحو.. تعسا!
د. يحيى:
لا يا شيخ!!؟
ليس هكذا!
لست “انت” يا رامى!
****
يوم إبداعى الشخصى: أشواهد القبر اشهدى
أ. رامى عادل
لا تحبسى، افعتك، فقد التحفت، بحق السر الماجد، ولتنطقي، بشريعة، من غاب دهرا، فاستتب، وافرغ، فى شفاكى، حبوب تدر الزمرد، وانتبهى لسواعد، تتلمذت لتبارك وجدك، شاءت أم لم تشأ، فهى بك تزحف نحوالصحارى، وتعمى عن سؤالك، فمازالت تحبك حبكتها، لتوائمك، فلترسلى صواعقك، ولتسرحي!
د. يحيى:
يعنى
****
ملاحظات على الأحلام والتقاسيم
د. أميمة رفعت
طغت تيمة “الموت” على حوالى ثلث أحلام فترة النقاهة حتى الآن.
وقد تناول كل من محفوظ والرخاوى هذه التيمة تناولا مثيرا حقا للإهتمام، فتشابه الإثنان وإختلفا فى آن واحد مما زاد الموضوع إثارة.
كما قال الرخاوى فى قراءته للحلم “6”: (تابعت نجيب محفوظ وهوقادر على أن يرفع الحاجز بين الموت والحياة بسهولة ويسر فى أكثر من موقف شخصى، وأكثر من موقع إبداعى)، يبدوذلك واضحا فى الأحلام. فمحفوظ يشعر بالراحلين حوله وفى عالمه، ولا يندهش من ظهورهم فى أى وقت وبأى طريقة، وهكذا عندما كلمه أستاذه المرحوم تليفونيا فى الحلم “6” (لم تمسه أية دهشة)، كما نفى الدهشة أيضا فى الحلم “68” عندما تقابل الأحياء والأموات سويا فى مكان واحد جميل، ربما كان البرزخ، (دون أن يثير ذلك دهشة أحد). وهويقابل الأموات بترحاب شديد وفرح وذكريات جميلة : ها هى محبوبته فى الحلم “14” تتقدمها الموسيقى النحاسية التى تصاحب الجنازات ولكن دون ألم أوحزن بل فرحة باللقاء وكأنها عروس تأتيه بزفة جنائزية.
ويلتقى (صديق الشباب وشهيد الوطنية) فى الحلم 76″” (فينشرح صدره لمرآه ويهرع إليه) ولا ينتظر محفوظ دائما أن يُفتح عليه باب عالم الأموات تلقائيا، بل أحيانا ما يكون إيجابيا ويحاول بنفسه إطلاقه على عالمه كما نرى فى الحلم “57” عندما سعى إلى (دار السلطة) ليطلب الإذن بإطلاق الأحباب المتغيبين الأحياء منهم والأموات ويحطم باب الحصن الذى يحبسهم وسط تعالى (الهتاف فرحة وسرور). وفى الحلم”110″يستعين بكل ما أوتى من قوة ليفتح (بوابة الفتوح) التى تفصله عن وجوه أحبابه الراحلين والتى تأتيه أيضا فى إحتفالية على شكل ألعاب نارية. وهويؤكد علاقته بالأموات بأن عبرعنها بجملة جاءت على لسان مرحوم آخر فى الحلم “104” فقال : (الموت لا يستطيع أن يفرق بين الأحبة)
ومع ذلك…. لم نر أبدا محفوظ ينتقل إلى عالم الأموات، أويرحب بالموت. ففى الحلم “27” يحاول إلقاء نفسه من مقدمة السفينة فى البحر الهائج كوسيلة “للخلاص” ولكن يمنعه مدرس الرياضيات بخيرزانته الملوحة بحزم. يجتمع مع الأموات فى هناء وسعادة فى البرزخ “68” وعندما تأتى لحظة الحساب ينفصل عنهم. يأتى خبر إعدامه “88” فيُزف فى القرية ويحتفل الجميع بموته المقبل ولا نجد منه هوشخصيا أية ردة فعل، حتى خروجه (من بيته فى أحسن زينة) ليعدم لم نتبين منها إذا كان هوالذى تزين أم هم اللذين زينوه. وجاءت صريحة على لسان أصدقائه الموتى فى الحلم “92” عندما دهشوا وسخروا منه فسألوه (أما زلت تخاف الموت؟).
يقول الرخاوى فى قراءة الحلم “6” أن فرضا لاح له مؤخرا (إن الموت هونقلة الوعى الشخصى إلى الوعى الكونى ليكمل المسيرة إلى وجه الحق سبحانه وتعالى) وهذا ما يظهر لنا فى التقاسيم. فعلى عكس محفوظ تماما، رحب الرخاوى بالموت، بل وسعى إليه أحيانا، مع إستمرارية”حياته”بعد الموت بسلاسة وبلا إنقطاع. ففى تقاسيم”57″تشكك فى تحرر الأحياء والأموات من الحصن فقرر تحويل الجميع بما فيهم هوشخصيا إلى أموات بتفجير الحصن نوويا و..(مازال يحكى..). وفى الحلم “88” على عكس محفوظ الذى لم نعرف رد فعله تجاه رسالة إعدامه، رحب الرخاوى بالإعدام ووصف الموت”بالمصير الرائع” (وتأكدت من ميزة نظام الرسائل المغلقة التى تقرر مصيرنا الرائع هذا الواحد تلوالآخر) ثم أخذ يصف تفصيليا ما يحدث بعد الإعدام دون فصل الحياة عن الموت فهويأخذ معه (حبل المشنقة) الذى إلتف حول عنقه فى الحياة، ليستفيد به غيره من الأموات فى مرحلة ما من الإنتقال، ثم تكمل روحه المسيرة مرة ثانية ويلحق بها (وما أن سلمتهم الحبل حتى طلعت روحى مرة ثانية، فَطِرتُ وراءها بلا تردد) ويظهر هنا جليا إنفصال الروح عن الجسد، وإتباع الجسد للروح…(أما طيران الجسد وحريته وتخلصه من القيود الدنيوية فهى تيمة تكررت أكثر من مرة فى التقاسيم). يستمر فى ترحيبه بالموت ففى تقاسيم”112″ عرض على امه ببساطة أن يحل محل أخيه الذى توفى فى حجرها (وقلت دون تفكير: آخذها أنا يا أمى بدلا منه،). لم يكتف الرخاوى بهذا بل إستشار أصدقاءه الأموات فى تقاسيم”92″عن الشروط التى تبقيه فى عالم الموتى (قلت أستأذنهم وأعرف الشروط التى تبقينى واحدا منهم) وإن كان قد تراجع فى آخر لحظة على غير المتوقع (أنا عاجز عن أىٍّ من ذلك. ويبدوأننى سوف أظل أخاف الموت) !!..وربما تُظهر المقارنة بين الحلم “70” وتقاسيمه هذه الفكرة جيدا : فصعودا على السلم للوصول إلى الأحباب إختفت السلالم العشرة الأخيرة عند محفوظ (ووجد مكانها هوة عميقة)، ورغم أن (طبعه يأبى التراجع) إلا أنه إحتفظ بخيار الرجوع بأن إحتفظ بدرجات السلالم من خلفه، ولم يفقد الأمل وظل (ينادى، وينادى من الأعماق.) بينما محى الرخاوى السلالم تماما من ورائه، وأصبح معلقا فى الهواء وبلا أى تردد (لبس أجنحته) وإستعد للطيران وهوسعيد (كلما صعد إلى سماء جديدة زاد شوقه لرؤية الأحباب).(نلاحظ ظهور الطيران مرة أخرى والتخلص من قيود المكان).
الملفت للنظر، أن الرخاوى بمجرد أن يجتمع بالأموات يختلط عليه الأمر ولا يميز الحىَ من الميت ولا يميز إلى أى الفريقين ينتمى هونفسه.نلاحظ فى تقاسيم “97” إرتباكه الشديد مع موظفين لا يرونه ونتيجة ممسوحة ومدير أكثر إرتباكا منه فلايعرف فى أى عالم هو، فى الدنيا أم فى الآخرة وفى تقاسيم “104” يبحث عن الإجابة الشافية فى عين المرحومة عين ولكنها تكون قد إختفت، نفس الشىء فى تقاسيم “68” بعد اللقاء الجميل فى الأرض الجميلة بين الأحياء والأموات، لم يعرف أيهما حىَ وأيهما ميت وحتى القرص والضرب والألم البدنى لم يميز الفريقين عن بعضهما ولحظة الحساب لم يعرف إلى أى منهما ينتمى وإن كان لم يمانع إنضمامه للأموات والتعرض للحساب….
وأخيرا يبدوالحد الفاصل بين الموت والحياة فى الأحلام والتقاسيم كالغشاء الأسموزى الذى يسمح غالبا بمرور الموتى إلى عالم الأحياء عند محفوظ، بينما يسمح بسلاسة أكبر بمرور الأحياء إلى عالم الموتى ليعيشوا حياة أخرى عند الرخاوى.
د. يحيى:
لا أملك تعليقا يليق بجهدك واجتهادك هكذا.
تصورى يا د. أميمة أن أحداً لم يتصد لنقد ما أحاوله منذ ما يقارب نصف قرن، ما أحاوله تنظيرا أو تشكيلا أو إبداعا
من الذى قال كلمة واحدة فى دراستى لأصداء السيرة (نقداً للنقد) وقد صدرت عن المجلس الأعلى للثقافة؟
من الذى قرأ أصلا: ناهيك عن نقد عملى الأساسى: “حركية الوجود وتجليات الإبداع” وقد صدر عن نفس المجلس الأعلى،
من الذى قرأ عملى النقدى “تبادل الأقنعة” وقد صدر عن منشورات قصور الثقافة،
من الذى نقد ثلاثيتى الروائية: المشى على الصراط وهى تناهز الألف صفحة وقد نال الجزءان الأول “الواقعة” والثانى “مدرسة العراة” جائزة الدولة التشجيعية سنة 1980، وصدر الجزء الثالث“ملحمة الرحيل والعودْ” عن الهيئة العامة للكتاب منذ عام.
بل من الذى قرأ نقدى لنجيب محفوظ “قراءات فى نجيب محفوظ” وقد صدر أيضا عن الهيئة منذ عقد ونصف؟
أكاد أرجح يا أميمة أنه لولا أن “تقاسيمى هذه كانت على أحلام نجيب محفوظ ” لما التفت أنت أيضا إليها.
لقد وعدتُ فى نهاية نقدى للأصداء بأن أعود إليها للدراسة الشاملة، ومن بين العناوين التى أثبت أننى سوف أعود إليها فكرة الموت كيف حضرت فى كل الأصداء، وقد تناولتُ فكرة الموت والخلود فى نقدى لملحمة الحرافيش لمحفوظ (نقد الملحمة) “دورات الحياة وضلال الخلود ملحمة الموت والتخلق فى الحرافيش”.
ملحوظة:
أخيرا تحقق حلمى واستجابوا لدعوتى وصدرت منذ أيام “دورية نجيب محفوظ“ عن المجلس الأعلى للثقافة، برجاء قراءة يومية السبت بعد القادم عنها.
شكرا مرة أخرى
وسنواصل
وربنا يسهل
من يدرى
شكراً
****
مفاجأة: استبار نفسى تحت الإعداد (ملاحظات عن العلاج المعرفى، والعامية، والفصحى، والثقافة)
أ. رامى عادل
حرام ولا حلال، حضرتك الحمد لله كويس، وده الاهم، لكن مع ذلك، لا يكفيك، ما دام ربنا راض عننا، مانطمعش ليه فى المزيد؟ حقك وحقنا عليك، ماحضرتك مش قليل، وناوى تقلبها ضلمه، انا – شخصيا – مش ناوى استريح، وفجأه بيقفز لذهنى، عنبر الخطرين، ايش قولك؟ افادك الله.
د. يحيى:
الرأى رأيك
****
ليس لزاما أن تقرأه مرة واحدة، ولكن قل لى رأيك؟ !! كيف؟؟
أ. رامى عادل
كل ده كان ليه، لما شفت عنيك، حن قلبي اليك، وانشغلت عليك، افادك الله وافادك اكثر فاكثر، يا مشحططنا وراك، يا مرعب! ربنا يبارك فيك، ويديك علي قد نيتك، ويتجاوز عن سيئاتك، يا مدوخنا، اكفي عل خبر ماجور، ومتقولش انك قولت حاجه، لحسن يشموا خبر، ونتشحن كلاتنا علي عنبر الخطرين، ومنشوفش نسوان تانيه، وتعمر الدنيا ونسورء.
د. يحيى:
طالما هناك نفس يتردد
ادْعُ لنا جميعا يا رامى.
وسوف يستجيب ربنا.