“يومياً” الإنسان والتطور
14-9-2008
السنة الثانية
العدد: 380
التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (17)
(سوف نكرر فى كل مرة: أن اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).
دور المسشفى للتهذيب والتأهيل، وليس للتأديب أو العقاب
د.جميلة: هو ولد عنده 11 سنة ونص فى خمسة ابتدائى، يعنى قرب يكمل 12 سنة، هو الولد ده مضطرب سلوكيا.. هو وحيد مالوش اخوات، مضطرب بَقَاله سنتين فى تصرفاته؛ بيكتشفوا معاه سجاير، وبرضه بيكتشفوا معاه سجاير حشيش، سيديهات جنس، وسرقة … بس مبالغ كانت معقولة يعنى، كمان ماكانش بيرضى ياخد الدواء، أهله ما جابهوش يعنى ما ابتدوش يشتكوا للدكاتره إلا لما ابتدى يسرق مبالغ كبيرة، مامته بتشتغل طول النهار وسايباه مع جدته.
د.يحيى: أنت قلتى ما عندوش أخوات مش كده؟؟
د.جميلة: أيوه، وأبوه ومامته منفصلين، مامته هى المسئولة وهى اللى بتصرف، الأب بيشتغل شغل كده يعنى مش دائم ممكن يكسب وممكن ما يكسبش، قاعد يدخن شيشة طول النهار.
د.يحيى: بقالك قد إيه بتشوفيه؟
د.جميلة: بقالى يمكن يعنى شهرين أو شهر ونص مش فاكرة قد أيه بالظبط، هو سؤالى دلوقتى إن هو أغلب الحاجات عرفنا نعملها واحدة واحدة، الولد يعنى ذكاؤه كويس، وفى المدرسة لما ضغطت عليه ابتدى يتلم، ابتدى يزيد قعاده فى البيت، ابتدينا نظبط الوقت وكله، إلا حكاية السرقة دى، وابتدت المبالغ تزيد قوى، هى مامته بيبقى معاها فلوس شغل هى مش غنية بس فلوس شغلها يعنى ممكن يسرق 7000 جنيه، 3000 جنيه، فى مَرَّات أمه بتلحق الفلوس ومَرَّات ما بتلحقهاش، وعملنا كذا مرة مواجهة، يعنى مش بيستجيب قوى، حاسة إنها مش بتفرق معاه، مثلا فى العيد كان طالع رحلة قعدناه فى البيت ما سافرش، فضل قاعد وشلت له فيشة النت وكل حاجة، برضه فضل قاعد فى الأوضة 3 أيام، ما بتفرقش معاه، زى ما يكون الحل إللى وارد على ذهنى دلوقتى هوه دخوله المستشفى بس هو ماشى فى المدرسة كويس وبيذاكر والمدرسين بيقولوا إنه كويس فى المدرسة.
د.يحيى: السؤال بقى؟
د.جميلة: أعمل إيه طيب مش عارفه أعمل إيه؟
د.يحيى: فى إيه؟
د.جميلة: فى السرقة، يعنى يبقى ماشى من عندى وعاملين اتفاقيات …….
د.يحيى: وصلت لإيه؟
د.جميلة: الأسبوع اللى فات سارق 7000 جنيه.
د.يحيى: منين بس 7000 جنيه؟!
د.جميلة: فلوس شغل أمه، وبيعمل ألاعيب لحد ما ياخد، يعنى اتفقت معاها إنها تبقى هى واخده بالها وإنها قافلة الأوضة والأدراج.
د.يحيى: والقانون بيقول إيه؟
د.جميلة: مش عارفة.. .
د.يحيى: مش دى سرقة رسمى ولا إيه خلّى بالك عشان عدم الخلط، عموما 7000 جنيه كتير يا بنتى، ودى فلوس الشغل بتقولى..
د.جميلة: آه .
د.يحيى: أنتى قلتى هو عنده كام سنة ؟
د.جميلة: 12 سنة 11 سنة ونص يعنى.
د.يحيى: بيسرق 7000 جنيه وهو عنده 11 سنه من مامته، إزاى بس، بتبقى حاطة الفلوس فين؟
د.جميلة: بتبقى حطاها فى شنطتها والشنطة فى الأوضة بيعمل الأعيب فظيعة بيعرف يتصرف.
د.يحيى: إزاى بيعرف يابنتى، أنا مش فاهم، مرة مرتين فى الأول معلشى، إنما كده، مش عارف!
د.جميلة: هى بتقولى أنه بيعرف ياخد المفتاح بطرق ينفع ……..
د.يحيى: هى يعنى للدرجة دى، تلاقيها مشتركة معاه من تحت الترابيزة، يعنى تحت الوعى.
د.جميلة: ما أنا قولت لها كده برضه.
د.يحيى: لأ دى مش حاجات تتقال، دى تتحط كفرض بصفة مبدئية، أصل ده احتمال نادر، من ناحية تكون بتغطى عليه عشان تتنيها ما سكاله حاجة تكسره قدامها، ومن ناحية تانية يمكن هى إللى تكون حرامية وهو بيسرق بالنيابة عنها، حاجة شبه اللى بيقولوا عليه “الجنون المقحم: Folie impose”، ده بنشوفه فى أمراض تانية، بس نادر فى السرقة، أنا شخصيا لاحظت مثلا إن أم تجيب بنتها وتقول إنها بتهلس وكلام من ده، أبتدى أشتغل، ألاحظ إن ساعة ما تيجى بنتها تبطل تهلس تلاقيها قلقت بصحيح بدال ما تفرح وتزقطط، أتارى البنت بتتصرف بالنيابة عن أمها، حاجة زى كده، أنا آسف، أنا قلت الحكاية دى عدة مرات، هى احتمالات بايخة لأن فيها اتهام للأم، فبتبقى دمها تقيل كده شويتين، بس الواحد يعمل إيه، الواحد بيشوفها بعينه، ييجى الأب هات يا خُطَب والواد مدمن وابن ستين وبتاع وخُطَب، ييجى الواد يتعالح ويبطل، تلاقى الأب فى الزيارة مش مستريح، فى الحالة دى لما الأمور توصل لمبلغ 7000 جنيه، وهى عارفة، وبيسرق المفتاح، يبقى مافيش منطق، هوا إيه أرسين لوبين؟!
د.جميلة: هو التصرفات دى مع مامته فعلا، بس تقريبا يعنى ………
د.يحيى: عندنا فى بلدنا يقولوا إيه “الباب المقفول يمنع القضا المستعجل” قصدهم يعنى إن القضا المصمم مافيش حاجة تمنعه، إنما لما يكون واحد ماشى كده ويقولك يلا نحود نسرق ما يضرش قوام قوام، ويلاقى باب مقفول يرجع فى كلامه، أنا حاسس إن الست دى مش واخدها جد قوى، مع إن هى ياعينى إللى بيتخرب بيتها، إذا ثبت لا قدر الله إن فيه اتفاق سرى (لا شعورى) يبقى فيه رغبة تحكيمية برضه للأم نفسها، لازم نبحث الأمر ونواجه الأم بطريق غير مباشر، مهما كان احتمال انزعاجها.
د.جميلة: ما هو ساعات لما بتقفل قوى ممكن برضه ياخد من جدته يعنى طول الوقت موضوع السرقه هو أكتر حاجة.. .
د.يحيى: ما هى الجدة والدة، إنتى مش بتقولى مامته بتشتغل طول النهار، وسايباه مع جدته.
د.جميلة: بس هو بيسرق من مامته أكتر بكتير.
د.يحيى: ما الإمراضية (السيكوباثولوجى) مع مامته الحقيقية هى الأصل، وأظن إن إللى زوده غياب الأب بالانفصال اللى بتقولى عليه.
د.جميلة: طيب نعمل إيه؟
د.يحيى: ماهو مادام المسألة برغم كل الجهود دى والاحتياطات دى مستمرة وبتزيد زى ما بتقولى، يبقى لازم فيها حاجة بتغذيها، بتساعد على استمرارها.
د.جميلة: ما هو ده إللى خلانى أفكر فى المستشفى.
د.يحيى: المستشفى مش مكان عقاب، ولو أنه ساعات بيقوم بالدور ده، لكن ضمنًا، ما هو يمكن برضه يسرق هنا فى المستشفى، إيه المانع؟ ساعات دخول المستشفى بيبقى فى السن دى (وغير السن دى) نوع من الخَضَّة، أنا باسميه “دخول الصدمة: shock admission”، يعنى يدخل يوم، يوم ونص، عشان من ناحية نشوف دور أمه وتفاعلها، ومن ناحية يعرف إن الحكاية مش سهلة زى ما هى ماشية معاه كده.
د.جميلة: يعنى أأجل الاقتراح ده ؟
د.يحيى: طبعا، ممكن تلوحى بيه، وما تنسيش إن الواد لسه سنه 11 سنة، والجماعة دول لما بيكبروا بتوصلهم حاجات تانية، ويعدُّوها لو قِدرنا نحسن الظروف المحيطة، ثم ما تنسيش انفصال أمه عن أبوه، مش يمكن هى بتلوى دراع أبوه ولو من بعيد عشان يعرف هو جَنَى على إبنه إزاى .
د.جميلة: طب والدوا ؟
د.يحيى: الدوا بيساعد لما يكون عندنا شك إن السلوك ده بديل عن نشاط ذهانى مثلا، وده عايز معلومات عن التاريخ العائلى بشكل دقيق شويتين، وبرضه عن النوم، وإنتى بتقولى إنه ماشى فى المدرسة، وما بيسرقشى من المدرسة، وده إللى خلانا نركز على العلاقة بالأم (والأم الكبيرة: الجدة)، إنما برضه فيه دور للدوا لو فيه أعراض ثانوية تحتاجه، إنما إنتى بتقولى إنه مش منتظم على الدوا ومع ذلك بيذاكر وينام، أظن لازم نِحسِن الاستماع للحكاية دى، يمكن نلاقى الدوا فى المرحلة دى مالوش لازمة قوى، عموما إذا حبيتى تجييبه أشوفه معاكى متابعة هو وأمه، أنا موجود.
د.جميلة: شكرا.