الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / لعبة المثالية (2-2) مش قوى كده! الشطارة إنى أبقى مثالى، وبرضه ….

لعبة المثالية (2-2) مش قوى كده! الشطارة إنى أبقى مثالى، وبرضه ….

“يومياً” الإنسان والتطور

14-4-2008

العدد: 227

 

سر اللعبة 

لعبة المثالية (2-2)

مش قوى كده! الشطارة إنى أبقى مثالى، وبرضه ….

مقدمة :

نكمل اليوم ما بدأناه أمس يومية لعبة المثالية (1-2)، فنعرض استجابات الضيوف لبقية الألعاب الخمسة فى حلقة “لعبة المثالية” (6 – 10)

فى الجزء الأول (أمس) أظهرنا كيف تقلبت أوجه المثالية فتعرت أولا فى الأربع لعبات الأولى، وحين وصلنا إلى اللعبة الخامسة اكتشفنا أن جذور هذه القيمة كامنة فى التركيب البشرى باعتبارها “الواقع القادم بما نفعله الآن“،  وبناء على ما وصلنا من تساؤلات واعتراضات وجدت أنه:

 أولاً، لابد من تحديد أنها لكى تكون كذلك “الواقع القادم/الآن” فلابد أن تكون مرتبطة بحركية إيجابيات ما نفعله الآن تطوريا، (بقصد أو بتلقائية تطورية).

 وثانياً: أن هذا الوصف يجعلها ليست أمُنية مستقبلية أقرب إلى الحلم، وبالتالى فإن الواقع القادم الذى تحويه هذه العبارة هو حاضرٌ  “حالاً” بقدر ما هو “يتكون” هنا والآن، وهذا غير الخيال المصنوع أو المأمول فيما يسمى حلم اليقظة، الأقرب إلى يوتوبيا تنظيرية.

 بتعبير أغرب المثالية: هى الواقع “الْيَتكون” تطوراً.

أتمنى أن أنجح فى إقناع المشاركين (وغيرهم) أن يألفوا هذا التعبير الذى بدأت فى استعماله، وهو الذى يسمح بإدخال ألف لام التعريف على الفعل “يتكون”، فنحن أحوج ما نكون إليه فى لغة مدرستنا التى تنتمى إلى استمرارية النمو الفردى والتطور الحيوى معا، والتى تحاول أن تقول بأن فهم “العملية” (فى النمو والإبداع والتطور وتكوين الشخصية وتجديد الهوية … إلخ) يأتى فى المرتبة الأولى قبل فحص “المحتوى”،

المثالية باعتبارها إيجابية “الواقع القادم بما نفعله الآن“، يمكن أن تكون “الواقع الْيَتكَوّنْ تطوراً”، وبالتالى تصبح فعلا حاضرا، وليست صفة جاهزة مقولة بالتشكيك.

الحلقة موجودة بالموقع لمن أراد أن يشاهدها صوتا وصورة.

“وفيما يلى:

الخمس ألعاب ( 6 – 10) بالفصحى مرة ثانية من اللعبة السابقة

ثم نتابع الاستجابات للعبات الخمسة المتبقية”

6- هم يخدعوننا بهذه المثالية !!..عليك أن تلعب بما يُكْسِبُكَ أيا كان، انا شخصيا …….

7- لو كان الأمر بيدى لصرت مثاليا لا مثيل له.. لكن يا خسارة أنا …………………….

8- لو أن الناس صاروا مثاليين فعلا..، ففى هذه الحال أنا يمكننى ………………………

9- من الجائز أن تسخر منى لو رأيت كم أنا مثالى … لكننى أيضا ……………………

10- ليس إلى هذا الحد..!!، الشطارة أن أكون مثاليا …، وأيضا ………………….

اللعبة السادسة

بيضحكوا علينا بالمثالية 00 يا عمّ، اللى تغلبه العب به 000 أنا شخصيا َ000

د/ فيروز: يا دكتور يحيى بيضحكوا علينا بالمثاليه 000 يا عمّ، اللى تغلبه العب به 000 أنا شخصيا َ000 اللى حاغلب بيه هى حتة المثالية

د/ يحيى: يا سلوى بيضحكوا علينا بالمثاليه 000 يا عمّ، اللى تغلبه العب به 000 أنا شخصيا َباقعد أحسبها 100 مرة إيه اللى أغلب به، علشان ألعب به، بس بداريها

أ/ سلوى: يا مدام أمل بيضحكوا علينا بالمثاليه 000 يا عمّ، اللى تغلبه العب به 000 أنا شخصيا َ000لو حاغلب بالمثاليه حالعب بيها

أ/ أمل: يا أستاذ شريف بيضحكوا علينا بالمثاليه 000 يا عمّ، اللى تغلبه العب به 000 أنا شخصيا َ000مش حالعب باللعبه دى

أ/ شريف: عزيزى المشاهد بيضحكوا علينا بالمثاليه 000 يا عمّ، اللى تغلبه العب به 000 أنا شخصيا َ000حاتغلب على طول

المناقشة (الآن)

نلاحظ هنا كيف اتفق كل من د. فيروز وسلوى أن المثالية ليست ضعفا على طول الخط، وأنها هى نفسها يمكن أن تكون وسيلة لأن نحقق ما نريد: فيروز: اللى حاغلب بيه هوا حتة المثالية دى، سلوى: لو حاغلب بالمثالية حالعب بيها” فى حين أن استجابة د. يحيى لم تستبعد المثالية كوسيلة، ولم تحدد احتمال أن تكون ضمن مايلعب به، وتظل الاحتمالات مفتوحة لحساباته، أمل رفضت المبدأ حتى لو عزفت عن اللعب، وشريف فضّل أن يُغلَبْ.

أثناء التعقيب على هذه اللعبة تأكد موقف فيروز بقولها “أنا حسيت إن المثالية ممكن تبقى قوة يعنى مش مرتبطة بالضعف” أما سلوى فتراجعت قائلة: “.. أنا زعلت من نفسى لما قلت لو انا حاكسب بيها حالعب بيها لأن كده أنا بأكد إن ممكن المثالية تُستخدم، يعنى إن أنا بضحك بيها على غيرى” وحين طمأنها د. يحيى أنها ربما تعنى “المثالية الفعل مش المثالية القول”، أصرت على كشف نفسها أنها: “مادام دخلنا فى لعبة المكسب والخسارة تبقى قَوْل مش فعل وأنها ترفض فكرة استعمال المثالية”، إيه ده!!؟ ما ينفعش الواحد يستعملها”.

فيصر د. يحيى: ما هى دى يمكن المثالية الواقعية، فتتداخل أمل: هى اكيد تكسّب بس على المدى الطويل شوية.

يضيف د. يحيى أنه بالرغم من أنه هو “اللى كاتب الكلام ده” فقد وصله جديد: … “هو وصلنى إن فكرة “اللى تغلبه العب به” ليست بالضرورة فكرة سيئة، وصلنى: هوّا انا بالعب وباستعمل إيه، باغلب وباغلب بإيه؟ ما يمكن أنا باغلب الشر.

اللعبة السابعة

الود ودى أبقى مثالى ما حصلْتِشْ 00 بس يا خساره أنا 00

أ/ أمل: يا سلوى الود ودى أبقى مثالى ما حصلِتشْ 00 بس يا خساره أنا 00 ما اعتقدتش ان يعنى فى حد مثلى ممكن يرفض ده

أ/ سلوى: يا دكتور يحيى الود ودى أبقى مثالى ما حصلِتشْ 00 بس يا خساره أنا 00 ما عنديش الشجاعه فى كده

د/ يحيى: يا دكتوره فيروز الود ودى أبقى مثالى ما حصلِتشْ 00 بس يا خساره أنا 00 مش حاصدق نفسى

د/ فيروز:  يا شريف  الود ودى أبقى مثالى ما حصلِتشْ 00 بس يا خساره أنا 00 ما أقدرش على كده

أ/ شريف: عزيزى المشاهد الود ودى أبقى مثالى ما حصلِتشْ 00 بس يا خساره أنا 00 ما اقدرتش اوصل الى الدرجه دى

المناقشة (الآن)

حين قُدّمت المسألة كأمنية فريدة .. تبين أن الجميع يرغبون فيها، إلا أنها بدت بعيدة التحقيق مهما احتدت الرغبة فيها بوضوح مباشر، فقد أظهرت هذه اللعبة كيف أنها تحتاج إلى شجاعة لتحقيقها (سلوى) ويستحيل رفضها (أمل) ولا يمكن تصديقها (د.يحيى) ولا يُقدر عليها (د.فيروز وشريف).

وجاء التعقيب عموما عقب هذه اللعبة يؤكد المسافة، بين الأمنية والتحقيق، كما جاء تعليق د.فيروز بالذات دفاعاً عن احتمالات إيجابية المثالية (كما هى)، لتعترف بعد هذه اللعبة أنها “ما تقدرش على كده”، جاء تعقيبها عقب هذه اللعبة يؤكد الفرق بين “أنا نفسى أبقى مثالى”، وبين يا ترى “إن الواحد يقدر يعمل ده” برغم حماسها السابق.

اللعبة الثامنة

لو الناس كلهم بقوا مثاليين 000 أنا ممكن 000

أ. سلوى: يا فيروز لو الناس كلهم بقوا مثاليين 000 أنا ممكن اصدقهم وممكن اصدق ان انا حابقى مثالية

د. فيروز: يا دكتور يحيى لو الناس كلهم بقوا مثاليين 000 أنا ممكن  أتجنن لان انا مش حالاقى حد أعمل مثالى عليه

د. يحيى: يا مدام أمل لو الناس كلهم بقوا مثاليين 000 أنا ممكن أبقى على يقين من الحلم

أ.أمل: يا شريف لو الناس كلهم بقوا مثاليين 000 أنا ممكن أخلع من الدنيا خالص مش حايبقى لها طعم

أ. شريف: عزيزى المشاهد لو الناس كلهم بقوا مثاليين 000 أنا ممكن  انا (ألاقينى) لوحدى وسطهم وسط الجنة.

المناقشة (الآن)

الاستجابات فى هذه اللعبة أظهرت أولا: أن المثالى ربما لا يعد مثاليا إلا فى عالم غير مثالى، وثانيا: أنه على فرض أن الجميع أصبحوا مثاليين، فإن الانتماء إليهم كنسخة مكررة يفقد المثالية قيمتها الظاهرة حيث تصبح صفة معادة لأنك ستكون مجرد مثلك مثلهم، ها هو شريف يجد نفسه فى الجنة كما تصورها بلا تميّز منفرد، أما أمل فهى تنسحب لأن الدنيا ستصبح بغير طعم، وفيروز تعلن بصراحة أن حرصها على المثالية هو للتفوق على من تراهم ليسوا كذلك، فهى تتنازل عن مثاليتها مادامت لا تعطيها  ميزة التفوق والاختلاف عن من تعتبرهم دونها، أما د. يحيى فهو يعلن أن هذا الافتراض ليس إلا حلما، ثم يضيف فى التعقيب بعد اللعبة “.. أنا وصلنى حاجة غريبة جدا، إن احنا رافضين إن الناس كلها تبقى مثالية” ثم يضيف أيضا “.. زى ما يكون أحسن للناس، ولىّ، ولنا، إن يبقى فيه وفيه، يقوم يحصل سعْى واستمرار، إمال حانختلف ازاى؟َ! ونعيش إزاى؟! يعنى الحياة لا تصبح كما هى بروعتها إلا من خلال إن بعض أو أغلب الناس مايبقوش مثاليين،…. زى ما كل واحد فيه حته مثالية، هو برضه فيه حته رافضة المثالية”.

اللعبة التاسعة

يمكن تسخر منى لو شوفتني مثالي …. انما انا برضه ..

أ.سلوي: ياشريف انت ممكن تسخر منى لو شوفتيني مثالية، لكن انا برضه مثالية غصب عنك

أ.شريف: مدام أمل انت ممكن تسخري منى لو شوفتني مثالية، لكن انا برضه حاستحملك

مدام امل: يا فيروز انت ممكن تسخري مني لو شوفتني مثالية، لكن انا برضه مش حاعمل غير اللي انا مقتنعه بيه

د.فيروز: يا دكتور يحيي انت ممكن تسخر مني لو شوفتني مثاليه لكن انا برضه حاحاول اوصلك نفسي

د.يحيي: عزيزي المشاهد او عزيزتي المشاهده انت ممكن تسخر مني لو شوفتني مثالي انما انا برضه مش حاشك في نفسي لمجرد السخريه

المناقشة (الآن)

نلاحظ أن كل اللاعبين قد أمكن تحريكهم لتظهر مثاليتهم –أياًّ كان ما يعنون بها- الكامنة واقعا ماثلا، وبالتالى أجمع الكل على رفض احتمال التشكيك فيها من جانب الآخرين الذين لا يصدقون ذلك، فراح كل منهم يواجه هذه السخرية بتحدِّ وعناد يؤكد بهما موقفه: سلوىغصب عنك“، أمل “مش حاعمل غير اللى أنا مقتنعة بيه”، شريف “أنا برضه حاستحملك”، د. يحيى: “مش حاشك فى نفسى لمجرد  السخرية”، ثم د. فيروز: “حاحاول أوصّل نفسى”.

يا ترى لماذا هذا الاصرار كله مع أننا لاحظنا من خلال الألعاب السابقة أن هذه القيمة – برغم احتمال أنها بشكل ما من الطبيعة البشرية – قد تعرّت واهتزت-؟ فكيف ظهر كل هذا الإصرار والتحدى وكأن الجميع يدافعون عن حقهم فى الاحتفاظ باحتمال تحقيق ما يأملون فيه، يمكن أن نستنتج أن إنكار هذا الحق أو تصور استحالته إذا جاء من قبل الآخرين، إنما يؤكد وجوده ويحدد معالمه كطبيعة بشرية تعلن حركية السعى نحوه، حتى وإن كان الزعم به “هنا والآن” مقول بالتشكيك.

مناقشة طويلة دارت بعد هذه الحلقة بين أمل، ود. يحيى حول ما إذا كانت المثالية هى قيمة أخلاقية وبالتالى يكون ضدها هو اللاأخلاق، أم أنها قيمة نظرية معقلنة وليس ضدها إلا الواقعية، أمل تصر على أنها قيمة ترتبط بالخير أساسا بشكل ما، ود. يحيى يجادلها باعتبار أنها ضد الواقعية الساكنة، وكما أن تضمن الخير والشر على حد سواء، فالمثالية بالتالى تتضمن الخير والشر أيضا.

هذه المناقشة ربما تفسر تمسك اللاعبين بهذه القيمة ربما لأن ذلك يشير ضمنا إلى حرصهم أن يظلوا يحافظون على تصورهم عن أنفسهم أنهم يقفون من الحياة موقفا أخلاقيا إيجابيا، ليس من حق أحد أن ينكره عليهم، أو يسخر منهم بسببه.

اللعبة العاشرة

مش قوى كده .. الشطارة إني ابقى مثالى .. وكمان …

أ.شريف: يا مدام امل مش قوى كده .. الشطارة إني ابقي مثالي وكمان ناجح

مدام امل: يا دكتور يحيي مش قوى كده .. الشطارة إني ابقي مثالية وكمان احقق كل الحاجات اللي انا باسعي لها

د.يحيي: يا دكتوره فيروز مش قوى كده .. الشطارة إني ابقي مثالي وكمان رجليا مغروسه في الواقع طول الوقت

د.فيروز: يا سلوي مش قوى كده .. الشطارة إني ابقي مثاليه وانا عارفه التوقيت المظبوط

أ.سلوي: السادة المشاهدين مش قوى كده .. الشطارة إني اكون مثاليه وكمان اعرف ازاي اطبقها

المناقشة (الآن)

بدأت هذه اللعبة ببداية غامضة “مش قوى كده”، ما هو هذا الذى هو “مش قوى كده”؟ انتبهتُ أنه يتمّ إعداد هذه الألعاب بحدْس غامض هادفٍ فى نفس الوقت، وكأن هذه الجملة التى بدأت بها اللعبة صيغت لتنبه إلى عدم التمادى فى أى اتجاه أثارته الألعاب التسعة السابقة، وتدعو لمراجعةٍ ما .

إجابات شريف وأمل تعلن الاجتهاد فى اتجاه عدم تعارضْ المثالية مع النجاح أو تحقيق المسعى، أما إجابة فيروز ود. يحيى فكانت محاولة لحل التعارض الظاهر بين المثالية والواقع، فيروز أكدت على حسن التوقيت كمحك أساسى، وهذا من أوقع الواقع، ود. يحيى قالها مباشرة “رجليا مغروسة فى الأرض”، كذلك سلوى اعتبرت أن المثالية  تكون أكثر حضوراً وفائدة إذا أمكن التعامل معها كمشروع قابل للتطبيق.

بهذا انتهت الحلقة إلى نوع من إعادة النظر فى قيمة أساسية بدت أنها أصيلة فى التركيب البشرى العادى، وأن ما لحقها من تشوهات، هو نتيجة الاستقطاب والمبالغة النظرية، لكن هانحن نتبين أنها فى حقيقة الأمر دون تسميتها كذلك، جزء لا يتجزأ من واقع حركى متغير.

وبعد

بتقليبى فى أرواقى اكتشفت أن بعض ما أظهرتْهُ هذه اللعبة هكذا كان قد تجلى لى من قبل منذ حوالى 35 سنة (1973) فى ديوان “سر اللعبة” قبل أن تتاح اختباره هكذا اللعبة.

 وإليكم – بدون تعليق – بعض ما كان مقتطف من “قصائد مختلفة” كتبتها (فى نفس التوقيت)

(1)

………….

يتضاءلَ‏ ‏ذاك‏ََ ‏الحل‏ ‏الأمثلْ

 “أن‏ ‏نصنع‏ ‏من‏ ‏قهر‏ ‏الأمس‏ – ‏اليومَ‏ – ‏الإنسان‏ََ ‏الأكملْ‏”

ويذكِّرنى ‏الصوتُ‏ ‏الأعمقْ‏:

 “قد‏ ‏فات‏ ‏أوان‏ ‏الرِدَّة‏” ،

 ‏والناس‏ “الناس‏” ،

 … ‏غَرْسُ‏ ‏الأيام‏ ‏المُرّة‏..

 ‏تقضم‏ ‏أنياب‏ ‏النَّمِرَة‏،

 ‏نَبَتَ‏ ‏الشوكُ‏ ‏بغصن‏ ‏الوردة‏ْْ،

 ‏يدفع‏ ‏عنها‏ ‏عَبَثَ‏ ‏الصبية‏ْْ،

 ‏فنفضت‏ُُُُ ‏غبارَ‏ ‏الغُرْبةْْْ‏،

 ‏وبزغتُ‏ ‏أداعب‏ ‏طينَ‏ ‏الأرض‏،

 ‏أنثر‏ ‏عِطْرى ‏فى ‏أرجاء‏ ‏الكون‏،

 ‏يعلو‏ ‏ساقى،

 ‏يتعملق‏ ‏جذرى،

 ‏ينمو‏ ‏الطفلَ‏ ‏العملاُق‏ ‏الطيب‏ .‏

………..

………..

(2)

 علمنى ‏الألم‏ُُ ‏القهرُ‏ ‏الصبْر‏:

 ‏أن‏ ‏الخوف‏ ‏عدو‏ ‏الناس‏،

 ‏لكن‏ ‏علمنى ‏الحب‏ ‏الفعل‏: ‏أن‏ ‏الناس‏ ‏دواء‏ ‏الخوف‏،

 ‏ورجعت‏ ‏ببصرى،

 ‏فاذا‏ ‏بالضعف‏ِِ ‏هو‏ ‏القوةْ‏،

 ‏وسْط‏ ‏الناس‏ِِ ‏الناسْ،‏

 ‏وإذا‏ ‏بالناسِِ‏ ‏هم‏ ‏الأصلْ‏،

 ‏وإذا‏ ‏بالحبِّ‏ ‏هو‏ ‏الفعلْ‏،

 ‏وإذا‏ ‏بالفعل‏ ‏هو‏ ‏الفكر‏،

 ‏وإذا‏ ‏بالفكر‏ ‏هو‏ ‏الحس‏،

 ‏وإذا‏ ‏بالكون‏ ‏هو‏ ‏الذات‏،

 ‏واذا‏ ‏بالذات‏ ‏هى ‏الله‏.‏

………..

………..

(3)

 إنسان‏ ‏الغد‏..، ينمو‏ ‏اليوم‏، من‏ ‏طين‏ ‏الأرض‏:

 ‏إذ‏ ‏يفرز‏ ‏ألمُكَ‏ ‏طاقةْ‏،

 ‏والرعشةُ‏ ‏تصبحُ‏ ‏نبضَةْ‏،

 ‏فى ‏قلب‏ ‏الكون‏ ‏الإنسان،‏

  ‏تمضى ‏أحد‏ ‏الناس‏:

 ‏تدخل‏ُُ ‏فيهمْ،‏ ‏لا‏ ‏تتلاشى،

 ‏تبعد‏ ‏عنهم،‏ ‏لا‏ ‏تتناثر

 ‏تُعطى ‏لا‏ ‏تترفع‏،

 ‏تأخذ‏ ‏لا‏ ‏تتخوف‏  .. .. .. ‏

والواحد‏ ‏يصبح‏ ‏كلا‏ ‏يتوحدْ‏، ‏

إذ‏ ‏يتكامل‏.‏

………..

………..

(4)

 فى ‏روضتى .. ..

 ‏ألقيتُ‏ ‏بذرة‏ ‏القَلقْ‏،

 ‏نبتتْ‏ ‏بوِجدان‏ ‏البشرْ‏،

نحت الجنينُ الطين‏ ‏فانهار‏ ‏العدم‏ْ، ‏

صرخ‏ ‏الرضيع: البعثَ،‏ ‏أذَّن‏ ‏بالألم،

  ‏وتطاول‏ ‏الشجرُ‏ ‏الجديدْ‏،

 ‏يعلو‏ ‏قباب‏ ‏الكون‏ ‏إذ‏ ‏يغزو‏ ‏القمرْ‏،

 ‏والشوك‏ ‏يدمى ‏الكف‏ ‏إذ‏ْْ ‏يَحْمى ‏الثمرْ‏،

 ‏واللؤلؤ‏ ‏البراق‏ ‏فوق‏ ‏الساق‏ ‏من‏ ‏صمغ‏ ‏الضجر‏

………..

………..

(5)

يا‏ ‏سادتى: ‏هذا‏ ‏أنا‏ ‏لمّا‏ ‏أزلّ‏…،

 ‏سيفى ‏خشبْ‏،

 ‏لكن‏ ‏لؤلؤة‏ ‏الحياة‏ ‏بداخلى ‏لا‏ ‏تنكسرْ‏،

 ‏وبرغم‏ ‏واقعنا‏ ‏الغبى،

‏ينمو‏ ‏البشر‏… ‏

فى ‏ملعبى.

………..

………..

(6)

‏…. ‏وسمعت‏ ‏صوتا‏ ‏واثقا‏ ‏فى ‏عمق‏ ‏أعماقى ‏يقول‏:

 “المستحيل‏ ‏هو‏ ‏النبيل‏ ‏الممكن‏ ‏الآن‏ ‏بنـا”. ‏

لمست‏ ‏عباءتك‏ ‏الرقيقة‏ ‏جانبا‏ ‏من‏ ‏بعض‏ ‏وعيي‏،

فعلمت‏ ‏أنك‏ ‏كنته”.‏

 [هذ المقتطف (6) هو نهاية

قصيدة أحدت 2005  فى عيد

ميلاد نجيب محفوظ]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *