“نشرة” الإنسان والتطور
25-1-2008
العدد: 147
حـوار/ بريد الجمعة
مقدمة:
بريد حوار اليوم سوف أقدمه من خلال الموضوعات لا الأشخاص المشاركين كما اعتدنا، وقد سبق أن حاولنا ذلك حين اتيحت الفرصة لذلك (يومية 12-10-2007 بريد/ حوار الجمعة “عن التواصل والطفولة والبراءة”). وهو يشمل أساسا تناول المأزق الواجب مواجهته من حيث تقبلنا الحقيقى لبعضنا البعض على اختلاف أدياننا.
كما يتناول إلى درجة أقل إشكالة تحديد معالم الصحة النفسية،
ثم هوامش خاصة وعامة.
نبدأ بمسألة الأديان وتحديات قبول بعضنا البعض.
د. محمد أحمد الرخاوى: الأديان التلفيقية 18-1-2008 (دين)
…أحب ان اسمى هذه الاديان قص ولزق، أنا مثلك لم اقرأ عن البهائية ولكنى رأيت طقوسهم فهى فعلا قص ولزق، شوية إسلام على شوية مسيحية على شوية يهودية (على فكرة معبدهم فى حيفا اسرائيل) حتى ضربك لمثل بيكار لا يعفى البهائية من القص واللزق.
د. يحيى:
بصراحة يا محمد لا يمكن الدخول معك فى نقاش أمين إلا إذا رجعت إلى أصول الأصول، ولأنى أحب المرحوم بيكار، فأنا أتصور أنه عرفها أكثر منى ومنك، وأنه لم يعتنقها هربا أو كفرا أو تزجية وقت، أما احتمال أن تكون قص ولصق، فهو احتمال وارد، لكنى أحذرك من أن البعض يقول مثل ذلك عن الإسلام، وأنه قص ولصق من اليهودية والمسيحية، فأرجوك لا تسارع بالحكم هكذا…….
د. محمد عزت:
تدهشنى يا د. يحيى هذه الرؤية الواضحة والتى لا غنى عنها والمستحيلة فى الوقت ذاته. فكل واحد منا يعيش فى قلعة محصنة ضد الاخر.
د. يحيى:
… أنا أرى مثلك نفس الصعوبة، ورؤيتى ليست بهذا الوضوح الذى تتصوره، أنا أحترم أنك جمعت بين أنها رؤية لا غنى عنها، وفى نفس الوقتمستحيلة، أليس هذا هو هو ما يلزمنا بأن نثق فى عدل الله بلا حدود!!
أ. إسلام أبو بكر:
شغلنى كثيرا موضوع الاديان حتى أننى قد ثقفت نفسى بالنسبة لهذه المسألة جيدا حتى أنى قرأت عن كل الأديان الوثنية والوجودية والسماوية والمذهبية واللادين والمشتق من كل هذا وذاك كالبهائية على سبيل المثال ..لم يشغلنى هذا فقط بل كان شغلى الشاغل اخر الكتب التى فرغت من قراءتها، وهو كتاب أديان اخرى لأنيس منصور.
د. يحيى:
أنا أرى يا إسلام أن القراءة هى بعض المطلوب، وليست كل المطلوب، وأعتقد أن القراءة هكذا وبصدق، هى شديدة الأهمية والفائدة، لكننى أتصور أن البداية قد لا تكون منها، ولا هى (القراءة) النهاية أيضا. أعتقد أننا لو ولدنا فى مجتمع نابض سليم لأمكن أن نتفق أن البداية هى احترام ما ولدنا به فعلا، لا أريد أن أستعمل كلمة الفطرة هنا حتى لا تسيح منا الأمور، لكننى لا أجد كلمة بديلة خاصة بعد ما عرّفتها، لقد حاولت تعريف (أو التعرف على) الفطرة بأن أميزها بالحركة والأصل والطبيعة “يومية 13-1-2008 عن الثقة والتخويْن وحركية النمو (1)”…الخ، ثم تأتى بعد ذلك احتمالات التلاقى بين المختلفين لو أتقن كل واحد احترامه لبداياته وبدايات الأخرين، وبحثنا معا على ما يجمعنا لا تفويتا أو تَعْميَةْ، لوجدنا أنفسنا نسعى فى اتجاه محورى ضامّ، برغم اختلاف تباعد البدايات، دون عجلة، كما أنه علينا أن ننبه الأقوى والأكثر عددا ألا يعتبر هذا أو ذاك فى ذاتهما مبررا أن يكون هو الذى على حق.
أ. إسلام أبو بكر:
حتى إن كنت قد ولدت معتنقاً مذهب الزن اليابانى فقد كنت لن افكر فى أن هناك صحيح غيره وهو ما انا عليه، ولكنى وجدت نفسى قادرة على الحكم العادل، وقد تجردت هى نفسها من تعنت فكره أنى مسلم (لله الحمد)…. ولكنى أحس بسلام مطلق لأنى مسلم .
د. يحيى:
يا عم إسلام، كيف تثق بأن نفسك لها هذه القدرة على “الحكم العادل”، حلال عليك ياعم، فقط أنا أدعوك ألا تتوقف عند هذه الثقة طويلا وأذكّرك أن المتدين بمذهب الزن يحس بسلام أيضا، لأنه زِنّىّ، إن علينا يا إسلام، كما أنه عليه أن نواصل السعى لتحديد اتجاه السهم الضام معا، كلَّ من بداية موقفه بصراحة وشجاعة، وسيحاسبنا الحق تعالى بعدله المطلق على مدى اجتهادنا، وهو أعلم به ظاهرا وباطنا، أما أن يعتمد كل فريق على فرحته بالسلام الذى وصله لأنه وصله وهو مطمئن – فى سلام – إلى دينه، فالمسألة تتطلب مراجعة أمينة.
أ. إسلام أبو بكر:
كل هذا أيقنته وعلمته، ولا استطيع ان أشرحه لغيرى ابدا الا بمفردات انتقيها ان استطعت، ولن اقدم له ما توصلت اليه بل عليه هو ان يتوصل الى قضيته بنفسه والتى كانت قضيتى وستظل قضيه البشرية، ولن نهدأ الى أن نعرف كل شيء، وأعنى بكل شيء انه كل شيء بالفعل …
د. يحيى:
لا يا عم! ربنا يخليك، كل شئ ماذا؟ دعنا نرجو من الله أن يهدينا الصراط المستقيم، غاية ما أرجو هو أن نعرف الطريق السليم، أن نتعرف على المنهج الذى يوجهنا إلى وجه الحقيقة، مثل هذا البحث هو الذى ينبغى أن نواصل السعى إليه أكثر فأكثر، وفاتحة الكتاب عندنا فتحت الباب على مصراعيهْ للذين أنعم الله عليهم، ولم تحدد تخصيصا من هم المغضوب عليهم ولا الضالين كما فعلها كل (أو أغلب) المفسرين، سامحهم الله.
أ. إسلام أبو بكر:
تأثرت جدا جدا عند قراءتى للآية الكريمة التى أوردتها فى حديثك اليوم وهى “إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا”.
د. يحيى:
“.. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا”
“.. وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إلاّ مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى”
“.. فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ”
“.. قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ..”
أ. إسلام أبو بكر:
دعنى أسأل كطفل صغير يريد ان يعرف شيئا اخيراً، انا لاحظت فى علاقتى مع نفسى أنى احترم الدين الاخر.
د. يحيى:
على فكرة يا إسلام كل الأطفال دون استثناء يحترمون الدين الآخر، أى والله العظيم، وعلينا أن نتعلم منهم ونتذكر أنهم أقرب إلى ما خلقنا الله به، أحيانا أتعجب على فكر المتعصبين المتشنجين، لماذا لا يتأملون فكر الأطفال ويتعلمون منهم؟
ولكن دعنا نستمع إلى ابن مسيحى جميل يشارك فى هذه المسألة وخاصة أنه يبدو أنه قرأ عن البهائية أكثر منى ومنك ومن محمد ابن أخى.
د. طلعت مطر: حوار الجمعة 19-1-2008 (دين)
كنت فد انتهيت من قراءة كتابين عن البهائبة، أحدهما بالانجليزية وهو Thief In the Night لوليام سبيرز وهو يحاول اثبات ان بهاء الله هو المسيح فى مجيئة الثانى، والتى قالت به كل الاديان وستشهد بنبوؤات العهد القديم عن المجئ الثاني. والآخر كتاب مترجم للعربية باسم \”الدين البهائى\” لمؤلفيه دوجلاس مارتن ووليام هاتشر وترجمة عبد الحسين فكرى وفيه يستعرض المؤلفان نشأة الدين البهائى وأفكاره الأساسية ووضعه الحالى ويزعمان بأنه دين المستقبل وهم يدعمون كل نشاطات الامم المتحدة ويعتبرونها المؤسسة التى سوف تحقق أغراضهم .
د. يحيى:
بصراحة يا طلعت أنا أحسدك على سعة اطلاعك هكذا، وكنت أحسب أننى أستطيع أن أجاريك. ثم دعنى أقول لك: لا تؤاخذنى وأنا أعترف أن الفأر قد لعب فى عِبّى حين وصلت إلى قولك أن الأمم المتحدة هى التى ستحقق للبهائيين أغراضهم، خاصة وقد ربطت بين ذلك وبين ما أبلغنى محمد ابن أخى حالا من أن معبدهم فى حيفا، ولكن عندك يا ابن اخى، أليس من البديهى أن يكون لهم معبد فى أى مكان يسمح لهم بأن يعتنقوا دينهم وأن يمارسوا طقوسهم،
أنا لا أعرف يا طلعت إن كنت قد اطلعت على الفرض الأساسى الذى وضعته للأسس البيولوجية للإيمان أم لا، أذكر أننى قلت فيه أن هذا النزوع للتواصل مع الكون هو مزروع فى البيولوجى منذ بدء الخليقة، وربما منذ بدء الحياة، بل ربما فى الجماد أيضا، ما علينا، سوف أحاول أن أجعل هذا الفرض متاحاً فى الموقع لأنه حتى الآن هو شرائح على برنامج النقطة القوية Power Point دعنا من ذلك الآن، وننظر فى توقفك عند مسألة احتواء الكون، وأنت تعيدنا من جديد إلى رواية العطر.
د. طلعت مطر:
… (توقفت عند مسألة) إدعاء النبوة كنتيجة للوحدة والرغبة فى احتواء الكون والأشياء والملأ الأعلى، وسؤالى هو: لماذا ذكرتم فكرة إدعاء النبوة عندالحديث عن جان باتيستا غرينوى؟
د. يحيى:
أنا لا أذكر أننى ذكرت أن جان باتيستا غرينوى (العطر) كان يدعى النبوة، لأننى سوف أتناول نقد العطر من باب أن غرينوى كان يخلق نفسه بنفسه إلهً ليس كمثله أحد، وهذا غير المتنبى الذى يستمد وجوده من قوة محددة أعلى، غرينوى حاول أن يستمد وجوده من نفسه ونبوغه وقتله العذارى ثم سحب أرواحهم الطازجة ليصنع – كما تصوّر – منها عطره المقدس الفريد، ليتخلق به إله ساحراً معبوداً، أما ضلالات “المهدى المنتظر”، وما يوازيها من ضلالات ادعاء النبوة، أو حمل رسالة إصلاح العالم، أو تقمص الإنسان الأعلى، فهى كلها تترجح ما بين الجنون والعبقرية والتصوف، وما أبعد الفروق بينها برغم تصورى نشأتها من أصل واحد.
وقد تتاح لى الفرصة للرجوع إلى ذلك، خاصة بالنسبة لخبرات التصوف، وأنت سيد من يعرف كيف تجرأ النفرى فكتب مخاطباته ومواقفه على لسان الحق سبحانه وتعالى وهو يكرر “وقال لى….” “وقالى لى…..”، الأمر الذى فسره أحمد بهجت بأنه الله “أيقظ قابليتى لتلقى التجلى”.
د. طلعت مطر:
لا أريد الإطالة حتى لاأستاثر بالحوار لكنى أود الاشاره الى كتابكم والصديق إيهاب الخراط عن النفرى، فقد قرأت الكتاب عند صدوره، وكنت أتمنى التعليق ولكن لم تتح لى الفرصة حينذاك والكتاب ليس لدى الان، ولا أستطيع التعليق عليه بالطبع بعد هذه المدة الزمنية إلا ان أعيد قراءته مرات ومرات. ولكنى أذكر أننى كنت متحفظا بعض الشى إذ ان المنهجين مختلفين تماما، أو ينبغى أن يكونا كذلك. فالنفرى يمثل الحب الصاعد وهو غير منهج الحب النازل. النفرى والرخاوى سعيا سعيا جهيدا للوقوف فى “حضرته”، اما الموقف المقابل فهو موقف نازل “جاء إليك بنفسه”.
د. يحيى:
….. طبعا لاحظت يا طلعت كيف عملت بتوصيتك وحورت كلماتك حتى تصبح أكثر عمومية حتى أستطيع أن أرد عليها، ولقد أفادتنى ملاحظتك أن أتعرف على الفرق بين السعى كدحا، وبين التلقى تسليما، ومع أن الفرق بدا لى من كلامك واضحاً، إلا أننى تصورت أن الموقفين يكمل بعضهما بعضا، وهذا يقربنا من استيعاب حركية النمو التى يمكن أن تجمع التطور والايمان والإبداع معا، وهذا فى اتجاه ما أشرت إليها سابقا “يومية 13-1-2008 عنالثقة والتخويْن وحركية النمو (1)”. وأنا أعدد حركات النمو، وأنبه كيف أنها حركات متكاملة وليست بديلة أو متصاعدة”.
يا طلعت أظن أننا متفقون فعلا على الاجتهاد معا بأمانة، ما أمكن ذلك، وأعتقد أن علاقتنا هنا هكذا، مثل محاولتى مع الابن إيهاب الخراط ونحن نقرأ بالتتالى بعض مواقف النفرى، أظن أن هذا وذاك قد نضرب به مثلاً كيف يكون الاحترام المتبادل، بل والتكامل المحتمل، وها هو أسامة عرفة معنا على ما يبدو.
د. أسامة عرفة:
هل يوجد دين سماوى واحد يبيح انتهاك حق الآخر؟!!!
د. يحيى:
طبعا لا!! ولا غير سماوى يا أسامة أظن، وهاك الابن رامى يشارك
أ. رامى عادل:
المسلم الحق ينبغى عليه ان يقرأ انجيل الله.
د. يحيى:
تعبير إنجيل الله أثلجنى، مع أننى أعترف بتقصيرى فى قراءته منهجيا، لكن يا رامى كما ذكرتُ أنا حالا للابن إسلام فى بداية هذا الحوار أن المسألة ليست مسألة قراءة، دعنى أكرر لك الآن أن المسألة هى أيضا ليست مجرد إحاطة بالأصل مكتوبا، القراءة تفيد فعلا، لكنها ليست أنجح وسيلة، كل ما أتمناه هو أن نحاول إرساء علاقة مباشرة مع النصوص نستلهمها لا نفسرها حتى لا نصبح أوصياء عليها ونقرأ التفسير الصامت الجامد الذى يكاد يخفيها ولا ينير بها، أعتقد يا رامى أنه قد آن الأوان لننتقل إلى موضوع آخر ونبدأ بأسامة كالعادة.
د. أسامة عرفة: الصحة النفسية والتطور الفردى وعصر المعلومات 23-1-2008(صحة)
هذه المقالة من العيار الثقيل
(أمَّا) عن الزمن والحركة (فهاك تساؤلاتى:)
هل هناك زمن بدون حركة؟
هل هناك حركة بدون زمن؟
أم أن الزمن هو هوالحركة؟
أم أن الحركة هى التى تولد الزمن فلا زمن مع السكون؟
د. يحيى:
الله ينور عليك يا أسامة، ولكن، أرجوك أن تسمح لى أن أؤجل فتح ملف الزمن الآن، وفى الأغلب سوف نعود إليه معاً، ولعلك تذكر كتاب حدْس اللحظة لبشلار وقد ناقشناه فى إحدى ندوات المقطم وقد كان هو المنطلق إلى تناول إشكالة الزمن بصفة عامة وفى المرض النفسى بصفة خاصة، خلينا الآن يا أسامة فى الصحة النفسية وأنت تعلم أن تحديدها أصعب من تحديد المرض النفسى، ومع ذلك صديقنا رامى عادل فرح باليومية وصفق بما يخالف صعوبتى وصعوبتك.
أ. رامى عادل: الصحة والمعلومات 21-1-2008 (صحة)
الله ينور.
اخيرا بنتعرف على الصحة.
الحمد لله
د. يحيى:
يا رجل حرام عليك!! تصور يا رامى أن معظم العاملين معى (المعالجين أطباء وغير أطباء) قالوا تقريبا عكس ذلك، قالوا إنهم لم يفهموا هذه اليومية بالذات بالقدر الكافى،
بعد إذنك يا رامى نحن نقترب من نهاية الحوار وبقيت عندى بعض الهوامش فدعنا نشير إليها بإيجاز، لأن أغلبها يحمل جرعة شخصية، فعذرا ودعنى أعتذر لخصوصيتها نسبيا.
د. أميمة رفعت: حوار الجمعة 22-1-2008 (خاص)
أشكر لكم اهتمامكم بالتعليق على قراءتى وأعتذر لما سببته من خلط لضيوف النشرة. أتمنى ألا تتوقف قراءتكم لتلك الأحلام.
د. يحيى:
شكرا يا أميمة، أنت صاحبة فضل، وشكرا لسماحك بتأجيل قراءاتك النقدية المطولة وأرجو ألا تحرمينا من نقد النقد، وأيضا من تعليقك على سائر اليوميات يا شيخة
د. أسامة عرفة: حوار الجمعة 22-1-2008(خاص)
ما أسعدنى أن استقلال د. محمد يحيى عنك كان استقلالا حقيقيا…
د. يحيى:
وهل يوجد استقلال حقيقى يا أسامة؟ ربنا يستر،
وهل أنا شخصيا استقليت عن أبى استقلالا حقيقيا وقد رحل منذ أربعين عاما بالتمام؟ وعندى الآن خمس وسبعون عاما،
يا عم، خلها فى سرك.
أ. رامى عادل: البريد 18-1-2008 (خاص)
هو محمد يحيى بالفعل ربَّا نفسه بنفسه؟
وصلنى استقباله لشجاعتك وانت ترميه فى النار قبل الآوان. الله ينور عليه.
د. يحيى:
…. وأنت أيضا يا رامى خدعك الشعر؟
…… وهل هناك يا رامى من يربى نفسه بنفسه مثلما تقعل أنت طول الوقت بشجاعة نادرة، وربنا يستر على كل من يحاول.
لكن دعنى أحذرك كما أحذر نفسى، ومحمد، من مصير غرينوى (العطر) الذى حاول أن يخلق نفسه بنفسه.
أ. رامى عادل: حلم 26: 21-1-2008 (طب نفسى)
ورغم ذلك أنا فاشل ومتعايش مع فشلى وإفلاسى وغربتى، وأحب كل ذلك.
د. يحيى:
يا ليتهم يصدقونك يا رامى، يقولون أنك تصفق لى كثيرا، ولذلك أعطيك فرصة أكبر، وهم لا يعلمون أننى أحذف أكثر من 90 % مما ترسل “خصوصا التصفيق”، المهم دعهم يتأملون معى قراءتى لكلماتك عن الفشل والغربة والإفلاس.
أن نتعايش مع فشلنا هو النجاح نفسه،
أن نتعايش مع غربتنا هو أقرب ما يكون إلى التعبير الرائع “أن تكون وحيداً مع”
أما أن نتعايش مع الإفلاس فهذا ما أدعو الله ألا نضطر إليه
أما أنك تحب كل ذلك فحلال عليك يا رجل، أنت الكسبان يا رجل.
أ. رامى عادل:
إن جمودى فى بعض الأحيان هو حركه فى حد ذاتها. وهكذا أتاكد من قولك ان الفطره هى الحركة….
د. يحيى:
أعترف لك يا رامى أن ما أعيشه هذه الأيام من نقلة فى تفكيرى لأنتمى أكثر فأكثر إلى ما هو حركة يدهشنى ويزعجنى، لم يبق إلا أن اكتب هذه الردود حالة كونى سابحا أو مهرولا أو مسافرا، والله أكلمك جدا يا رامى.
الحركة يا رامى يمكن أن تعيشها وأنت تتحرك جسديا أو مكانيا
لكن يبدو أنها يمكن أن تصلك وأنت جالس مثلما أنا الآن أتلقى من الخليج والولايات المتحدة واستراليا معا فأتحرك جالسا،
دعنى أستاذنك الآن يا رامى نعود إلى د. طلعت أيضا، مع أنها أيضا مسألة شخصية، لكنها مشجعة ومطمئنة، ودافعة للاستمرار.
أ. طلعت مطر:
بالنسبة لإشارتكم بأن لك أولاد من راس الخيمة حتى نيويورك . أود ان أفيدك بأننى اعمل كرئيس قسم للامراض النفسية فى مستشفى عبيد الله برأس الخيمة وإننى أقوم مع زملائى من الأطباء والاخصائيين النفسيين بعمل اجتماع يومى كل صباح لاستعراض الحالات الموجودة بالقسم وأجدنى مضطرا كل يوم الى الاشارة الى نظريتكم فى الطب النفسى وأقول مضطرا لأنه – إحقاقا للحق – لاأجد فى بعض الحالات ما يسعفنى إلا ما تعلمناه من سيادتكم حتى ولو حاوت البحث عن تفسيرات اخرى لمسار المرض أو فهم عرض او سلوك ما . فلا تظن ياسيدى ان ما علمته لنا قد ذهب هباءا لانه ليس زبدا أبدا.
د. يحيى:
اضطررت إلى نشر تعقيبك هذا كاملا يا طلعت، مع أنك لاحظت أننى أتجنب مثله عادة، إلا أننى استثناءً قدّرت أن ذلك قد يطمئن بعض الزملاء إلا أننا هنا معا نحاول محاولة عملية،ولا نتوقف عند وضع الفروض تنظيرا، معظم فروضنا لها تطبيقاتها العملية الإكلينيكية هنا وهناك، وحين كنت أتساءل فى يومية سابقة هل عندنا بديل؟ (يومية 15-1-2008) كنت آمل فى مثل ذلك.