نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 11-5-2023
السنة السادسة عشر
العدد: 5731
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ)[1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (125)
الفصل الثالث
“إبن حظ”: طفل تائه (يا أولاد الحلال)
فى ثوب كهل يعبد ربه
الأصداء عودة إلى النص:
125 – داء
قال الشيخ عبد ربه التائه
بالأمس وأنا راجع من السهرة قبيل الفجر اعترضنى فى ظلمة الحارة شخص لم أتبين معالمه وقال لي:
- أنا قادم إليك من وراء النجوم
فهزتنى العزة قلت بفرح
- من أجلى أنا هبطت؟
فقال بنبرة لم تخل من امتعاض.
- لم تسلم بعد من الخيلاء!
واختفى صاعدا بسرعة البرق
فمن يعيده إلى ومعه الغفران؟!
فسألته:
- وماذا كنت تنوى أن تطلب منه ؟
فأجاب متجاهلا سؤالي:
“الحياة فيض من الذكريات تصب فى بحر النسيان أما الموت فهو الحقيقة الراسخة”.
أصداء الأصداء
بظهور الشيخ عبد ربه التائه أمكن أن تتعدد الأصوات (الذوات) أكثر، فيتم حوار له أطراف متعددة. إن ما لفت نظرى فى هذه الفقرة هو أن طلب الشيخ عبد ربه من الشخص (ذلك الطلب الذى حرم من إعلانه أثناء تجليات اللقاء) كان هو الموت لا الحياة، فبدا لى أنه من الجائز أنه يعلن بذلك الاكتفاء الراضى، وأنه قد اكتشف أن أى مزيد ليس إلا إضافة صفحة يقابلها تمزيق صفحة قديمة، فيظل كتاب الحياة هو هو (ذكريات تصب فى بحر النسيان)، فما فائدة الاستزادة منها، ومع ذلك فليس ثم يأس، بل ما وصلنى هو ما أسميته “الاكتفاء الراضي”، أى أنه “يود لو كفي” فتتحقق الحقيقة الراسخة (الموت).
ورغم أن هذا يبدو فى ظاهره قمة التصالح إلا أن دلالته ليست فى نفس اتجاه البهجة والنشوة وشراب النجوى ورقص المواسم الذى غلب على الفقرات السابقة، ومع ذلك فليس هو اليأس أو السخط أو الانسحاب كما ذكرنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net