نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 14-7-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 5065
الأربعاء الحر:
مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)
الكتاب الأول الحالات: من (1) إلى (20)
تذكرة:
ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (20) من الكتاب الأول من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!
جزى الله الجميع عنا خيرا
****
الحالة: (20)
ظهور أعراض واختفاء أعراض،
مع حركية “النقلة”، فى العلاج (2)
د.محمد أحمد: هى بنت عندها 20 سنة بتدرس فى معهد من المعاهد الخاصة، الأم ربة منزل وأبوها مهندس، ومستورين قوى، هى جاتلى من 3 شهور كانت المشكله الرئيسية اللى هى بتشتكى منها واللى والدتها وصلتها لى كانت فيه مشاكل بينها وبين أمها، مافيش أى تفاهم ما بينهم وعصبية زيادة والبنت طول الوقت بتشتكى إنها مخنوفة وعياط بدون سبب ومش عارف إيه، لما قعدت أنا مع أمها أول مرة لقيت إن أمها اعتمادية خالص سلبية، وغير ناضجة فعلا، طول عمرها كان لازم يبقى فيه حد شايلها طول الوقت، والحد ده يبقى هو المسئول عن كل حاجه سواء لما كانت فى بيت أبوها أو حتى لما اتجوزت، البنت دى من صغرها خالص وهى اللى شايلة المسئولية فى البيت وكانت فى الأول مبسوطه إنها بتشيل مسئوليه حاجة أكبر منها، بس لما كبرت شوية اكتشفت إن الحاجات دى كلها أمها بتفرضها عليها وإن ده واجب عليكى إنك تعمليه، إنك تريحينى وتعملى وتعملى وتعملى، كان فيه مشاكل بينها وبين أمها، ومع ذلك مستمرة فى الدور، وده تقريبا أصبح زى نمط علاقتهم وحياتهم لحد ما بقى طبع كده فى علاقة البنت دى بكل الناس اللى حواليها، إنها طول الوقت هى اللى متعوده تدى وما عندهاش إستعداد إنها تتقبل من أى حد حاجة، يعنى دايما تعمل هى سند للناس اللى حواليها لكن ما بتعرفش إن حد يعملها حاجة أو دعم، ما تعرفش حتى تستقبل ده لو حد حاول.
المهم فى البداية اشتغلنا شوية فى علاقتها بوالدتها وإن ما يبقاش فيه الصراع اللى شغال عمال على بطال كده يعنى هى تفوت شوية لأمها وأمها تستحمل شوية، لغاية لما الدنيا تعدى، بصراحة هى اتحسنت خالص فى الحته دى لقيت والدتها حتى بتكلمنى بتقولى إن العلاقة بينهم بقت احسن، ماعدش فيه المشاكل بالحجم الأولانى، بس الشغل مع البنت بقى أظهر لى حاجتين جُدَادْ، أنا ماعرفتش أتصرف فيهم، يعنى لما شيلنا الغطا والخناقات اللى هى مستمرة مع الام دى لقيت ظهر فى البنت حاجه زى وسواس قهرى على مستوى التفكير ولدرجة أقل فى السلوك.
د.يحيى: بقالك أد إيه معاها؟
د.محمد أحمد: 3 شهور.
د.يحيى: منتظمة؟
د.محمد أحمد: آه، مرة كل اسبوع آه.
د.يحيى: الحاجات اللى ظهرت دى ماكانتش موجودة قبل كده؟
د.محمد أحمد: خالص.
د.يحيى: إيه مظاهر الوسواس ده؟!
د.محمد أحمد: إنها مش نضيفة، إن هى بيجلها فكرة كده إنها ممكن تنزل الشارع وهدومها تقع وتبقى عريانة والناس تبص عليها.
د.يحيى: بتشوفها فين، الجلسات يعنى؟!
د.محمد أحمد: هنا فى المستشفى، والوسواس ده بدأ فى شكل أحلام، ساعات تحلم نفس الحلم ده إنها فى الشارع وهدومها واقعة والناس بتشوفها وتصحى مخضوضه من النوم.
د.يحيى: أنا حولتها لك؟
د.محمد أحمد: لأ، هى جت لى عن طريق عيان كان بيجيلى هنا فى المستشفى.
د. يحيى: هل كانت قبل ما تعيا خالص فيه حاجة من اللى ظهر جديد ده؟
د. محمد أحمد: هى كانت بتدقق فى كل حاجة وتحب الإتقان طول عمرها، لكن هو ماوصلتش أبدا لمرحلة الوساوس على مستوى النضافة قبل كده.
د.يحيى: وبعدين؟
د.محمد أحمد: طبعا لما الحاجات دى ظهرت، أنا فحّرت هنا وهنا لقيت فيه كبت فظيع لاحتياجاتها الجنسية بشكل صعب، يعنى حتى ماعندهاش القدره إنها تعبر إن فيه حاجة إسمها جنس عندها من أصله، لا رغبة ولا خيال، ولا حاجة.
د.يحيى: إنت قلت عندها كام سنة؟
د.محمد أحمد: 20 سنة.
د.يحيى: المعهد اللى هى فيه كام سنة؟
د.محمد أحمد: 4 سنين.
د.يحيى: فيه تاريخ مرض نفسى فى العيلة؟
د.محمد أحمد: أمها كانت كلمتنى إن أخوها تعبان شوية، ومش عارف إيه وبتاع وعايزه حضرتك تشوفه، أخوها ده أصغر منها بسنتين عنده 18 سنة، لما جابوهولى لقيت الواد بيسمع أصوات بقاله 3 سنين وإن هم يعنى زى ما يكونوا ناكرين الحكاية، أو فاكرين الواد بيدلع وبيستهبل عليهم ومش عاوز يذاكر وخلاص فسايبينه خالص، ورافضين القصة دى تكون قصة مرض.
د.يحيى: 3 سنين يعنى من سن 15 سنة عنده هلوسة؟ هى هلوسة ولا صور أصوات خيالية؟
د.محمد أحمد: لأ، هلوسة، أصوات حقيقية بيسمعها.
د. يحيى: إنت عارف الفرق بين الهلوسة وبين الأصوات الخيالية؟
د.محمد أحمد: لأ، أنا أعرف إن فيه صور خيالية بصرية، لكن أصوات خيالية صعب شوية، وما اعرفهاش.
د. يحيى: عندك حق، هى أصعب، الهلوسة السمعية زى صوتى كده بالضبط، أما الأصوات الخيالية فهى تبقى ساعات همس من بعيد، ساعات تفكير بصوت عالى مسموع، ساعات حكاوى محبوكة شويتين زيادة، مش مجسمة كده ومحسوسة، الأصوات الخيالية نابعة من خيال مصنوع، مش زى الهلوسة اللى هى إدراك فعلا، إدراك حسِّى مش خيال منسوج، إدراك زى ما انت سامع صوتى كده بالضبط.
د.محمد أحمد: ده بالنسبة لأخوها إنما السؤال هوا بالنسبة لها هى.
د. يحيى: أنا فاهم، لكن برضه عايز أسأل: فيه حد تانى فى العيلة مريض؟ مريض قوى؟ يعنى مرض عقلى؟
د.محمد أحمد: بنت خالتها عندها نهم مرضى، إفراط فى الأكل، بس على حد ما قالوا مفيش مرض شديد يعنى.
د. يحيى: طيب نرجع لسؤالك تحديدا؟
د.محمد أحمد: أنا دلوقتى مش عارف أفهم الحاجات اللى ظهرت دى، سواء الوساوس أو اكتشاف الكبت الفظيع ده، أنا مش عارف اتصرف فيهم إزاى فى وسط الجو اللى البنت عايشه فيه ده، أعمل ايه؟!
د.يحيى: هى بتيجى هنا المستشفى إزاى؟ المواصلة يعنى؟
د.محمد أحمد: بعربيتها.
د. يحيى: هى شخصيا معاها عربية؟!
د.محمد أحمد: آه.
د. يحيى: بتاعتها؟!
د.محمد أحمد: لأ مش بتاعتها لوحدها، هى بتاعتها وبتاعة أخوها يعنى.
د.يحيى: أخوها أبو 18 سنه ده؟! اللى بيهلوس؟
د.محمد أحمد: أيوه.
د. يحيى: وبتديك ملاليم مش كده؟
د.محمد أحمد: الحمد لله.
د. يحيى: طيب، كتر خيرك، إنت دلوقتى بتعرض حاجة شديدة الأهمية فى العلم والممارسة، اللى هى إن أعراض تظهر أثناء العلاج ما تكونشى موجودة قبل كده، ده ماهوش دايما سيىء أو سلبى، مادام العلاقة منتظمة، وإنت فى إيدك الدوا طالع نازل، ما يصحش نخاف قوى من الحكاية دى، دى ساعات بيبقى لها معنى إيجابى، يعنى بيبقى معناها ساعات إن العلاج حرّك الساكن، ما هو مش كل سكون سلامة، احنا متفقين على كده، والتحريك ده معناه إن العلاج بيقلـّب اللى موجود، فيظهر على السطح بأشكال أخرى، ويبقى فى متناول التعامل معاه، إحنا قلنا كده كتير فى حالات العلاج الجمعى مثلا، لما يظهر اكتئاب جد جد، معناه غالبا إن فيه مواجهة حقيقية بدأت مع عالم الداخل الحقيقى، أو مع رؤية مؤلمة للواقع، المسألة هنا عايزة ضبط الجرعة، مش نعتبرها مضاعفات ونلحق نغطيها بالدوا، أو بالهرب، مش إحنا اتكلمنا فى الحكاية دى كتير قبل كده؟
د.محمد أحمد: أيوه أنا سمعتها من حضرتك فعلا.
د. يحيى: لما تظهر الحاجات دى ساعات بتكون علامة على بداية تغيّر نوعى، حتى الشعور باحتمال الانتحار ساعات بيقى إعلان إن نمط الشخصية، نمط الوجود الموجود أصبح على وشك التغير النوعى، والانتحار هنا بنترجمه إلى التخلص من هذا النمط، مش من الحياة، يعنى لما واحد يلاقى نفسه إن العلاج عمال يخليه يتغير، وإنه حايتغير كله، فيقرر إنه موافق عالبركة، زى ما يكون بيقرر إنه ينهى هذا النوع من الوجود، لصالح حاجة واعدة أحسن، الشطارة إنه ينهيه علاجيا مش فعليا، المأزق ده بيحصل فى العلاج الجمعى أكتر من العلاج الفردى، فى حالتك هنا ده ما ظهرش فى شكل انتحار، اللى ظهر أعراض شديدة الوضوح زى اللى انت قلتها دى، لكن كونها تظهر بعد 3 شهور يعنى بعد 12 مرة أو 11 مرة، أنا أعتبر إن دى مدة قصيرة مش مريحة، أو ربما إنها شطارة منك إن البنت إنت اكتسبت ثقتها بسرعة، بس ضبط السرعة ضرورى، مش كل سرعة جدعنة.
ثم خلّى بالك الوسواس اللى ظهر أثناء العلاج، بدأ فى صورة أحلام، ونفس الحلم اللى بيتكرر ما هواش وسواس، دا إعلان عن الحركة اللى انت وهى نجحتم فى بعثها، وزى ما تكون الصورة فى الحلم مباشرة بتقول إن العلاج هز آليات دفاعها (ميكانزماتها)، وإنها بالشكل ده الناس بتشوفها وهدومها واقعة، تقوم تصحى تلحق تغطى نفسها بالوسواس.
العلاج النفسى لما بيقلّب بيقلب التركيبية اللى كانت ماشية بيها قبل كده، التركيبة اللى أظهرت الأعراض الأولانية وظيفة الأعراض عموما إما أنها تعبر عن اللى موجود، يا إما أنها تغطى اللى تحت، يا إما الاتنين مع بعض، وفى الحالة دى الظاهر إنك اتنقلت من منطقة الإعلان بالأعراض إلى منطقة التهديد بالتعرية والحاجة إلى سرعة التخبية بأعراض تانية، كده العلاج اللى انت بتمارسه باين عليه عملية نشطة، المسألة ماهياش تحسيس وتلصيم، ماهياش إن فيه قلق وبنتخلص منه، العلاج هنا بيقول إن فيه علاقة ولما يبقى فيه علاقة يبقى فيه فرصة لتحريك محسوب تستعيد بيه المريضة فرص العودة إلى مسار النمو، وساعتها يظهر اللى يظهر واحدة واحدة، هنا فى حالتك دى فيه حاجات اتقلبت، الحكاية عايزة وقفة فعلا زى ما انت بتعمل دلوقتى.
ليه أنا سألتك عن تاريخ العيلة وعن إن فيه أمراض عقلية ولا لأ، عشان إنت لما بتقلّب، لازم تعرف طبيعة استعداد المحتوى اللى بتقلبه. وبرضه خطورته، تقوم ما تتحمسش قوى، تخلى إيدك حنينة، لو اللى جوه ممكن يضرب يقلب، يعنى لو فيه فى العيلة مرض عقلى نشط، نستنتج إن فيه فى المريضة استعداد للتفسـّخ، أو للتفجـّر، تبقى البنت مستهدفة، يبقى إنت عملت حاجة كويسة بالتحريك من حيث المبدأ بس لازم تضبط الجرعة بقى، إحنا عموما بنسعى للكشف عن اللى موجود واحدة واحدة علشان ما تبقاش الحكايات مستخبية تقوم تشوه الوجود كله تحت عنوان سلامة ظاهرية، والميزة هنا عندك إن التحريك نشَّط مستخبى خطر، ساعتها إنت بتخش بشوية دواء علشان تقلل من نشاط اللى ظهر لك ده لحد ما تستوعبه البنت معاك، وتتمثله، يعنى تهضمه ويبقى جزء منها.
حكاية الهلوسة أو الصور اللى عند أخوها مهمة جدا حتى لو ما راحش لدكتور نفسانى، حتى لو ما اتجننش، حتى لو هى خيالات مجسدة مش هلوسة حقيقية، نادر لمّا هلوسة تقعد 3 سنين هىّ هىّ، ساعات تبتدى هلوسة بصحيح، لكن لما تطول المدة 3 سنين من غير علاج ومن غير مضاعفات ممكن تقلب صـُوَرْ، الهلوسة تقريبا زى ما تكون بتشوف مسرح بنى آدميين لحم ودم، إنما الصور الخيالية زى السينما القديمة خصوصا اللى مش مجسدة، يعنى لو كان اللى عند أخوها هلوسة حقيقية يبقى التهديد أكتر، وتبقى ظهور الوساوس عند البنت دليل على إنها بتحاول تغطى التحريك اللى أظهر الهلوسة عند أخوها، بتغطيه بالوساوس دى، يعنى إنت بتعمل تحريك، تقوم الأمور تتنطط منك ومنها، تروح هى مغطياها بأعراض جديدة، تظهر الوساوس، تعرف إن اللى جوه إبتدا يقرب من السطح وهو ده اللى ظهر فى الحلم قبل التغيّر ده، فهى راحت مظبّطاه بالوساوس دى.
إنت قلت إن هى لما بتقربوا للكلام عن الجنس، هُسْ هُسْ، حتى ما بتبقاش عارفه حاجة إسمها رغبة ولا خيال، وما تنساش إن البنت دى كانت شايلة أمها غصبن عنها من أيام ما كانت طفلة، وأمها هى اللى عيّله، يعنى البنت اتولدت واستلمت دورها عجوزة من بدرى، دا حتى العواجيز ياشيخ بيسمحوا للجنس يتحرك إن شالله مع عجز التنفيذ، البنت يا عينى أبداً، زى ما قلنا هُسْ هُسْ، من أصله، يبقى يمكن اللى قرب على السطح مش بس تهديد بالتفكك أحسن يطلع هلوسة زى أخوها، لأ ممكن برضه يكون الجنس المكبوت ده اتحرك بعد الطمأنينة لك، للعلاج فى الحالة دى يبقى جيد جدا لو كملت واحدة واحدة.
هو العلاج النفسى عبارة عن إيه، إن إحنا بنعمل تحريك لوقفة، وبنعمل تقريب للى جوه من اللى بره، وبالعكس، مش عشان نفبرك أى تصالح والسلام، لأه، عشان يتحركوا مع بعض فى اتجاه صحيح، أظن إن ده شئ جيد.
فاضل بقى حسابات التدخل: هل ندى دوا ضد الوساوس أو مهدئات عظيمة (نيورولبتات) علشان نهدى اللى جوه شوية؟ هل نسيبها من غير دوا مادام العلاقة بتنمو والبنت منتظمة فى الحضور وأهلها أصبحوا معقولين ومتعاونين؟ ده كله يتحسب خطوة بخطوة.
لازم تحدد موقفك إنت أول بأول من الحكايات دى وأهم حاجة هى مسألة ضبط الجرعة، ما احنا قلنا ميت مرّة إن العلاج النفسى وقت وتوقيت وجرعة، مش كده ولا إيه؟ كل ده تحدده مع نفسك ومعاها ومعانا إذا حبيت، وماتنساش علامات ومحكات ومقاييس الحياة الواقعية طول الوقت، يعنى تخلى بالك من دراستها ونومها وعلاقاتها مع اللى حواليها غير أمها، وانت قلت لنا حاجات كويسة عن تطور علاقتها بأمها نتيجة لتغيرها، وتاخد بالك إذا كان ظهور الوساوس دى بيعطلها، بندى هنا ممكن نيورولبتات (3) بجرعة متوسطة يمكن أهم من مضادات الوساوس، يعنى مثلا ستيلازين أو حاجة مكافئة، وإحنا نخلينا فاكرين حكاية أخوها واللى عنده، ونعمل كده وإحنا بنكمل فى المناطق اللى انت شفت فيها كبت فظيع دى.
الله أعلم الحكاية هاتمشى إزاى، إنت وشطارتك، المسألة عايزة وقت، وانت بقالك يادوب تلاث شهور، ومسألة الإفراج عن المشاعر الجنسية لأول مرة فى السن دى مش سهلة فى مجتمعنا خصوصا، يعنى ما نفرحشى قوى إنها سمحت للطبيعه البشريه اللى جواها إنها تطلع إلا فى حدود سقف المجتمع اللى هى عايشة فيه، ويمكن زيادة سنّه صغيرة وبرضه خلّى بالك من تشابه الحلم مع الوسواس، وإن الإتنين بيشاورو على التعرّى، وعلى الجنس فى نفس الوقت، وده عايز شرح تانى طويل لو تطور العلاج وسمح بيه وانت سألت فى الإشراف مرة ثانية.
أنا مش فاهم لحد دلوقتى همّا سايبين أخوها كده إزاى، ومعتبرين إن الأصوات دى حاجة ماتشغلشى، بس كويس إن أمها طلبت تستشيرنى، لأ، وهى جابتهولك فعلا، ما هو ده برضه دليل على شطارتك وعلى ثقتهم فيك.
فيه صنعة ثانية أنا ما اعرفش فيها قوى، ومش بأمارسها بمنهج محدد، يعنى بافهم فيها من بره بره، خفيف خفيف، هى حكاية العلاج الأسرى، أنا بنتى وزميلتها فى قصر العينى بيشتغلوا فى الحكاية دى، وأنا باحوّل لها حالات، وبصراحة النتائج مش بطالة، وهى بتحكيلى، والعيانيين اللى باتابعهم وبيروحوا لها بيحكوا لى، الصنعة دى إن العيلة كلها أو أغلب أفرادها، اللى عيان، واللى مش عيان، يحضروا جلسة علاجية بانتظام، والتركيز يبقى على ديناميات العلاقات فى الأسرة وده يكون مهم أكثر لما يكون أكثر من فرد من أفراد الأسرة مريض أو عنده أعراض، يعنى العيلة دى مثلا: عندك البنت وأخوها رغم إنه مش تحت العلاج، والأم العيّلة المعتمدة زى ما انت وصفتها، يعنى الحكاية تستاهل، تقدر تسأل د. منى وتستشيرها ونبدأ واحدة واحدة لو العيلة عندها استعداد.
د.محمد أحمد: ربنا يسهل
د. يحيى: بصراحة دى حالة جامدة، وانت ماشى تمام، ربنا يوفقك.
****
التعقيب والحوار:
د. عماد شكرى:
أرجو عرض مقارنة توضيحية بين “ظهور أعراض” أثناء العلاج واستخدامها فى العلاج، “والعلاج بالأعراض” الذى طالما حدّثتنا عنه من قبل.
د. يحيى:
لا لا لا لا !
هذا شئ، وذاك شئ آخر.
العلاج بالأعراض هو أن تصف للمريض الذى يخاف “أن يخافَ، أو على الأقل أن يسمح لنفسه بالخوف. وهذا نوع من العلاج السلوكى المعرفى، وهو جيد جدا فى خبرتى.
أما ظهور أعراض جديدة أثناء العلاج، فهو شىء آخر، هو علامة تحريكٍ حسنٍ غالبا، وأحيأنا يكون مآله سلبيا، لو لم نتحمل نتيجته بوعى كامل ، وخبرة حاذقة، حتى يمكن توجيه مساره وضبط جرعته واستيعابه.
أ. رباب حمودة:
– لم أفهم معنى العلاج بالأعراض.
د. يحيى:
أرجو مراجعة ردى على د. عماد حالا، ففيه تأكيد أننى فى هذه اليومية لم أتطرق أصلاً للعلاج بوصفة الأعراض، وكأن المريض يتعاطى جرعات “الخوف” مثلا بأمر الطبيب وعلى مسئوليته، فبدلا من أن يقاوم الخوف وسواسيا أو رهابيا يتعاطاه وكأنه دواء.
أ. رباب حمودة:
إذن: لا ينبغى أن اقلق من ظهور أعراض جديدة ومختلفة عما جاء به المريض من قبل، كما أنه مهم جدا تحديد معنى الأعراض وتوقيت ظهورها وكيفية استخدامها.
د. يحيى:
هذا ما قصدته فعلاً.
أ. محمود محمد سعد:
– هل من الممكن أن نترك الوساوس –عند المريض- بحجة أنها تقف حائلاً دون حدوث الذهان؟
د. يحيى:
نعم، أحيانا، ثم نتناولها بالتدريج على فترة طويلة.
أ. محمود محمد سعد:
معنى ذلك أن التاريخ العائلى للمريض له أهمية فى إدارة التحريك الذى يحدث نتيجة العلاج.
د. يحيى:
طبعا، ولكن لابد أن تعرف أنه مجرد خلفية لها دلالتها لضبط جرعة وإيقاع التغير، فهو ليس عائقا فى ذاته.
أ. محمود محمد سعد:
– التحريك الذى يحدث أثناء العلاج لا يشترط أن يكون إيجابيا فقط.
د. يحيى:
بصراحة هو يشترط أن يكون إيجابيا، ولكن قد يتصادف أن تكون نتائجه سلبية فى مرحلة ما، نتيجة لحركية مندفعة، أو نتيجة لسوء الحسابات، وعلينا –مع هذا الفهم- ألا نفزع كما أنه علينا أن نسارع بتدارك الموقف بتهدئة التدخل والتقليب وضبط الجرعة.. واستعمال العقاقير وأحيانا ولو بطريقة متقطعة ليكون إيجايبا إلخ.
أ. ناديه حامد:
أوافق حضرتك كل الموافقة فى ما عرضت، وقد جاء التوقيت مناسبا بالنسبة لى، لأنه متزامن مع زنقتى فى حالة مريضة، فاستفدت من أن وظيفة الأعراض عموما هى أنها إما تعبر عن اللى موجود، يا: “إما أنها تغطى اللى تحت اللى موجود”.
د. يحيى:
الحمد لله.
أ. علاء عبد الهادى:
“إن هى بيجيلها فكرة إنها ممكن تنزل الشارع وتقلع هدومها تقع وتبقى عريانة والناس تبص عليها”.
– هل فيه علاقة بين محتوى الوسواس وبين حركة الجنس المكبوت؟ وبين جوعها العاطفى؟
د. يحيى:
طبعا، فيه علاقة ونصف، وهى ليست فكره فقط، هى حلم متكرر أيضاً، وهذا يؤكد العلاقة، وقد شرحت ذلك فى ردٍّ سابق.
أ. محمد اسماعيل:
– ما الفرق بين ظهور الاكتئاب أو أفكار الانتحار أو الوسواس اثناء العلاج؟ مع العلم أن حضرتك قلت قبل كده الوسواس هو دفاع ضد الذهان أو التفسخ.
د. يحيى:
لابد من أخذ كل ظاهرة على حدة، وأيضا كل مريض على حدة، وكما أن كل مرحلة تختلف عن المرحلة الأخرى، ومن حيث المبدأ، فإن التأنى فى إزالة الأعراض الناتجة عن ميكانزمات ضامّة. سواء كانت وسواساً أو اكتئاباً أو غير ذلك، ينبغى أن نضعه نصب أعيننا خاصة فى الحالات الهشة أو المحملة بإرث “جينى” دال فى العائلة وخاصة إذا كان هذا الإرث هو فصام خطير.
أ. محمد اسماعيل:
– لا أوافق على أن الانتحار من الممكن أن يكون إيجابى.
د. يحيى:
ومن قال إن الانتحار إيجابى!! شكراً أنك نبهتنى حتى أوضح هذه النقطة من جديد:
إننا حين نقبل الانتحار ونحاول أن نجعله إيجابيا، إنما نترجمه أولا إلى “التخلص من تنظيم (حالة وعى/حالة وجود) معوِّق كان متجمدا وجاثما باعتباره الذات الغالبة. إن هذا التخلص يصاحبه فى نفس الثانية فى العلاج، وأيضا فى غيره من تشكيلات النمو والإبداع، ولادة جديدة (تغير نوعى) هنا فقط نسمح لأنفسنا بتصور أن هذه النقلة هى “مكافئة للانتحار” وقد نسميها مجازا “الانتحار الإيجابى” أى القبول بإعادة الولادة، إذن فلا يوجد ما يسمى الانتحار الإيجابى بالمعنى الذى وصلك،
أ. هالة حمدى البسيونى:
لم أفهم ليه سايبين أخوها كده بالشكل ده، والأصوات دى، وللفترة دى، وإنهم شافوا شكوى أخته ماشافوش شكواه هو.
د. يحيى:
ولا أنا؟ ربما هو لم يشتك أصلا، أو لدرجة مزعجة، أو أن الأصوات هى حكى وليست خبرة معيشة.
أ. هالة حمدى البسيونى
الآن فهمت معنى “الأصوات الخياليه” بدرجة أفضل، أعترف أننى لم أكن أعرف عنها شيئا من قبل.
د. يحيى:
هى صعبة، الحمد لله أنها وصلتك، ومع ذلك تظل صعبة لأنها تتعلق بالتفرقة بين “الإدراك” النشط المباشر، وبين التأليف والتخيل الفكرى المجسد.
د. إسلام ابراهيم احمد:
شغلنا يحتاج احترام أى معلومة كما يحتاج عدم التسرع فى اتخاذ أى قرار.
د. يحيى:
فعلا، الله ينوّر.
خاتمة
وأنا أراجع تجارب (بروفات) هذا العمل فرحت بأننى لم أتردد فى تسجيله فى نشرات الإنسان والتطور” أولا بأول، وأيضا حمدت الله أن ألحقت بكل حالة ما ورد حولها من تعقيبات فى حوار/بريد الجمعة.
ثم إنى تصورت لو أننى قمت بتسجيل كل حالات الإشراف حيثما أقوم به بنفس الطريقة وقد بلغت الآلاف (بدون مبالغة) ولا توجد حالات متماثلة أبداً، فماذا سيكون الحال وأى مساحة يمكن أن تستوعب هذا الجارى.
هذا بالإضافة إلى المهمة الجديدة التى كلفتنى بها ابنتى أسبوعيا فى المركز الذى أنشأته باسم “مركز الرخاوى للأبحاث والتدريب” وذلك يوما واحدا فى الأسبوع بدءًا من (17/9/2017 وحتى تاريخه)، وميزته أن الدعوة فيه مفتوحة لممارسة التدريب والإشراف على كل من يريد ممن يمارس العلاج النفسى أن يشارك بأنتظام، ولا يوجد تسجيل منتظم للجلسات.
ولست متأكدا من مدى نجاح هذه الفكرة مع أنها استمرت حتى الآن حوالى تسعة أشهر.
الحمد الله
شكراً.
يحيى الرخاوى
انتهى الكتاب الأول
ويليه الكتاب الثانى من (21 – 40)
[1] – يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] – نشرة الإنسان والتطور: 12-10-2008 www.rakhawy.net
[3] – Neuroleptics مضادات الذهان