الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (29) الفصل الأول: “الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت”

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (29) الفصل الأول: “الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت”

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 15-7-2021                                  

السنة الرابعة عشر                 

العدد: 5066

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (29)

الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت

الأصداء

29- ‏الرحمة

‏ ‏البيت‏ ‏قديم‏ ‏وكذلك‏ ‏الزوجان‏، ‏هو‏ ‏فى ‏الستين‏ ‏وهى ‏فى ‏السبعين‏ ‏جمعهما‏ ‏الحب‏ ‏منذ‏ ‏ثلاثين‏ ‏عاما‏ ‏خلت‏، ‏ثم‏ ‏هجرهما‏ ‏مع‏ ‏بقية‏ ‏الآمال‏. ‏لولا‏ ‏ضيق‏ ‏ذات‏ ‏اليد‏ ‏لفر‏ ‏العصفور‏ ‏من‏ ‏القفص‏. ‏يعانى ‏دائما‏ ‏من‏ ‏شدة‏ ‏نهمه‏ ‏للحياة‏، ‏وتعانى ‏هى ‏من‏ ‏شدة‏ ‏الخوف‏، ‏ويسلى ‏أحلام‏ ‏يقظته‏ ‏بشراء‏ ‏أوراق‏ ‏اليانصيب‏ ‏لعل‏ ‏وعسى‏، ‏كلما‏ ‏اشترى ‏ورقة‏ ‏غمغم‏: “‏رحمتك‏ ‏يارب‏” ‏

فيخفق‏ ‏قلب‏ ‏المرأة‏ ‏رعبا‏ ‏وتغمغم‏ “‏رحمتك‏ ‏يارب‏”‏

 أصداء الأصداء

الحب‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏هجر‏ ‏الزوجين‏ (‏هو‏ ‏وبقية‏ ‏الآمال‏)، ‏فَشَلت‏ ‏المؤسسة‏ ‏الزواجية‏ ‏أن‏ ‏تحافظ‏ ‏على ‏الاختيار‏ ‏وإعادة‏ ‏الاختيار‏، ‏لكن‏ ‏التفاعل‏ ‏لهذا‏ ‏الفشل‏ ‏يختلف‏، ‏حتى ‏فى ‏سن‏ ‏الستين‏ ‏والسبعين‏. ‏والملاحظ‏ ‏هنا‏ ‏أن‏ ‏المرأة‏ ‏تكبر‏ ‏الرجل‏ ‏بعشر‏ ‏سنوات‏، ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏خطر‏ ‏لى ‏أنه‏ ‏كان‏ ‏من‏ ‏الأفضل‏ ‏لو‏ ‏كانت‏ ‏فى ‏سنه‏ ‏أو‏ ‏حتى ‏أصغر‏، ‏فأنا‏ ‏أتصور‏ ‏أن‏ ‏محفوظا‏- ‏هكذا‏- يكاد ‏يوحى ‏لنا‏ ‏أن‏ ‏سبب‏ ‏هجر‏ ‏الحب‏ ‏لهما‏ ‏هو‏ ‏فارق‏ ‏السن‏. ‏مع‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الذى ‏تشير‏ ‏إليه‏ ‏هذه‏ ‏الفقرة‏ ‏وارد‏ ‏حتى ‏لو‏ ‏كانت‏ ‏السن‏ ‏معكوسة‏، ‏فرغبة‏ ‏الرجل‏ ‏المستمرة‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تظل‏ ‏هى ‏هى ‏حتى ‏لو‏ ‏كان‏ ‏هو‏ ‏الأكبر‏ ‏بعشرين‏ ‏عاما‏، ‏واستسلام‏ ‏المرأة‏ ‏لليأس‏ ‏والأفول‏ ‏على ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏حفاظها‏ ‏على “‏صك‏ ‏الملكية‏” ‏هو‏ ‏التفاعل‏ ‏الشائع‏ ‏لمثل‏ ‏هذا‏ ‏الفشل‏ ‏الوارد‏ ‏على ‏المؤسسة‏ ‏الزواجية‏ (‏مرة‏ ‏أخرى: ‏بغض‏ ‏النظر‏ ‏عن‏ ‏السن‏). ‏المرأة‏ ‏تحسن‏ ‏إغلاق‏ ‏القفص‏ ‏على ‏العصفور‏، ‏وتشهر‏ ‏فى ‏يدها‏ ‏مفتاح‏ ‏القفص‏”‏صك‏ ‏الملكية‏” ‏على ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏إنتفاء‏ ‏شروطها‏، ‏والرجل‏ ‏لا‏ ‏يكف‏ ‏عن‏ ‏الزقزقة‏ ‏والنظر‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏قضبان‏ ‏القفص‏، ‏واللعب‏ ‏بمكان‏ ‏القفل‏، ‏لعله‏ ‏يستجيب‏ ‏مرة‏ ‏صدفة‏ (‏ورقة‏ ‏اليانصيب‏).

 

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

admin-ajax (1)

admin-ajax

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *