“يوميا” الإنسان والتطور
2-12-2007
عن الفصام (4)
تشخيص الفصام دون تحديد ماهيته!!
عرضنا أمس يومية 1-12 (الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى”2″ “القرين والجان داخلنا”)، ويوم الأربعاء الماضى يومية 28-11 (الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى “أنا واحد ولاّ كتير“) وقبل ذلك يومية 26-11 (عن القشرة والفطرة والتعدد والواحدية) بها مقتطفة من العلاج الجمعى، لتوضح منظومة التركيب البشرى من منطلق “تعدد الذوات” “فى واحد”.
كما ذكرنا أننا نحتاج هذه الفكرة الأساسية حتى نستطيع أن نلم بمفهوم الفصام تركيبيا بوجه خاص.
ثم إننا قبل ذلك عرضنا جانبا من حالتين (علاء يومية 25-11 (جنون صبى تناثر، فتجمد، فتجمع)، و (عصام يومية 4-11 “بعض أحوال: حالة عصام”) أيضا تمهيداً للدخول إلى التحدى الحقيقى لتناول هذا الموضوع الجوهرى الشائك، برغم وفرة تواتر تداول اسمه بين العامة والخاصة على حد سواء (فصام!!).
ماذا تعنى الكلمة، ماذا تفيد؟ هل ثًمَّ اتفاق؟ هل ثَمَّ دلالة؟
المفروض، ونحن نقدم علماً، أن نحدد تعريفاً إجرائيا للمفهوم قيد البحث، ثم نبدأ فى تناوله.
حين رحت أراجع كتابى الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” افتقدت هذه البداية بالتحديد، بالرغم من عرض ستة مفاهيم لما هو “فصام” (وليس تعريفات) شائعة (من ص 327 – 333) “دراسة فى علم السيكوباثولوجى”.
انتهيت – هناك – إلى اقتراح مفهوم غير متفق عليه من بعد “حركى بيولوجى تطورى”.
ولكن ماذا يعنى الاتفاق؟ (متفق عليه – غير متفق عليه)
وهل إذا نحن إذا اتفقنا على تحديد أبعاد مفهوم ما، هل يعنى ذلك أننا عرفنا ماهية ما نتفق عليه.
الإجابة الجاهزة أن “نعم”،
هكذا يقول المنطق السليم،
لكن العجيب أن العلم له تصاريف أخرى تدعو إلى الحيرة.
المثال: تصور معى أولا التالى:
تصور أن هناك أقفاصا من فاكهة معروفة وغير معروفة، وأن بينها قفص (أو أقفاص) به فاكهة متماثلة لكننا لم نعرف مذاقها تماماً أو تحديداً، وليس لها اسم بعد، وأننا نريد الاتفاق على تصنيفها وتقييمها لوضعها فى المكان المناسب لها، لتسويقها أو لتصديرها أو خلافه.
ثم إننا بعد أن تناقشنا وقلبنا حبات الفاكهة الغامضة، ورصدنا صفاتها، واطمأن أغلبنا على وضوح كل ذلك، جمعنا عمال الشحن، وأخبرناهم بما اتقفنا عليه، وأن هذه الفاكهة الغامضة لها قشرة مائلة إلى الحمرة، وحجمها أقرب إلى البرتقالة المتوسطة، ووزنها أثقل من الرمانة، ورائحتها أقرب إلى الكنتالوب، وصناديقها أكبر حجما من كل الصناديق وبالتالى يمكنهم أن يفرزوها وأن يجمعوا ما تناثر منها ويضعوها فى أقفاصها، حتى يمكن ترتيب بقية الفاكهة كذا وكيت. يحفظ عمال الشحن كل ذلك، ويتقنون التمييز والتجنيب بسهولة، ويتمون العملية بكفاءة لا جدال فيها لأن المقاييس ثابتة ودقيقة وسهلة، فإذا كان الهدف من هذا التصنيف هو التعرف على ماهية هذه الفاكهة، فإنه لا يتحقق مما تم الاتفاق عليه، ذلك لأنك لو سألتهم أو سألت سائق السيارة عن ماهية هذه الفاكهة أو طعمها أو فائدتها، لم يعطك أحد منهم إجابات مفيدة أو قد يعطونك إجابات شديدة الاختلاف .
هذا ما يقال له أن المواصفات التى وُضِعَت للتمييز والتصنيف لها ثبات عالٍ تماما ومصداقية ضعيفة
هذا الثبات هو الذى سهل الاتفاق، وربما بعد بمضى الوقت يتفق على اسم لهذه الفاكهة وليكن اسمها فاكهة “خير البر” مثلا. وبالرغم من كل ذلك، ولظروف مختلفة، يمكن أن تظل ماهية هذه الفاكهة مجهولة وطبيعتها غامضة وحقيقتها هلامية، ويترجم ذلك علميا إلى أن التصنيف لم يحقق هدف التعرف على ما صنّف فيقال إنها عملية تنقصها المصداقية.
الخلاصة: إن اتفاق العمال على المواصفات لا يعنى أنهم تعرفوا على نوع الفاكهة وطبيعتها
يقال فى هذا المثال إن ما وصل إليه المصنفون من خطوات للتصنيف.
– عالى الثبات Reliability
– ضعيف المصداقية Validity
ما معنى الاتفاق على تشخيص الفصام دون تحديد ماهيته؟
فى مواجهة اختلاف الأطباء والعلماء حول مفهوم موحد للفصام، انتهى الأمر إلى أبسط وأهم وأسخف مايمكن أن ينتهى إليه،
بصفة عامة، كما هو الأمر بالنسبة لسائر الأمراض، تمادى التركيز على التقسييم والتصنيف للأمراض النفسية والعقلية، وقد تَمّ وضع محكات للاتفاق على العلامات التى ينبغى رصدها وتوفرها لنتفق على مانسميه “الفصام” (أو غيره) (أكرر: نسميه الفصام، وليس بالضرورة لنتفق على “ما هو الفصام”)، نعم تمادى الاهتمام بهذا الأمر بدءًا من التقسيم الأمريكى الثالث3 DSM (تامر3)، ثم الرابع (تامر4) ثم التقسيم العالمى للأمراض العاشر (تَعمْ 10) تمادى إلى التركيز على وضع محكات محددة يمكن لأى فاحص صغير أو كبير، قريب أو بعيداً، أن يرصدها، ويرصّها بجوار بعضها، فإذا توفر كذا محك، وكذا علامة فى المريض سمّى فصاما.
فرح الأطباء بهذا الاتفاق المريح الذى يمكن أن يجعلهم يتكلمون لغة واحدة، ويقرأون أبحاث بعضهم البعض باتفاق يسمح بالفهم والنقد والتفاهم والحوار.
أما واقع الحال، فقد استمروا يضعون تحت هذا الاسم الشائع الصيت خليطاً من فئات غير متجانسة يكاد يصل بعضها إلى نقيض الآخر.
نعود فنكرر: إنه حين يوضع نظام (أو اختبار) لتحديد ظاهرة ما ، تقاس كفاءته بمقياسين هما الثبات والمصداقية.
أما الثبات Reliability فإنه يعنى أن نتائج القياس والتقييم ثابتة على مدى الزمن (مثلا الاختبار وإعادة الاختبار) و كذلك تظل ثابتة بين الفاحصين المختلفين فى المكان، وربما فى تفاصيل التخصص، ما دام كل منهم ملتزم بالمحكات المحددة، هكذا يصبح الثبات جيدا حين تكون نتائج أسماء التصنيف واحدة عند كل (أو معظم) هؤلاء الفاحصين فى مختلف الظروف.
أما ما يلزم أيضا – أو أكثر – للاعتماد على مقياس أو تنظيمٍ ما، فهو ما يسمى المصداقية Validity ، وهى تعنى (عادة) أن المقياس (أو التنظيم) يقيس فعلاً الظاهرة التى وضع من أجلها،
مثال آخر أبسط من التخصص: لو أن هناك اختبار للذكاء، يخرج نفس أرقام القياس إذا أعيد إجراؤه على نفس الشخص، ويخرج منه فاحصين مختلفين بنفس النتائج، فهو مقياس له “ثبات” عال.
أما عن مصداقية هذا الاختبار (هل هو يقيس الذكاء فعلاً أم لا) فهى أصعب تحديداً. لماذا؟
لأننا لا نعرف حقيقة ما يقيسه هذا المقياس، هل هو يقيس الذكاء فعلاً أم أنه يقيس ظاهر ما يسمى ذكاء، ذلك أن تعريف ما هو “ذكاء” ليس متفق عليه تماما (حتى قيل: إن اختبارات الذكاء لا تقيس إلا نتائجها!!!)
فماذا عن الفصام وتشخيصه؟
إذا انتقلنا إلى موضوعنا عن الفصام، وتساءلنا عن كل من الثبات والمصداقية فى تشخيصه وتصنيفه، فسوف نجد أن كل الأبحاث التى أجريت للتحقق من ذلك أثبتت أن هذا الإجراء ذو ثبات عالٍ جداً ومصداقية ضعيفة جداً!!
يا خبر!! ما معنى ذلك؟
معناه أنه بعد ظهور هذه التقسيمات، يمكن الاطمئنان إلى أن ما يسميه باحث فى جنوب أفريقيا فصاما هو هو ما يسميه طبيب فى السويد فصاما وهو هو ما يسميه أخصائى نفسى فى الهند فصاما حسب التقسيم الأمريكى الرابع أو التقسيم العالمى العاشر، إذن فهذا ثبات جيد، وقد أفادت هذه التقسيمات فى تحقيق الاتفاق، شكراً
أما ماذا بعد هذا الاتفاق الرائع والتسمية الصحيحة من كل الأفراد على مدى زمن ممتد، فهو ما يدعو للدهشة، لأن بعد هذه التسمية لم يتفق أغلب هؤلاء على ماهية طبيعة هذا الذى أسموه فصاما
يا خبر!! كيف؟
المفهوم “السادس” فى دراسة سابقة
فى الدراسة الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” (ص 321- 345) بعد استعراض الخمس مفاهيم السابقة عليه: وضع المؤلف مفهوما لما هو فصام من منظور بيولوجى تطورى يقول:
“الفصام – بيولوجيا – هو الانتصار المرحلى أو النهائى لقوة التدهور التى تحملها المادة البيولوجية فى مقابل قوة التطور التى تحملها نفس المادة”
ثم راح بعد ذلك يفسر قوة التطور كالتالى:
“هى الميل الداخلى الحيوى للتآلف (الهارمونى) بين أجزاء المادة الحية فى ذاتها، وكذلك بين هذه المادة وبين هارمونية الطبيعة خارجها، التى هى جزء منها”
أما قوة التدهور (بعد التحديث) فقد ذكر أنها:
” … هى القوة التى تؤدى إلى اللاتناسق على المستويين السابق ذكرهما”
وانتهت التوصية إلى أن الفصام هو قمة اللاهارمونى البيولوجى، وهو إعلان للانتصار التدهورى، قبل الموت البيولوجى، (بل إن الموت بمعنى التحلل التام، هو أقل “لا هارمونية”.
كما أن الفصام فى نفس الوقت هو إعلان للانفصال ما بين دوائر الهارمونى المتصاعدة داخل المخ من ناحية، ومع الهارمونى الكونى الخارجى من ناحية أخرى.
ففى الفصام تتباعد العلاقات بين مستويات المخ المختلفة، ولايعود عمل الواحد منها يغذى عمل الآخر، لا فى تبادل (مناسب)، ولا بولاف ملائم.
كما يكاد ينفصل الهارمونى الذاتى عن هارمونية الكون
كل هذا ولم نضع تعريفا للفصام أصلاً، ولم يغب عن الكاتب أن يعترف بذلك قائلاً ص 336:
“… قصدت عمدًا أن أتحدث عن المفاهيم المتعلقة بالفصام وليس عن تعريف للفصام ..
وطالما أن الظاهرة (تحت الفحص) لها كل هذه الأبعاد (المتداخلة المكثفة) فلا أمل فى اتفاق علمى حقيقى حولها، إلا إذا حددنا اللغة التى نتحدث بها ابتداءً، وكذلك حددنا الرؤية التى ننظر من تجاهها”.
ثم إنه اختتم هذه الفقرة بما يتركنا أكثر حيرة قائلاً:
… وبالرغم من أن المفهوم السلوكى بدا أقرب المفاهيم تحقيقاً للتواصل والاتفاق، إلا أن الممارس الإكلينيكى والمعالج بوجه خاص يدركان مدى عجز هذا المفهوم عن الإلمام بأبعاد دينامية وبيولوجية ضرورية فى مسيرة الفهم والعلاج”.
كان هذا حتى سنة 1978، نشر سنة 1979.
فماذا حدث حتى سنة 2007؟
هذا ما نحاول تحديثه تدريجيا باضطراد
حيرة المرضى والأهل:
أحيانا كنت، ومازلت، أحاول أن أشرح هذه الحيرة العلمية، وهذا الغموض الموضوعى لأهل المرضى، وإلى درجة أقل للمرضى، وهم يسألون بإصرار عن اسم المرض، وأنا أعتذر أو أتهرب من الإجابة، لأننى أريد أن يكون لردى فائدة ومعنى، أحاول أن أشرح لهم أن اسم المرض قد لايعنى شيئا كبيراً محددا فى مسار المرض أو التكهن بمآله، وأن هناك عوامل أخرى بلا حصر تتدخل فى كل هذا. ولا أنجح فى ذلك عادة.
مدخل أبسط
أشعر أننى قد أطلت أكثر من اللازم فى هذه المقدمة الضرورية.
لكننى أعرف أننى مازلت أتحسس طريقى إلى ما هو “.. الفصام” قبل الانطلاق فى الحديث عنه وعرض حالاته، ولحسن الحظ عثرت – مصادفة أيضا – على شرائح (P.P) عن نفس الموضوع، أظن أننى قدمتها فى إحدى الندوات العلمية لجمعيتنا، فقلت أعرضها كما هى ونحن نحاول البداية، لنشرحها بإذن الله فيما بعد:
أولاً: الفصام ليس هو ما يشاع عنه:
الفصام ليس تناقض التصرفات فى أوقات مختلفة (ولا فى مراحل عمر مختلفة)
الفصام ليس ازدواج الشخصية (يبدو الشخص شخصين بالتبادل فى أوقات مختلفة)
الفصام ليس تعدد الشخصية (يبدو أكثر من شخصين بالتبادل أيضا)
الفصام ليس مرادفا للجنون دون تمييز
الفصام ليس نتيجة تغير كيميائى محدد (مع أنه يوجد تغير كيميائى مع ظهوره)
الفصام ليس سبّة سياسية نصف بها الطغاة القتلة، أو الحكام الأوغاد
الفصام ليس مرضا وراثيا بشكل محدد أو مباشر
الفصام ليس مرضا بلا علاج
الفصام ليس تخلفا ذهنيا (نقص فى الذكاء)
ثانياً: حتى نفهم الفصام نبدأ بالإحاطة بتركيب النفس الإنسانية
النفس مكونة من عدة منظومات (تركيبات الدماغ = حالات العقل (انظر بعد)
(1) متداخلة
(2) متناوبة
(3) متجادلة
(4) متنامية معا
- فى أى لحظة عادية أثناء الصحو (اليقظة) تكون كل هذه التركيبات فى واحد (الواحدية) Oneness (أى أنها تتصرف معا تحت قيادة إحداها ثم بالتبادل حسب الموقف)
- أثناء النوم (الخالى من حركية الأحلام[1]): تتباعد هذه التنظيمات عن بعضها قليلا أو كثيرا
- أثناء الحلم: يتم التفكير ثم يعاد ترتيب المعلومات والتنظيمات بما يفيد التعلم والنمو
- إذا حدث شىء مثل هذا التفكيك أثناء الصحو حدثت ”تعتعتة“ Dislodgment أى تباعد طفيف، يتجسد فى أرق صوره وهى الدهشة، (فى الإدراك خاصة) ويتنامى فى أعلى صوره: فى الإبداع
- قد تتمادى التعتعة فالملخ Dislocation فيزيد التباعد ويتفكك الترابط فهو التفسّخDisorganization (أنظر بعد)
طبيعة التنظيمات (والمعلومات)
تسمى هذه التنظيمات[2] بأسماء مختلفة حسب المدرسة النفسية، والعصبية، وحسب المنظور البيولوجى التطورى أو العصبى, ومن ذلك:
(1) حالات الذات Ego states
(2) الذوات داخلنا
(3) منظومات الدماغ (المخ) Brain organizations
(4) مجموعات شبكيات المعلومات Group of Information networks
(5) صور المعرفة Cognitive images
(6) رموز ومحتوى اللاشعور (فرويد)
(7) النماذج الأولية (يونج)
وكلها (أو أغلبها) يشير إلى كيانات كلية :
(ا) قائمة فاعلة
(ب) كامنة مؤثرة
(جـ) جاهزة متبادلة
الفكرة الأساسية:
الفصام هو تعتعة عشوائية لهذه المنظومات أثناء الصحو، تتمادى حتى التفسخ
- الفكرة فى الفصام أن ما يحدث فى الحلم, للشخص العادى, يحدث أثناء الصحو فى الفصام : يبدأ بـ ”تعتعتة“ Dislodgement تعلن تباعدا فيمـا بين تنظيمات الذات (بما فى ذلك المعلومات والمعارف)
- ثم تتمادى التعتعة حتى تصبح ”ملخا“ Dislocation(تتباعد التنظيمات أكثر)
- ثم تتعدد التعتعة والملخ ويزيد التباعد ويتفكك الترابط فهو التفسّخ disorganization فالتدهور deterioration
افتراضات أساسية
إن كل ما سبق إنما يشير ويدعم الافتراضات الأساسية التالية:
- إن الفصام عملية، وناتج:
العملية هى التفسخ العشوائى (أغلبه) بما يصاحبه من حركية وتصادم وانشقاق وانسلاخ .. الخ
الناتج (السلبى: ليس حتميا) ويشمل التدهور الشامل للشخصية عموما، أو فى الوظائف الأساسية: (أ) الوجدان (ب) والتفكير (ج) والإرادة (د) والتواصل البشرى …
- الفصام هو طيف ممتد من أبسط التفكك إلى منتهى التناثر إلى نهاية التدهور
- مسيرة الفصام ليست مضطردة تلقائيا، فهى قد تتوقف، وقد تتراجع، وقد تعود فى نوبات دورية أو فى نوبات متفترة.
- الفصام هو اضطراب نفسى/عقلى : يعلن تفكك الواحدية Oneness وبالتالى == > التفسخ, وتوجد فيه:
أعراض ذهانية مختلفة مثل الضلالات والهلاوس
وأعراض إعاقة وتوقف: مثل التوقف عن العمل والنشاط الاجتماعى والعلاقات,
وأعراض اضمحلالية: مثل التبلد العاطفى , وفقد الإرارة
وأعراض تفسخية: مثل التباين بين العاطفة والتفكير أو تفكك التفكير…إلخ
التفسخ والتدهور، (بعدان مستقلان، برغم لزوم كليهما للتعرف على الفصام)
- التفسخ فى حد ذاته ليس مرادفا للتدهور
- استمرار التفسخ يباعد بين معظم التنظيمات والوحدات
- يباعد: بين المخ الأحدث والأمخاخ الأقدم
- يباعد: بين الوظائف وبعضها (بين التفكير والعاطفة – بين الفكرة والفعل ..إلخ)
- يباعد: بين وحدات التفكير وبعضها (تفكك التفكير)
- يباعد: بين تماسك وحدات الزمن لتجميع الحدث نحو غايته ..إلخ
- ثم إنه:
- مع استمرار التباعد: يضعف الأداء (الوظيفى الهادف)
- مع استمرار ضعف الأداء : يحدث ضمور عدم الاستعمال (العضو الذى لايؤدى وظيفته بانتظام يضمر)
- مع استمرار توقف وظائف المخ العليا وتمادى ضمور عدم الاستعمال : يحدث التدهور
- مع استمرار التدهور يحدث التليف الوظيفى, و موت بعض الخلايا، ورقّة، وتحلل كثير من أغطية النيورونات (الميلين)، الأمر الذى قد يظهر فى التصوير المقطعى بالرنين المغناطيسى، حين يصل ضمور عدم الاستعمال إلى مرحلة الضمور التشريحى,
ومن ثم: فهو الموت النفسى الذى قد يصل إلى حد ما يسمى الحياة النباتية
علاقة الفصام بالأمراض الأخرى
فيما عدا الأمراض العضوية المعروفة السبب أو الناتجة عن التلف التشريحى (مثل التخلف العقلى– أو عته الشيخوخة أو التهابات الدماغ و أورامه) يمكن اعتبار كل الأمراض النفسية نوعا من الدفاع ضد التفسخ فالتدهور أى ضد ظهور الفصام
المقصود بالدفاع: السماح بظهور المرض الأقل خطورة لضبط وإخفاء احتمال تمادى التفسخ (النشِطْ فالمتفاقم) ومنه إلى التدهور الفصامى
- بقدر ما أن مراحل النمو تسير من البدائى إلى الأنضج
- فإن مراحل الأمراض وهيراركيتها وخطوات تمادى عملية الفصام تسير من: الأكثر نضجا إلى الأكثر بدائية (ونكوصا)
بعيدا عن الفصام وانطلاقا منه:
يبدو أن اهتمامى بالعملية الفصامية، حركيةً ومآلاً، لايقتصر على محاولة فهم الفصام، بل إننى ضبطت نفسى متلبسا باستنتاجات تحضرنى تنير لى مسيرة النمو،
فنحن إن لم تسعفنا الفرصة لنشاهد ونتابع كيف ننمو خطوة بخطوة، فإن دراسة الفصام تتيح لنا فرصة أن نشاهد ونتابع كيف نتراجع وننكص، ومن ثَمَّ نفهم النمو من خلال عكس مسيرته.
ليس هذا فحسب، بل إن ثمة فرصة لكى نتعرف على أعلى مراتب ما هو ضد التناثر، أن نعرف ما هو، بل كيف هو: الإبداع كعملية قبل أن تكون ناتجا.
(بدون تعليق)
[1] – وليس من الأحلام أى النوم بدون حركة العين السريعة Non Rapid Eye Movement (NREM) sleep
[2] – كل ما سبق تقديمة فى يوميات يومية 26-11، يومية 28-11، يومية 1-12، على أنه ذوات داخلية “أنا واحد ولا كتير” يمكن أن يسمى بتسمية أو أخرى من هذه التقسيمات.
المقالة التالية | المقالة السابقة |