نقلة مع مولانا النفرى: من: كتاب المخاطبات مقتطف من: (المخاطبة رقم: 10):
نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 22-6-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 5043
نقلة مع مولانا النفرى:
من: كتاب المخاطبات
مقتطف من: (المخاطبة رقم: 10):
يا عبدُ: كيف تستجيب لعلمك وأنا الرب.
فقلت لمولانا:
أصبح العلم يا مولانا هذه الأيام صنما أكثر جمودا من كل الأصنام، حتى أنهم يتحدثون الآن عن ما يسمى “ضلال العلم” Science Delusion ويقصدون أن الاعتقاد الراسخ في مقولة بعض العلوم لمجرد أنها مسجلة في مجلة علميه أو كتاب مرجعى أو خارجة من معمل ميكنى: أصبح يمثل إعاقة لتلقائية التلقى، والأخطر إعاقة لنشاط الموقف النقدى، العلم السلطوى يا مولانا أصبح خادما لكثير من قيم السوق أكثر منه لشفاء للناس.
انتبهت بعد هذا الحماس أنه لم يقل لك “كيف تستجيب للعلم” وإنما قال “لعلمك” وهناك فرق، فلا يصح الهجوم على العلم هكذا دون تحفظ ودون تمييز، ونسبة العلم إلى الشخص يجعله أقرب إلى ما هو “علمه” هو شخصاً فهو أقرب إلى المعتقد الشخصى، حتى لو تدعم بزعم الاتفاق مع آخرين، إن الاتفاق في حد ذاته يا مولانا لم يعد يضمن أن يكون العلم علما لوجه الحق تعالى، ونحو الحقيقة الباقية.
ثم نظرت إلى هذا الإيجاز المعجّز: “وأنا الرب”، خفت يا مولانا أن يسرع المتعجل فيرى أن هناك تعارضاً بين العلم والايمان. وهذا غير وارد، تعبير “أنا الرب” هنا هو تذكرة بأولوية التوحيد المطلق، ورفض كل أشكال الشرك، فإذا كانت البداية هى بيقين الربوبية بلا شريك: حرفا أو تجريدا أو رمزا أو نظرية أو منظومة: فإن احتمال تنقية الفطرة والقياس بنفع الناس وموضوعية الرؤية ونبض القرب هى الضمانات التي تؤكد نفى الشرك نفياً كافيا لاشبهة حوله،
أما حين يكون “علمى” هو أصل كل المعارف حتى يكاد يخدعنى فاشرك به دون أن أدرى، فلا مانع أن أختبر هنا العلم تجريبا، فإن قرّبنى إليه، فهو علمه وليس علمى، وإن أبعدنى عنه فهو علمى أنا: أعمى به عنه دون أن أدرى، وهو الرب لا شريك له.
يا مولانا:
أنهل من كل العلوم وأنا في كامل وعيى، لكننى لا “أستجيب” إلا وهو معى إليه.
استجيب لما يحيينى ويحييهم “معى” بنا “نَحوه”
فهو الرب!!
لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ .
2021-06-22