نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 12-1-2020
السنة الثالثة عشرة
العدد: 4516
كتاب: الطب النفسى:بين الأيديولوجيا والتطور (1) (الحلقة 18)
الفصل السابع: المدارس النفسية والنماذج العلاجية
(10) أنتونى سوتيش (عبر الشخصية)
ماهية الإنسان |
مفهوم الصحة |
مفهوم المرض |
العلاج |
الإنسان مرحلة متوسطة بين ما لا يعرف من امتداد لاحق وبين ما كانه, وهو يتجاوز ذاته الفردية خلال نموه |
هو حسن توقيت النمو حسب كل مرحلة لتأخذ حقها دون إسراع أو تجاوز |
هو التوقف عند مرحلة دونية، وأيضا تجاوز مرحلة سابقة بالقفز فوقها فيتحق نمو كاذب |
هو دعم مسار النمو حتى تتحقق كل مرحلة فى وقتها إلى ما يليها دون تسرع أو توقف إلى الما بعد |
هذه المدرسة لم أتأثر بها بشكل مباشر، لكنها حضرتنى فى ممارستى أغلب حوارات الوعى على قنواته المختلفة ومستوياته المتصاعدة وامتدادته بغير نهاية، فتآلفت مع ممارستى فى العلاج الجمعى الذى ينطلق من المنهج الجشتالتى عبر دوائر الوعى المتمادية الاتساع دون الاغتراب فى أى تغيرات روحية أو ميتافيزيقية.
****
(11) النموذج الكيميائى البيولوجى المختزل
ماهية الإنسان |
مفهوم الصحة |
مفهوم المرض |
العلاج |
الإنسان تركيب كيميائى معقد، يسمح بأداء وظائف تميزه وتضعه فى حدود المعايير الدالة على السواء |
هو كفاءة هذا التركيب البيوكيميائى باحتوائه النسب المعروفة من الموصلات والتراكيب العادية للشخص العادى |
هو اضطراب تزيد فيه, أو ينقص بعض مكونات التركيب البيوكيميائى المعقد، أو تختل فيه التراكيب التشريحية |
هو إصلاح هذا النقص، أو إنقاص تلك الزيادة، أو إزالة الخلل التشريحى الإمراضى إن أمكن |
احترمت طول عمر ممارستى دور العقاقير النوعية فى التعامل مع نشاز مستويات الوعى المتباعدة، والمتصادمة، والمتفككة، والمفككة جنبا إلى جنب مع تنشيط المستويات الأقدر على القيادة والتناوب والإبداع مع استعمال إعادة التشغيل بالنوم، وبالعقاقير المزجزجة، وبتنظيم الإيقاع،
كل ذلك ينتظم فى مفهوم الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى، أما اختزال ظاهرة المرض إلى خلل فى هذه المادة الخاصة فى ذلك الموقع بالذات زيادة ونقصا، فقد رفضته جملة وتفصيلا دون أن أخسر شيئاً.
****
(12) ضد الطب النفسى
ماهية الإنسان |
مفهوم الصحة |
مفهوم المرض |
العلاج |
الإنسان ضحية للمجتمع المحيط به |
أن يكون المجتمع صحيحا وحاميا لأفراده حتى يصحّوا |
سحق للفرد لحسابمجتمع مريض |
حسن فهم احتجاج المريض والعمل على رفع القهر وعلاج (إصلاح) المجتمع |
فهمت معنى توقيت ظهور هذه المدرسة بحضورها الأوربى والامريكى بعد الحرب العالمية الثانية وكيف أنها عبـَّرت عن مدى الاحتجاج على القتل واليأس مما يجرى، ورفض السلطات بما فى ذلك سلطة الطب النفسى وقهره، إلا أننى لم أفرح بها لذاتها بل إننى اعتبرتها نصف الحل وبالتالى فهى سلبية سلبية إذا لم تتطور إلى ما نأمل أن تتطور إليه تجربة الجنون ذاتها.
****
وبعد
أرجو أن يكون واضحا أن هذه التقسيمات، وبعض المواصفات، هى مجرد اجتهاد شخصى، كما أننى أقر وأعترف أن هذا الاختصار بهذا الشكل هو مخل بلا أدنى شك، فليس من المعقول أن تقع نظرية فى مئات الصفحات ثم أختزلها فى بضعة سطور.
لكن من الواضح أننى لم أختزل أية نظرية مما طرحتُ حالا، كل ما أردت توضيحه هو التأكيد على أن أى نظرية فى الإنسان فى مجال علم النفس أو الإمراضية النفسية، لا بد وأنها تقدم مفهوما لهذه الأبعاد الأربعة التى تبرر دراستها لمن يتصدى لعلاج المرضى، ولنتذكر مرة أخرى إن من يمارس الطب النفسى بوعى غائم، وهو لا يتعرض أصلا لهذه المفاهيم، ولا يبحث عنها داخله قبل خارجه، إنما يحكم على مريضه وعلى نفسه، ويوجههما إلى وجهة ما، قد لا يعرفها، وقد تسىء إليهما، وأن موقفه هذا ليس بالضرورة حياديا كما يتصور.
تذكرة:
(1) إن مزيدا من المدارس يمكن أن تزداد فى كل مجموعة أو فى مجموعات منفصلة.
(2) إنه يمكن إعادة تنظيم وجدولة النظريات بعدة طرق أخرى.
(3) إن ثمَّ اتفاق عام يشمل أغلب النظريات (لا كلها) يؤكد على قيم مشتركة مثل: التوازن (الداخلى) ، والتكيف (مع الآخر)، وتحقيق الذات، واستمرار النمو .
(4) إن كل ما قدمنا ليس إلا مجرد عينات، والمقصود هو التنبيه على المبدأ من حيث استحالة فهم المرض النفسى، ومن ثم ممارسة التطبيب النفسى، بدون نظرية (ولو لا شعورية) ، وأن ادعاء ذلك هو من أخطأ ما يكون وليس له مبرر.
(5) إن تبنى نظرية ما لا يعنى الاعتقاد فى أيديولوجية ساكنة، وإنما هو اعتراف بالموجود – كبداية- وهو قابل للتحور والتعديل والتطوير من خلال الممارسة، إن من يتنازل عن فكرة الاستهداء بنظرية ما بدرجة ما من الوعى، إنما يستسلم لنظرية خفية، يديرها هو دون أن يعلم، أو يدار من خلالها من وراء ظهره (عادة لغير صالح المريض، ربما لصالح شركات الدواء أو غيرها.
(6) إن بعض أبجدية بعض النظريات يمكن أن تترجم (بتحفظ) إلى أبجدية أخرى
(7) إن الانتقائية تتسع وتنشط كلما زادت مساحة الإلمام بعدد أكبر فأكبر من النظريات
(8) إن الانتقائية ليست هى التلفيقية، بل هى تكاد تكون نقيضها كما أشرنا، وهى تحدث تلقائيا من جانب الممارس صاحب الخبرة.
[1] – يحيى الرخاوى: “الطب النفسى: بين الأيديولوجيا والتطور” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)، والكتاب موجود فى الطبعة الورقية فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net