…. مع الوقفة التى طالت بلا حل قريب، أخذ بقية المارة يتجمعون ويتساءلون، بعضهم يحاول الإدلاء بإجابة كاملة تفسيرا لكل الذى حدث والآخرون لا يجدون جوابا لأنهم يسألون من لا يعرف، وتوقف المرور، وأخذت الصيحات تتعالى “ماهذا؟ نريد أن نذهب إلى مصالحنا”، “أفسحوا لنا طريقا إلى القطار الذى سيفوتنا”، وفعلا سمعنا صوت صفير القطار وهو يتهادى أقرب فأقرب واكتشفت أن الجمع قد تزحزح بالعرض بما فى ذلك حملة النعش الذين أنزلوه إلى موقع فوق القضبان، وفجأة انطلق القطار بسرعة فائقة على غير العادة، فانصرف من تبقى جريا فى كل اتجاه، وامتلأت قلوب الجميع رعبا أن يدوس القطار جثة ولى الله، فتلحق اللعنة بكل الناس وهم يعلمون ما كانت له من معجزات وكرامات، لكن المعجزة حدثت فعلا، فقد توقف القطار فجأة برغم سرعته القصوى على بعد أمتار من النعش، فهلل الناس وكبروا، وقرروا فى أنفسهم أن يقيموا لولى الله مسجدا فى هذا الموقع، يدفن فيه دون الشمال أو الجنوب، ثم حدثت معجزة أخرى وهى التى ما زال الناس يتحدثون عنها فى حيرة، وفرحة، ورفض، وتسليم، إذ صدر صوت كأنه من داخل النعش يدندن بشكل واضح، “فيك عشرة كوتشينة، فى البلكونة” فرد صوت من داخل القطار ” الله المدبِّر، والدنيا شئون، لا تكثر لهمّكْ ما قدِّرْ يكون”.
وانتظم الناس فى حلقات ذكر على مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يسمع أحدهم مثل جماله وأنغامه فى حياته.