اليوم السابع
الثلاثاء: 12-11-2013
ماذا حدث للمصريين؟! والعلاج الجمعى
أنا تعلمت وأتعلم من العلاج الجمعى الذى أمارسه فى قسم الطب النفسى قصر العينى أكثر مما تعلمت من أى مصدر آخر، وقد وددت أن انقل هذا الذى أتعلمه للناس خارج مجال الطب النفسى تماما، لكننى أجد صعوبة شديدة فى ذلك.
خطر لى اليوم أن أنتهزها فرصة لأوصل لبناتى وأبنائى من الإعلاميين ما يخفف من إلحاحهم بأسئلة “التغيير” “التغيير” وما الذى حدث للمصريين؟ بأن يشاركونى ما وصلنى من صعوبة فكرة التغيير أصلا، واستحالة تناولها بهذه الطريقة المباشرة: “سؤال وجواب”، قلت نجرب مع القارئ العادى بدءًا بأبسط المحاولات التى يمكن أن يشارك فيها أى قارئ انطلاقا مما يسمى “لعبة” كما تجرى فى “العلاج الجمعى”:
فكرة اللعبة فى العلاج الجمعى هى أن يحاول كل واحد من المجموعة (حوالى عشرة مرضى وثلاثة أطباء) أن يقولوا جملة ناقصة أو أكثر، ثم يكملوها بتلقائيه سريعة كيفما اتفق، يكملوها “بأى كلام” بأقل درجة من الانتظار. (ملحوظة: المرضى يمثلون شريحة الطبقة الوسطى محدودة الدخل فما هو أدنى، حيث يجرى العلاج فى مستشفى جامعى بالمجان).
أقدم اليوم نص اللعبة وعينات من الاستجابة أولا داعيا القارئ لإكمالها إن شاء (يمكن أن يكملها كتابة، أو مع نفسه بصوت مسموع، أو يشرك فيها أصدقاء دون مقاطعة أو تعقيب وأن يرسلها أو لا يرسلها).
اللعبة:
التعليمات: قل ما يلى بصوت مسموع، موجها كلامك لآخر (حتى لو لم يكن موجودا أمامك) وأكمل بسرعة وتلقائيه، وحاول أن تعبر بوجهك وجسدك وأنت تلعبها: عن ما تقول وتشعر: (عن خوفك، أو رغبتك أو ما شئت حسب نص الالفاظ).
نص اللعبة: يا (فلان حاضر أو متخيل)
1) يا فلان أنا خايف أتغير لَحْسَن……… (أكمل من فضلك)
2) يا فلان أنا نِفْسِى أتغير لكن…………. (أكمل من فضلك)
3) يا فلان أنا مستحيل أتغير علشان………(أكمل من فضلك)
****
وحتى أسهّل الأمر قليلا، سوف أعرض عينات من الاستجاباتت من جلسة العلاج الجمعى التى لعبنا فيها هذه اللعبة، ربما تقتدى بها، دون التزام بتكرارها:
العينة الأولى:
حليم: يا محمد أنا نفسى أتغير لكن مش لاقى حاجه فيَّا عاوزه تتغير
حليم: يا محمد أنا مستحيل أتغير علشان مش لاقى تغيير
حليم: يا محمد أنا خايف أتغير لحسن أكون أسوأ من كده
(لاحظ كيف أن هذه الاستجابة تؤكد التمسك بما هو “الآن”، وأنه لا داعى للتغيير أصلا، مع الخوف من التغيير إلى أسوأ)
****
العينة الثانية:
فاطمه: يا سعاد أنا خايفه أتغير لحسن معرفشى
فاطمه: يا سعاد أنا مستحيل أتغير علشان معرفشى غير كده
فاطمه: يا سعاد أنا نفسى أتغير لكن بحاول بس مش عارفه
(لاحظ هنا الفرق الذى يُظهر درجة من الوعى بأن التغيير مجهول، وأن فاطمة تخطو إلى ما لا تعرف، ومع ذلك فالمحاولة مستمرة)
وبعد:
المقصود من تقديم هذه الألعاب مع هذه العينة التى ربما تمثل الشعب المصرى أكثر من متظاهرى التحرير وماسبيرو ورابعة والنهضة والاسماعيلية والمنشية والمنصورة وأسيوط، المقصود هو أن أنبه ابنائى وبناتى فى الإعلام كيف أن إجاباتنا على اسئلتهم – مهما كان المختص- عن التغيير الذى حدث للشعب المصرى هى أبعد ما تكون عن الواقع، وأن علينا أن نستمع للناس (الحقيقيين) وأن نحتمل الإجابات الناقصة، والغامضة والمتناقضة وأن نواصل التوعية والصبر، إن كنا نريد تغييرا حقيقيا نصنع به شعبا يستأهل اسم مصر
عزيزى القارئ
هل أكمل؟
وهل تساعدنى فى تحريك الوعى فى الاتجاه الصحيح بدلا من التهييج، والنصح، والإرشاد، والترهيب، والترغيب، والحكم، والأمثال؟