اليوم السابع
الأحد: 30-3-2014
حمدين صباحى: شكرا
أشعر أنى مدين لهذا المواطن المصرى الشجاع بالشكر، بغض النظر عن موقفى الشخصى ممن اختار ليرأس بلدى ويدير دفته فى هذه المرحلة الصعبة، هذا المواطن المصرى الكريم أكرمنى بما كنت أنتظره:
فقد كنت فى حاجة شديدة أن أطمئن إلى أن مصر الجديدة، هى مصر الجديدة، وأنه لا يوجد أحد أو شىء اسمه ليس كمثله شىء، إلا رب العالمين، الأمور تسير أقربإلى ما يسمى الديمقراطية، علما بأننى لا أومن بأن “الديمقراطية هى الحل”، برغم أننى حاليا لا أرضى لها بديلا، الديمقراطية ليست الحل، لا لمصر، ولا للعالم، لكنها ورطة اضطرارية حتى يبدع لنا مبدعو البشر بالتكنولوجيا الأحدث فالأحدث، ما يمكننا من أن نقيس به “وعى الناس البقائى”، وليس مجرد “ظاهر رأيهم الصناديقى” الملعوب فيه بخبث الإعلام، ورشاوى الانفعالات، وشراء التأييد بالمال والوعود الحالمة، المهم: لتكن الديمقراطية المستوردة المضروبة هى الضرورة المؤقتة، وبالتالى لا بد أن تتوفر لها شروطها. هذا المواطن المصرى الشجاع – حمدين صباحى- حقق ذلك بكل جسارة ومثابرة، وهو ما زال يقود حملته بالسلاسل (البشرية) وغيرها بوضوح وإصرار، وقد كان لتعقيبه المسئول على خطاب المشير بعزمه على الترشيح أثر طيب فى نفسى أسهم فى دفعى أن أكتب ما أكتب، شكرا يا سيدى، وفقك الله وجزاك عنا خيرا ثم أسمح لى أن أوصيك بما خطر لى ليتأكد شكرى لك، واحترامى لموقفك، وهى بعض أفكار مواطن يحمل رقما قوميا لا أكثر ولا أقل:
أولا: برجاء ألا تبالغ فى رشوة الشباب، خصوصا هؤلاء الطيبين الذين تصوروا أنهم شباب الثورة دون سواهم، فكل شباب مصر، هم شباب الثورة، خاصة حين تكتمل الثورة، وما وصلنى، كمواطن له صفته السابقة، هو أن هؤلاء الذين تدغدغ مشاعرهم بوقوفك بجوارهم (ونحن جميعا نقف بجوار أى مظلوم إذا ثبت أنه كذلك) لا لا يمثلون قوة انتخابية حقيقية تستأهل منك رشوتهم هكذا.
ثانيا: رجاء آخر هو ألا تركز فى أحاديثك وخطبك إلى جموع هذا الشعب الطيب من الفقراء والمسحوقين، مع اعترافى أنهم فعلا الأولى بالرعاية، والأحق بخير هذا البلد بما يبذلون من عرق، ألا تركز على استعدادك برفع الظلم عنهم بلمسات الرئاسة السحرية، فهذه النغمة إن لم يصاحبها برنامج عملى قابل للتنفيذ يضيف إلى إنتاج مصر ما يسمح لها أن تقيم عدلا حقيقيا يصل أول ما يصل إلى هؤلاء المستضعفين، أقول هذه النغمة تصبح تلويحا بما لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع، وهؤلاء المستضعفون الأولى بالرعاية لا يحتاجون إلى تصريحات شبه اشتراكية تقليدية، لم يعد لها موقع بعد التحولات الاقتصادية الجارية فى العالم، فليكن تركيزك يا سيدى على استقلال اقتصادنا الوطنى، وتهيئة الجو لوفرة الإنتاج باستثمار الثروة البشرية فى تشغيل الثروة الطبيعية لهذا البلد الطيب، ومن ثم التوزيع العادل لخير هذا البلد بعد وفرته بفضل برنامجك الواضح الذى عليه أن يظهر لنا كيف ذلك.
ثالثا: نحن نذكر عبد الناصر بكل خير، برغم أخطائه وشطحاته، فانتبه سيدى أن التاريخ لا يعيد نفسه، وأنه لا أنت ولا سيادة المشير منافسك بحاجة أن يكون أى منكما نسخة مكررة منه، لكن هذا لا يمنع أن ينطلق أى منكما من إنجازاته وإيجابياته، وخاصة فى مجال الاستقلال الاقتصادى، والتحالف الوطنى القومى التكاملى فى كل المجالات، ثم التميّز الثقافى الإبداعى، والقوة الشاملة، فى مواجهة إسرائيل وأمريكا والقوى المالية المفترسة الداعمة لهما عبر العالم.
رابعا: فلتحاول – سيدى– أن توصى القائمين على حملتك، مهما بلغ حماسهم، أن يركزوا على ميزاتك، وتفوّق برنامجك، وصلابة موقفك، فلا يستدرجهم أحد، سواء من المغالين فى الحماس لك، أو من المندسين بين صفوفهم، لا يستدرجهم إلى هجاء أو تجريح منافسك، ناهيك عن احتمال تجريح جيشنا العظيم، الذى لم يعد المشير ينتمى إليه رسميا، تماما مثلى ومثلك حيث لا نملك إزاء جيشنا المظفر إلا الاحترام والتقدير والدعم والشكر، إن ما وصلنى من صحف اليوم عن تبادل الحجارة بين مؤيديك ومؤيدى منافسك قد أزعجنى، وهى ليست مسئوليتك فردا، لكننى أتصور أنه يمكن تجنب أغلب مثل ذلك، بفضل توصياتك وتوجيهاتك.
وبعد..
فإننى إذ أكرر شكرى، لا أعدك أن أنتخبك تحديدا، كما أننى لا أصرح الآن بمن سوف أعطيه صوتى شخصيا، فأنا أنتظر بقية المرشحين إذا تقدم مواطنون أفاضل لحمل المسئولية بنفس الشجاعة التى اتصفتَ بها أنت، لأختار منكم من أثق أنه يحب هذا البلد، ويعرف قيمته، وقادر على أن يترجم حبه إلى إنتاج وافر، واقتصاد مستقل، وحضارة متميزة، وكرامة إنسانية، وكثيرٌ ماهم!
وفقك الله سيدى، وسدد خطاك، وأكثر خيرك، وحفظ مصر، وعليك السلام.