الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (18) (تابع): اضطرابات الوعى والانتباه (4)

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل السادس: ملف اضطرابات الوعى (18) (تابع): اضطرابات الوعى والانتباه (4)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 29-6-2015

السنة الثامنة

العدد: 2859

 

الأساس فى الطب النفسى 

الافتراضات الأساسيةالفصل السادس:

ملف اضطرابات الوعى (18)

(تابع): اضطرابات الوعى والانتباه (4)

مقدمة:

مازلت أكتب اضطرابات الوظائف النفسية فى المرض النفسى مضطر، أو أفرح بالتمهيد الأساسى للتعرف على أبعاد الوظيفة فى السواء، فأعرف ما لم أكن أعرف حتى إذا ما قاربت موضع تعداد الاضطرابات “واحد – اثنين – ثلاثة” زادت مقاومتى، ومع ذلك أواصل قبول التحدى كما تروْن:

8- اختلاط  وعى الحلم بوعى النوم:

‏يوجد‏ ‏خلط‏ ‏شديد‏ ‏- ضرورى- بين‏ ‏ثلاثه‏ ‏تعبيرات‏ ‏تستعمل‏ ‏فى ‏وصف‏ ‏حالات تغير الوعى فيما يتعلق بتداخل وعى النوم ووعى اليقظة بشكل مباشر أو غير مباشر، حقيقى أو مجازى، ‏وإ‏ن‏ ‏كان‏ ‏الأمر‏ ‏لا‏ ‏يخلو‏ ‏من‏ ‏صعوبة‏ ‏وتداخل‏ ‏لا‏ ‏مفر‏ ‏منه‏، وفيما يلى محاولة للتمييز إن أمكن:

‏(أ) ‏الحالة‏ ‏الحلمية‏ Oneroid state:

 ‏يستعمل‏ ‏هذا‏ ‏التعبير‏ ‏أساسا‏ ‏لوصف‏ ‏الوعى ‏فى حالة‏ ‏التحوّل‏ ‏من‏ ‏مستوى ‏معين‏ ‏إلى ‏مستوى ‏آخر، مع استمرار المريض فى رصد ذلك فى حالة نسبية‏ ‏من‏ ‏الدراية‏ ‏بهذا‏ ‏التحول‏ ‏لدرجة‏ ‏تسمح‏ ‏له‏ ‏بوصفه‏ ‏موضوعيا‏، ‏وبألفاظ‏ ‏أخرى ‏هى ‏خبرة‏ ‏أقرب‏ ‏إلى الموضوعية ‏الذاتية‏‏، وهى‏ ‏درجة من ‏الوعى  بتغير نوعى للوعى، وهذا ما يحدث ‏ ‏ عادة فى بداية ‏ ‏الذهان‏ ‏وخاصة‏ ‏بداية‏ ‏الفصام‏،، ‏وكذلك‏ ‏قد‏ ‏يحكيها‏ ‏بعض‏ ‏من‏ ‏يتعاطى ‏مواد‏ ‏مغيـِّرة‏ ‏للوعى‏، ‏وفى ‏هذه‏ ‏الحالة‏ ‏يصف‏ ‏المريض‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏فيه‏ ‏بأن‏ ‏الأمور‏ ‏حوله‏ ‏تبدو‏ ‏كأنها‏ ‏حلم‏ ‏لا‏ ‏حقيقية‏، ‏وأحيانا‏ ‏يصف‏ ‏المرء‏ ‏بأنه‏ ‏توجد‏ ‏غلالة‏ ‏رقيقة‏ ‏بينه‏ ‏وبين‏ ‏العالم‏، ‏وقد‏ ‏يترجم‏ ‏ذلك‏ ‏إلى ‏الشعور‏ ‏بتغير‏ ‏العالم‏ ‏أو‏ ‏تغير‏ ‏الذات‏، ‏وقد‏ ‏تستمر‏ ‏هذه‏ ‏الحالة‏ ‏مدة‏ ‏طويلة‏ ‏كما‏ ‏هى ‏دون‏ ‏أن تتطور ‏إلى ‏فصام‏ ‏ولكن قد تصل إلى حدّة ذهانية مستقلة حتى يمكن ‏أن‏ ‏نطلق‏ ‏عليها‏ ‏لفظ‏ ‏الذهان‏ ‏الحلمى، ‏ Oneroid Psychosisمؤقتاً وحتى ‏يجد‏ ‏له‏ ‏مكانا‏ ‏فى ‏التقسيمات‏ ‏الأحدث‏.

‏(ب)  ‏الحالة‏ ‏الشفقية‏ Twilight state :

‏وهى تشير ‏‏إلى ‏حالة‏ ‏من‏ ‏تغير‏ ‏الوعى ‏قاصرة‏ ‏على ‏قطاع‏ ‏خاص‏ من السلوك والوعى، ‏بما‏ ‏يشمل‏ ‏من‏ ‏أفكار‏ ‏ومدركات‏ ‏ومصاحبات‏ ‏وجدانية‏، ‏كما‏ ‏قد‏ ‏يصاحب‏ ‏ذلك‏ ‏معايشة‏ ‏بعض‏ ‏الهلوسات‏ ‏أو‏ ‏الصور‏ ‏الخيالية‏،  ‏وهى ‏توجد‏ ‏فى ‏حالات‏ ‏الآلية‏ ‏الشفقية twilight automatism‏ ‏أو‏ ‏الانشقاق‏ ‏الهستيري ‏، ‏وبعيدا‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏القطاع‏ ‏يكون‏ ‏الوعى ‏أقرب‏ ‏إلى ‏الوعى ‏الضبابى ‏الناقص‏، وقد يظهر فيها خليط من الهلاوس الوقتية والمتغيرة.  ‏

وقد تقترب هذه الحالة أحيانا من وصف بعض المدمنين لهذا التغير بانه “عمل دماغ”، لكن لا يمكن تعميم ترادف هذا التعبير مع هذه الحالة بشكل اختزالى.

(جـ) الحالة‏ ‏كنظام‏ ‏الحلم Dream-like  state

الحالة‏ “كنظام‏ ‏الحلم‏” ‏هذا مصطلح تقريبى أو مشتمل، وإن كان كثيرا ما يستعمل مكان سابقيه (أ)، (ب) ‏وتكون‏ ‏حالة‏ ‏الوعى ‏بعيدة‏ ‏أو‏ ‏منحرفة‏ ‏أكثر‏ ‏منها‏ ‏مضطربة‏ ‏أو‏ ‏مختلفة‏، ‏وهى ‏حالة‏ ‏يرصدها‏ ‏الفاحص‏ (‏موضوعيا‏) ‏ولا يصفها المريض أنها كذلك، ‏بالمقارنة‏ ‏بالحالة‏ ‏الحـُلمية‏ ‏التى ‏يحكيها‏ ‏المريض‏ ‏عادة‏، ‏وتوجد‏ ‏هذه‏ ‏الحالات أحيانا‏ ‏فى ‏أحلام‏ ‏اليقظة‏ ‏فى ‏الأسوياء‏، ‏وفى ‏بعض‏ ‏حالات‏ ‏الانشقاقDisssociative ‏ ‏أو‏ ‏حالات‏ ‏البارانويا‏ ‏الخيلائية  المزمنة Chronic fantastic paranoid state.‏

الحالة الحلمية

الوعى بالنقلة النوعية من مستوى وعى إلى مستوى وعى آخر، وهى تحدث عادة فى بداية الذهان وخاصة الفصام مع درجة من الدراية.

الحالة كنظام الحلم

؟

هذا مصطلح غير علمى تقريبا، وإن كان يستعمل كثيرا لوصف أى من الحالات الحلمية أو الشفقية أو الانشقاق، وقد يستعمل فيما هو أكثر من ذلك.

الحالة الشفقية

 نوبة تغير محدود من الوعى قاصرة على قطاع خاص بمشتملاته من مدركات ومصاحبات وجدانية، ومعايشة بعض الهلوسات أو الصور الخيالية، وأحيانا ما تعتبر نوعا من الانشقاق 

29-6-2015_29- ‏إنشقاق‏ ‏الوعى:‏

من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ : لا‏‏بد‏ ‏من‏ ‏النظر‏ ‏إلى ‏مسألة‏ ‏الانشقاق‏ ‏باعتبارها‏ ‏حالة‏ ‏سوية‏‏، ‏حين‏ ‏تعنى ‏انشطار‏ ‏حالة‏ ‏الوعى ‏إلى ‏مستويات‏ ‏عدة‏  ‏تتبادل‏ ‏وتتعاون‏ ‏وتتكامل‏ ‏مع‏ ‏بعضها‏ ‏البعض‏، ‏والمثال‏ ‏النموذجى ‏لهذا‏ ‏الانشقاق‏ ‏السوى ‏هو‏ ‏دورات “النوم”-“الحلم”-“اليقظة‏”، ‏حيث‏ ‏يتبادل‏ ‏وعى ‏النوم‏ ‏مع‏ ‏وعى ‏اليقظة‏، كما يتبادل داخل وعى النوم وعى النوم الحالم (أو النقيضى، أو نوم حركة العين السريعة، أو نوم الريم)(1) مع وعى النوم بدون أحلام ( تقريبا). ويستعمل‏ ‏لفظ‏ “وعى” هنا‏ ‏ليدل‏ ‏على ‏”مستوى ‏منظومة‏ ‏متكاملة‏ ‏قادرة‏ ‏على ‏التبادل‏ ‏والتفعيل”([2])‏، وأثناء‏ ‏الانشقاق‏ (‏عاديا‏ ‏أو‏ ‏مرضيا‏) ‏يكون مستوى‏ ‏الوعى ‏البديل السائد ‏(‏فى ‏معظم الحالات‏) ‏منتبها‏، ‏مستقبِلا‏ ‏ولكن‏ ‏بطريقته‏ ‏الخاصة‏ ‏ولأهدافه‏ ‏الخاصة‏ ‏ومن‏ ‏وجهة‏ ‏نظره‏ ‏الخاصة‏، ‏وهذا‏ ‏يعنى‏ ‏أنه‏ ‏فى هذا ‏الانشقاق‏ ‏لا‏ ‏يكون‏ ‏الاضطراب‏ ‏فى ‏مدى حدة‏ ‏الوعى شحذا أو فتورا‏، ‏وإنما‏ ‏يكون‏ ‏فى ‏تناوب‏ ‏حضوره‏ ‏وإحلال‏ ‏وعى ‏كامل‏ ‏محل‏ ‏آخر‏ ‏بعض‏ ‏الوقت‏..‏إلخ‏، ‏وقد‏ ‏يظهر‏ ‏هذا‏ ‏التبادل‏ ‏فى ‏جزء‏ ‏دون‏ ‏الكل‏ (‏مثل‏ ‏حالات‏ ‏الانشقاق‏ ‏التحولى:  ‏أنظر‏ ‏بعد‏) ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏الجزء‏ ‏إنما‏ ‏يعبر‏ ‏عن‏ ‏وعى  ‏كلى ‏وراءه‏  ‏له‏ ‏لغته‏ ‏وحضوره‏.‏

ويعتبرالانشقاق‏ ‏مرضيا‏ ‏حين‏ ‏يكون‏:‏ غير‏ ‏مناسب للموقف،‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏دائرة‏ ‏الدراية،‏ ‏ومعيقا‏ ‏ومتكررا‏ ‏أو‏ ‏مستغرقا‏ ‏وقتا‏ ‏طويلا‏، وفيما‏ ‏يلى ‏بعض‏ ‏أنواع‏ ‏الانشقاق‏:‏

أ‏- ‏الهـُجاج‏:  :Fugue

وهى ‏حالة‏ ‏تصف‏ ‏انطلاق‏ ‏المريض‏ ‏بشكل‏ ‏آلى ‏فى ‏تجوال‏ ‏طويل‏ ‏نسبيا‏ ( ‏قد‏ ‏يستغرق‏ ‏ساعات‏ ‏أو‏  ‏أياما،‏ ‏ونادرا‏ ‏أكثر‏) ‏ليجد نفسه فى محيط آخرغير ‏ما‏ كان يحيط‏ ‏به‏، ‏وهو‏ ‏يمارس‏ ‏تجواله‏ ‏وكأنه‏ ‏شخص‏ ‏آخر‏ (‏دون‏ ‏الزعم‏ ‏بذلك‏)  ‏ويصاحب‏ ‏ذلك‏ ‏نسيان‏ ‏لما‏ ‏كان‏ ‏سابقا‏، ‏وبعد‏ ‏العودة‏ ‏أو‏ ‏الإفاقة‏ ‏يعانى ‏المريض‏ ‏أيضا‏ ‏من‏ ‏نسيان‏  ‏للأحداث‏ ‏التى ‏حدثت‏ ‏أثناء‏ فترة ‏الهجاج‏.  ‏ومثلما سيأتى:‏ ‏فإن‏ ‏مثل‏ ‏ذلك‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتطور‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏يسمى ‏نوبة‏ ‏ازدواج‏ ‏الشخصية‏ ‏أو‏ ‏تعدد‏ ‏الشخصية‏.‏

ب‏- ‏إزدوا‏‏ج‏ (‏و‏ ‏تعدد‏) ‏الشخصية‏ Double or Multiple Personalities : ‏

هنا‏ ‏يحدث‏ ‏الانشقاق‏ ‏بأن‏ ‏يمارس‏ ‏الشخص‏ ‏وجوده‏ ‏بشكل‏ ‏ثنائى ‏أو‏ ‏متعدد‏ ‏على ‏فترات‏، ‏فمرة‏ ‏يبدو‏ ‏بشخصيته‏ ‏العادية‏، ‏ثم‏ ‏تتبدل‏ ‏الحال‏ ‏ليتكلم‏ ‏ويشعر‏ ‏ويفكر‏ ‏ويعامل‏ ‏الناس‏ ‏بصفته‏ ‏شخصا‏ ‏آخر‏، ‏وعادة‏ ‏ما‏ ‏لا‏ ‏تعرف‏ ‏إحدى ‏الشخصيات‏ ‏شيئآ‏ ‏عن‏ ‏الأخرى‏، ‏وتمثل‏ ‏الشخصية‏ ‏الأخرى ‏حالة‏ ‏من‏ “حالات‏ ‏الذات‏”(3)، ‏ولا‏ ‏توجد‏ ‏علاقة‏ ‏بين الشخصيتين‏ ‏عادة‏،  ‏ويتحقق‏ ‏ذلك‏ ‏بفضل‏ ‏أن‏ ‏المريض‏ ‏فى ‏كل‏ ‏حالة‏ ‏ينسى ‏الحالة‏ ‏الأخرى‏، ‏وفى ‏مجتمعاتنا‏ ‏المصرية‏ ‏والعربية‏ ‏تفسر‏ ‏هذه‏ ‏الظاهرة‏ ‏كثيرا‏ ‏بأن‏ ‏لها‏ ‏علاقة‏ ‏إما‏ ‏بقرين‏ ‏سفلى‏، ‏أو‏ ‏بمس‏ ‏أو‏ ‏تلبس‏ ‏من‏ ‏الجان‏.‏

جـ‏ -‏ إزدواج‏  ‏التواجد‏ Double Orientation: ‏

وهنا‏ ‏يقر‏ ‏المريض‏ ‏أنه‏ ‏يوجد‏ ‏فى ‏موقعين‏ ‏مختلفين‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ (‏فى ‏القاهرة‏، ‏ومكة‏ ‏ مثلا فى ‏نفس‏ ‏الوقت‏)، ‏وعلاقة‏ ‏هذه‏ ‏الظاهرة‏ ‏بظاهرة‏ ‏الانشقاق‏ ‏الصرف‏ ‏ضعيفة‏، ‏ففى ‏كثير‏ ‏من‏ ‏الأحيان‏ ‏يكون‏ ‏ذلك‏ ‏نوعا‏ ‏من‏ ‏الضلالات‏، ‏وفى ‏أحيان‏ ‏أخرى ‏يكون‏ ‏مرتبطا‏ ‏بظاهرة‏ ‏الإدراك‏  ‏المتجاوز للحواس‏،‏ ‏وقد ‏يصاحبه‏ ‏نوع‏ ‏خاص‏ ‏من‏ ‏التخاطر‏ ‏عن‏ ‏بعد‏،  ‏وقد‏ ‏يفسر‏ ‏بعض‏ ‏الناس‏ (‏والمتصوفة‏) ‏هذه‏ ‏الظاهرة‏ ‏بقدرة‏ ‏خارقة‏ ‏على ‏الانتقال‏ ‏عبر‏ ‏آلا‏ف‏ ‏الأميال‏ ‏دون‏ ‏حاجه‏ ‏إلى ‏وسيلة‏ ‏انتقال‏ ‏ودون‏ ‏استغراق‏ ‏وقت‏، ‏ويسمون‏ ‏هذا‏ ‏الشخص‏ “‏من‏ ‏أهل‏ ‏الخطوة‏”، ‏وبعض‏ ‏مشايخ‏ ‏الطرق‏ ‏أو‏ ‏أتباعهم‏  ‏يقولون‏ ‏أنهم‏ ‏يزورون‏ ‏مكة‏ ‏المكرمة‏ ‏بخطوة‏ ‏واحدة‏،  ‏وهم‏ ‏بين‏ ‏ناسهم‏ ‏هنا‏ ‏فى ‏مصر‏.‏

د‏- ‏غشية Trance ‏: ‏

هى ‏نوبة‏ ‏قصيرة‏ ‏يحدث‏ ‏فيها‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏نقص‏ ‏الاستجابة‏  ‏للمثيرات‏ ‏الخارجية‏، ‏وهذا‏ ‏يشير‏ ‏عادة‏ ‏إلى ‏توقف‏ ‏فى ‏الدراية‏ ‏الحسية‏ ‏مما‏ ‏نقابله‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏حالات‏ ‏الصرع‏ ‏وأحيانا‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏حالات‏ ‏الانشقاق‏ ‏الهستيرى  المحدود .‏

هـ‏- ‏نوبة Fit ‏:

‏كما‏ ‏اعتبرنا‏ ‏الغشية‏ ‏توقف‏ ‏عن‏ ‏الدراية‏ ‏الحسية‏ ‏أساسا‏، ‏فإن‏ ‏النوبة‏ ‏هى ‏توقف‏ ‏عن‏ ‏التماسك‏ ‏الحركى ‏بالإضافة‏ ‏إلى ‏عدم‏ ‏الاستجابة‏ ‏الحسية‏.‏

و‏- ‏التحول Conversion ‏: ‏

منذ‏ ‏قديم‏، ‏وتعبير‏ ‏التحول‏ ‏يشير‏ ‏إلى ‏نوع‏ ‏من‏ ‏تحول‏ ‏الصراع‏ ‏النفسى ‏إلى ‏مظهر‏ ‏حسى ‏وحركي‏، ‏وحديثا‏ ‏أصبح‏ ‏هذا‏ ‏التحول‏ ‏يسمى ‏انشقاقا‏ ‏أيضا‏، ‏وهذا‏ ‏يتماشى ‏مع‏ ‏الفرض‏ ‏الذى ‏يقول‏ ‏إن‏ ‏كل‏ ‏و‏ ‏ظيفة‏ ‏وكل‏ ‏تنظيم‏ ‏جسدى ‏أو‏ ‏نفسى ‏إنما‏ ‏يتميز‏ بـ ويحتوى: “‏وعيه‏ ‏الخاص”‏، ‏فإذا‏ ‏نقص‏ ‏هذا‏ ‏الوعى ‏الخاص‏ ‏أو‏ ‏انشطر‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏الوظيفة‏ ‏أو‏ ‏العضو‏ ‏حدث‏ ‏ما‏ ‏يسمى ‏التحول‏ ‏فى ‏صورة‏ ‏فقد‏ ‏الاحساس‏ ‏أو‏ ‏الشلل‏ ‏أوغير‏ ‏ذلك.

ز‏- ‏فصم‏ ‏الوعى  Split of Consciousness(‏عن‏ ‏مضمونه‏):‏

كما‏ ‏قدّمنا‏ ‏سابقا‏: ‏إنه‏ ‏فى ‏الأحوال‏ ‏العادية‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏فصل‏ ‏مضمون‏ ‏الوعى ‏عن‏ ‏عملية‏ ‏تخليقه‏ ‏المتجددة‏، ‏وأن‏ ‏اعتبار‏ ‏الوعى ‏وسادا‏ ‏يحتوى ‏غيره‏ ‏من‏ ‏الوظائف‏ ‏هو‏ ‏اختزال‏ ‏قد‏ ‏يحمل‏ ‏خطأ‏ ‏تبسيطيا‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر‏، ‏ثم‏ ‏ذكرنا‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏كل‏ ‏وظيفة‏، ‏بل‏ ‏وكل‏ ‏عضو‏ ‏جسدى ‏هو‏ ‏مغلف وملتحم‏ ‏بوعيه‏ ‏الخاص‏،  ‏ونضيف‏ ‏هنا‏ ‏أن‏ ‏الوظائف النفسية‏ ‏مثل‏ ‏التفكير‏، ‏والإدراك‏، ‏وغيرها‏ إنما ‏تحدث‏  فى الأحوال العادية ‏بطريقة‏ ‏آلية‏ ‏وتلقائية وسريعة‏ ‏وبكفاءة لائقة،‏ ‏وهى ‏ملتحمة‏ ‏بوعيها‏ ‏دون‏ ‏حاجة‏ ‏إلى ‏رصد‏ ‏أو‏ ‏دراية‏ ‏خاصة‏ ‏أو‏ ‏متابعة‏ ‏شعورية‏.‏

‏  ‏فإذا‏ ‏ما‏ ‏حدث‏ ‏أن‏ ‏الشخص‏ ‏أصبح‏ ‏واعيا‏ ‏بقدر متزايد ولحوح بالوظائف‏ ‏التى ‏من‏ ‏المفروض‏ ‏أن‏ ‏تجرى ‏آليا‏ ‏وتلقائيا‏ ‏بكفاءة‏ ‏مناسبة‏ ‏فإن‏ ‏هذا‏ ‏إنما‏ ‏يشير‏ ‏إلى ‏بداية‏ ‏ما‏ ‏أسميناه‏ ‏فصم‏ ‏الوعى ‏عن‏ ‏محتواه‏، ‏وهو‏ ‏الذى قد ‏يعلن‏  ‏أيضا‏ ‏بدايات‏ ‏اهتزاز‏ “‏الواحدية‏” ‏والتناسقية‏ (‏مما‏ ‏سوف نعود‏ ‏إليه‏ ‏مرات‏ ‏أخرى ‏لا‏ ‏حقا‏)‏

وتحدث هذه الظاهرة بدرجة طفيفة فى الحياة العادية، وتزيد بدرجة مزعجة مع القلق والتوتر وعدم التكيف، وفى هذه الأحوال تكون أقرب إلى ما سوف نتناوله حالا عن فرط الدراية بعمليات الادراك والفهم…الخ

 لكنها تُلاحَظُ أخطر بدرجة اغترابية صريحة ‏فى ‏بدايات‏ ‏الذهان‏، ‏وخاصة‏ ‏الفصام‏، ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يتمادى ‏الانفصال‏ ‏إلى ‏انشطار‏ ‏فتناثر‏.‏

‏  ‏وفيما‏ ‏يلى ‏بعض‏ ‏المظاهر‏ ‏الإكلينيكية‏ ‏المتعلقة‏ ‏بهذه‏ ‏الظاهرة‏:‏

29-6-2015_3

 iفرط الوعى ‏بالوعى‏: 

‏فى الأحوال العادية نحن نعى أننا نعى، وهذا ما أشرنا إليه أنه يميز الكائن البشرى عن غيره من الأحياء غالبا، ولكن قد تزيد حدّة هذه الوظيفة لدرجة مرضية حين تصبح شكوى مُعيقة أو شاذة، وفى هذه الحالة يشير بعض المرضى ‏فى ‏بداية‏ ‏الذهان‏ ‏خاصة إلى‏ ‏أنهم‏ ‏أصبحوا‏ ‏يرصدون‏ ‏وجودهم‏ ‏الكلى، ‏وحالة‏ ‏يقظتهم‏، ‏وكينونتهم‏ ‏بشكل‏ ‏ملاحِق‏ ‏ومعوّق‏، ‏وقد‏ ‏يعبر‏ ‏المريض‏ ‏عن‏ ‏ذلك‏ ‏بعبارات‏ ‏تدل‏ ‏على ‏عرض‏ ‏”تغير‏ ‏الذات” Depersonalization‏، ‏كما‏  ‏يمكن‏ ‏أن‏  ‏تتطور ‏ ‏هذه‏ ‏المرحلة‏ ‏إلى درجة ما من أعراض‏ ‏شنايدر‏ ‏المسمى “‏الأصوات‏ ‏المعقّبة”Voices Commenting.‏

  ‏iiالوعى (‏الدراية‏) ‏بعمليات الإدراك والفهم والتحصيل ‏: ‏

وهنا‏ ‏يقر‏ ‏المريض‏ ‏أن‏ ‏المؤثرات‏ ‏الحسية‏ اصبحت ‏تحتاج‏ ‏إلى ‏جهد‏ ‏إرادى ‏لتترجم‏ ‏إلى ‏مدركات‏ ‏ذات‏ ‏معني‏، ‏وكأن‏ ‏عملية‏ ‏الإدراك‏ ‏ذاتها‏ ‏قد‏ ‏تقسمت‏ ‏إلى ‏مراحلها‏ ‏حتى ‏أصبح‏ ‏المريض‏ ‏واعيا‏ ‏بها‏، ‏ثم‏ ‏وكأنه‏ ‏أخذ‏ ‏دورا‏ ‏إراديا‏ ‏فى ‏توصيل‏ ‏أجزائها‏، ‏ ويظهر‏ ‏ذلك‏ ‏أيضا‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏حالات‏ ‏الفصام‏ ‏المبكر، وقد‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏شكوى ‏المريض‏ ‏هكذا‏ ‏مباشرة‏، ‏وإنما‏ ‏قد‏ ‏يشكو‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏الحالات‏ ‏من‏ ‏ضعف‏ ‏التركيز‏ ‏أو‏ ‏صعوبة‏ ‏الفهم‏ ‏أو‏ ‏غيامة‏ ‏الإدراك‏، ‏وبالفحص‏ ‏الأعمق‏ ‏تظهر‏ ‏طبيعة‏ ‏هذه‏ ‏الصعوبة‏‏.‏ (وقد أفردنا أكثر من نشرة لشرح كيف أن الوعى المفرط بعملية التركيز عامة، وفى التحصيل الدراسى خاصة، هو عملية معطلة وغير طبيعية وشرحنا كيف يمكن التغلب عليها بتدريبات سلوكية غائية …إلخ (نشرة: 7-6-2015،   ونشرة 8-6-2015).

iii‏ ‏الوعى (‏الدراية‏) ‏بعملية التفكير، بما فى ذلك حضور الأفكار دون الحاجة إليها:  ‏

وهنا‏ ‏يحكى ‏المريض‏ ‏عن‏ ‏سرعة‏ ‏التفكير أو ضغط الأفكار، أو كثرتها‏ ‏وكذلك‏ ‏عن‏ ‏تتبعه‏ ‏لخطوات‏ ‏التفكير‏ ‏أو‏ ‏حل‏ ‏المشاكل‏ ‏وكأنه‏ ‏يتفرج‏ ‏على ‏نفسه‏، ‏وهذه‏ ‏أيضا‏ ‏قد تتطور ‏إلى ‏عرض من أعراض المرتبة الأولى لـ..‏ ‏شنايدر‏ وهو ‏المسمى “الافكار‏ ‏المسموعة‏”. ‏Audible Thoughts

لكن فى كثير من الأحيان تكون الشكوى من كثرة الأفكار وازدحام الرأس بها، أقرب إلى الوسواس الاجترارى، ولكن قد لا يحدد المريض فكرة بذاتها تطارده أو تلح عليه، وقد لايقاومها بنفس إلحاح الوسواس، وتكون شكواه أكثر عمومية وأغمض تفصيلا.

وبعد

لا أعتقد أن عرض أو دراسة هذه الأعراض جميعا سوف يزيد فهمنا لماهية الوعى بشكل يعيننا على الإحاطة بطبيعته ، كما كان الحال بالنسبة للتفكير أو للإدراك أو حتى الوجدان، ولكن ما باليد حيلة، كان لابد من تغطية هذه المساحة ما دمنا قد تصدينا لعرض الاضطرابات كما تظهر فى أعراض.

 

[1] – أصل اسم هذا الطور من النوم هو “نوم حركة العين السريعة” Rapid Eye Movement (REM) sleep   وقد نحت له المرحوم أ.د. أحمد مستجير لفظ “نوم الريم” ورحبت بذلك بدلا من محاولات لى كانت أصعب وأقل الفة

[2]-‏وبالتالى ‏فإن‏ ‏اللاشعور‏ ‏هو‏ “وعى ‏آخر‏” ‏بل‏ ‏هو‏ ‏عدد‏ ‏من‏ ‏مستويات‏ ‏كل‏ ‏منها‏ “‏وعى ‏آخر‏” ‏بما‏ ‏يحمل‏ ‏من‏ ‏ذخيرة غير‏ ‏متاحة‏ ‏لبؤرة‏ ‏الدراية‏ ‏فى ‏لحظة‏ ‏بذاتها.

[3] – الآن اصبح استعمال مصطلح “حالات الذات” Ego State  بلغة إريك بيرن، يكاد يكون مترادفا مع مصطلح Mental State بلغة العلم المعرفى العصبى، الذى هو بالتالى مقابل لمصطلح :”منظومة الوعى” بلغة البيولوجيا النيورونية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *